روح الوطنية
بقلم/ خالد اليافعي
نشر منذ: 11 سنة و 3 أشهر و 19 يوماً
الأربعاء 31 يوليو-تموز 2013 08:03 م

كان من ثمار ثورة الشباب المباركة هي عودة الروح الوطنية التي ما فتئت النخب الحاكمة منذ عقود تحاول جاهدة قتلها وإطفاء جذوتها في القلوب واستعانت لتحقيق هدفها هذا بممارساتٍ خاطئة جعلت قوى الدولة تسير في إطار غير وطني وهو الأمر الذي أوصل الكثيرين من الناس للتندر بكل ما يمت للوطنية بصلة ،  بل وغادرت روح الوطنية بكل معانيه السامية ، قلوب كثير من أبناء الشعب الواحد .

روح الوطنية والولاء للوطن أغلى و أسمى معاني الإنتماء التي تجعل من هذا الوطن إحدى مقدسات الحياة التي يمكن بذل الغالي والنفيس - بما فيها النفس - فداء له.

اليوم ونحن على مفترق طرق بعد ثورة الشباب الطاهرة وبين ثنايا مؤتمر الحوار الوطني والذي أصبح ملاذا وحيداً ولا رجوع عنه بما يمثله من قيمة كبرى في الطريق الى الدولة المدنية المنشودة، لا زالت هناك بعض الأصوات وبعض الدعوات والتي من بينها الأسرية و المناطقية والكهنوتية والسلالية والعنصرية وغيرها من الدعوات التي لا زالت مرفوعة ولها أنصار والتي كان يجب ان تنتهي منذ زمن بعيد .

جميع هذه الدعوات هي عبارة عن وأد بطيئ لمشروع وحلم الدولة القوية التي ناضل من أجلها اليمنيين منذ زمن ، لا لشيء سوى مصالح شخصية أنانية وضيقة تقف عائقاً أمام حلم أن نرى بلدنا يوما له مكانة بين الأمم.

مثل هذه الدعوات تضعف وتمحو روح الوطنية والولاء للوطن و تستبدل مكانها الولاء للأسرة والسلالة والعنصر والمكان .

عندما قامت ثورة الشباب التف حولها جميع أطياف واتجاهات الشعب قاطبة بدون استثناء لا لشيئ سوى أنها نفخت في هذا الشعب من جديد روح الوطنية وروح الولاء للوطن الذي يصبح فوق أي ولاء وأي اعتبار ، التقت في هذه الثورة كل الأحزاب والشخصيات ورجال المال والأعمال والجيش والحراك والحوثيين وكل التكتلات الموجودة على الساحة ، والسؤال الأهم ماهو الشيئ الذي جمع كل الفرقاء وكل الاتجاهات بمختلف تسمياتهم وانتماءاتهم ؟ الم يكن هو روح الوطنية والولاء للوطن.

عندما نتسامى بأهدافنا ومنطلقاتنا سيلتف حولنا الجميع حتى من كنا نظنهم يوما ما أعداء وما تجربة أحزاب اللقاء المشترك عنا ببعيد.

عندما بدأ تحالف أحزاب اللقاء المشترك في عام 2001 لم يكن ليستمر الى الآن - رغم الإغراءات والتهديدات ومحاولات التفكيك - ولم يصمد كل هذه السنين الا لأنه جمعته أهداف ومنطلقات وطنية أهلته للإستمرار والقيام بدور الجناح السياسي للثورة الشبابية .

اليوم ما زلنا محتاجين أكثر لجرعات الوطنية والولاء لهذا الوطن العظيم الذي يجب ان يكون الولاء له فوق كل ولاء.

عندما تبث فينا هذه الروح فلا مجال للإقصاء والإلغاء والتهميش ، وإنما وطن يتسع للجميع بكل اتجاهاتهم واختلافاتهم وانتماءاتهم ، وعندما تسري هذه الروح تخبو وتخفت كل الولاءات الضيقة والانتماءات التي من شأنها الإضرار بالولاء للوطن.

يجب أن يعلم الساسة والنخب والأحزاب السياسية أن هناك جيل جديد من الشباب لم يتلوث ولم يشارك بتلك الصراعات التي نخرت في جدار الوطنية وانه يجب أن تسري روح جديدة تعلي فيها من قيم الولاء للوطن وتقدير هذه الروح والعمل بروح تنتج شعب يفخر بوطنه.

نعم نختلف ، نفترق ، نتحاور ، لكن يجب ألا نختلف على شيء اسمه الوطن ، ولا احد يمتلك الوصاية عن هذه الروح وهذا الولاء.

نريد دولة مدنية ديمقراطية حديثة قائمة على النظام والقانون والعدل والمواطنة المتساوية ، دولة تعلي من شأن مبدأ الثواب والعقاب في الوظيفة العامة ، دولة توفر لأبنائها الحرية والكرامة والعيش الكريم ، هذه الدولة وحدها فقط هي من تبني روح الوطنية والولاء لهذا الوطن بعدها مهما اختلفنا سيكون هذا الاختلاف تحت سقف هذا الوطن شعارنا فيها لكل حزبه والوطن للجميع .