أوراق الحرب باتت مكشوفة
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 14 يوماً
الأحد 25 أغسطس-آب 2013 08:08 م

أعادت ضربات الطائرات دون طيار في اليمن أزمة التصريحات بين الرئيس هادي وسلفه صالح إلى الواجهة، إذ شن الأول هجومًا لاذعًا على من بات ينتقد عبر ماكينته الإعلامية، فكرة التفريط في السيادة اليمنية، وتحديداً بعد إزاحته من الحكم من خلال ثورة شعبية سلمية اندلعت في فبراير 2011.

واشتعل الجدل - مؤخرًا - بشأن الطائرات دون طيار، التي تقصف من وقت لآخر أهدافًا للقاعدة في عدة مناطق يمنية. وذهب البعض إلى القول: إن الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي هو من يتحمل مسألة التفريط بالسيادة اليمنية. لكن الرئيس هادي وضع في خطاب بكلية الشرطة - الخميس - النقاط على الحروف.

وفيما كشف الرئيس هادي في خطابه أمام طلبة كلية الشرطة عن مباحثات مع الإدارة الأميركية لتزويد الجيش اليمني بالطائرات بدون طيار. وقال: "لقد بحثت مع الإدارة الأميركية موضوع مساعدتنا بهذه التكنولوجيا." وتطرق لعدة نقاط تتعلق بالحرب على الإرهاب التي لم يعد الحديث عنها أمرًا مخجلًا بقدر ما هي مهمة عالمية يجب أن لا يتلكأ في الحديث عنها المسئولون.

ودافع الرئيس هادي عن التعاون مع الولايات المتحدة بالقول: إنها اتفاقيات أُبرمت في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومنها هجمات الطائرات بدون طيار. وأكد هادي أن اتفاقية الحرب على الإرهاب بين اليمن وأميركا وقّعت مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الاميركية حينما ذهب الرئيس السابق الى واشنطن ووقّع على اتفاق شراكة اليمن بالحرب ضد الإرهاب باعتبار اليمن مصنفة الدولة الثالثة بعد افغانستان وباكستان. وأشار الى أن الطائرة بدون طيار، التي تقوم بالعمليات هي جزء من ذلك التعاون وتقوم بهذه المهمات منذ العام 2004م، وبحسب مقتضيات الحاجة لتلك المهمات، والتي لا "تُعد ترفًا؛ بل لأننا لا نملك التكنولوجيا المطلوبة لتنفيذ مثل هذه المهام العسكرية الدقيقة". كما قال: إن هذه الاتفاقية جرى المصادقة عليها من قِبل مجلس الدفاع الأعلى عام 2001م.

وانتقد هادي من يتباكون على ما أسموها "السيادة"، والشكوى من اختراقها من قِبل الطائرات بدون طيار، في إشارة إلى جماعة الحوثي وأنصار الرئيس السابق. وقال: "البعض اليوم يتباكى على السيادة بصورة مستغربة.. ألم تكن الطائرات بدون طيار تضرب من قبل في ابين وفي حضرموت وفي مأرب، وفي الكثير من الأماكن، إلا أنها عندما وصلت الى بعض المناطق - في إشارة إلى صنعاء - قالوا هذا اختراق للسيادة الوطنية".

وأضاف: "ليس سرًّا التعاون في مجال محاربة الإرهاب، فلدينا مشاركة في غرفة عمليات في جيبوتي، ولدينا ضباط مشاركون في غرفة عمليات في البحرين على مستوى عسكري دولي من أجل ملاحقة ومكافحة ومراقبة الارهابيين؛ باعتبارهم تنظيمًا إرهابيًّا دوليًّا على مستوى العالم". ولم ينس هادي الإشارة إلى أن عمليات الطائرة بدون طيار دقيقة.. مؤكدًا أن مَن سقطوا في عملية المعجلة في أبين،

وعددهم يزيد على أربعين شخصًا، منهم نساء وأطفال أواخر 2009، كان بصاروخ كروز، ولم يكن بطائرة بدون طيار.

وقال هادي: إن العمليات الأخيرة ضد تنظيم القاعدة نجحت في قتل أربعين إرهابيًّا من قيادات التنظيم وعناصره، وأشار الى أنه تم كشف العديد من الخلايا والسيارات المفخخة، وتم إحباط العديد من العمليات وتفجير سيارتين كانتا تحمل كلٌّ منهما سبعة أطنان من مادة «تي إن تي» شديدة الانفجار. وتعهد هادي بمواصلة الحرب على تنظيم القاعدة وعناصره التي تم دحرها العام الماضي من عدد من المناطق التي كانت اعلنتها امارات اسلامية في ابين وشبوة جنوب البلاد. وقال: "لكننا سوف نلاحقهم حتى يجنحوا للسلم، ويتركوا السلاح، ويعودون الى رشدهم كمواطنين يمنيين وليسوا كأعداء لليمن".

وكان هادي قد زار واشنطن الشهر الماضي والتقى الرئيس الاميركي باراك اوباما وعدداً من المسؤولين الاميركيين. ويعد هادي حليفاً صادقاً مع أمريكا فيما يخص التعاون في الحرب ضد الإرهاب.

ويقول رون بول - مرشح الرئاسة الأمريكي الأسبق - إن معظم الأمريكيين لا يعرفون أن الولايات المتحدة شنت على مدار الأسبوعين الماضيين ما لا يقل عن ثمان هجمات بطائرات بلا طيار (درون) أدت إلى مقتل العشرات.

