هل ثمة فرصه لنجاح مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي؟
بقلم/ د. عبدالله محمد الشامي
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 4 أيام
الجمعة 03 سبتمبر-أيلول 2010 10:44 م

كما هو معروف انه عندما تطورت الجامعة الأوربية اثناء العصور الوسطى من القرن الخامس الى القرن الخامس عشر شكلت هذه الجامعات اتحادات اكاديميه والتي مارست الرقابه على المؤسسات.

وفي عصر النهضة الذي بدأ في اوخر القرنيين الرابع والخامس عشر فرضت الكنائس الكاثولوليكيه والبرستانتيه الرقابه على معظم الجامعات الاوربيه واخيرا أصبحت معظم هذه المؤسسات خاضعة لرقابة الدوله .وعلى عكس الجامعات الأوربية الاولى، فان الكليات في امريكا كانت مراقبه بشكل خاص من قبل ممولي كل مؤسسه .

وترجع الجهود الاولى في الولايات المتحده الامريكيه لوضع معايير الى العام 1748 عندما اصدر تشريع نيويورك قانونا لايجاد مدارس وكليات في ذلك الجزء من الدوله كما يبدو مناسبا واسس القانون ايضآ مجلس الوصايه لجامعة نيويورك وتم تصمم هذا المجلس لكي يتم الرقابه على كلية الملوك وهي مؤسسه خاصه تغير اسمها الى جامعة كولومبيا ،وفي عام 1778 اصدر التشريع في نيويورك قانونا طالب مجلس الاوصياء بزيارة كل كليه في الولايه مره كل عام وعلى اساس هذه الزيارات يكتب مجلس الاوصياء تقريرا سنويا عن اوضاع الكليات .

ولقد اسست الولايات المتحده مكتب التعليم والذي انشى داخل وزارة التربيه ،ولقد حاول المكتب حل الاضطراب الخاص بالتعليم العالي من خلال تعريف الكليه the college .على انها مؤسسه تخول اليها اعطاء درجات ويحضر اليها طلاب ولقد عمل بهذا التعريف حتى العام 1915 عندما تمت مراجعته ليشمل شروطا اضافيه وهي ان الكليه يجب ان يكون لها معايير standard محدده للقبول .

وان تقدم دراسه لمده عامين على الاقل ،وان تمنح درجات علميه ،وتلك الشروط قد ساعدة على تطوير مااصبح بعد ذلك معايير الاعتماد مؤسسات التعليم العالي The accreditation standards of higher education institutions .

وانشئت اول وكالة اعتماد مستقله في العام 1930 لكي تزود الكليات والجامعات بمعايير القبول والاعتماد الاكاديمي للبرامج ، وحازت هذه الوكاله على اهميه كبيره تزايدت مع صدور البرامج الفيدراليه مثل قانون اعادة تعديل المهنيين في عام 1944 وقانون الدفاع القومي 1985 الذي يوفر التمويل الفيدرالي للتعليم.

ولقد اتجهت الكثير من دول العالم نحو استنساخ التجربة الغربية في مجال ألجوده والاعتماد واستجلاب معاييرها بما فيها الدول العربية التي ولجت هذا المجال موخرآ ،ومنها اليمن ،التي بدأت أولى خطوات هذا الاتجاه بعد صدور قرار مجلس الوزراء برقم (206)لسنة 2010 والذي قضى بتشكيل مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي والمكون من تسعه أشخاص .

