الاخطبوط الهاشمي في اليمن 1
بقلم/ عارف علي العمري
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و 27 يوماً
الإثنين 19 يوليو-تموز 2010 08:30 م

الحديث يبدوا شائك ومعقد مثلما هو ممتع وشيق , عن سادة حكموا اليمن, وقادة حافظوا على تراب الأرض من القرصنة المجاورة, وقضاة اعتلوا المنابر, وحملوا راية العلم باكراً, إلا أن الحديث عن الجانب الأخر يبدوا شائك ومعقد, إن لم يكن ملغم بممارسات تشعر عند قرأتها بأنك وقعت في حفرة من المذهبية والسلالية البغيظة, أما إن كنت كاتب لهذه السطور فقد لا تجد نفسك إلا بين فكي وحشين مفترسين, بين فك وحش سلفي متشدد, وفك وحش زيدي متشيع.

وفي البداية حتى لا نجانب الصواب كثيراً نقول أن الهاشميين لهم حسنات مثلما لهم سيئات وسأبدأ بتفصيل ذلك في حلقات متتابع.

وحتى لا اتهم بعداوة الهاشميين فاني اعترف بأنهم من استطاعوا حكم اليمن خلال اكبر حقبة زمنية في التاريخ, ابتداء من العصر العباسي الثاني بحكم الهادي بن الحسين لصعدة, وانتهاء بالعام الذهبي 1962م عند سقوط الإمامة وزوال حكم بني هاشم, وهم كذلك من استطاع جيشهم أن يدخل الأراضي اليمنية التي ضُمت مؤخراً إلى حضيرة آل سعود, كما أنهم منائر العلم وحملته في اليمن , ومن مدارسهم تخرج ابن الأمير الصنعاني, ومجدد العصر الشوكاني .

لكن على الجانب الأخر يبدوا نبش الذاكرة واستعادة الماضي من المرهق للمتابع والمقلق للقارئ, وحتى لا أوغل في قراءة التاريخ الهاشمي في اليمن, فإنني أحيل القارئ إلى كتاب عبدالفتاح البتول الذي يحمل عنوان ( خيوط الظلام ).

ليسامحني القارئ في أن أبداء من قريب, لتتبع تاريخ الهاشميين في العصر الحديث, فالهاشميون حديثاًُ هم سبب أزمات الجنوب العربي قبل الوحدة, وهم من أراقوا الدماء في شوارع عدن وسحلوا الأبرياء في حضرموت, وهم وحدهم من يحتفظون بأسرار أحداث يناير 86م التي قتل فيها أبناء القبيلة ونجا منها سادة بني هاشم بأعجوبة, إذ كان العطاس والبيض هم الناجيين من تلك المذبحة البشعة, وان كانت رواية تقول بنجاة عبد الفتاح إسماعيل معهم إلا أنهم استطاعوا تصفيته ليصبح مصيره مجهول حتى هذه اللحظة, وبعد الوحدة فجر الهاشميين حرب 94م بقيادة البيض والعطاس والجفري, وخرجوا منها كما خرجوا من أحداث يناير, ليعودوا مرة ثالثة لشق الصف الجمهوري وكسر عصا الوحدة, من خلال تزعمهم لفصائل الحراك, والتحكم بأجندة الحراكيين عن بُعد, كما أن هاشميوا الشمال لم يكونوا اقل خطراً من هاشميوا الجنوب, إذ أن طموحهم في حصر الخلافة في البطنين, جعلهم يسعون ومنذ وقت مبكر لاستعادة ماسُلب منهم, حتى شهدت اليمن أطول حرب في تاريخا الحديث , وشهدت صعدة خلال سبع سنوات ستة حروب, وتعيين خمسة محافظين, وكبد هاشميوا الجنوب وهاشميوا الشمال الميزانية العامة للدولة بحسب باحث يمني أكثر من 13مليار دولار جراء حرب 94 وحرب صعدة, وبين هاشميو الجنوب وهاشميوا الشمال يبدوا هاشميوا الوسط اشد خطراً , وأكثر عُدة وعدداً , وسيكون لهم شان في المستقبل إذا لم تُحسم الأمور في منطقة شمال الشمال, وتُعاد للدولة هيبتها, ولصعدة استقرارها.

