حزب الإصلاح بين التشظي والانفجار
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 9 سنوات و 8 أشهر و 10 أيام
الإثنين 09 مارس - آذار 2015 12:02 م

الراصد للحراك النفسي لقواعد التجمع اليمني للإصلاح سواء على صعيد شبكات التواصل الاجتماعي أو في اللقاءات العامة في المدن والأرياف , يجد ثمة سخط بالغ من تلك القواعد تجاه قيادتها جراء ما يطلقون علية سياسية الانبطاح أمام المليشيات الحوثية ., وباتت لغة  مطالبة فتح باب المقاومة ترتفع وتيرتها في صفوف هذا الحزب السياسي  المترامي الأطراف في كل محافظات الجمهورية , نذير شؤم في التوقيت الحالي , وقلق كبير من مخاوف إنفجار ذلك الفتيل بين الفينة والأخرى .

هناك أطراف دولية من أشقاء الجوار تتوسل حاليا لشخوص وأطراف تابعة للجناح العسكري أو القبلي القيام بمهمة المنقذ لليمن من الاحتلال الإيراني لليمن , كما بات تطلق عليها الصحافة الخليجية حاليا .

لكن كل أولئك ممن تربوا في أحضان حزب الإصلاح من تلك القيادات ترفض تلك الخيارات المؤلمة ., وكان أخر عرض قدم خليجيا هو للواء علي محسن الأحمر الذي رفض عروضا مغرية في تقديم دعم عسكري و مالي لقيادة جبهة مسلحة ضد الحوثيين .

العقلاء في كل مفاصل هذا التنظيم الكبير وكل قيادات الحزب يؤمنون أن ما أقدم عليه التجمع اليمني للإصلاح هو عين الصواب وجوهر الحكمة , مؤكدين على صبر التنظيم بكل قواعده وقياداته في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة التي يراد لها أن تزج باليمن في آتون صراع حرب لا تبقي ولا تذر , وعلى غرار ما يجري حاليا في ليبيا وسوريا .

ومع كل هذا الصبر والتصبر التي انحنى أمامها كل خصوم الإصلاح في الداخل والخارج , وبات الكل يشهد لهذا التنظيم بأنه هو الحزب الوطني الأول , وهو الحزب الذي نجح في إخراج البلاد من "حرب أهلية " خططت بدهاء وسخاء " وتحول أصدقاء الأمس وخصومه إلى قوادي حروب ومصاصي دماء , أسقطوا كل قيم الإنسانية والوطنية وباتوا يتهافتون على موائد اللئام من" خصوم الربيع العربي " بصورة مخجلة , أحرقت كل ما تبقى لتلك القيادات أو الأحزاب من وطنية أو ضمير حي تجاه هذا الوطن .

ومُنح الإصلاح وسام الشهادة من الشارع اليمني , قبل شهادة الشارع العربي , ووثقت اعترافات القيادات الحزبية داخل البلد , مدى وطنية هذا التيار , رغم عشرات المؤامرات وعشرات المصائد والأفخاخ التي كانت تتساقط واحدة تلو الأخرى أمام حكمة العقلاء والنبلاء من أبناء هذا الوطن.

 كل ذلك لا يقدم ولا يؤخر, عند أقدام رجال تنازلوا عن الكثير من كرامتهم وشرفهم ورضوا في أنفسهم الضيم والألم , ليس لضعف أو لقلة مال بقدر ما هو حفاظا على بقايا ابتسامة لهذا الوطن التي يحاول البعض إغتيال ما تبقى لها من إشراقة باهتة تحت مبررات ودعاوي فاجرة .

اليوم ثمة متعطشين لدماء في الصفوف الأولى للقادمين إلى كراسي الحكم وعروش المغنم السياسي بصورة مخيفة تعكس قتامة المشهد القادم.

يرفضون التحلي بقيم الرسول الأعظم في جوانب العفو الإخاء , ويوغلون في إشباع نزوات شيطانية في نفوسهم عبر التنكيل والقتل والتفجير والاعتقال في صفوف من يعتقدون أنهم خصومهم أو بمصطلح نفسي التنكيل بالطرف الذي "يشعرون أمامه بالنقص".

كل الأحزاب في قاموس الحوثي ليس لها محل من القيمة أو الوجود, فهي في نظره عبارة عن كومة "قش" يمكن دوسها أو رفسها بأقل جهد لتزاح عن الطريق , لذا خرجت في مشهد الفتح الحوثي على صنعاء من أي أذى أو أي التفاتة عبارة لها .

