حيث الإنسان يرسم الابتسامة ويضع مداميك المستقبل لنازح بمحافظة المهرة.. الحلاق الذي تحققت أحلام حياته بمشروع مستدام يؤمن مستقبله ومستقبل أسرته
عودة العليمي إلى عدن ومصدر في الرئاسة يكشف عن التحركات القادمة للرئيس
مؤتمر مأرب الجامع يلتقي جرحى الحرب ويتعهد بمتابعة مطالبهم وحل قضاياهم
مانشستر يونايتد يقدم هدية لليفربول ويقربه من لقب الدوري الإنكليزي
الذهب يرتفع في الأسواق العالمية لهذة الأسباب؟
أجهزة الأمن بالمهرة تضبط أجهزة اتصالات لاسلكية ممنوعة الاستيراد إلا من قِبل الجهات العسكرية بمنفذ صرفيت
انجاز تاريخي للحكومة السورية.. توقيع رئاسي مع قائد سوريا الديمقراطية يؤكد على وحدة البلاد واستعادة الثروات النفطية والغازية
مستشار وزير الشباب والرياضة يدشن المسابقة الثقافية الرمضانية بالمهرة
الزنداني يناقش مع الرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر دعم المشاريع الإنسانية والتنموية في اليمن وبادي يصف العلاقات بالتاريخ المشرق
يتحرك عبر دهاليز المخابرات الحوثية.. واجهة حوثية جديدة لإرث عائلي متخصصة في تجارة الموت والعمليات المشبوهة
ليس مستغرباً صدور تلك الأفكار"المقترحة" التي تقدم بها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أخيراً، بخصوص اليمن، في لقاء في جدة مع وزراء خارجية دول الخليج، وغابت عنه اليمن، في مفارقة ليست غريبة عن كواليس كهذه، يُراد فيها تقرير مصير المنطقة بكل خفة، وكأنها صفقة خردوات في ميناء مهجور، حتى من السفن التالفة نفسها. ولكن الأغرب من تلك الأفكار الغريبة ترحيب الحكومة اليمنية بها، مشترطة توافقها مع المرجعيات المتفق عليها، مع إدراك الحكومة أنه لا علاقة لتلك الأفكار بالمرجعيات، ولا بالبحث عن سلامٍ من أساسه، بقدر ما تعبّر عن مرحلةٍ جديدة من الكواليس التي أسّس لها رفض المليشيات الانقلابية التوقيع على الوثيقة التي تقدم بها مبعوث الأمم المتحدة لليمن، إسماعيل ولد الشيخ، في مشاورات الكويت التي أسدل الستار على فشلها التام بالحديث عن استمرار المفاوضات.
الأخطر في ما يتعلق بهذه الأفكار ورود مفردات جديدة، واختفاء أخرى كانت تعتبر ركائز أساسية في توصيف الوضع الدائر في اليمن، وهما مفرادت الشرعية والانقلاب، وجاءت المفردات الجديدة لتتجاوزهما وتتجاوز المرجعيات الممثلة بقرار مجلس الأمن 2216، جملة وتفصيلاً. وأخطر المفردات الجديدة الحديث عن "طرف ثالث" في الأزمة، وإغفال الحديث عن الشرعية كأهم قواعد توصيف الوضع في اليمن، والتي يؤدي إغفالها إلى نسف كل ما ارتكزت عليه مسألة التدخل العسكري للتحالف العربي، المفوّض من الشرعية اليمنية، والتي ستتحول إلى طرف من جملة الأطراف المتصارعة في اليمن، بحسب أفكار كيري.
ومما سبق، يتبين أن المنطقة في طريقها إلى الدخول في متاهةٍ لن تخرج منها قريباً، وهي التي تسعى الولايات المتحدة فيها إلى إدارة المنطقة والتحكّم بصراعاتها، وفقاً للاستراتيجية الأميركية المرتكزة على فزاعة الخوف على حقوق الأقليات، وضرورة حمايتها، وهي استراتيجية قديمة تسعى إلى إعادة تمكين الأقليات في المنطقة، ما يعني تأجيل مسار التحول السياسي الديمقراطي كأهم مطالب جماهير الربيع العربي، والتي تجعل من حقوق الأقليات عقبةً أو شماعةً تعلق عليها أميركا مخاوفها.
