المجاعة والتجويع علامة مسجلة في اليمن
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر
الإثنين 18 يونيو-حزيران 2012 04:24 م

تعيش هذه الأيام بلادنا اليمن مرحلة تتسم بالدقة والخطورة بالمعنى الحقيقي لكل كلمة والسبب يعود لمرحلة العلاج ان جاز التعبير التي تمر بها البيئة السياسية للعلاج من حالة التسمم الحاصل في بلادنا نتيجة حكم فاشي فاسد لم يسبق ان مر على اليمن مثل هذا النظام المثقل بالتشوهات والانحرافات السياسية والاقتصادية والفكرية التي قتلت الهوية اليمنية وساهمت في تفتيتها ... فكم سمعنا من هذا النظام البائد وهو يتكلم عن موائد الوطنية وحب الوطن فشبعنا فقرا وحاجة وعوزا .... كيف وهو نظام أمعن و أدمن التسول باسم اليمن ومشاكله التي هي من صنعه بإفتخار ليبقى شعبه جريحا تحت النار قابعا تحت رحمة الأقدار.

تلك السياسية المسمومة التي استهدفت بسهامها الإضرار بالشعب اليمني ليضل قابعا تحت زوابع الفقر والحاجة وتوابعهما فوصلنا الى مرحلة متأخرة من التخلف المعيشي والإجتماعي فحصدنا المجاعة أوالتجويع بالأصح تلك العلامة المسجلة تحت قائمة انجازات نظام صالح ذلك النظام الفاسد الذي أُسس على ايدلوجية قبلية عسكرية عائلية أرهقت الشعب اليمني طوال سنوات عجاف امتدت أكثر من 3 عقود ومازلنا نعاني منها حتى يومنا هذا .

لم تكن تلك الكوارث التي دائما تهب على اليمن بمناسبة وبغير مناسبة الا نتيجة لسياسة نهب ثروات اليمن الطبيعية وتبذيرها والعبث بها كيف و هي احد سمات و منجزات سادس الخلفاء الراشدين كما يحب ان يسميه أنصاره .... كيف وقد أصبح اليوم أكثر من نصف الشعب اليمني في حكم المؤكد تحت خطر المجاعة وسؤ التغذية والأخطر من ذلك هو وصول اليمن الى مرحلة حرجة من نضوب احتياطي المياه الجوفية في اليمن وما يمارس من حفر عشوائي ..فالغريب والمضحك معا ان نجد ان الهند التي يزيد سكانها عن اليمن 60 ضعفا لا يملك سوى 100 منصة لحفر المياه الجوفيه بينما اليمن يوجد فيه 800 منصة حفر تعمل فأين هي تلك الحكومة التي ظلت مشغولة وهي تمارس سياسية التسلط والنهب وإشعال الفتن عن هذه الكارثة في ظل وجود 99% من عمليات الحفر الغير مرخصة في وطننا اليمن .

لم نكن لنصل الى هذه الكارثة لولا سياسية الإفلاس الأخلاقي والمهني في ظل منهج ممارسة سياسية التجويع من قبل عصابة الحكم السابقة وهي تسيء وتستغل استخدام الملف الاقتصادي في اليمن ونحن نرى واقعنا كيمنيين بشكل مؤلم ومخجل لا يعكس حقيقة تاريخ اليمن العظيم .

نعم لقد حصدنا في اليمن نتيجة لا خلاف عليها وهي حقيقة واضحة المعالم جعلت مصير الشعب اليمني برمته يرزح تحت خطر يهدد بقاء ملايين اليمنيين على هذه الحياة ويجعلهم خارج اطار القوى الفاعلة في بناء اليمن فلا بناء ولا مجال في حتى ان نفكر بإعادة تأهيل اليمن في مجالات الحياة وأكثر شعبها بين مطرقة الفقر وسندان الجوع .

فسبحان مغير الأحوال فمن بلاد السعيدة التي حباها الله بكثرة الأمطار وخصوبة أرضها الى بلاد المجاعة والكوارث تنتظر المساعدات والهبات من الخارج ومن يطعمها فهل هذا يتناسب مع تاريخ ارض الجنتين !!!!

