مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
شهد شهر أبريل المنصرم حدثين بارزين تداولتهما القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية وبعض الصحف ووسائل الإعلام اليمنية والعربية والعالمية، كان محورهما الأبرز الشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس جامعة الإيمان المثيرة للجدل والتوجس يمنيـا وإقليميـا وعالميًا.
في الحدث الأول ظهر الشيخ الزنداني أمام عدسات القنوات الفضائية في مؤتمر صحفي عقده بعد ختام دورة دينية نظمتها جامعة الإيمان وهو يتوعد الحكومة بتنظيم مسيرة يسد بها جميع شوارع العاصمة صنعاء، و ويهدد بسحب شرعيتها إذا أصرت على مناقشة مشاريع تعديل بعض القوانين، وبضمنها قانون الاحوال الشخصية ، حيث يناقس مجلس النواب عددا من مشاريع تعديل ونطوير بعض القوانين التي تقدمت به حكومة الدكتور علي مجور، من بينها تحديد سن آمنة للزواج، بدلاً من المادة التي أصر الزنداني وحزب التجمع اليمني للإصلاح أثناء مشاركتهما في السلطة بعد حرب صيف 1994م، على إدخالها إلى قانون الأحوال الشخصية، وتفضي بالسماح لولي الطفلة الصغيرة او الرضيعة بعقد قرانها على شخص آخر، وإباحة نكاح الطفلة الصغيرة ومفاخذة الرضيعة من قبل الرجل المعقود عليها بموافقة ولي الطفلة الصغيرة أو الرضيعة ، استنادا الى آراء قال بها بعص الفقهاء ـــ وخالفهم فيها غيرهم من الفقهاء القدامى والمعاصرين ــ قبل حوالي الف وثلاثمائة عام ، وهي آراء ووجهات نظر فقهية تعبر عن أصحابها فقط ، وليست من شرع الله الذي هو فوق كلام الفقهاء وفوق كل شيئ .
في الحدث الثاني تداولت وسائل الإعلام الرسمية والقنوات الفضائية والمواقع الإخبارية اليمنية والعربية والعالمية خبر لقاء تم بعد صلاة يوم الجمعة الموافق 23 / 4 / 2010م بين رئيس الجمهورية وعدد من رجال الدين وخطباء المساجد الحزبيين، الذين سلموه بيانـا يتضمن مطالب سياسية وحزبية تتعارض في وجهتها العامة مع توجهات البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية الذي حاز على ثقة ملايين الناخبين والناخبات في الانتخابات الرئاسية لعام 2006م.
وفور الإعلان عن هذا اللقاء أطلق النائب المعارض محمد الحزمي خطيب مسجد الرحمن في العاصمة صنعاء، وعضو مجلس النواب عن حزب التجمع اليمني للإصلاح تهديدات واتهامات خطيرة باسم (جمعية علماء اليمن) وهي جمعية غير قانونية وغير مسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية، ولا تمتلك ترخيصـا قانونيـا بمزاولة نشاطها، ناهيك عن أن عضوية هذه الجمعية محصورة في نطاق نخبوي ضيق لا يتجاوز بعض رجال الدين وخطباء المساجد وعقال الحارات. ولا يوجد بين أعضائها عالم واحد من العلماء الذين يشتغلون في علوم الطب والأرصاد والهندسة والمياه والزراعة والبحار والجيولوجيا والكهرباء والطاقة والاجتماع والزراعة والاقتصاد والاتصالات والعلوم العسكرية، وغيرها من العلوم التي تسهم في بناء الدولة الوطنية الحديثة والمجتمع الجديد بعقول وسواعد العلماء المتخصصين والمشتغلين فيها، الأمر الذي لا يستوجب فقط التأكيد على عدم وجود شرعية قانونية لهذه الجمعية، بل والتشكيك بمشروعية قيامها بانتحال صفة التمثيل المطلق للعلماء المشتغلين في مختلف العلوم التي تعتمد عليها الدولة في إدارة شؤون المجتمع وتطوير معيشة وحياة الناس، بينما ينحصر الطابع التمثيلي لهذه الجمعية غير المرخص لها بموجب القانون النافذ ،على عدد محدود من المشتغلين في مجال الوعظ الديني والخطابة والإرشاد في المساجد .