وقال بول - في مقال له نشره في موقع معهد رون بول تحت عنوان: "لماذا نحن في حرب في اليمن" – قال: "إنها أكبر عملية تصعيد تقوم بها الولايات المتحدة في اليمن خلال أكثر من عقد من الزمن. وتزعم الولايات المتحدة أن كل من قتل في تلك الغارات "مسلح مشتبه فيه"، لكن المواطنين اليمنيين ولفترة طويلة أصبحوا ساخطين من أعداد المدنيين الذين يلقون حتفهم في تلك الغارات، وبحسب التقارير الإعلامية فإن كل تلك الهجمات التي شُنت أسفرت عن مقتل إرهابي واحد فقط ينتمي إلى لائحة أكثر الإرهابيين المطلوبين".

وأضاف رون بول: "يتزامن هذا التصعيد الأمريكي لهجمات "الدرون" مع لقاء الرئيس هادي بالرئيس أوباما في واشنطن مطلع هذا الشهر. تم تثبيت هادي في السلطة بمساعدة حكومة الولايات المتحدة بعد انقلاب 2011 على الرئيس صالح الذي مضى على حكمه زمن طويل، من مصلحة الرئيس هادي أن تقف الولايات المتحدة إلى جانبه، حيث لا يحظى بشعبية كبيرة في اليمن ويواجه خطر انقلاب آخر".

وأوضح مرشح الرئاسة الأمريكي الأسبق بالقول: "في واشنطن أثنى الرئيس أوباما على تعاون هادي في محاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن، كان ذلك قبل إعلان الإدارة الأمريكية عن خطر كبير غير محدد أدى إلى إغلاق ما يقارب (20) سفارة في المنطقة، بما فيها السفارة في اليمن.

وبحسب الإدارة الأمريكية فإن إغلاق السفارات جاء بعد اعتراض وكالة الأمن القومي لمكالمة مؤتمر "مكالمة جماعية" ناقش فيها 20 قياديًّا في تنظيم القاعدة مهاجمة الغرب، ويشكك الكثيرون في مدى صحة تلك المزاعم المثيرة التي تم إطلاقها فقط عندما طالب بعض أعضاء الكونغرس بالمزيد من التدقيق والفحص في برامج التجسس المحلية لوكالة الأمن القومي.

وقال بول - في تصريحات صحفية مؤخرًا - "مضى على الولايات المتحدة في اليمن بعض الوقت، ويُعد التواجد الأمريكي في اليمن أكبر بكثير مما يُراد لنا تصديقه. ووفقًا لتقرير صحيفة "وول ستريت جورنال"، الذي نشرته الأسبوع الماضي، يضيف: "في قلب التعاون الأمريكي اليمني يقع مركز القيادة المشترك في اليمن، حيث يقوم مسؤولون من البلدين بتقييم المعلومات الاستخباراتية المقدمة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها مثل السعودية، بحسب مسؤولين أمريكيين ويمنيين. هناك يقررون متى وكيف تشن الضربات الصاروخية التي تستهدف لائحة سرية جداً تضم عناصر مشتبه بهم من تنظيم القاعدة، ويتم الموافقة على لائحة القتل عن طريق الاستهداف من قِبل البيت الأبيض بحسب هؤلاء الناس." وأضاف: "وأبعد من يكون حلًّا لمشكلة المتطرفين في اليمن، يبدو أن هذا التواجد الأمريكي في تلك البلد يعمل على خلق المزيد من التطرف.

وبحسب الخبير في شؤون اليمن البروفيسور جريجوري جونسون من جامعة برينستون فإن ضحايا "الأضرار الجانبية" من المدنيين بسبب هجمات الطائرات الأمريكية بلا طيار على أعضاء القاعدة، تعمل في الواقع على جذب المزيد من المجندين إلى تنظيم القاعدة".

وأكد روبن بول بالقول: "هناك غارات تقتل المدنيين، هناك غارات تقتل النساء والأطفال. وعندما تقتل الناس في اليمن، هؤلاء أناس لديهم أسر، لديهم عشائر، ولديهم قبائل، وما نراه هو أن الولايات المتحدة ربما تستهدف شخصًا معيّنًا؛ لأنها تعتبره عضوًا في تنظيم القاعدة. لكن ما يحدث على أرض الواقع هو أن ذلك الشخص يتم الدفاع عنه كفرد ينتمي للقبيلة."

مشيرًا بالقول: "من الواضح أن حكومة الولايات المتحدة تخوض حرباً في اليمن، ويزعم أنها تحارب تنظيم القاعدة، لكن هجمات الطائرات بلا طيار "درون" تعمل على خلق المزيد من أعضاء التنظيم، يضاهي عددهم أو يزيد على عدد الأعضاء الذين تقوم بقتلهم.. إن الاستياء من الخسائر المدنية يعزز من خطر حدوث انتكاسة، وهو تخوف مشروع بالنسبة لنا، وهو الأمر الذي يتم تجاهله بشكل كبير للأسف. كما أن الولايات المتحدة تبعث برسائل متضاربة من خلال مهاجمة القاعدة في اليمن، بينما تقدم الدعم للمتمردين الموالين للقاعدة والذين يقاتلون في سوريا".

واختتم مرشح الرئاسة الأمريكي الأسبق حديثه بالقول: "دائرة التدخل هذه تولّد مشاكل تتطلب بدورها المزيد من التدخل "لإيجاد حلول"، وتفقرنا ولا تجعلنا "أقل"، بل أكثر، عرضة للهجوم. هل يستطيع أحد أن يدّعي نجاح هذه الاستراتيجية القديمة؟، هل أنتجت أي نوع من الاستقرار في المنطقة؟، هل لديها قصة نجاح؟، هناك بديل يُدعى عدم التدخل، علينا أن نجرّبه، الخطوة الأولى تبدأ بالانسحاب من اليمن".