الداخلية السعودية : القبض على يمني قـ.ـتل آخر حرقاً بالأسيد وطعنه بسكين صدمة في اليمن بعد قيام الحوثيين بالإفراج عن أخطر إرهابي يقف خلف مجزرة ميدان السبعين الدامية عام 2012 نيابة الأموال العامة في الضالع تنفذ حملة لإغلاق محلات الصرافة المخالفة في قعطبة تم تعذيبه حتى الموت ..وفاة شيخ مسن ٌمختطف في سجون الحوثيين بمحافظة البيضاء واتس آب تكشف عن ميزات جديدة لمكالمات الفيديو .. تعرف عليها فايننشال تايمز تكشف عن الطريقة التي ستتعامل بها إدارة ترامب مع ايران ومليشيا الحوثي وبقية المليشيات الشيعية في المنطقة عيدروس الزبيدي يلتقي مسؤولاً روسياً ويتحدث حول فتح سفارة موسكو في العاصمة عدن وزارة الدفاع الروسية تعلن عن انتصارات عسكرية شرق أوكرانيا العملات المشفرة تكسر حاجز 3 تريليونات دولار بيان شديد اللهجة لنقابة الصحفيين رداً على إيقاف أنشطتها بالعاصمة عدن
قرأت في الأسبوع المنصرم مقالا بعنوان \"صراع الكبار حول زواج القاصرات\" للدكتور عبد الله الفقيه على موقع المعرفة في الجزيرة نت, ووقفت على مجموعة من الأفكار التي اختلف مع الكاتب فيها, وبعد أن قرأت المقال تولد لدي شعور يلزمني بالرد على ما طرح مع احترامي بطبيعة الحال لحق الآخرين في طرح آراءهم وأفكارهم, وما آخذه على المقال أنه استخدم أسلوبا غير منهجي وغير علمي فلقد استهل الدكتور الفقيه مقاله باتهام بيان علماء اليمن الذي تم إصدارة لبيان الموقف الشرعي من مسألة تحديد سن الزواج بأنه \"لا يخلو من بصمات الأجهزة الأمنية\", هذا المدخل غير علمي فاتهام الآخرين بدون أدنى أدله أو أي مسوغ يساق من كاتب يحمل لقبا علميا أمراً محل نظر وغير مستساغ في الأواسط العلمية فهل يعقل أن بياناً وقع عليه أكثر من \"130\" عالماً من بينهم أعلام بحجم القاضي محمد بن إسماعيل العمراني, والشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني, قد تحولوا إلى معاونين لخلية أمنية تسعى إلى تنفيذ أعمال مشبوهة!!, هذا الأسلوب دفعني إلى كتابة هذا المقال لأبين للقارئ الكريم وجهة نظر مغايرة مبنية على الحجة والمنطق مزودة ببعض الأرقام والحقائق التي ينبغي معرفتها آملاً في إبقاء مجتمعنا متماسكاً وملتفاً حول ثوابته الدينية والوطنية.
العلماء ليسو\"شوفينيون\"
مما لفت انتباهي أن الدكتور الفقيه لم يتردد في القول بأن بيان العلماء يعكس \"شوفينية\" واضحة تأجج العداء لمخالفيهم, وإن أمراً كهذا يدخل المسلمين في \"مواجهة غير متكافئة ولا مبرر لها مع غيرهم من الأمم والشعوب\", فهل يعني ذلك أن على العلماء أن يصكوا فتاوى حسب الطلب حتى يرضى عنهم الغير ويبيعوا الإسلام ويحولوه إلى سلعة للارتزاق وما لم فهم شوفينيون, إذن فهل علينا أن ننحني لمن يريد أن يفهم شريعتنا على هواه وإلا فسوف يواجهنا ولأنه الأقوى فسيفتك بنا, منطق غريب لم أتمكن من تقبله لأنه يدعو إلى التبعية ومحو الذات أمام الآخر القوي ويستبعد من أسباب القوة قوة الحق التي لطالما صمدت أمام أعتاء الإمبراطوريات في العالم بل وانتصرت عليها.
لمصلحة من يتم تشويه العلماء؟!