وفي أول اجتماع للمجلس تم انتخاب رئيس للمجلس بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي أكد أن رئيس المجلس سوف يسصدر قرار جمهوري بتعينه ويكون بدرجة وكيل وزاره ،وانه سيتم اعتماد ميزانيه لبقية العام الجاري حتى يتم اعتماد ميزانيه للمجلس العام المقبل ، وفي هذه الجلسة حدد وزير التعليم العالي الخطوط العريضة لتوجهات المجلس بإعادة النظر في التعليم الأهلي والخاص باعتبارها مؤسسات ربحيه لاتهتم بالدرجة الأولى بالتعليم وهو مايعطي العديد من المؤشرات أهمها:

1-أن المجلس سوف يرتبط بوزارة التعليم العالي من حيث آليات العمل والتركيز على الجامعات الخاصة كذراع بيروقراطي لضبط ألجوده فيها والجميع يعلم أن الجامعات الخاصة هي جامعات استثماريه تبحث عن الربحية ومطالبتها بتطوير برامجها ألمقدمه للمستفيدين يستدعي رفع الرسوم الدراسية على الطلاب حتى تستطيع الإيفاء بالتزاماتها ، وفي وضع اقتصادي كالذي تمر به اليمن ارتقت فيه نسبة الفقر إلى 40،1% حسب إحصائيات 2005-2006لن يكون في مقدور كثير من الأسر إلحاق أبنائها بالتعليم الخاص ،والاكتفاء بالتوجه نحو التعليم الحكومي وهو مايعني إقفال الكثير من الجامعات الخاصة ،مما سيرفع من الضغط على الجامعات الحكومية ،في الوقت الذي تحاول فيه الجهات الحكومية المشرفة على التعليم العالي تشجيع هذا النمط من التعليم والترخيص له، فالحكومة تشجع الاستثمار الخاص في التعليم العالي وهو من أولوياتها كونه أكثر نجاعه واقتصاديه من إنشاء جامعات جديدة تستهلك معظم تمويلها في المصروفات الاداريه والرواتب والمكأفات والمباني .لذلك فان سياسة الحكومة ماضيه في الخروج عن الخدمة التعليمية وهو مايفرض على مجلس الاعتماد الاكاديمي وضمان جودة التعليم العالي واقع لايمكن تجاوزه وهو التعامل مع الجامعات الخاصه بصوره مرنه ،واعتماد معايير واليات اداريه بالغة الشكليه

2-واقع الحال يشير الى ان مجلس الاعتماد بصورته الحاليه سوف يعاني من مظاهر الضعف والقصور في التكوينات الاداريه وبعبارة أخرى سيشكل مكون من مكونات وزارة التعليم العالي وهو مايعني تضأل فرص المشاركه الحقيقه للشركاء المفترضين من المجتمع مما سيفقده الكثير من فاعليته

3-ان اعتماد المجلس في تعيينه وتشكيله وتمويله على الحكومه يفرض عمليآ خضوعه الكامل لسياستها ،التي تفرض اشراف كامل على التعليم العالي ،فكما هو معروف ان مركزية التعليم العالي في الوقت الحالي ستكون عقبه امام تحسين جودة التعليم الجامعي في الجامعات الحكوميه .فالجامعات الحكوميه تخضع للحكومه في تعيين قيادتها وفي تحديد المعارف التى ينبغي تعلمها والطرائق التي يتعين اعتمادها لبلوغ الاهداف ،وهي التي تحدد سياسة القبول والقدره الاستيعابيه للجامعات ومعدلات الالتحاق ، وتوظيف اعضاء هيئة التدريس ,وتحديد البرامج الدراسيه عبر المجلس الاعلى للجامعات .فالزياده السكانيه المتناميه ترمي بثقلها على الحكومه لايجاد مجالات التحاق لخريجي التعليم العام ،وكون الجامعات هي الجهه الاستيعابيه الرئيسه ،فان الجامعات ستكون مضطره لفتح ابوابها ولو على حساب جودة التعليم وتحسين نوعيته وهو مايضع مجلس الاعتماد امام اشكاليه حقيقه تحد من دوره المفترض ويقيد من اداءه المنتظر الذي لن يتحقق الافي ظل استقلاليه حقيقه ،تضمن اثبات جدارته وتفوقه وتميزه .وهو ما يدعو الى تصحيح المسار المرسوم للمجلس خاصة وهو مازال في بداياته الاولى وحتى لايكون استنساخ مشوه لتجارب اثبتت فشلها .

  Alshami20032000@Yahoo,com