قراءة في شخصيتي صالح وهادي
بقلم/ أحمد صالح غالب الفقيه
نشر منذ: 9 سنوات و 7 أشهر و 15 يوماً
السبت 04 إبريل-نيسان 2015 12:58 م

استعرض هنا ما يمكنني قوله عن الشخصيتين الرئيسيتين في الصراع اليوم وهما الرئيس السابق علي عبدالله صالح والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي. اما الغلام الحوثي فمبلغ امره انه متعهد حرب بالاجرة والكفاية لصالح ولايران، وقد ارتقى مرتقى صعبا متأبطا كتبا صفراء كالجفر، ولا اظنه سيخرج برأسه سليما.
علي عبدالله صالح:
اليمنيون اشبه ما يكونون بالغانية اللعوب، يعجبها الرجل القوي المستبد المتعدد العلاقات، الذي يشغل بالها بالليل والنهار. وعلي عبدالله صالح الذي ارتفع جاهه بعد ان اصبح رئيسا ، وتخلص من الرجال الاقوياء الذين اوصوله الى الكرسي، مثل محمد خميس ، وعبدالله الاصنج ، وغيرهما ينتمي من حيث الشخصية الى سلسة من الرجال الاقوياء الذين حكموا اليمن امثال الامام يحيى والامام احمد، وحسن العمري في العهد الجمهوري.
وقد عززت من مكانته الصلاة القوية التي عقدها مع سلطات الخارج، التي اصبحت تقدره وتحسب له حسابا، وقد سعى الى الاثراء بكل قوته وحصل عليه، فاصبح ذا يد طولى بثرائه. وقد قدرت الامم المتحدة ثروته بمبلغ 60 مليار دولار اي ما يعادل 1290 0مليار ريال يمني، اذا وزعت على افراد الشعب اليمني شيبا وشبانا اناثا وذكورا صغارا وكبارا ، لبلغ نصيب كل واحد منهم الى 45 مليون ريال، فلا عجب ان يعيش اليوم اكثر من 60% من الشعب اليمني تحت خط الفقر بفضل علي عبدالله صالح .
وعلى الرغم من ان علي عبدالله صالح كثيرا ما يرمي الكلام جزافا، نظرا لتربيته الوضيعة، ويسيئ الى مرؤوسيه الى حد الركل واللطم للوزراء ومن هم اكبر منهم منصبا، الا انه ماسك برسنة وذو تاثير عنود لا تلين له قناة، ويستطيع التجاوب مع الظروف مهما قست وتعقدت، ويقمع المحيطين به حتى لا تعلوا قامة فوق قامته.
والى ذلك فهو دائم الاتصال برجالة في مفاصل الدولة بصورة يومية، وله عين في كل زاوية ، وتصله اخبارهم اول باول، ومن هنا سطوته البالغة. والى ذلك فهو كريم ماليا معهم يشبعهم ويملأ اعينهم الفارغة بل ويدلهم على اوجه السرقات، ويحثهم على النهب ويشاركهم فيه. وهو رجل لا مبادئ له على الاطلاق،ويلبس لكل حالة لبوسها ، والخلاصة انه شيطان في صورة ادمي.
ولكن القوة المادية لعلي عبدالله صالح تكمن كلها في ابناء قبيلته الادنى سنحان والاوسع حاشد. ومن بينهما وغيرهما اصطفى رجال قوات الحرس الجمهوري والجيش. وكما قيل: جنح عند الطيران وذيل عند الهبوط. وهذان اعني القبيلة والجيش جناحاه وذيله. وقد فقد الثقة بهما في 2011 عندما انقلب عليه مشائخ حاشد الكبار ال الاحمر وبعض اهم قيادات الجيش ، علي محسن الاحمر، على الرغم من لجوئه الى المساومات دون جدوى. ولذلك اتجه الى التحالف مع اعدائه الحوثيين ومكنهم من اتباعه وتمكن بهم من الانتقام من اولئك الاعدقاء وشردهم في انحاء الارض وهو امر عجيب بالنظر الى انه لم يعد رئيسا للبلاد منذ العام 2012.
عبدربه منصور هادي
وبالمقابل فان عبدالربه منصور هادي رجل مخذول شبه المغلوب، وهو نفسه اشبه بقليل الحيلة الضعيف المخلص التي لا تيستطيع العيش الا في كنف رجل قوي . وقد كان نائبا لعلي عبدالله صالح منذ العام 1994 م حتى العام 2012 عندما تسلم الرئاسة خلفا له فوقع على الفور تحت النفوذ الطاغي للجنرال علي محسن الاحمر. وهو لا شك سيجد الان ما يشبع حاجته النفسية هذه في كنف الملك السعودي القوي المستقيم سلمان بن عبدالعزيز.
وخلال فترة نيابته لعلي عبدالله صالح، انتشرت عنه نكتة تقول : انه مثل الساعة الرولكس لا يقدم ولا يؤخر.
وعبدربه عاطل كليا من موهبة اصطناع الرجال، ويخرج من لقاءاته صفر اليدين،
ويظل من هذا الجانب دائما اسير افكار مسبقة زرعها احد المقربين اليه في ذهنه. وهو سهل الانقياد، محدود العلاقات، نزاع الى الانعزال، ولذلك فهو لا يعرف شيئا مما يجري الا اذا كان مكتوبا في لافتة ضخمة ويجري امام عينيه لا خلف الكواليس.
انعزالية عبدربه جعلت عددا محدودا من الافراد، منهم ابن فاسد له يستحوذون عليه كليا ويسوقونه سوق البعير. وقد خربوا سمعته وعلاقاته بجشعهم وجوعهم الى الاموال، التي يجمعونها دون هواده، ودون ان ينفقوا منه شيئا يصب في صالحه.
وبعد فرارة من معتقله في صنعاء الى عدن ، ظهر منه عدد من الخيبات والمثالب بشكل عجيب. فقد قام اخوه ناصر باخراج الحراسة الرئاسية المكونة من جنود شماليين من القصر في عدن في منتصف الليل بعد ان ايقضطهم من منامهم، وأخرجهم بدون ان يدفع لهم مصاريف الانتقال او يحدد لهم وجهة يذهبون اليها كجنود،وهذا اغبى ما يمكن ان يفعله قائد عسكري في دولة آخذة بالانقسام مناطقيا.
ولئن كان الناس قد تغابوا عن اخطائة في صنعاء لانه كان في بيئة معادية، واقعة تحت التاثير التحريضي المخرب للرئيس السابق على صالح، فان القرار الذي اتخذه هادي في عدن باقالة العميد عبدالحافظ السقاف من قيادة الامن المركزي كان فضيحة بكل معنى الكلمة.
فهو اولا لم يستدع السقاف اليه ليتحدث معه عن الامر، وكان يجب ان يفعل، ذلك ان هادي لا بد يعلم ان الامن المركزي هو يد علي عبدالله صالح الضاربة امنيا وان اقالة قائد من هذه الوحده من قبل رئيس فر للتو من عاصمته سيجابه بالرفض على اقل تقدير. فكان عليه اما ان يقنعه او ان يامر بالتحفظ عليه.
ثم انه قام بتعيين قائد من الجيش بديلا عن السقاف مع ان الوحدة تتبع وزارة الداخلية ( قوات الامن الخاصة) الامن المركزي سابقا، وهو ما تحجج به السقاف لرفض امر الرئيس. وقد تحدى السقاف امر الاقالة واعلن تمرده، وتعهد بالقاء القبض على هادي وسوقه الى المحكمة
 وعند هذا الحد قام القائدان محمود الصبيحي وزير الدفاع وفيصل رجب بمهاجمة المعسكر والاستيلاء عليه. وكان المعروف عن المعسكر ان فيه 4 الاف جندي ولم يجدوا فيه الا ثلاث مائة جندي، ولم يتساءل اي احد اين ذهب الجند؟ ثم اتضح بعد اسبوع من القتال الضاري في معسكر الصولبان والمطار ان هناك نفقا يربط المعسكر بالمطار ونفقا اخر يربط المعسكر بمعسكر بدر، ونفق ثالث يربط معسكر بدر بالمطار من الخلف.
وكان الجنود في الانفاق يخرجون تارة في المطار وتارة في معسكر الصولبان ليخوضوا معارك مع اللجان الشعبية الجنوبية. ثم انه بعد الاستيلاء على معسكر الصولبان تم تهريب السقاف الى تعز بواسطة مشائخ من العوالق وبالتعاون مع المجيدي محافظ لحج، الذي لم يقم اي وزن لرئيس الجمهورية وفضل اتباع زعيمه علي عبدالله صالح. فالجنوبيون شانهم شان الشماليين، يعجبهم الرجل القوي، ويعبدون القوة.
 بل ان محافظ عدن الاكاديمي حبتور ترك المحافظة تواجه مصيرها امام الهجمة الشرسة للحوثيين، وذهب الى مسقط راسة في شبوة. وابعد من ذلك ذهب المجيدي الى مساعدة الحوثيين والامن المركزي للقبض على
القائدين الصبيحي وفيصل رجب بمكيدة دبرها وقد ظهر ذلك عندما ظهرت صورة لوزير الدفاع محمود الصبيحي مكتوف الذراعين بيد احد حراس المجيدي المنتمين الى الامن المركزي والعاملين لدى المجيدي .
واليوم يقود المجيدي وغازي احمد والسقاف العمليات ضد اللجان الشعبية الجنوبية والمقاومة الشعبية.
وقد انتقد محلل عسكري سعودي الرئيس هادي على شاشة الحدث العربية لعدم انشاء قيادة عسكرية تنسق مع التحالف على الارض، وعدم قيامة بتعيين ضباط ارتباط يتبعونه في القيادة العسكرية لتحالف عاصفة الحزم. انه فشل كامل شامل ذريع، حتى انه لم يجد من يعينه قائدا للمنطقة العسكرية الرابعة غير ابن اخيه الفاشل.
ومع ذلك كله فانه يحسب لهادي اصراره على الحوار الوطني واستكماله له. ويبدوا نه قد استوعب قضية الاستعمار الداخلي والهيمنة الداخلية بشكل ما، وهي القضية التي كتبت عنها مقالة ضافية بعنوان( كيف نفهم ما يحدث في اليمن) منذ اكثر من عامين. وقد جعل هادي رسالته ومهمته انهاء هذه الهيمنة من خلال مشروع اليمن الاتحادي الجديد ذي الأقاليم الستة الامر الذي اثار حفيظة القوى المهيمنة فحدث ما حدث..