الحلف والإمساك بزمام المبادرة
بقلم/ عبدالرحمن الراشد
نشر منذ: 8 سنوات و 11 شهراً و يومين
الأربعاء 16 ديسمبر-كانون الأول 2015 11:45 ص
حتى الألمان، الذين اختاروا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سياسة تجنب الحروب، قرروا خوض الحرب ضد التنظيمات الإرهابية، وإرسال قوة عسكرية إلى سوريا. وسبقهم الروس، الذين تجرأوا على إعلان الحرب في سوريا، وفرض رؤيتهم السياسية في المنطقة والعالم.
وبسبب هذا الفراغ الدولي والإقليمي، قررت دول في العالم أن تتحرك ضد من يسمون أنفسهم مسلمين، ومقاتلة جماعات تسمي نفسها دولة إسلامية، مثل «داعش»، ولم يعد ضررها يقتصر على مناطق النزاع فقط، بل صار التطرف والإرهاب خطرا على المسلمين وعلى المجتمع الدولي.
نحن سعيدون أن الرياض، عاصمة العالم الإسلامي، تحركت، وقررت أن تمسك بزمام المبادرة وسط هذا الفراغ، وتكافح الجرثومة التي تنتشر سريعا في كل القارات. فالعدو الأول اليوم في العالم هو إرهاب التنظيمات الإسلامية. مهم جدا أن يكون هناك تحرك، وعدم ترك مسؤوليتنا يتولاها غيرنا، يقرر ويرسم هذا الغير خريطة العالم الفكرية والسياسية. فنحن لن نتفق مع الروس، مثلا، على تصنيف الإرهابيين، ولن نقبل بالتصنيف الطائفي الذي نسمعه حديثا من واشنطن، ولا يمكن الجلوس على قارعة الطريق نتفرج على هذا التخبط، وادعاء كل طرف أنه من سيحارب التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم.
والجيد أن التحالف العسكري للدول الإسلامية، الذي أعلنه ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ظهر ليس فكرة، أو اقتراحا، بل مشروعا متكاملا، فمعظم العمل قد أنجز بتكوين الحلف الذي انضمت إليه معظم الدول الإسلامية، 34 بلدا حتى الآن من 52 دولة إسلامية. وبالتالي، ولد اليوم أول حلف عسكري للدول الإسلامية التي تستطيع أن تقول إنها المعنية، وصاحبة مشروعية محاربة الجماعات التي تستخدم الإسلام لنشر الفوضى وتهديد المجتمعات.
لا بد في هذا العصر من التقدم إلى الأمام، وعدم الانقياد إلى الآخرين. العالم الإسلامي دائما موجود في رابطة سياسية، لكن لم يحدث أن اجتمعت في حلف عسكري، ونجاح السعودية في بناء الحلف العسكري تطور مهم تنتظره أحداث كبرى. ويبدو من القائمة وردود الفعل أنه مشروع يقوم على شرعية دولية. فإيران حاولت بناء تجمع يمثلها في حربها في سوريا والعراق، لكنها فشلت، لأنه كان مشروعا طائفيا عدوانيا، واتضح في الأخير أنه تجمع للمليشيات وليس للدول.
بالنسبة لحلف الرياض العسكري الإسلامي، فأمامه مجالات واسعة للعمل، ولا أتصور أن هذا الحلف ينوي خوض معارك الغير، إن كانوا لا يريدون المساعدة. فمصر إن شاءت ستحصل على دعم عسكري لمواجهة الجماعات المتطرفة المسلحة في سيناء. وكذلك لو قررت المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، أو الإقليمية مثل الجامعة العربية، الاستنجاد بالحلف العسكري، في محاربة الإرهاب في الدول التي لم تعد فيها شرعية، مثل ليبيا وسوريا، أو ضعيفة، مثل اليمن أو مالي.