وبنفس الأسلوب الذي لا يجد له مكان لدى الأكاديميين يقول الدكتور الفقيه \"أن من يقرأ بيان العلماء يظن أن جميع اليمنيين واليمنيات يتزوجون قبل ال15 وأن الذين لا يتزوجون قبل ذلك منحرفين, والفكرتان بالطبع غير صحيحتين\", هذا الأسلوب الذي يحمل اتهام مبطن فحواه أن العلماء يتهمون من لم يتزوج قبل سن ال15 بالانحراف يؤكد مرة أخرى أن هناك مشكلة ما بين الكاتب والعلماء لأن هذا الأسلوب الملتوي يقوّل العلماء ما لم يقولوه, فكونهم بينوا الوجه الشرعي في تحريم تحديد سن الزواج لا يلزم عنه بأي حال من الأحوال توجيه الاتهام بالانحراف لمن يتزوج حتى بعد الخمسين أو إلى من لم يتزوج قط, ولكن ما يظهر لنا أن الكاتب قد تأثر بفئة ما يبدو أن الهم الشاغل لها تشويه العلماء بأي شكل وبأي وسيلة كانت, ومن ذلك أيضا ما ورد في المقال من آراء تقول بأن الفقهاء الأقدمين أجازوا زواج الصغيرات للضرورة وهو زواج استثناء وأن الأصل هو زواج البالغة الراشدة وهذا يعني أن العلماء يعتبرون أن زواج القاصرة هو الأصل, فأين في بيان العلماء أن الأصل هو زواج الصغيرة والاستثناء هو زواج البالغة الراشدة؟! هذا غير صحيح لأن محور بيان العلماء دار حول أن تجريم زواج الصغيرة أمراً محرماً وأن زواجها جائزا شرعا إذا لم يترتب عليه ضرر, فلماذا يصر البعض على تقويل العلماء ما لم يقولوه؟!! وهذا يدفعنا للتساؤل لماذا ولمصلحة من يتم تشويه علماء اليمن؟! ألا تكفي حملة التشويه الظالمة التي يتعرض لها الإسلام والمسلمين في كثير من وساءل الإعلام العالمية والإقليمية والمحلية؟!!.
العلماء هم الأكثر حرصاً على الفتاة
وكما هو عليه الحال في هذا المقال فإن اتهام آخر قد وجه للعلماء حول ذات الموضوع (تحديد سن الزواج) وهو أن العلماء \"لا يقبلون كذلك ما يقوله الأطباء وعلماء النفس والاجتماع حول الأضرار التي يمكن أن يسببها الزواج المبكر للفتاة\" وهذا ادعاء آخر فلقد أقر العلماء في بيانهم اشتراط \"عدم الضرر\" فإذا ثبت الضرر فالأولى العمل بقاعدة \"رفع الضرر\", بل إن العلماء قد بينوا أن الفتاة إذا لم تكن صالحة للوطء فلا يجوز زفافها إلى الزوج أي عليه أن ينتظر حتى تتهيأ وهذا يختلف من فتاة إلى أخرى ومن بيئة إلى غيرها, ولا يفوتني هنا أن أنوه إلى ما طرحه الدكتور علي المضواحي أخصائي الصحة العامة حول مسألة الصحة لمن تتزوج مبكرا حيث بين أن معظم دول العالم تسمح بالممارسة الجنسية دون سن ال18 دون أن تتحدث عن أي ضرر وتساءل مستغربا لماذا يكون في تلك الممارسة ضرر إذا ارتبطت برباط شرعي هو الزواج؟! وأكد قائلا إن هذا الكلام (الضرر من جراء الزواج المبكر) لا أساس له من الصحة بل ذهب إلى أبعد من ذلك بقولة لا توجد أبحاث علمية تثبت ذلك لا في بلاد المسلمين ولا غيرهم, ومع ذلك فنحن نقول إن الضرر إذا وجد فقد يكون في حالات فردية لا يمكن أن يبني عليها قانون عام, وعندما تناقشت مع الشيخ عارف بن أحمد الصبري عضو مجلس النواب وعضو لجنة تقنين الشريعة في المجلس وهو أحد الموقعين على بيان العلماء حول مسألة حماية الفتاة من الضرر رد علي قائلا لقد وضعنا ضوابط لا توجد في أي قانون آخر وهي أن العقد على الصغيرة لا يجوز إلا في حالة أن يكون وليها الأب أو الجد (لاكتمال الشفقة على الفتاه عن غيرهم مثل الأخ أو الخال أو العم) وأن يكون زواجها بكفء, وأن تكون مصلحتها في هذا الزواج ظاهرة معلومة, وأن يكون لها الخيرة عند بلوغها في الاستمرار في الزواج أو طلب الطلاق, وأن يتم تعويضها في حالة وقوع أي ضرر عليها, ومع كل هذه الضمانات المستقاة من الشريعة الإسلامية لا ينبغي الإدعاء بأن العلماء لا يقبلون كلام المختصين بشأن الضرر الذي قد يقع على الفتاة, وبهذا أذكر الدكتور الفقيه بقاعدة بسيطة يجب تطبيقها قبل أن نتبنى الآراء جزافا وهي \"إنما دواء العي السؤال\", وعلينا ألا نقع في إحدى الأخطاء المنهجية الناجمة عن إشكالية التعميم قبل الاستقراء.