ومع كل ذلك فانه بين قادة الحراك الهاشميين ومسعروا الحرب الحوثيين, فان هناك تياران هاشميان استطاعا أن يلعبا في منطقة الوسط وان يناورا من بعيد, ويمدان كل طرف بما يحتاجه من معلومات لوجستية تأهله من مواصلة اللعب, هما تيارا المعارضة والحكم, فهناك ثلاثة أحزاب معارضة يسير دفتها هاشميون, وهي حزب الحق واتحاد القوى الشعبية وحزب رابطة أبناء اليمن, وبرعت تلك الأحزاب ببراعة فائقة في توزيعها في صفوف المعارضة, ففي الوقت الذي التحق فيه اتحاد القوى الشعبية وحزب الحق بأحزاب اللقاء المشترك الإصلاح والناصري والاشتراكي, فان حزب الرابطة فضل أن يكون في مربع معارضة المعارضة .

ولان الحديث في هذه الحلقة الأولى عن الاختراق الهاشمي لأحزاب اللقاء المشترك وكيفية التحكم بمواقفه, فان دخول حزبا الحق والقوى الشعبية جاء ليجعل للهاشميين صدا داخل أروقة المعارضة, ويحد من اتخاذ مواقف قد تتخذها أحزاب اللقاء المشترك ضد هاشميوا الجنوب اوهاشميو الشمال, وخصوصاً الحزب الإسلامي الأكثر تنظيماً وتأهيلاً في اليمن – حزب التجمع اليمني للإصلاح- الذي كان قراره الفردي في صيف 94م جريء وواضح, ومثل صفعة كبرى وخسارة عظمى للهاشميين, القرار المتمثل في خوض الحرب بجانب قوات الوحدة والشرعية, وكان القرار أيضاً بمثابة إعلان نصر لقوات الوحدة والشرعية التي يتزعمها الرئيس علي عبد الله صالح, ومن هذا المنطلق فان العداء الواضح الذي كان يقيمه الإصلاح للهاشميين قد بدء يتلاشى شياً فشيا بفعل التوازنات السياسية داخل أحزاب اللقاء المشترك, التي جعلت من الاشتراكي وحزبا الحق واتحاد القوى الشعبية وحزب البعث – جناح سوريا- كتله فاعلة داخل ذلك التكتل.

تلاشى ذلك العداء حتى وصلت الأمور إلى ما يريده الهاشميون فأصدرت أحزاب اللقاء المشترك بيانات تضامنية مع هاشميو الجنوب تحت مبرر المطالبة بالحقوق ورفع الظلم, بيانات ظاهرها الرحمة وباطنها المكر والدهاء ,وتضامنت مع أبناء صعده مطالبة بحوار شامل يجمع كل الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة .

وفي حال اجتمع الفرقاء على طاولة واحدة فانه مايريده الهاشميون بالضبط, فالحراك الجنوبي سيمثله الهاشميان الجنوبيان العطاس والبيض, بحسب ما ذكره الدكتور الخبجي, والمتمردون في صعده سيمثلهم بلاشك أو ريب السيدان الصعداويان عبد الملك الحوثي ويوسف المداني أو من ينوب عنهما, وأحزاب اللقاء المشترك سيكون للهاشميين نصيب الأسد في تمثيلها, والحكومة سيمثلها الهاشميون, وخصوصاً إذا ماتبين لنا أنهم يمتلكون حقائب وزارية داخل حكومة الدكتور علي محمد مجور, تقترب من الأربع, وسيمثل المؤتمر الشعبي العام هاشميون وخصوصاً أيضاً إذا ماتبين لنا أن الناطق الإعلامي لحزب المؤتمر الشعبي العام هاشمي, ومعارضة المعارضة سيكون للهاشميين حضوراً فيها عبر حزب رابطة أبناء اليمن, وبالتالي فان أي حوار يُجرى سيكون في صالح الهاشميين أولاً وأخيراً .

