قانون ضريبة المبيعات والضرب في خاصرة الوطن
بقلم/ رشيد الحداد
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 15 يوماً
الخميس 30 ديسمبر-كانون الأول 2010 07:52 م

تؤكد المهاترات والاتهامات المتبادلة بين مصلحة الضرائب والغرفة التجارية والصناعية في أمانة العاصمة بأن علاقة شركاء الحياة الاقتصادية ليسوا أفضل حالا من شركاء السياسة، فقبل أن ينتهي العام الجاري 2010م دشن التجار والضرائب عراك العام 2011م عبر لقاءات هجومية متبادلة أكد فيها الطرفان استعداده للمنازلة في العام القادم دون أدنى اعتبار للمصلحة الوطنية العليا التي تقتضي العودة وتغليب العقل على العاطفة وتغليب المصلحة العامة على الخاصة والعودة إلى طاولة الحوار كشركاء اقتصاد لا شركاء سياسة والاقتصاد لا يقبل استخدام الأوراق أو التلويح بها في وجه الآخر كون التداعيات تعود على المواطن البسيط الذي يعيش ظروفاً اقتصادية صعبة ويواجه تحديات شظف العيش وغياب فرص العمل وارتفاع مؤشرات الفقر المدقع..

قبل عدة أشهر أجرت صحيفة الوسط تحقيقا صحفيا حول قانون ضريبة المبيعات والتقت كل الأطراف لمناقشة كل جوانب القضية وتوصلت إلى عدة نتائج، منها ارتفاع مؤشرات التهريب السلعي والتهرب الضريبي من جانب نتيجة غياب التنسيق بين الجمارك والضرائب في الموانئ البحرية والبرية وإصدار أرقام ضريبية لمن هب ودب وصولا إلى أن الموتى يحصلون على أرقام ضريبية وهمية ويستوردون كميات هائلة من سلع ومنتجات ضارة بالاقتصاد الوطني وحولت الأسواق اليمنية إلى سوق غريق بسلع ومنتجات مقلدة ومزورة وغير صالحة للاستخدام ولم تنعكس تلك الحالة على المستهلك اليمني وحسب بل على القطاع الخاص المنظم وعلى الشركات المحلية والمصانع وكافة المنتجات المحلية وتلك الآثار حظيت باعتراف الغرف التجارية كونها المعنية بذلك ووزارة التجارة كونها الجهة المختصة التي لا زالت إلى اليوم فاقدة لدورها ولا تدرك واجبها الحقيقي تجاه المواطن البسيط أولا والمنتجات المحلية الصنع ثانيا، والمثير للجدل أن تسعى الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة دون غيرها للتصعيد ودفع أوراق التهديد بالانسحاب إلى الخارج والتخويف من مغبة التسليم بقانون ضريبة المبيعات أو الإذعان لمطالب مصلحة الضرائب وإصرار الغرفة على آلية المنافذ التي أفقدت الدولة على مدى السنوات الماضية مئات المليارات من الريالات كانت ستحول إلى الخزينة العامة وتحولت إلى جيوب التجار الذين كان لهم الإسهام الأكبر في تفاقم الوضع المعيشي للمواطن البسيط الذي يتلقى صفعة تلو أخرى من تجار المغالاة والاستغلال في سوق لا يعرف الحرية إلا عندما يريد التجار ذلك والحقيقة أنه سوق محتكر غير متوازن تنقصه أخلاقيات السوق الحر، ويعد من الأسواق الأكثر عبثية في الوطن العربي إن لم نقل في دول العالم الثالث والدليل على ذلك سعي التجار دوما لاستغلال المستهلك المغلوب على أمره من جانب والتلاعب بحق الدولة في الحصول على الضرائب منها الضريبة العامة على المبيعات التي تم تخفيضها من 10% إلى 5% فقط بعد صراع طويل يعود إلى العام 2001م وتم تعديل العديد من مواد القانون عام 2005م إلا أنه لم ير النور بسبب رفض التجار تنفيذه ضمنيا وتنفيذ الياتة المباشرة ، وما يزيد الأمر غرابة هو التناقض الكبير في موقف الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة حول آلية القانون التي سبق الاتفاق عليها قبل عدة سنوات برعاية دولية على أن يتم تدريب فريق عمل بمشاركة مشرك يمثل المصلحة والغرفة وعدة خطوات تصب في مصلحة التجار وتبدد المخاوف من غول الفساد والابتزاز كأثر جانبي من أثار تطبيق آلية تنفيذ قانون ضريبة المبيعات ، ولكن تنصل التجار عن كل الاتفاقات الثنائية وفي ذات الوقت يؤكدون عدم رفضهم لقانون ضريبة المبيعات ويراهنون على المحكمة الدستورية للحكم في عدم دستوريته ، وبدلا من أن يسعى الطرفان لتطبيق الخطوات العملية للاتفاق عادا إلى مربع المهاترات والاتهامات والتحذيرات المتبادلة ، وما يزيد الأسف أن أحد التجار لم يجد وسيلة لتجريم الضرائب كمصلحة حكومية إلا بتقديم شكوى لمسئول كبير في السفارة الأمريكية الذي أوصاه بالصبر وإن كان من حق الدولة أن تحسن من مواردها وأن تغلق كل قنوات التلاعب والتهرب والتهريب، فمن واجبها حماية التاجر والمستثمر والقيام بكافة واجباتها القانونية حسب قانون الضريبة العامة والقوانين النافذة كان على الغرفة التجارية والصناعية في الأمانة أن تسعى إلى تنفيذ الاتفاقات السابقة الموقعة مع الضرائب وأن تترفع عن لغة تخويف التجار من تنفيذ الآلية المباشرة لتطبيق ضريبة المبيعات خصوصا وأنها تعلم أن ما يزيد عن 60% من السلع والمنتجات المتواجدة في الأسواق سلع مهربة ولم تخضع لأي معايير رقابية بسبب فشل الغرفة التجارية والصناعية في حماية القطاع الخاص المنظم ومساهمتها في تنامي ظواهر الإغراق الاقتصادي والتقليد السلعي واختلال السوق وهنا يطرح السؤال نفسه بعد أن أجمعت كل الغرف التجارية في عدن العاصمة الاقتصادية والحديدة وإب وذمار وتعز وحضرموت على تطبيق قانون ضريبة المبيعات فهل ستجمع غرفة تجارة وصناعة أمانة العاصمة ، أم ستظل تمانع وتدير أزمة ضريبة المبيعات؟

*المحرر الاقتصادي في صحيفة الوسط