ومن هنا، لم يكن رفض الانقلابيين التوقيع على وثيقة الكويت، وإعلانهم المجلس السياسي، مجرد مناورة سياسية، وإنما توجهاً بضوء أخضر من قوى دولية ترى أن الانتصار العسكري في اليمن هو بمثابة مدخلٍ حقيقيٍّ لإعادة توازنات المشهد السياسي الذي سيبنى عليه اجتماع سياسي ديمقراطي، لا تريده هذه القوى في هذه المرحلة، أو تعدّه أهم مهدّد لمصالحها غير المشروعة في المنطقة
المملكة العربية السعودية هي المستهدف الأول والأخير من حبكة هذه المتاهة، بالنظر إلى أنها الطرف الوحيد أمام خيارٍ تتبناه الأطراف الأخرى في الرباعية، أميركا وبريطانيا والإمارات، ما يجعلها في موقفٍ لا يحسد عليه، وهو ما كان ينبغي أن تخرج المملكة من دائرته بضم الطرف اليمني الشرعي في هذه اللجنة، بدل التماهي مع مخطط واضح المعالم، تتبناه الرباعية وعبرت عنه بالنقاط الواضحة والصريحة من خلال ما قاله كيري، وعزّزه السفير الأميركي لدى اليمن، ماثيو تايلر، في قوله لصحيفة الشرق الأوسط في 28/8 إنهم ليسوا مع أي حسم عسكري للصراع في اليمن، وإنما مع مسار سياسي باستئناف المفاوضات السياسية
تكمن متاهة كيري هذه، في أنها أولاً ستعمل على إعادة تعريف الأزمة في اليمن، بعيداً عن التعريف الرئيسي الذي بموجبه تدخّل التحالف العربي، وهو صراع الشرعية والانقلاب، وإنما صراع الأطراف المتحاربة، وهو ما ينسف كل الجهود والمكاسب التي حققها التحالف بقيادة المملكة والشرعية اليمنية، عدا عن إمكانية الاعتراف بسلطة الأمر الواقع، بالدفع بالانقلابيين لإعلان حكومة في صنعاء، ما يضعنا أمام صراع ثنائي بين حكومتي الداخل والخارج اليمنيتين.
والأهم هو التركيز على تعزيز مخاوف المملكة على حدودها، وحصر الإشكالية في أمن الحدود، وليس في التهديد الوجودي للأمن الوطني، فالقومي للمنطقة، باعتبار أن هذه المليشيات امتداد حقيقي للحرس الثوري الإيراني، وهو منظور سطحي، ستدفع المملكة والخليج ثمنه باهظاً، حصرت رؤيتها عند فكرة اعتبار الحدود وحدها الحامي للأمن القومي الداخلي، وليس عواصم المنطقة وبلدانها التي سقطت في يد المليشيات الإيرانية، من بغداد مروراً بدمشق فبيروت فصنعاء، والحبل على الجرار
المنظور الأميركي غير المعلن، والمتفق مع المنظور الروسي فالإيراني، هو أن استخدام ورقة حماية الأقليات وتمكينها سياسياً، ضمانٌ حقيقي لمصالحها، وفي مقدمتها إعاقة أي مسار لانتقال سياسي ديموقراطي حقيقي في المنطقة، ورهن إرادتها بأيدي أقلياتٍ ذات ولاءاتٍ غير وطنية
لم يعد الأمر مجرد سرد تحليلي. غدا الواقع أكثر وضوحاً في عراق معاق طائفياً، ولبنان أيضاً، وسورية في الطريق، واليمن إذا جمدت الرؤية الخليجية عند المنظور الأميركي الذي يرى في المنطقة مجرد واحةٍ للنفط والفوضى التي لا شيء يحتم عليها الحفاظ على مسار هذه الفوضى سوى استمرار تدفق النفط فحسب، بتمكين الأقليات سياسياً لاستمرار عجلة النزاع المتحكّم به أميركياً.