مغالطات مخزية وتحيز مكشوف!
وردد الدكتور الفقيه في مقاله فكرة فحواها أن بعض الأحزاب بما فيها حزب الإصلاح وهو حزب ذو توجه ديني وغيره من النخب قد أيدوا قانون تحديد سن الزواج واعتبروه تحصيل حاصل لمثل هذا القانون في العديد من الدول العربية والإسلامية بما فيها اليمن حتى العام 1998, ويبدو أن الدكتور لم يمحص تلك الفكرة جيدا لأنه لو فعل وبحث كأكاديمي لأدرك ببساطة أن ذلك القياس فاسد, فالجميع يعلم كيف هو وضع الدول العربية والإسلامية اليوم وكيف أن الشريعة في معظم تلك الدول لم تعد المصدر الوحيد للتشريع أي أن هناك مصادر أخرى تشرع إلى جانب الله وهذا أمرا يرفضه الإسلام والمسلمون الذين يفقهون قول الله تعالى }ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{ الجاثية: 18, بل أن بعض تلك الدول تعلن صراحة في مطلع دساتيرها أنها دول علمانية, أما ما كان عليه الحال في اليمن من تحديد لسن الزواج فكان لا يجرم ولا يفرض العقوبات على من لم يأخذ بتلك السن فأصبح الأمر بمثابة النصح لا الإلزام ونلاحظ أن ذلك الاستشهاد بالقانون اليمني تم بطريقة الاجتزاء من النص كما أهمل السياق ومعروف أن من أهمل السياق فقد غلط في نظره وغالط في مناظرته, أما مشروع التعديل المقترح مؤخرا على مجلس النواب لتحديد سن الزواج فإنه يحتوي على تجريم من لم يلتزم بتلك \"تحديد السن\"، ونقول هنا إن تجريم أمرا جائزا مارسه رسول الله (ص) (وفعله تشريع) الصحابة والتابعين وأقره أهل العلم في مختلف المذاهب وفي مختلف العصور له ما وراءه في النيل من الشريعة الإسلامية وهو أمرا لا أعتقد أن الدكتور الفقيه يقبل به, وبالنسبة لموافقة حزب الإصلاح على تبني التعديلات المقترحة بشأن تحديد سن الزواج فعلى الدكتور الفقيه أن يفرق بين آراء بعض المنتمين للحزب وبين مواقف الحزب الرسمية, وأذكر هنا برد أمين عام الإصلاح الأستاذ عبد الوهاب الأنسي على وفد سويسري زاره مؤخرا وسأله عن موقف حزبه من مسألة تحديد سن الزواج فأجاب الأستاذ الأنسي: هل تحرمون العلاقات الجنسية قبل سن ال18 في بلادكم؟ قالوا لا قال فما المشكلة في أن تكون تلك العلاقة قائمة بموجب عقد زواج شرعي يحفظ حقوق الفتاة؟! فلاذوا بالصمت إزاء هذا التساؤل المنطقي, وأذكر الدكتور الفقيه بأن حزب الإصلاح وغيره من النخب ليسو فوق الدستور والقانون فليس من حق الأحزاب والنخب مخالفة الشريعة الإسلامية بل إنه في حال اتخاذ قانون يخالف الشريعة الإسلامية فالدستور اليمني أعطى الشعب حق المراجعة القضائية ـ أي عرض القانون على القضاء ـ ليرى إذا كان موافقا للشريعة الإسلامية وهذا ما يعرف في النظم السياسية المعاصرة بمبدأ الرقابة على دستورية القوانين وإذا ثبت عدم الموافقة يعتبر القانون باطل بحكم الدستور, وبالمناسبة هذا المبدأ يطبق في الكثير من الدول.
فالمسلمين من المواطنين الفرنسيين يقولون بأن إحدى خياراتهم في مواجهة قانون منع النقاب في حالة تمريره من قبل الجمعية الوطنية هو تفعيل مبدأ المراجعة القضائية لأن تمرير مبدأ كهذا لا يتفق مع الدستور الفرنسي على حد قولهم, هذا الحق القانوني ندرسه لطلابنا في السنة الأولى في الجامعة (كلية التجارة) ليكونوا واعيين بحقوقهم وواجباتهم الدستورية..
-يتبع في الأسبوع القادم-
* قسم العلوم السياسية ـ جامعة صنعاء