ولا ريب في أن المجتمع المدني يمتلك حقـا مشروعـا في مساءلة الجهات الحكومية المختصة حول الأساس الدستوري أو القانوني لهذه الجمعية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أساس الشرعية في الجمهورية اليمنية ونظامها السياسي الديمقراطي يقوم على الدستور والقوانين النافذة التي تلزم جميع مكونات الدولة والمجتمع المدني بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء والوزراء وقادة أجهزة الدولة والأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات والجمعيات غير الحكومية والشركات والمؤسسات والجامعات العامة والخاصة، ولا يستثنى من الالتزام بالدستور والقوانين النافذة أحد.
ولئن كان النائب المعارض محمد الحزمي قد حرص في تصريحاته الصحفية التي تداولتها وسائل الإعلام اليمنية والعربية على شرح وتوضيح مضمون البيان السياسي الذي سلمه بعض رجال الدين الحزبيين لفخامة رئيس الجمهورية أثناء لقائه بهم بعد صلاة يوم الجمعة 23 / 4 / 2010م، فإن من يتأمل مضمون ذلك البيان بحسب تصريحات الحزمي سيجد أنه انطوى على تهديدات واتهامات خطيرة للحكومة والمنظمات النسائية وبعض الصحف والكتاب تستدعي المساءلة القانونية للذين كتبوا ذلك البيان ووقعوا عليه.
وحتى لا نصادر الحقوق السياسية والمدنية لرجال الدين الحزبيين الذين صاغوا ذلك البيان، حيث يتيح لهم الدستور كمواطنين ممارسة حق التعبير عن آرائهم وأفكارهم ومطالبهم بالوسائل القانونية ، إلا أن ذلك لا يعني بأي حالٍ من الأحوال أعطاءهم الحق في ممارسة الوصاية على الدولة والمجتمع، وإنكار الحقوق الدستورية للحزب الحاكم برئاسة رئيس الجمهورية، ولحكومة الحزب الحاكم برئاسة رئيس الوزراء، حيث يتوجب على الحكومة تنفيذ التعهدات التي ألتزم بها رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي الذي فاز بأغلبية أصوات الناخبين والناخبات في الانتخابات الرئاسية لعام 2006م، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا البرنامج أصبح بعد الإعلان عن فوزه في تلك الانتخابات وثيقة دستورية ملزمة للحكومة.
ومما له دلالة أن يهدد بعض رجال الدين الحزبيين في بيانهم السياسي بتنظيم مسيرة يسدون بها شوارع العاصمة صنعاء، وبسحب شرعية الحكومة إذا أقر مجلس النواب مشاريع تعديل بعض القوانين التي تقدمت بها الحكومة تنفيذا للبرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية الذي تعهد بتطوير المنظومة القانونية للدولة، وتمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في إدارة شؤون الدولة والحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحماية ورعاية الطفولة والدفاع عن حقوق المرأة والطفل، وإزالة كافة أشكال التمييز ضد النساء، بمعنى أن رجال الدين الحزبيين لا يمارسون هنا حقهم الدستوري في التعبير عن آرائهم المخالفة للبرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية من موقع المعارضة، بل إنهم يطالبون بوقف تنفيذه من موقع الوصاية الكهنوتية التي لا يجيزها لهم الدستور، ولا يعترف بها النظام الجمهوري الديمقراطي في بلادنا منذ قيام الثورة اليمنية.
ولما كان معظم وأبرز الموقعين على ذلك البيان السياسي هم رجال دين حزبيون يشغلون مواقع قيادية في الهيئة العليا ومجلس الشورى والكتلة البرلمانية لحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يقود أحزاب المعارضة المنضوية في "اللقاء المشترك" ، فإن المطالبة بوقف الإجراءات الدستورية لمناقشة وإقرار مشاريع تعديل بعض القوانين التي تقدمت بها حكومة الدكتور علي محمد مجور الى مجلس النواب تنفيذا لتعهدات البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية ، تعنى مطالبة رئيس الجمهورية بالتخلي عن برنامجه والتنكر لثقة ملايين الناخبين الذين منحوه ثقتهم لكي ينفذ البرنامج الذي حاز على ثقتهم ، بدلا من تنفيذ برنامج معارضيه الذي سقط في تلك الانتخابات !!!.
