أحبك وأكرهك
بقلم/ أحمد غراب
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و يومين
الأحد 12 مايو 2013 05:09 م

جلست في بطن أمك تسعة أشهر حملتك فيها كرها على كره كما حملت الشعوب العربية حكامها طوال عقود ماضية مع فرق أن من بطن أمك إلى بطنك طاقة ومن بطون الشعوب إلى بطون الحكام مدن وأبواب ونوافذ وخزائن.

ولما نزلت من بطن أمك تم تصفير العداد ولم تحسب التسعة الأشعر التي قضيتها في بطن أمك

ربما لو كنت جلست ثلاثين أو أربعين عاما ما كان العداد تصفر ولخرجت من بطنها فوجدت أمامك ثورة.

أيها الربيع العربي أنا أحبك وأكرهك

أحبك لأنك خلصتنا من القبضة الفردية والاحتكار العائلي للمناصب

وأكرهك لأنك ورطتنا في الورطة الحزبية والتقاسمات والمحاصصة

احبك عندما أتامل بأن هناك جديد قادم..وأكرهك عندما انظر من حولي فأجد الوجوه نفس الوجوه ما عدا تغيرت الأسماء.

أحبك عندما ادخل الفايسبوك فأجد الحس النقدي وقد نما عند الشباب والجميع ينتقدون الفساد والمفسدين وأكرهك عندما امشي في الشارع واجد البيروقراطية لم تبارح مكانها والفاسدين أحرار والمواطنين يعتصمون ويعانون والساسة يتخاصمون ويتقاسمون والحكومة التي كان من المفترض أن تفرد عضلاتها لاستئصال الفساد والبيروقراطية ومن يستهدف البنى التحتية وتسعى إلى تحسين الخدمات في المستشفيات وزيارة السجون وفك كربة المكروبين والمعسرين وتنشيط المحاكم وأقسام الشرطة فردت عضلاتها في الاتجاه المعاكس تماما على الصحفيين والمعتقلين.

أحبك عندما أجد الوعي الشبابي وقد نضج وحب الوطن وقد صار وساما على صدور الكثير وارى شباب من مختلف الفئات يحذرون من الطائفية والمناطقية وأرى أبناء اليمن في الداخل يشاطرون أبناء اليمن في الخارج همومهم ويتقاسمون معهم ألامهم ومعاناتهم إذا شكا طلاب في ماليزيا تداعى لهم طلاب باليمن بالمظاهرات والاحتجاجات وإذا شكى مغترب في السعودية تداعى له أبناء وطنه وجعلوا همهم همه.

وأكرهك أيها الربيع عندما اكتشف أننا كشعوب لأحول لنا ولا قوة لا نملك إلا الصراخ والشكوى رغم كل التغيير الذي يحصل إلا أننا نجد أنفسنا مضطرين لمسايرة ظروف لا نريدها ولا نتقبلها

نجد أمامنا ظروف قاهرة مثل المحاصصة الحزبية التي فرضت من أجل التسوية السياسية فشوهت مبدأ المهنية والكفاءة وجعلت الحكومة نسخة من الحكومات التي سبقتها.

نجد أمامنا أيضا ظروف الجهل والتسلح في ظل ضعف القانون وخصوصا ما يحدث من استهدافات للكهرباء ولأنابيب النفط.

أيها الربيع احبك الناس عندما سمعوا قرارات الهيكلة وتحويل معسكر إلى حديقة لكنهم كرهوك عندما لم يجدوا اهتماما من الحكومة بالمغتربين ولا بالجرحى والمعذبين والمبدعين ولم يلقوا بالاً لألام ودموع ومعاناة أهالي المعتقلين.