اللي بعده ..
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و يوم واحد
الأحد 13 فبراير-شباط 2011 06:01 م

عندما كتب احد الظرفاء قائمة العشرة المبشرين بجدة كان حسني مبارك هو الرجل الثاني بعد زين العابدين الذي سبق الجميع إليها وقد نال حسني هذه البشارة وتمكن أخيرا من أن يخلص جسده من ذلك الكرسي الذي أثار حيرة المصريين حتى دفع إتحاد النجارين في مصر إلى مناشدة الريس أن يفصح عن نوع الغراء الذي يستخدمه والذي جعله يلتصق به كل هذه الفترة رغم كل محاولات الخلع ...

لن نسرد القائمة بالتأكيد فالأعمال بالخواتيم ولا نريد أن نزكي أحد ..

لكن الواضح أن معظم الأسماء تحمل معها معاني الخيرية والصلاح والتقوى والبركة فمن ( زين ) ( العابدين ) إلى ( حسني ) ( مبارك ) إلى ( البشير ) وهلم جرى ...

ولم يتبق الآن إلا أن نترقب لنرى البقية ونرى شعبا آخر يعقد حلقات الدرس ليفهم رئيس جديد ، فحسني مبارك كرر كثيرا كلمة ( أنني أعي ) في خطاباته الثلاثة كما كرر بن علي حامل لواء الفاهمين كلمة ( فهمتكم ) في خطابه الأخير ، ورغم تكرار حسني لكلمة إنني أعي لكن كل تصرفاته كانت تقول أنه فاقد الوعي ..

سيعقد شعب جديد درس محو الأمية السياسية والوطنية لقيادته وسيستمر الدرس مدد تختلف حسب قدرة الزعيم على الاستيعاب وكذا نوع الرفقة ، فأصدقاء السوء والبلطجية يعيقون عملية الاستيعاب ويؤخرون التعلم بسرعة ويجرون الزعيم نحو السقوط ، كما أن قدرة الشعب على الشرح والتوضيح والتلويح بالعصا تساهم كثيرا في تقصير مدة الفصل الدراسي ...

حسني مبارك كان فاشلا بكل المقاييس ولذلك فقد استغرق إيصال المعلومات له وقتا طويلا والسبب هو عناده الذي دفعه إلى الهروب وترك غيره يقول عنه ( فهمتكم ) ..

المشكلة الكبيرة أن بقية طلاب مدرسة الزعماء المشاغبين لم يستفيدوا من دروس يناير ونوفمبر وكل واحد منهم يحتاج درس خاص له شخصيا ، مع إن الدرس كان عاما للجميع ، لكن يبدو أنهم جميعا ذوي احتياجات خاصة ولا بد من تدريسهم كلٍ على حده .

الأمريكيون والأوربيون التقطوا الدرس بسرعة فائقة وعرفوا أن هذا العام هوعام الشعوب وبدأوا يرسلون الرسائل ويبعثون بالوفود إلى بعض الحكومات يدعونهم إلى الفهم المبكر والمذاكرة ومفاجأة الشعب بالنجاح قبل أن تعقد حلقة الدرس في احد الميادين العامة ، لكن للأسف الجميع يتحجج انه مختلف عن البقية ، وكلما سقط واحد قال الذي يليه نحن نختلف ، والحقيقة هي أنهم يختلفون في الفهم وفي المدة الكافية للاستيعاب ، أما السقوط فهو نتيجة حتمية لكل من لا يريد أن يفهم ...

الذي يعتقد أن مصر هي آخر المطاف فهو واهم والذي يراهن على الخصوصية المحلية واهم ، والكيس الفطن من اعتبر بغيره وهم كثر من الشاه إلى ماركوس إلى تشاوشسكوا إلى سوهارتو إلى زين العابدين إلى حسني مبارك ...

الفهم المبكر سيكون قليل التكلفة ، و يعطي مجالا لحرية الحركة ، المسألة لا تستدعي كل هذا الخوف ، فقط وقفة صادقة ضد الفساد والمفسدين ، التخلي عن فكرة الاستئثار بالسلطة والثروة ، والعمل لأجل الشعب وإعطاؤه حقوقه في الحرية والديمقراطية ..