صحيح أن رجال الدين الحزبيين الذين سلموا فخامة رئيس الجمهورية (بيان المطالب )، كانوا ــ ولا يزالون ـــ أعضاء قياديين بارزين في الهيئة العليا ومجلس الشورى والكتلة البرلمانية لحزب التجمع اليمني للإصلاح، بما هو الحزب الذي يقود ويوجه أحزاب المعارضة المنضوية في إطار تكتل "اللقاء المشترك".. بمعنى أنهم كانوا ـــ ولايزالون ـــ يمارسون عملا سياسيـا بامتياز، وهذا من حقهم.. لكنه من الصحيح أيضـا أنهم حاولوا إخفاء الطابع السياسي لمطالبهم من خلال التحدث باسم الدين والإيحاء بأنهم يمتلكون تفويضـا إلهيـا لتقديم تعريف أحادي الجانب للشريعة الإسلامية بما هي مصدر التشريعات، وهو ما نلاحظه من المطالب التالية التي كانت محور بيانهم السياسي الذي سلموه لرئيس الجمهورية ، ولم يرد فيها أي ذكر لواجب التصدي لخطر الارهاب الذي يهدد أمن واستقرار ومصالح البلاد والعباد:
1/ إيقاف مشاريع تعديل القوانين التي تتم الآن بضغط وإلحاح من المنظمات الأجنبية وبالمخالفة مع الشريعة الإسلامية.
2/ منع الحكومة من تشجيع الرياضة النسوية و فرض الموسيقى عبر وسائل الاعلام الحكومية، لأن ذلك يخالف الشريعة الاسلامية .
3/ التنديد بإلحاق المرأة في السلك العسكري والأمني والقضائي لمخالفته الشريعة الاسلامية
4/ إيقاف كافة المناشط السياحية، لأنها تؤدي إلى إشاعة الفاحشة والفسوق ، والابتعاد عن الدين والشريعة الاسلامية .
5/ وقف أي نقد لرجال الدين (القديسين) وإحالة كل من يقدم على ذلك إلى القضاء.
6/ منع وزارة التربية والتعليم من تطوير مناهج التعليم، لأن ذلك يأتي – بحسب البيان – خدمة لمؤامرات أجنبية تستهدف إخراج جيل جاهل بدينه وقابل لكل انحراف وفساد ويفقد هويته ويضعف ولاءه لدينه ولأمته (لاحظوا عدم وجود أي إشارة الى الولاء للوطن ) !!!؟؟
7/ إيقاف ومحاسبة عدد كبير من الصحف والكتاب بذريعة الدعوة إلى الفاحشة وغير ذلك من المنكرات التي تؤدي إلى الانحلال وضياع الهوية وانتشار الجرائم وشيوع العصابات وانعدام الأمن ، وطمس الهوية الدينية .
8/ منع أي تشريع لتحديد سن أمنة للزواج بضغط من منظمات محلية وعلى رأسها اتحاد نساء اليمن واللجنة الوطنية للمرأة، لأن من شأن ذلك إشاعة الفاحشة في المجتمع ، ومخالفة الشريعة الاسلامية .