حزب التجمع اليمني للإصلاح يبدو ذكياً وذكياً جدا في تعامله مع ملف الهاشميين داخل تكتل اللقاء المشترك, فهو إذ يساير التكتل الهاشمي داخل المشترك, تلقى مسايرته نقداً لاذعاً من وجهاء وكبراء حاشد الذين تربطهم روابط قوية بالحزب, وفي نفس الوقت لهم عداء واضح مع هاشميوا صعده, الذين بدئوا يزاحموا حاشد على نفوذها في مناطق عمران وحجة, وليتخلص الإصلاح من ذلك الحرج فانه يوعز إلى تياره الأصولي ليقوم بما يراه الإصلاح بعيداً عن الدبلوماسية, ويتزعم الشيخان عبد المجيد الزنداني وحمود هاشم الذارحي ذلك التيار, ويتبعهما الكثير من علماء الدين في التجمع اليمني للإصلاح, فنرى تناقض المواقف بين التيارين التيار السياسي والتيار الديني وهو تناقض متفق عليه بين الجانبين في إطار لعب الأدوار السياسية, ويبدوا ذلك واضح عند أن أصدرت أحزاب اللقاء المشترك بيان تضامني مع أبناء الجنوب اصدر علماء الإصلاح ومن نهج نهجهم فتوى إسلامية بوجوب الحفاظ على الوحدة وتجريم الانفصال, وفي الوقت الذي دعت فيه أحزاب اللقاء المشترك للحوار مع الحوثيين, طالب علماء الإصلاح وعلماء آخرين متأثرين بتيار الدين الإصلاحي طالبوا الحكومة بسرعة حسم المعركة في صعدة وذلك في جولة الصراع الخامسة, وحين شرعت أحزاب اللقاء المشترك في تأسيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني, قام العلماء بالدعوة إلى إنشاء هيئة للفضيلة, الاختلاف هذا دفع ببعض الفضوليين من الصحفيين اليمنيين إلى القول آن الشيخ عبد المجيد الزنداني ينوي تأسيس حزب إسلامي جديد, وهو مانفاه الزنداني في تصريح لصحيفة أخبار اليوم, وبين تيارا السياسية والدين, فان تيار ثالث في التجمع اليمني للإصلاح هو التيار التنظيمي إليه المرجع والمنتهى في حسم مثل هكذا قضايا.

الحزب الاشتراكي اليمني وموقفه من الهاشميين يبدوا أيضا ً واضحاً, فكوارد الحزب وأعضائه وأنصاره لا يزالون يدينون بالولاء الصادق لمؤسسوا الحزب ومنظروه, ولا يزالون يرون فيهم القدوة لمواصلة العمل السياسي, وبالتالي فان موسسوا الحزب الاشتراكي اليمني ومنظروه قد ودعوا الحياة باستثناء الهاشميين البيض والعطاس, وهو مادفع بالحزب الاشتراكي اليمني إلى أن يقف موقف خال من الغموض بخصوص قضيتي صعده والجنوب, فأعضاء برلمان الاشتراكي النائبان الشنفرة والخبجي هم من يقومون بقيادة الحراك نيابة عن السيد البيض والسيد حيدر العطاس, وفي اتجاه شمال الشمال يقوم الحزب بخدمة الحوثيين, وتحول موقع الاشتراكي نت إلى ناطق إعلامي باسم السادة الحوثيين, وظهر ذلك جلياً خلال الثلاثة الحروب الأخيرة, وهو مادفع بالمخابرات اليمنية إلى اختطاف رئيس تحرير الاشتراكي نت محمد المقالح إلى جهة مجهولة, ليفرج عنه بعد أشهر طويلة رأى فيها الموت رأي العين .

