أجمل وأسوأ ما تحدث عنه هادي في كلمته
بقلم/ علي العقيلي
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 20 يوماً
الأربعاء 28 أغسطس-آب 2013 05:08 م

كانت كلمة الرئيس عبد ربه منصور هادي كلمة شاملة كاملة لعدة أحداث مرّت بها البلاد خلال عامين وتزيد ، كما تضمّنت عدة إشارات منها ما أشار فيها إلى نفسه فيها وأغلبها ما أشار فيها إلى سلفه ، كما تحدث عن العديد من الحقائق واقعية وغير ذلك منها ما أصاب في الصميم ومنها ما لم يصيب ، وكان من ضمن ما تحدث عنه الرئيس هادي في كلمته عن المتباكين على انتهاكات الطائرات الأمريكية لأجواء صنعاء بحجة أن ذلك انتهاك للسيادة اليمنية ، فسخر هادي من أولئك ، وهذا أجمل ما ذكر هادي في كلمته فقد أصاب الهدف في العمق عندما تساءل الم تكن الطائرات بدون طيار تضرب من قبل في أبين وفي حضرموت وفي مأرب وفي الكثير من الأماكن، إلا إنها عندما وصلت إلى بعض المناطق قالوا هذا اختراق للسيادة الوطنية الم تكن السيادة على كل شبر من أرض اليمن أم أن السيادة في مكان معين من أجواء اليمن ؟! .

وهذا ما كان يحز في نفسي منذ خبر أول تحليق لطائرة بدون طيار الأمريكية بأجواء العاصمة صنعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان المنصرم فكم كنت أتعجب عندما رأيت وسمعت عن تلك الضجة الإعلامية والشعبية إزاء تلك الانتهاكات وكأن طائرات أمريكا لأول مرة تنتهك سيادة اليمن أو كأن اليمن فقط صنعاء وما سواها من المحافظات خارج اليمن أو ليس من اليمن .

وفي غضون ذلك التحليق في سماء العاصمة كانت الطائرات الأمريكية تقصف في عدة محافظات يمنية تفحّم جثث العشرات من أبناء اليمن وتنثر أشلائهم ولم نرى أي غضب شعبي أو استنكار لتلك الانتهاكات الصارخة التي وصلت إلى حد القتل والتنكيل وليس فقط تحليق العبور ، حتى لم نسمع أي انتقاد إعلامي لتلك الانتهاكات ولم يحدث الإعلام اليمني أي ضجيج كما أحدثه على عبور الطيران الأمريكي سماء العاصمة ، وأكبر من ذلك لم يكتفي بالصمت إزاء تلك الانتهاكات بل دأب الإعلام اليمني ككل على نشر الخبر بطريقة أمنية تتحدث مقتل عدد من عناصر القاعدة في غارة لطائرة أمريكية دون التحدث عن انتهاك السيادة ، وهكذا أعتاد الإعلام اليمني إزاء كل غارة وانتهاك لا يحتاج إلى تحرير الخبر الجديد سوى تغيير مكان الغارة وعدد القتلى .

وبهذا الإداء الخاطئ للإعلام اليمني أصبح إعلام منزوي ومحصور داخل حدود مقر إقامته لا يرى إلا ما يحدث داخل مربعه الضيق لهذا أصبح يكيل بمكيالين فمقتل عدد من اليمنيين على يد طائرة أمريكية في شبوة أو مأرب أو حضرموت أقل وزناً وأصغر جرماً من تحليق طائرة بدون طيار بسماء صنعاء ، وهذا ما أثبته الإعلام اليمني عنه عند تغطيته لتحليق طائرات أمريكية بأجواء صنعاء في الوقت الذي كانت الطائرات الأمريكية تنفذ عدة غارات في كل من مأرب وشبوة وحضرموت والضالع وأبين ، فجعل من تحليق الطائرة بصنعاء العنوان الأحمر العريض ويبدأ بالخوض في تفاصيله وفي آخر الخبر يذيل له خبر قتلى غارات شنتها تلك الطائرة في تلك اللحظات في إحدى تلك المحافظات .

بسبب الإعلام اليمني الذي لا يرى سوى ما يحدث بالقرب منه سمع العالم عن تحليق مؤقت لطائرات أمريكية بسماء صنعاء أواخر رمضان لكن لم يسمع عن تفحم جثث العشرات في شبوة وحضرموت أواخر رمضان كما لم يسمع عن تناثر أشلاء ثلاثة أشقاء بمأرب كانوا على متن سيارتهم ليلة عيد الفطر المبارك ، كما لم يسمع العالم عن التحليق المستمر لتلك الطائرات بعدة محافظات يمنية أيام وليالي بلا توقف يصحوا ساكنيها ويستيقظون على أزيزها ، على العموم هذا الأداء السيئ للإعلام اليمني جعل من سيادة اليمن في سماء صنعاء وصوّر اليمن صنعاء فقط وما سواها من المحافظات ليس من اليمن في شيء ، وربما يكون هذا الإخفاق الإعلامي ليس بقصد ولكن بسبب قصور خبرة في كيفية تغطية الأحداث على رقعة وطن واحد وتمييز الأولى بالنشر والاهتمام .

هذا بالنسبة لأجمل ما تحدث عنه الرئيس هادي ، أما بالنسبة لأسوأ ما تحدث عنه استبعاده القاطع للحوار مع القاعدة عندما قال لا حوار مع من يحمل السلاح حتى يتخلى عنه ، وهذا يتناقض مع ما يجري على أرض الواقع فماذا يرى هادي الحوثي يحمل ؟ ربما يحمل كتب وأقلام ، كيف يمضي مع الحوثي في الحوار ويسمح له المشاركة في الحوار الوطني على الرغم من تمسكه بسلاحه ومضاعفته بل واستخدامه في توسيع نفوذ سيطرته واحتلاله لليمن واستباحة دماء اليمنيين مواطنين وعسكريين ؟ فلماذا لا ينضوي الحوثي الإرهابي المسلح تحت ذلك الشرط الشرعي ويقوم بتسليم سلاحه للجهات الرسمية ويعود مواطن صالح ومن ثم تتحاور معه الدولة ، لا نقول تعلن عليه الحرب كما أعلنتها على القاعدة ولو أنه أعلن الحرب على الشعب اليمني ويمارسها ، ولكن نقول لماذا التحاور مع قاتل شاهر سلاحه متمرد خارج عن النظام والقانون ؟ لا جواب لهذا السؤال غير أن تنظيم القاعدة ترى أمريكا بأنه شأن دولي يهدد أمنها ولو أنه شأن يمني داخلي ، فيما ترى أن الحوثي جماعة لا تهدد أمنها بل تخدمها من خلال تمزيق اليمن وإثارة الطائفية بين شعبه ، لهذا تصر على إرغام الأنظمة اليمنية المتعاقبة على إشراكه في نظام الحكم والحوار معه بغض النظر عن تمرده وإرهابه ضد الشعب اليمني والدولة ليحصد المزيد من أرواح أبناء اليمن ، كما تصرّ على إقحام اليمن في حروب لا نهاية لها مع القاعدة لتحصد أرواح الآلاف من اليمنيين عسكريين ومدنيين .