من نافل القول أن واقعة بيان المطالب الذي سلمه عدد من رجال الدين الحزبيين ـــ تحت مسمى ( علماء اليمن ) ــ الى فخامة رئيس الجمهورية بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 23 ابريل 2010م ليست جديدة على الحياة السياسية في بلادنا ، بل أنها تعيدنا الى واقعة بائسة أخرى حدثت قبل عامين ونيف عندما التقى صباح يوم الثلاثاء 15 يوليو 2008م، تحت مسمى ( علماء اليمن ) في قاعة أبولو بالعاصمة صنعاء حوالي ثلاثة آلاف ناشط سياسي من رجال الدين والقيادات والكوادر الحزبية وخطباء المساجد الذين يمثلون الجناح السلفي للتجمع اليمني للإصلاح، بمشاركة مكشوفة من كافة المدرسين والطلاب والعاملين والحُراس في جامعة الإيمان، وبضمنهم مئات العاطلين عن العمل من خريجي هذه الجامعة الدينية، إلى جانب حضور محدود لبعض الشخصيات القبلية ، حيث حاول ذلك الملتقى تأسيس ما تسمى (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) بصورة غير شرعية، وبأسلوب مخالف للقانون الذي لا يجيز إشهار أي حزبٍ سياسي أو منظمة غير حكومية قبل الحصول على ترخيص من لجنة الأحزاب والتنظيمات السياسية أو وزارة الشؤون الاجتماعية، وبشرط حضور ممثل عن إحدى هاتين الجهتين للتأكد من سلامة إجراءات التأسيس وانتخاب الهيئات القيادية في ضوء قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية أو قانون المنظمات والجمعيات غير الحكومية.
واللافت للنظر أنّ مؤسسي تلك الهيئة التي ولدت ميتة بفضل صمود ومقاومة المجتمع المدني لها، حاولوا إضفاء الشرعية الدينية عليها من خلال الزعم بأنها قامت بموجب تكليف إلهي من رب السماء، يسمح لعصبة من رجال الدين المشتغلين في السياسة والعمل الحزبي بإنقاذ سفينة البلاد والعباد من الغرق، حيث زعمت تلك العصبة التي حاولت تأسيس ذلك الكيان غير الشرعي أن البلاد سقطت في المعاصي والحفلات الغنائية والموسيقية والمهرجانات السياحية، وغرقت في الفساد الأخلاقي والرذيلة، بعد أنْ أصبح شيطان النساء ينشر الفسوق والمجون في كل مكان يلتقي فيه الرجال والنساء، سواء في مواقع العمل والإنتاج والمدارس والجامعات، أم في المجمعات التجارية والمطاعم وحافلات النقل العام ومحلات الانترنت والساحات والحدائق العامة، والشوارع والمتنفسات الطبيعية والمطارات والموانئ والمستشفيات والمراكز الانتخابية.
ولم يكتف رجال الدين الحزبيون الذي سعوا قبل عامين الى تأسيس ( هيئة الأمر والنهي ) بهذا القدر الخطير من تفسيق المجتمع والتشكيك في أخلاقياته وفضائله، بل أنهم تطاولوا على الدولة والحكومة ، بالقول إنّها أصبحت تحكم بمناهج كفرية وشركية وإباحية، فيما تعرضت الصحافة لهجوم شرس ، وصل إلى حد اتهامها بالدعوة إلى الحرية الجنسية واشاعة الفاحشة ، تحت مسمى ((حرية الصحافة)) التي قال البيان الصادر عن ذلك الملتقى إنّها تندرج ضمن (( المخططات الصليبية والصهيونية التي تستهدف القضاء على الهوية الإسلامية ليمن الإيمان دولةً وشعباً )) بحسب البيان الصادر عن ذلك الملتقى سيئ الصيت!!
و لازال ماثلا في الأذهان ذلك المشهد الذي رفع فيه كبيرهم الذي علمهم السحر أثناء إلقاء كلمته كتيباً صغيراً، تمّ توزيعه على الحاضرين بتوقيع عدد قليل من رجال الدين الحزبيين وبعض الدعاة وخطباء المساجد، وتضمن فتوى بتحريم (الكوتا) النسائية التي وردت في مشروع التعديلات الدستورية المقدم من فخامة رئيس الجمهورية، ومطالب منظمات المجتمع المدني، وقد زعم الموقعون على ذلك الكتيب أنّ مشاركة المرأة في مجلس الوزراء ومجلس النواب مخالف لشريعتهم، وانها ستؤدي الى انتشار الرذيلة في المجتمع، وستفتح الباب لتسابق النساء على الخروج إلى الانتخابات وانجذاب الرجال اليهن والى زينتهن وروائحهن العطرة، حيث سينشأ عن ذلك فوضى جنسية، كما طالب الموقعون على ذلك الكتيب بمنع المرأة من العمل، لأنّ اختلاطها بالرجال سيؤدي إلى إنشاء عَلاقات عاطفية وجنسية غير مشروعة، وإغراق البلاد بالأولاد غير الشرعيين!!
