ابوظبي تخطط لاستثمار 40 مليار دولار في إيطاليا
الكشف عن انطلاق أضخم مشروع قرآني عالمي في السعودية
الطائرات المسيرة واجزائها المهربة الى اليمن وأنباء عن سلسلة إمداد معقدة بين الحوثيين والصين
عاجل : تعرف على الدول التي أعلنت أول أيام شهر رمضان المبارك.. والدول التي ستصوم يوم الأحد
اليمن يعلن السبت أول أيام شهر رمضان المبارك
للمرة الأولى عالمياً.. دولة خليجيه ترصد هلال رمضان بطائرات درون
المنطقة العسكرية الثانية توجه تحذيرا شديد اللهجة لحلف قبائل حضرموت وتحركاته العسكرية
ماذا تصنع الطائرات الأمريكية المسيرة إم كيو-9 فوق مناطق سيطرة المليشيات الحوثية .. وكيف خضعت الصواريخ الروسية للجيش اليمني السابق للتطوير على يد إيران ؟
أول تعليق من الحكومة اليمنية على دعوة السعودية لضم اليمن إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي ..
إعدام امرأة خطفت وباعت 17 طفلا
مأرب برس – القاهرة – خاص
مخافة أن توجه إليَّ تهمة
التحامل على أبناء اليمن – التي أتشرف بالانتساب إليها - فقد ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن تصوري المرسوم عنهم ، وهو ما لم أستطع بعد التخلص منه ، ولست أبالغ إن زعمت أن الأيام تزيد من رسوخه وقناعتي بصوابه ، يتمثل هذا التصور في أنك لا تكاد تلمس فرقاً بين سلوك شخصين يمنيين أو طريقة تخطابهما وتعاملهما مع الآخر ، بل وطريقة تفكيرهما ونظرتهما إلى الأشياء أيضاً ، مع أن الفارق بين مستوى تأهيلهما العلمي قد يكون شاسعاً جداً ، لعل أولهما لم يتجاوز مستوى التعليم الإلزامي والآخر حاصل على شهادة الدكتوراه .
هنا يبرز السؤال؟ ما جدوى الترقي في درجات السلم التعليمي مادام التعليم لا يفلح في تعديل منظومة الشخصية الفردية وتهذيبها، المتوقع أن الفرد يزداد تميزه عن محيطه بزيادة حصيلته العلمية ، فإذا ما وجدته بعد التعليم والتأهيل كنسخة مطابقة لما كان عليه قبل التعليم فإن أقل ما توصف به العملية التعليمية - وما رافقها وارتبط بها من بذل للجهود والأوقات والأموال – بأنها مضيعة للأعمار وإهدار للإمكانات .
قد تستغربون عندما أخبركم عن نسبة كبيرة من أفراد النخبة اليمنية - بحسب الموازين التعليمية - وأقصد بها تلك الشريحة من الطلاب الحائزين على المراتب الأولى على مستوى الجمهورية والمحافظات في الثانوية العامة والذين تم ابتعاثهم للدراسة الجامعية في جمهورية مصر العربية ، ومعهم مبعوثي الجامعات من المعيدين والمدرسين المساعدين الذين يتوقع منهم أن يصبحوا طليعة الفاعلين وصناع الرأي في المجتمع بعد مدد قصيرة ، فهم ( مع تسليمي بتميز كثير منهم دراسياً ) يستهلكون سنوات من أعمارهم في الانهماك في اهتمامات هامشية تدعوا للعجب والاستغراب مع توفر فرص عديدة لاستغلالٍ أمثلٍ له في بناء المهارت الأساسية اللازمة لجيل القرن الواحد والعشرين .
تجد عدداً منهم وهو يقضي الساعات الطوال في تدخين ( الشيشة ) ومشاهدة المباريات الرياضية في محلات الـ( Coffee Shop ) ، أو مفترشاً للمساحات الخضراء وأرصفة كورنيش النيل لشرب الشاي وتجاذب أطراف الحديث في دردشات غير منتهية يسودها القيل والقال عن الزميلة فلانة والزميل علان ، أو مناكفات شخصية ثنائية حزبية أو مناطقية أو طائفية عنصرية ، وترى هذا وقد أطال شعره وتهندم بطريقة الـ ( ..... ) وقص شعره وشاربه بطريقة تدفعك للإحساس بأنه يصرخ في وجهك : " أنني لم أجد نفسي بعدُ " ، وعدد غير قليل منهم لا تجده في المسجد على مدار شهور مع كونه من جيرانه .