وبالعودة إلى الاختراق الممنهج الذي قام به الهاشميون في كيان اللقاء المشترك فان الحزب الناصري يبدوا أكثر أحزاب اللقاء المشترك حيادية تجاه قضايا الهاشميين وخصوصاً حرب صعدة, وبالتالي فان الناصريين يحاولون الإمساك بالعصى من الوسط, فهم من جهة غير راضيين عن حكم الرئيس صالح, وعند زيارتك للأمانة العامة للحزب الناصري ترى صورة عيسى محمد سيف واضحة ومجسمة, وتجسيمها ليس حباً في عيسى محمد سيف بقدر ماهو بغضاً لعلي عبد الله صالح الذي يتهمه الناصريون بقتل عيسى وإخفاء جثمانه حتى اليوم, وبالتالي فإنهم ضد الرئيس صالح في حربه على الحوثيين, حتى ولو كانت حرب صعده تضر بالوطن , ومن جهة أخرى فإنهم ضد الفكر الحوثي الاثنى عشري الذي يعتبرونه امتداداً للمشروع الفارسي الذي يطمح لإقامة إمارة فارسية في شمال اليمن, وبالتالي فان المشروع الفارسي يناقض تماماَ المشروع القومي الذي يدين به الناصريون ويعتبرونه منهج لهم.

حزب البعث العربي الاشتراكي – جناح سوريا- وهو الحزب الوليد في تكتل اللقاء المشترك يقف موقف شبه مناصر للحوثيين نظراً لان التحالف السوري الإيراني قد اثر تأثيراً كبيراً على أجندة الحزب, وبالتالي فإنهم لا يرون في الحوثيين أعداء بقدر مايرون فيهم أصدقاء للمستقبل, أضف إلى ذلك أيضاً أن انضمامهم إلى تكتل المشترك لم يأتي عن قناعة وإنما جاء كردة فعل للسلوك الذي أتبعه حزب المؤتمر الشعبي العام في إقصاء الدكتور عبدالوهاب محمود من منصبه, وتعيين الشدادي واكرم عطيه نواب لرئيس مجلس النواب بدلاً عنه, وبالتالي فان تواجده في إطار اللقاء المشترك مما يخدم وبشكل كبير أجندة الهاشميين داخل المشترك.

معارضة المعارضة هكذا تمسيها النخب السياسية في المعارضة والحكم, استطاع الهاشميون إيجاد تكتل لهم فيها, بتمثيلهم عبر حزب رابطة أبناء اليمن الذي يتزعمه الأستاذ عبدالرحمن الجفري, واستطاع الحزب أن ينظر وبشكل صريح لأراء الهاشميين , فطالب بتطبيق نظام الفيدرالية على اليمن, وعند أن تطبق الفيدرالية ستكون صعده إمارة حوثية هاشمية, ويكون الجنوب كله إمارات هاشميه يحكمها أتباع الجفري والعطاس والبيض, وتكون الجوف هاشمية بحكم الأشراف لها, وتكون ذمار والبيضاء هاشميتان نظراً للتواجد الكبير للهاشميين فيها, وعلى ذلك فقس .

هذه نظره قد تحتمل الخطاء وقد تحتمل الصواب, وحاولت بقدر الإمكان أن اجعل من الصواب منهج لي أسير عليه, إلا أنني أريد هنا أن أنبه على شيء هام, وهو أن بعض الهاشميين لهم إسهامات مشكورة في قيام الثورة اليمنية ومن هؤلاء الهاشميين بيت آل الوزير, وبالتالي فإننا نحكم على الغالبية العظمى من بني هاشم لان النادر لا حكم له .