أفاق الشعب من سباته الطويل
بقلم/ هناء ذيبان
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 12 يوماً
الإثنين 04 إبريل-نيسان 2011 09:29 ص

تخطانا الزمان سريعا, ونحن نرزح تحت نظام شاخ.. نلعق بقايا شعارات الأزمنة البائدة والحقب الفاسدة.. شعارات من قبيل القائد الملهم .. والقائد الضرورة .. والقائد الحكيم.. والزعيم الأسطورة .. وغيره من ألقاب, فاقت في معانيها الأحجام والقدرات البدنية والذهنية والعقلية, لمن تقلدها أو من قلدها نفسه, وفرضها على رعيته, حتى أنه صار هناك فارق هائل كالأخدود, بين حزمة الألقاب التي يحملها هذا القائد على كاهله وعلى رأسه, وبين فاعليتها أو واقعيتها, وذلك بالنظر إلى الشعب الذي جعله بين يديه, وبين رجله, ومن خلافه, قطيعا هائما, شاردا, واهنا, ضعيفا ضربه المرض, وأمرضه الجهل, وجهله الاستبداد, واستبد به البطش, وهوى به ذله واستكانته واستسلامه لمهووس يبتغي مجداً لنفسه, و موسوس مرتاب, أقام في ربوع وطنه سلخانات , يسلخ, ويشوي, ويسجن, ويسحل, ويعذب كل من يعتقد أنه ينظر أو يتطلع إلى كرسيه ..

حاكم انفتحت له كنوز الطبيعة, فبعثرها وبذرها ونثرها على ملذاته, وعائلته والحاشية, وقوافل من المتملقين والمنافقين والمتسلقين, يقطعون ربوع الأرض, تنزف ورائهم آلاف الملايين من قوت الشعب, ليقضوا وطرهم في بلاد السياحة والاستجمام!! بينما شعبه من ورائهم تجأر بالشكوى جوع وإملاق, ونقص في الأموال وفي الثمرات والأولاد, الذين لا يجدون حليباً أو دواء أو قلماً, أو حتى يبقيهم على ناصية الحياة الكريمة .

شعب استكان واستسلم لمستبد ظالم, بدأ شبابه بالثورة ضد الظلم والفساد, فإذا ما سقطت تحت يده البلاد, فاق ظلمه كل ظلم, وفاق فساده كل فساد, وزع خيرات بلاده بين بين أيادي زمرة لا تزيد عن حفنة بكلتا اليدين, وانقلبت البلاد من بين أغلبية كاسحة من الشعب المترنح بين فقر مدقع وظلم مفزع, وبين حزب ونظام متربح من دماء ومال وأراضي وخيرات الشعب المسكين ..

نظام حكم, ربط مستقبل ومصير شعبه, بأمزجته الشخصية, وساديته الشاذة, وطيشه الأرعن, فاستأثر أبنائه وأبناء أخوته وحاشيته النافذة, بأغلبية المناصب الهامة والحساسة وذات العائد, والسيطرة الشاملة على المال العام, بينما ينحشر باقي الشعب في الوظائف الهلامية والوضيعة وغير ذات العائد ..

هذه بعض حصيلة نظام مريض, ظل قابض على أنفاس شعبه 33 سنة, لا يتبدل أو يتغير, حتى صرنا نرى وزارات يزيد عمرها على العشر سنوات وأكثر, ووزراء عاصرو جيلين, لا يتبدلون ولا يتغيرون..

 تكلست الحياة, وتيبست أوصال النظام, وتوقفت حياة الشعب عند مرحلة معينة, بينما العالم من حولنا يهرول نحو كل جديد, اختراعات وابتكارات, و تغيير نظم, وإعادة تشكيل أوجه الحياة, واتحادات مبنية على المصالح المشتركة, وولوج كل طريق نحو الرفاهية والتقدم, بينما نحن نغط في نوم عميق, وتأخر سحيق, و سبات مزري, فكان لا بد مما لا بد منه, وهو إعادة الشعب هيكلة نفسه من جديد, ونفض ذلك النظام البالي كماً وكيفاً, وصياغة ما يشبه العقد الاجتماعي الجديد, وفق مبادئ الديمقراطية والحرية, وفي أطر من عقيدته (السليمة) غير المشوبة بخبل العقول المريضة, من الذين توقف بهم الزمن عند الحفظ دون الفهم, ليسيطروا على عقول الناس باسم العقيدة والدين, والذين أخرجتهم قناة اليمن وسبأ من تحت الأرض, حتى يمكنوا النظام المستبد من مسك لجام الشعب المسكين المستكين, وليعيشوا هم على بساط هناء العيش, ورغد السلطة, متاجرين بمشاعر وعقائد بسطاء الناس, لصالح طغمة باطشة, مستبدة, ظالمة ديكتاتورية..

لقد قرر الشعب تغيير هذا النظام, وأعلن وفاته, فأصبح السقوط محتوم...محتوم...محتوم...