وعند هذه النقطة يتم استدعاء خبرة الإرهاب ودمجها بأدوات (الأمر والنهي)، ولا بأس هنا أنْ يتم تجميد الشكل الجهادي المسلح للإرهاب، واستخدام إرهاب التكفير وإرهاب التفسيق ضد الدولة والمجتمع، كوسيلة للانقلاب الآمن على النظام الديمقراطي التعددي والاستيلاء على السلطة. وهو ارهاب غريب على مجتمعنا وبلادنا التي لايمكن أن تكون ملاذاً آمنا لأي شكل من أشكال الارهاب،.
والمثير للدهشة أنّ الذين كانوا ـــ ولا يزالون ـــ يخططون لهذا الانقلاب هم من الحرس الكهنوتي القديم في حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يقود ويوجه تكتل أحزاب المعارضة المنضوية في إطار ((اللقاء المشترك)) باتجاه إضعاف الحزب الحاكم، وتمهيد الطريق لإفشال البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية والمؤتمر الشعبي العام الذي حاز على ثقة غالبية الناخبين عبر صناديق الاقتراع، والوثوب إلى السلطة بعد ذلك سواء بالوسائل الديمقراطية التكتيكية التي يمارسها حزب ((الإصلاح)) من خلال تكتل ((اللقاء المشترك))، أم بالوسائل الانقلابية السافرة التي يسعى إلى ممارستها الحرس الكهنوتي القديم في حزب (الإصلاح)) من خلال ما كانت تسمى هيئة (الأمر والنهي) أو من خلال البيان السياسي الجديد الذي تم تسليمه الى فخامة رئيس الجمهورية ، تحت مسمى مطالب ( علماء اليمن ) ، وهو ما يدفع إلى الاستنتاج بأنّ ثمة خلافات داخلية حادة تدور بين الجناحين المدني والكهنوتي لحزب ((الإصلاح)) حول قضايا تتعلق بالديمقراطية والحريات المدنية وحقوق المرأة والموقف من الآخر في المجتمع المحلي والنظام الدولي، أو الاستنتاج بأنّ الخلافات تدور حول الأولويات فقط في إطار توزيع الأدوار بين تيار براغماتي يعمل على توظيف التحالف مع أحزاب ((اللقاء المشترك)) والتواصل مع السفارات والهيئات والمنظمات الدولية بهدف تعظيم فرص إضعاف النظام داخلياً وخارجياً، وبما يعزز فرص الاستيلاء التدريجي على السلطة انطلاقاً من ما يسميه كهنة الإسلام السياسي (فقه التمكين) و(فقه الأولويات )، وبين تيار كهنوتي يضع في أولوية أجندته الأساسية حراسة المشروع الإستراتيجي لحزب ((الإصلاح))، وهو القضاء على النظام الجمهوري وإقامة نظام الخلافة السني بدلاً من نظام الإمامة الشيعي، الذي قضت عليه ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م.
والثابت أنّ الطريقة التي تمّ فيها التحضير لإشهار هذا البيان تحت واجهة ( جامعة الايمان ) انطوت على خطاب سياسي انقلابي كهنوتي يتعارض مع الخطاب السياسي والإعلامي الذي يتولى الجناح المدني في حزب ((الإصلاح)) تسويقه من خلال أحزاب ((اللقاء المشترك)).. لكنّ أغلب ناشطي الجناح السياسي المدني في حزب ((الإصلاح)) حرصوا على أنْ يمسكوا العصا من الوسط ، طوال الفترة الماضية التي سادها نقاش ساخن حول قضية حماية الطفولة وضرورة تحديد سن آمنة للزواج ومنع إباحة نكاح الصغيرة ومفاخذة الرضيعة تحت مسمى الزواج الشرعي ، وهو ما سنأتي اليه في مقال قادم بإذن الله .