كارثة المجاعة في اليمن لم يكن سببها الجفاف وقلة الأمطار وتغيرات مناخية جيوفيزيائية بل بسبب نظرية طبقها النظام العائلي السابق وهي سياسية صناعة الفساد والكوارث وتسويقها للخارج من اجل جني الأرباح وملىء الجيوب على حساب كرامتنا ومعاناتنا كيمنيين حتى تعاطفت حكومات وشعوب الخارج اكثر من صانعي المجاعة في بلدنا اليمن .

وحال واقعنا يقول إلى متى ؟

لم يبقى سوى أسابيع قليلة ويأتي شهر رمضان الكريم ويلحقه عيد الفطر المبارك ثم يعقبه عام دراسي جديد ومتطلبات مالية استثنائية والوضع الاقتصادي في اليمن على مشارف دخول مرحلة الإفلاس خصوصا أن الأزمة الاقتصادية عصفت بحياة الفقراء في اليمن فمن توقع ان يكون بلد مثل اليمن يحمل في باطنه ثروات البترول والغاز وبحره المليء بثروة سمكية لا نظير لها وتربة خصبة تؤهل هذا البلد ليكون بوابة اقتصادية قوية وبعد كل هذا نجد ان الفقر قد وصل به الى مرحلة وصلت الى نسبة تجاوزت 70% من المجتمع اليمني .

اذا لم يتم السيطرة على الملف الأمني والسياسي فسيرمي بظلاله على الملف الاقتصادي ونجد أن اليمن البلد الواقع في قارة أسيوية قد أصبح أول دولة تحمل ملامح افريقية ويتحول الى صومال آخر .

جميع اليمنيين يسال متى تستقر الأمور ؟

معظم اليمنيين تعطلت أعمالهم وأنشطتهم المعيشية جراء الانفلات الأمني ومحاولات بقايا النظام عرقلة كل الجهور الرامية لخلق حالة استقرار تكون مدخلا لرؤية نور الحرية والرخاء المعيشي ومخرجا من نفق الفقر والقلق والخوف الذي كان مسيطرا على عقول وقلوب اليمنيين بسبب الأوضاع المتصاعدة والتي أثرت على حياة الأسرة اليمنية التي خلقت لها هموما أخرى لم تكن في حسبان تلك الأسرة التي تجاهد ليل نهار من اجل لقمة العيش .

ظلت بقايا النظام مراهنا على ورقة تجويع الشعب اليمني ليكسر بها ثورته فكل المناورات السياسية والتلاعب بارواق النظام من القاعدة والنزعات الانفصالية وإلهاء الشعب اليمني في ثارات وخلافات مذهبية ومناطقية والمماطلة في الالتزام بقرارات الشرعية للرئيس هادي كلها من اجل توسيع دائرة عدم الاستقرار لينعكس على الحالة الاقتصادية فيزداد الفقير فقرا والبائس بؤسا ليصل بالبلد نحو إفشال ثورته والانتقام منه أيضا .

حقيقة أصبح من واجبنا كسر حجر الحزبية المنغلقة والخروج من نطاقها الضيق ونلتفت الى اليمن و الشعب اليمني وأغلب شرائحه المبحوحة من صرخات الجوع وآلامه .... فما نريده من رجال المال اليمنيين في الداخل والخارج ان يكونوا عند المسئولية الوطنية والدينية معاً تجاه شعبهم فالوطنية ممارسة وليست شعار وكلام نخرجه من أفواهنا لنسمع به الآخرين فقد حان الآن الوقت ودون تأخير لترجمة معنى الوطنية وسَيُسجل التاريخ في صفحاته من ساهم لرفع معاناة أمته في ظل محنتها .

أخيرا : أتمنى من صميم قلبي ان تنجلي كل المحن التي تمر بها بلادي اليمن ومنها قضية المجاعة التي لم تكن وليدة اللحظة بل كانت مؤشراتها منذ انحسار وتأكل الطبقة المتوسطة في المجتمع اليمني وانهيار مؤسساته الاقتصادية والوطنية والأمنية وتسخيرها لخدمة العائلة والقبيلة التي حكمت ونهبت وظلمت شعبها