قـام عدد من أفراد شـريحتهم قبل حوالي سنة ونصف بإنشاء موقعٍ إلكترونيٍ أسموه ( موقع ابن اليمن – موقع الطلبة اليمنيين في الخارج ) يهدف إلى تواصلهم من خلاله وتحاورهم وطرح قضاياهم ، فاشتعلت النقاشات العقيمة بينهم في منتدياته حول مواضيع قد قُتِلتْ بحثاً ونقاشاَ ، ليست المشكلة هنا بل هي في الأساليب التي يتخاطب بها أغلب رواده ، والتي لا تجعلك تشعر إلا أنك في سوق الحصبة أو سوق معياد للقات في عز الظهيرة حيث ترتفع للأصوات بحدة غير مقبولة ، ويتوثب الجميع للإنقضاض على الآخر بطريقة توحي للمتابع بأن ثمة ثارات قائمة هناك منذ دهور ، وإن كانوا جادين للحظةٍ ما فإن لغتهم وطرحهم يفتقران إلى الرصانة والعمق بدرجة مهولة ، وهو ما حمل أحدهم إلى القول بـ : " لو عاد هؤلاء – والإشارة لمعظم أفراد هذه الشريحة - اليوم وأصبحوا قادة المجتمع لانعدم السلم والأمان الاجتماعي فيه " .
وقام عددٌ من الفاعلين والإيجابيين بينهم - قبل عدة شهور – بالاحتجاج على عمل بعض أفراد طاقم الملحقية الثقافية اليمنية في القاهرة بخصوص قصورٍ نسبيٍّ يكمن في أدائهم لأدوارهم وفي تعاملهم مع الطلاب الموفدين ومع الجهات الأكاديمية المصرية ، وأخذت وتيرة احتجاجهم ترتفع ، فتم رفع بيان شامل إلى وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور صالح باصرة تضمَّنَ أغلب المشكلات المثارة والتي يتعلق بعضها بمعظم الطلاب والبعض الآخر ببعض الحالات الفردية التي استعصت على الحل ، ونُشِرَ خبر البيان في عددٍ من المواقع الإلكترونية وصحيفة النداء المحلية ، ووصل خبره إلى الوزير شخصياً الذي تحرك بدوره واتخذ عدد من الإجراءات ، كان من بينها إيفاد لجنة لتقصي الحقائق ، فانبرى عدد من الطلـبة أمام اللجنة – ومن باب الكيد الشـخصي لزملائهم الموقعين على البيان ، وفي إطار محاولات تسجيل المواقف وكسـب الجمالات ، مع عـدم غياب للبعد الحزبي - يناضلون في سبيل إثبات أن ( الأمور زي العسل ) و ( الدنيا سلامات ) والشكوى كيدية وغير منطقية وفيها تحامل ، مع علمهم اليقيني أن هناك أموراً لم يعد ممكناً السكوت عليها ، وشاركت اللجنة الموفدة في تعميق الهوة عندما اتخذت موقف الخصم ومارست أسلوب التحقيق الجنائي مع الموقعين بدلاً عن الانصراف إلى التأكد من واقعية الشكاوى المثارة ورصد معدلات مستوى الأداء .
أول ما يتبادر إلى الذهن في ذلك المقام - وأنا أحد الموقعين على البيان – هو مـوقف ( الشـعب العزيز ) من الثائر الحر الشهيد المقدم أحمد الثلايا عندما خاطبهم الإمام أحمد حميد الدين ليستطلع رأيهم فيه فأجابوه باستحقاقه للقتل ، فعقب عليهم بمقولته الشهيرة : " تباً لشعب أردت له الحياة فأراد لي الموت " .
هنا نتوجه بالدعوة للتوقف وإعادة طرح السؤال من جديد : ألم يكن المتوقع أن يكن هؤلاء هم أفضل قدوة للمجتمع وأحسن نموذج في نضالهم المدني الراقي لأخذ حقوقهم والمنسجم مع ما ضمنه لهم الدستور والقانون ؟؟! ألم يفلح التعليم في تعديل السلوك وبناء الشخصية المثالية ؟؟!! إذا كان الجواب بالسلب ، نقول : أين يكمن الخلل ؟؟ .
=============
باحث يمني مقيم بالقاهرة