|
إن أي مسلم مؤمن بالله لا يشك مطلقا إن الإسلام دستور حياة لهذا الإنسان في أي زمان و في أي مكان كان، لان هذا الدستور هو للإنسان ذاته ، والإنسان لم يتغير منذ أبونا ادم إلى قيام الساعة ، فقد تتغير وسائل حياته كلبسه ومسكنه ومأكله ومشربه ، لكنه يضل هو ذلك الإنسان بجسده وبشعوره وأحاسيسه وسيكلوجيته ، وما دام لم يتغير فالأسلم هو لهذا الإنسان في أي زمان ، ولهذا فالإسلام هو \"كتلوج\" هذا الإنسان بما فيه من توجيهات تحافظ على اتزانه النفسي واتزانه الدنيوي ، لتستقيم بعد ذلك حياة المجتمع بل حياة البشرية ، قال تعالى \" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين \" ومن الرحمة الاتحاد والألفة ومن الرحمة تأدية الحقوق ومن الرحمة إقامة الواجبات ، ومن الرحمة الحفاظ على النفس من الإزهاق ، ومن الرحمة الدفاع عن الحقوق ، حق الله وحق الإنسان وحق الحياة وحق الحرية التي أرادها الله لعباده ولكن ما نستغرب له اليوم ويستغرب له الكثير ممن يحملون في قلوبهم الإيمان، .
لماذا صار الشرع وراء نا ؟ لماذا صرنا أفرادا وأحزابا وحكومات لا نتحدث عن الإسلام كمحدد لتصرفاتنا وعلاقاتنا ببعضنا، إننا بحاجة إلى مراجعة إيمانية تنطلق من السؤال التالي أين الإسلام في حياتنا ؟ في حياتنا الفردية، في حياتنا الأسرية ، في حياتنا الاجتماعية ، في حياتنا الحزبية، في حياتنا السياسية ،والاقتصادية ،في قضائنا ،في أخلاقنا، كم نتألم ونحن نرى الكثير لا يهمه ما حكم الإسلام في تصرفات هو مقدم عليها ، لا يهمه المال الذي يكتسبه امن حلال أم من حرام ،ولا يهمه القول الذي يقوله أحق أم باطل ، ولا يعنيه التصرف الذي يقدم عليه اصح ام خطأ ، إن تغييب الإسلام بقيمه وأخلاقه وأحكامه في حياتنا هو جعل هذه الحياة حياة عبثية ، تتحول ميدانا لصراع الشهوات ، وصراع المصالح ، فندفع ثمن ذلك من دمائنا ومن أموالنا ومن إخوتنا وحقوقنا الكثير فنضيع في الدنيا قبل الآخرة ، .
صحيح أننا نردد كثيرا هذا مخالف للدستور هذا مخالف للقانون ، ولكن لماذا لا نردد هذا مخالف للإسلام ، لماذا لا نقول للذي ينهب المال ويفسد في المجتمع بأي نوع من الفساد هذا حرام فقد ورد في القران الكريم \" ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها \" وغيرها من الآيات ولماذا لا نقول للذي يقطع الطريق ويقتل النفس التي حرمه الله انك تخالف الإسلام بهذا الإفساد فقد ورد في القران الكريم \" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف........ \"إلى أخر الآية . إننا نشعر أن العمل السياسي صار خاويا من الأخلاق فتحول إلى وسيلة ابتزاز ، مؤطرة بالكذب والنفاق إلا ما رحم ربي ، و العمل الوظيفي كذلك عندما نزع منه روح هذا الدين وموجهاته تحول إلى وسيلة انتقام ، والعلاقة بين الرجل والمرأة تحولت من مودة ورحمة الى صراع ونقمة ،.
بل حتى الإنشاد الإسلامي تحول من إرشاد إلى لهو وإفساد غالبا ، بغياب المراقبة الشرعية القائمة على مراقبة الله ،وطغيان الهدف المادي القائم على التنافس الدنيوي، بل البعض صار يتعبد إلى الله بما حرم الله ، ولم يعد يفرق بين الحلال والحرام والمتشابه ،بل صار الحلال ما قدر عليه ،والحرام ما عجز عنه، فما يلبي رغبتنا هو حلال وما يعارض شهوتنا حرام ، وليس الحلال ما احل الله والحرام ما حرم الله ، والسبب الرئيسي في ذلك عدم تعظيم الله ولو عظمنا الله في قلوبنا لعظمنا حرماته ، بل إن تغييب الإسلام من حياتنا افسد العلاقة بيننا ، فنرى الشحناء والتباغض ، والغيبة والنميمة والكذب النعرات الجاهلية ، وسوء الظن بالمخالف مرتعا خصبا لمن يفترض فيهم الزهد في أعراض الآخرين ، والأعجب من كل ذلك أن كل واحد يبرر لما يقوم به من هذه المحرمات إما بفتوى شيطانية ، أو بنزوة شهوانية ،ليوهمه الشيطان انه ما زال على الحق وعلى الصراط المستقيم وليس بحاجة الى نصح الاناصحين ، فيمنعه بذلك من مراجعة ومحاسبة النفس المقصرة والعودة قبل السقوط والتفلت المفرط ، وأخيرا إن إقامة الإسلام في حياتنا هو الذي سيطرد الصورة المشوَّهة المغلوطة، التي تريد الدوائر الاستعمارية في الغرب حصرَ الإسلام فيها؛ بهدف الصدِّ عن سبيل الله، وهو السبيل الوحيد لجمع كلمتنا وتوحيد صفنا وحب بعضنا ، نسأل الله السلامة وحسن الاستقامة والى ألقاء بإذن الله تعالى.
al_hazmy65@yahoo.com
في الأحد 17 مايو 2009 05:08:59 م