مائة يوم من حكم الرئيس هادي!!
بقلم/ أحمد محمد عبدالغني
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 12 يوماً
الأربعاء 06 يونيو-حزيران 2012 08:18 م

Ahmdm75@yahoo.com

مع بداية شهر يونيو الجاري 2012م، يكون الرئيس عبدربه منصور هادي، قد أنهى المائة يوم الأولى من فترة حكمه كرئيس للجمهورية اليمنية، حيث تم انتخابه توافقياً في 21 فبراير، وأدى اليمين الدستورية يوم السبت 25 فبراير 2012م. مع الإشارة هنا إلى أن الرئيس هادي لم يأت إلى كرسي الرئاسة في ذلك التاريخ فجأة، فقد مارس مهامه كنائب وقائم بالأعمال منذ خروج علي صالح للعلاج في 4 يونيو 2011م، وتعزز دوره بصورة أكبر بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في العاصمة السعودية الرياض في 23 نوفمبر 2011م.

وإذا كانت المائة يوم الأولى من حكم أي رئيس هي مقياس عملي ومؤشر موضوعي جرى التعارف على استقرائها عالمياً، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف أدى الرئيس هادي مهامه خلال هذه الفترة؟ وما هي النجاحات والإنجازات التي حققها؟ ثم ما هي طبيعة الإخفاقات والتعثرات التي اعترضت طريقه؟ وهل استطاع الرئيس هادي خلال هذه الفترة أن يقدم نفسه رئيساً توافقياً بما يترتب على ذلك من استحقاقات وطنية عامة، أم أنه لازال محكوماً بارتباطاته الحزبية وسيطرة عتاولة المطبخ السابق..؟

ولاشك أن الرئيس هادي يواجه منذ تسلم زمام الأمر الكثير من التعقيدات والتحديات، الاقتصادية والسياسية والأمنية، ولكنه في مقابل ذلك يملك الكثير من العناصر التي تجعله قادراً على تجاوز تلك العقبات، فالإجماع الشعبي التوافقي الذي حصل عليه في 21 فبراير يمثل ركيزة أساسية في مواجهة كل محاولات النيل منه ومن موقعه ومن شرعية ممارسته لمهامه كاملة، وهو ما يجعل المواقف المضادة لقراراته تدخل ضمن دائرة التمرد والتخريب والفوضى، ووضع العراقيل المؤقتة والدائمة. وبالإضافة إلى الشرعية الشعبية، فإن الرئيس هادي يحظى بدعم إقليمي ودولي فريد، وتبرز أهمية هذا الدعم في كونه يأخذ شكله المترابط في أبعاده الاقتصادية والسياسية والأمنية، الأمر الذي يعطي للرئيس مساحة واسعة في الأداء والتوظيف السليم واستغلال هذا الاهتمام الدولي والإقليمي الواسع من أجل بناء أرضية صلبة لمستقبل آمن ومزدهر.

وبالنظر إلى أن القضية الاقتصادية تحتل أولوية ملحة، في ضوء تقارير المنظمات الدولية المتخصصة التي تحذر من حدوث كوارث إنسانية وغذائية في اليمن، فإن كل مواطن سيحاول تقييم أداء الرئيس وحكومة الوفاق الوطني، في إطار ما يشاهده وما يعانيه ويلامس حياته صباحاً ومساءاً، سواء فيما يتعلق بتوفير المواد الغذائية وبأسعار مناسبة لقدرات الناس، أو فيما يتعلق بتوفير الخدمات الضرورية العامة، كما هو الحال بالنسبة للكهرباء والمياة والصحة وجوانب الأمن والسلامة المجتمعية.

ولأن التغيير يأتي في صلب عملية الانتقال السياسي السلمي الذي وضعت خارطته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، فإن إدارة الرئيس عبدربه منصور هادي لهذا التغيير تمثل أحد الملامح الرئيسية لطبيعة السياسات التي ينتهجها، سواء كان ذلك في إطار رؤيته الشخصية والحسابات التي يضعها كمبررات إقناعية له وللآخرين، أو في إطار الضغوطات التي لازالت تفرض نفسها كواقع. وبالتأكيد فإن قوى الثورة بمختلف تكويناتها تنتظر من الرئيس هادي أن يتعاطى مع ملف التغيير في السياق الذي يحقق تطلعات جميع اليمنيين، في إنهاء قواعد الفساد وكبح جماحه، وترسيخ مبدأ الكفاءة والنزاهة والأقدمية في اختيار وتولي المواقع القيادية -العسكرية والمدنية- بما يؤكد أن قضية المواطنة المتساوية والعيش المشترك يجب أن تكون حاضرة في كل خطوة نخطوها نحو الأمام.

وإذا كان ما جرى حتى الآن من تغييرات هو شكل من أشكال إعادة إنتاج النظام السابق، فإن الاستمرار بهذا الأسلوب سيعمل على خلق حالة من الإحباط العام، وسيجعل الرئيس هادي في موقف محرج مستقبلاً.

صحيح أن المقربين من الرئيس وأصحاب منطق «تمام يافندم» سيقولون له إن الذين ينتقدونك هم حاقدون ولا يقدرون موقفك وما تعانيه الآن، وصحيح كذلك أن للرئيس حسابات يريد من خلالها الوصول إلى انتخابات 2014م بضمانات وصفقات، ولكن الصحيح أيضاً، أن تكرار الأخطاء تحت أي مبرر سيمثل في ذاته ضربات مسبقة لمشروع الإصلاحات الوطنية، ومثل هذه الأخطاء المقصودة لن تفيد الرئيس بل ستشوه سجله، وستبقى ثغرات شاهدة على حكمه حتى وإن استطاع تجاوزها وفرضها في هذه المرحلة.

وأعتقد أن من مصلحة الرئيس هادي أن يتقبل النقد من الآن، وأن يعمل على تصحيحه وأن يرفض تلك التفسيرات المتعسفة التي تحاول إقامة حواجز نفسية بينه وبين الآخرين، كما فعلت مع من سبقه.

وبالتأكيد فإن أي حديث عن أداء الرئيس هادي وإنجازاته خلال المائة يوم الماضية، لابد أن يأخذ في الحسبان طبيعة السباق المحموم بين ثلاث قضايا رئيسية هي: (توحيد الجيش وإعادة هيكلته، مؤتمر الحوار الوطني، الحرب ضد الإرهاب) فهذه القضايا الثلاث متداخلة التأثير بين بعضها البعض، وكل واحدة منها لها تأثيراتها على بقية القضايا الوطنية الأخرى. ولاشك أن الرئيس هادي حريص جداً على إنجاح هذا المثلث والخروج به إلى بر الأمان، ولذلك فإن دور الرئيس وبصماته ستكون واضحة في عملية التقديم والتأخير وكذا في طبيعة المسار الذي سيحدد موقع كل ضلع من أضلاع المثلث في مستقبل الدولة المدنية المنشودة.