قبل يومين طالعنا المحرر السياسي لموقع حزب التجمع اليمني للإصلاح بافتتاحية هجومية وعنيفة على الحوثيين , وأنتقل الحزب ولأول مرة من مربع التحذير إلى مربع التهديد , حيث خاطب المحرر الحوثيين بقوله " على العقلاء في جماعة الحوثي أن يحجزوا ميليشياتهم ويكفوا أذاها ولا يتمادوا في اختبار صبرنا، فتغاضينا عن استفزازاتهم ليس ضعفا ولا خورا ولا عجزا لكنه ترفّع عن مجاراة السفهاء وحرصا على أمن واستقرار هذا البلد الذي لطالما دفع من أمنه واستقراره وكرامته وتحمّل كثيرا من مغامرات البعض ممن باعوا واشتروا بهذا الوطن بل وتحالفوا مع الشيطان لأجل مصالحهم الذاتية المريضة المشحونة حقدا على الآخرين.

وهي رسالة على العقلاء في تيار الحوثيين الوقوف أمامها كثيرا , فربما يتحول اليدومي والآنسي ومحمد قحطان وغيرهم إلى قيادات نرجسية لا تقدم أو تؤخر في المستقبل القادم لهذا الحزب ,وهي قيادات ينظر إليها اليوم من قبل الشباب بأنها " لم تستطع المحافظة على مكتسبات ثورتهم التي صنعت في عام 2011م .

وفي خضم الاستمرار في وسائل القمع والإذلال ربما نشهد ميلاد قيادات جديدة من القيادات الوسطى تتعامل مع المتغيرات حاليا بذات اللغة وبذات التردد العالي من الطيش, خاصة وهناك رغبة دولية من بعض الأطراف المجاورة لتقديم كل ما يطلب من مال وسلاح لمن سيلبي نداء الحرب والدمار, لأن من غذاها بالمال والسلاح في مبتداها ربما يكون أكثر كرما في تغذيتها في منتهاها.

هناك من ينظر اليوم بأن حزب الإصلاح حتى اللحظة ما زال محافظا ويمتلك كل مقومات القوة باستثناء خسائر جزئية تمثلت في ذهاب بعض الرموز والمباني أزيحت أو فجرت, وهي أصلا لا تقدم أو تأخر في مسيرة الأحزاب العميقة في المجتمع والدولة , مقابل تيارات أصبحت منهكة في مكونها العسكري والنفسي وباتت تعيش حالة من النفور والقطيعة في المحيط المحلي والدولى , وسقطت عن وجهها الكثير من ألأقنعة التي تسلقت بها على ظهور المساكين وأصحاب الحاجة للوصول إلى كراسي الحكم في ظل عجز كامل عن تقديم أي خدمة للمجتمع أو أي فضيلة يمكن أن تناضل به أمام أنصارها قبل خصومها .

الاغترار بالقوة بمظاهر القوة وكثرة الحديد والنار مؤشر خسارة عاجلة ولنا في دروس " لن نهوم اليوم من قلة " عبرة في سياق التاريخ السياسي في الإسلام .

أعتقد أن العودة إلى الحكمة وطاولة الحوار والإخاء في هذا التوقيت هو عين الصواب , فليس هناك في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ اليمن من هو اليوم أقوى أو أضعف بقدر ما هو مقياس من هو حكيم أو أحكم .

لن يخسر العظماء شيئا من رجولتهم ولا مواقفهم إذا تنازلوا لبعضهم البعض حبا في أوطانهم أو من أجل مجتمعاتهم .

العظمة في المواقف تظهر في أشد المواقف عتمة وضبابية , لكن ربما بصيص أمل أمله فينا الرسول الكريم لن يخيب بإذن الله , فقد وصفنا يوما بأن أهل اليمن هم أهل الإيمان والحكمة, فهل نجد لهذا الأمل النبوي فينا موطنا في هذه الحوالك المعتمة سواء في قلوبنا أو في طاولات الحوار .

علينا أن نوقن أن العظماء هم من سيدون التاريخ مواقفهم في هذا المنعطف الأخطر من تاريخ اليمن , والكل ينتظر ,,

...........  وربنا المستعان وهو أرحم الراحمين ..