مأرب : المحافظة الحاضرة .. الغائبة
بقلم/ ياسمين علي القاضي
نشر منذ: 15 سنة و أسبوعين و 5 أيام
السبت 24 أكتوبر-تشرين الأول 2009 08:28 م

كان في اعتقادي – كإحدى فتيات محافظة مأرب أو أبنائها عامة – أن المحافظة ستكون أفضل حالاً ، إذا ما تقلد المأربيون مناصب إدارة محافظتهم بأنفسهم ، حيث وهم أقدر على معرفة إمكانيات واحتياجاتها .. أنا هنا مع ذلك لا أجزم بعدم نفعية من يديرون مناصبها عليها ، كما أتمنى ألا يفهم اعتقادي هذا بأنه دعوة إلى مناطقية أو إلى انغلاق وتعصب ، حاشا الله .. كما أنني لا أنكر جهود نماذج حية في أكثر من محافظة قامت على خدمتها ، على الرغم من عدم انحدارها إليها فكلنا في النهاية أبناء وطن واحد ، وإنما اعتقادي كان على الأقل من باب أن " الأبناء أولى بأمهاتهم " .

وعلى كل حال ، فلقد ذهب ذلك الاعتقاد مع الريح ، حين جاءت الأيام بما كنا نصبوا إليه ، و فاجأتنا بما هو أفدح ، فها قد أصبح المحافظ مآربي وأمين عام المجلس المحلي أيضا وكذلك مدير مكتب التربية والتعليم ، ومدير مكتب النفط, وغيرهم من مدراء مكاتب الوزارات ، وحتى ممثلي وقيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية وعلى رأسها الحزب الحاكم في المحافظة تمأربوا - إن جاز لي التعبير ، ومع ذلك فلا شيئ تغير باستثناء أشياء بسيطة لا يستحق ذكرها في هذا المقام .

وأما الصورة الكاملة من وجهة نظري هي إن الواقع أثبت لنا عكس ما كان نتوقع ولم يكن أبناء محافظة مأرب " بأحن " عليها من غيرهم و أصبحنا نعيش حال قول الشاعر الذي قال " رب يوم مضى بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه".

فعلى سبيل المثال كيف تناسى مسئولي المحافظة من أبنائها مسألة أن تعطى نسبة عادلة من مواردها أسوة بغيرها من المحافظات اليمنية ؟ ، لن أكون حادة في طرحي ، و سأوفر عليهم ذكر عدد من تلك المبررات التي ربما تكون حقيقية وهي : هل لأن موارد المحافظة بطبيعتها دخل سيادي أصبحت شحيحة ، أم لعدم توحد الجهود بين قيادات المحافظة في مطالبة الحكومة بمساواة محافظة مأرب بغيرها من المحافظات في مجال التنمية ، أو هو لعدم التنسيق الجهود بين قيادة المحافظة والشخصيات الفاعلة فيها بالضغط على الدولة للطلب بتخصيص نسبة عادلة من مواردها ، التي تعود كدخل قومي للوطن ، لصالح تنميتها وتحسين أوضاع أبنائها المعيشية وبمساواتها على الأقل بمحافظة عمران ، التي تأخذ %10 من مصنع الإسمنت .

فمصفاة مأرب شأنها شان مصنع الإسمنت كونها تنتج المشتقات النفطية التي تنشر التلوث البيئي والتي كانت بحسب أطباء وراء إصابة العديد من المأربيين خاصة القريبين منها بأمراض السرطان والجهاز التنفسي .

أنا لا أطالب بأن تكون مأرب أفضل من غيرها من محافظات الجمهورية بل أن تكون في الحد الأدنى من بقية المحافظات في مجالات التنمية

المختلفة الأساسية كالكهرباء والماء والصحة والصرف الصحي والتعليم ، والتي مازالت غائبة على كثير من مديرياتها .. إلى متى سيظل هذا الإهمال بحق هذه المحافظة التي تمثل تاريخ اليمن وحاضره ؟.

لابد أن يكون لنا عائد من واردات النفط لأننا المصدر الأول لهذه الثروة وبرغم من ذلك نحن المتضررون الوحيدون من التلوث البيئي الناتج عن إنتاج النفط فما الذي استحقته المحافظة نتيجة لهذا العطاء .

كما لا بد أيضاً أن يكون لها نصيب من الاهتمام بالسياحة فمأرب هي المحافظة التي تحتضن التاريخ وتجتذب السواح من كل بقاع الأرض إلى اليمن ولكن هذا لم يمنحها نصيباً من العناية والاهتمام من التنمية التي تستحقها من قبل الدولة والسلطه المحلية وايضاً أهالي المحافظة.

لابد علينا كأبناء لهذه المحافظة المحرومة أن نعمل بضمير حين نتقلد مناصب فيها ، لا أن نجعل مصالحنا هي من تسيرنا لنغيب مصالح أبناء المحافظة عامة .

 

أرفع كلامي هذا للسلطة المحلية ، ممثلة برئيس المجلس المحلي الوالد المحافظ والأمين العام ومدراء المكاتب التنفيذية ، وعلى وجه الخصوص مدير عام مكتب التربية والتعليم ومدير مكتب النفط وممثلي الحزب الحاكم خاصة لأنهم المعنيين بالقيام على ازدهار المحافظة وبنائها .

أخيراً : ربما قد نلتمس العذر بعد ذلك لمن يقوم بارتكاب ممارسات غير قانونية للضغط على الدولة بتنفيذ مشروع ما وهذه ليس دعوة مني لذلك بل العكس لا نريد الدولة أن تشجع على ذلك ، بل نريدها أن تقابل بحزم كل من يسيئ لأمنها أو سمعتها وعادات وتقاليد أبنائها الأصيلة .. و أنا هنا أتمنى من الدولة بل ومسئولي مأرب من أبنائها قبل ذلك ألا يستمروا في غض الطرف عنها .

إلى رئيس الجمهورية:

سيدي الرئيس: حان الوقت لتنظر بعين الواجب إلى مأرب .. هذه المحافظة التي لطالما بادلتك الوفاء وقدمت الغالي والرخيص في سبيل النهوض بهذا الوطن .. ألا يستحق أبنائها لنسبة من دخلها ( دخل سيادي) بنظر قيادة المحافظة لتمكنهم من تحقيق الحد الأدنى من مشاريع التنمية .