الحوثيون في مواجهة مسلحة قادمة تهدد بإقتلاعهم ومعهد أمريكي يناقش تداعيات انسحاب السعودية من حرب اليمن يمنيون معتقلون في سجون الأسد: حقائق مفقودة خلف جدران الظلام الجيش السوداني يحقق تقدما قويا في الخرطوم ويسيطر على مواقع استراتيجية ميليشيات الحوثي تستحدث مواقع عسكرية جديدة تشق الطرقات وتدفع بالتعزيزات الى جنوب اليمن مرتزقة من 13 دولة يشاركون في الحرب بالسودان نهبت 27 ألف سيارة وسرقوا و26 بنكاً وقوات الدعم السريع تدمر المعلومات والأدلة المليشيات الحوثية تتعرض لعدة إنتكاسات في جبهات بمارب .. خسائر بشرية وتدمير معدات عسكرية وتسللات فاشلة الرابطة الوطنية للجرحى والمعاقين تحذر من الاستغلال السياسي وتؤكد التزامها بتحقيق مطالب الجرحى استعدادات في مأرب لإقامة المعرض الاستهلاكي 2025 الديوان الملكي السعودي يعلن وفاة أحد أبناء الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز عاجل: حريق في سفينة حاويات بالبحر الأحمر
تنتهي الحروب، يُدفن القتلى، ويُداوَى المصابون، وتُشيّد البيوت من جديد، ويعود الغائبون، لكن يبقى هناك ما لا يعود، وإن عاد فسيكون بعد جهدٍ مضنٍ وطول
إنها تلك النفوس التي أرهقتها ويلات الحروب، أولئك الذين عاينوا الموت مرارًا، وماتوا آلاف المرات وهم لا يزالون بعد في سجل الأحياء.
الأطفال الذين طارت أمام أعينهم الأشلاء، وودعوا أحبتهم إلى القبور، وناموا على أزيز الطائرات بدلا من حكايات الجدات.
الثكلى التي ترمّلت وغاب عنها جدار البيت التي تتكئ عليه إذا ما ألمت بها الملمات، أو فقدت ولدها في ريعان الشباب أو نعومة الأظفار فذهبت معه بهجتها في الحياة.
الشيخ الكبير الذي كان يتهيأ لبقية باقية من حياته يقضيها في سلام وسكون قبل أن يلاقي ربه ويشيعه أبناؤه وأحفاده، فإذا به يحمل على عاتقه أثقل حِمْل في الدنيا وهو نعش فلذة الكبد.
لا يسلم من آثار تلك الحروب أولئك المهجّرون ساكنو المخيمات بعيدًا عن أرض الوطن، أصحاب المعاناة اليومية، تتعاقب عليهم الفصول تلو الفصول وهم يكابدون الجوع والبرد والقيظ والأوبئة والأمراض والعزلة عن العالم، خرجوا إلى تلك الخيام مُحمَّلين بذكريات بيوتهم ودفء الأسرة وألوان الطعام والفراش الوثير وأحاديث التفاؤل عن المستقبل، كل هذه الصور ماثلة أمامهم فتزيدهم المقارنة معاناة فوق المعاناة.
اضطراب ما بعد الصدمة، شبح يطارد الناجين من الحروب، يهدد أمنهم النفسي، ويحول بينهم وبين التعايش السوي مع الآخرين، ويكون عاملًا هدامًا لنسيج الأسرة، فتكثر حينئذ حالات الانفصال بين الأزواج، وينعدم الانسجام بين أفراد الأسرة، وكثيرًا ما يؤول الأمر بالناشئة إلى الاتجاه لتعاطي المخدرات هربًا من هذا الضغط النفسي وصوت الحرب الذي لا يزال طنينه يُعبِّئ آذانهم.
تنجم عن الحروب آثار نفسية بالغة السوء تفرض نفسها على الأطفال، منها الشعور الدائم بالخوف، والقلق والاكتئاب، وتأخر النمو العقلي والبدني والعاطفي، وصعوبة الاندماج في المجتمع، وردود الفعل العدائية، والاضطرابات السلوكية.
الصحة النفسية شيء حيوي ومُلح في ظل أزمات العصر الذي نعيشه، فكيف بالذين عاشوا أهوال الحروب، هؤلاء كيف سيعيشون بقية حياتهم إن لم يكن هناك من ينتشلهم أو يعمل على إنقاذهم من جحيم ما بعد الحرب؟
نعم إننا مطالبون بدعم إخوتنا في غزة وسوريا بالمساعدات الإنسانية من طعام وشراب ودواء، وإعادة إعمار الخراب الذي خلفته الحروب، ومساندتهم في إعادة تشييد البنى التحتية، لكننا في الوقت نفسه مطالبون بدعمهم فيما لا يقل أهمية عن كل ما سبق، مطالبون بالعمل على تأهيلهم النفسي للحياة الجديدة، ورأب ما تصدع في نفوسهم من ويلات الحروب، وإعادتهم إلى الاتزان النفسي للاندماج في مجتمعاتهم بشكل طبيعي.
ولا يخفى ما لمجال الإرشاد النفسي من دور فعال في هذا الميدان، وطرق العلاج الحديثة التي ينتهجها وعلى رأسها العلاج السلوكي المعرفي، ومن ثم فإن العمل على فتح الطريق لهذا المجال، بمثابة طوق نجاة لكل المتضررين من الحروب، للتعافي من آثار صدمات الحروب والاعتقال والتعذيب والفقد والاغتراب والتهجير.
وانطلاقا من هذا التأصيل، فإنني أدعو أهلنا الكرام في قطر، لإطلاق مبادرة لإعداد كوادر في مجال الإرشاد النفسي، للقيام بدور فعال في هذا الميدان كمسعفين نفسيين، سواء من القطريين أو من مرافقي المصابين من أهل غزة وسوريا الذين احتضنتهم قطر، ليكونوا عناصر فاعلة في التأهيل النفسي للمتضررين من الحروب.
وإنما أوجه دعوتي لأهل قطر، لما لهم من السبق في مد يد العون لأهل هذه البلاد، فما رأينا من أهل قطر قيادة وشعبا سوى سواعد الخير الممتدة، والشعور بالمسؤولية تجاه إخوانهم.
إطلاق مثل هذه المبادرة سوف يسهم في إنقاذ الآلاف من متضرري الحروب وإعادة دمجهم في الحياة مرة أخرى، فلا ينبغي أن نتركهم مجرد أجساد تمشي على الأرض بينما نفوسهم مهترئة مُحطمة، فهل يُرتجى من مثل هؤلاء أن يكونوا عناصر فاعلة منتجة مؤثرة في أوطانهم؟
أتمنى من سويداء قلبي أن تجد هذه الدعوة صدى وقبولا لدى المسؤولين في دوحة الخير قطر، وهذا هو العهد والظن بهم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون