الوحدة العربية برعاية اوكامبو!!!
بقلم/ نائل الشعيبي
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 12 يوماً
الجمعة 03 إبريل-نيسان 2009 05:06 م

يبدو أن الرئيس السوداني البشير أو فلنقل قرار قاضي المحكمة الجنائية الدولية السيد أوكامبو قد نجح أخيراً في تحقيق أحد المستحيلات بعد الغول والعنقاء والخل الوفي وهو توحيد الصوت العربي ولو على أمر واحد على إثر القمة الحادية والعشرين التي أختتمت أعمالها في الدوحة بداية هذا الاسبوع.

لقد وقف العرب جميعاً وللمرة الأولى ونأمل ان لا تكون الأخيرة موقفا موحداً ضد مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال الرئيس السوداني عمر البشير على خلفية اتهامه بجرائم حرب في جنوب السودان. بل أن الحدة التي كانت تكسو العلاقات العربية العربية قد قلت حتى انها كادت تتلاشى ليحل محلها نوع من الدفء والتفاهم. وشهدت القمة ذوبان الجليد وتحقيق مصالحات عربية عربية تكثف من لحمة الانظمة الحاكمة في ظل المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية. وهو وإن كان أمراً مبشراً لكنه يدعو الى التساؤل بل وحتى الريبة والقلق وتنوعت في تحليله الاراء والتفسيرات.

هل هو موقف طبيعي بالمرة وهو الأمر المفترض فعله. فالعرب المفترض بهم أنهم جسد واحد متكاتف ومتآزر ولا يرضى أن يتعرض أحد اعضائه للظلم أو الإهانة أو العدوان. ولكن أين كان ذلك الجسد الواحد آبان حرب غزة وتعالي هتاف الشارع العربي منددا بتفرق الصف العربي وتشتته وجموده وسكونه، هل هي الصحوة أم هو الاحساس بالخوف والترقب أم أن مسألة الجسد الواحد لا تتجلى إلا عندما يتألم أحد من أعضاء النسيج الحاكم لا المحكوم !!!

أم هو نوع من تخوف الحكام من تنامي السخط بين شعوبهم بعد خذلانهم إياهم في بعض المواقف التي كانت تستدعي وقفة حازمة قوية. ولزرع نوع من الثقة بين شعوبهم اثبت الحكام قدرتهم على أخذ الموقف الموحد. ولكن التوحد على هذا الموقف تحديداً ألن يتم فهمه بطريقة مغايرة؟ ألن يعتقد البعض أنه نوع من التوجس والحذر وخوفاً من ألا يكون البشير سوى بداية الحلقة لنهاية مسلسل عنوانه أنتم السابقون ونحن اللاحقون؟

أم انه يا ترى وحدة الهم لدى ذلك النسيج المتحكم رغم الاختلافات والانشقاقات بل وبعض الصراعات الخفية التي بين خيوطه وثناياه. فتلك الأنظمة وبصورة عامة لا تمتلك الشرعية الكافية لا في الوصول الى السلطة ولا في الاستمرار فيها. و المتأمل لتلك البلدان عن قرب غالباً ما يلاحظ أنها لا تحمل من مفهوم الديموقراطية إلا الاسم برغم تواجد بعض مظاهرها والتي غالباً ما تكون قناعاً للعديد من الممارسات اللاديموقراطية . بل أننا نشهد حضورا متنامياً لما يسمى بسياسة التوريث التي خولت لبعض خلايا هذا النسيج المتحكم اعطاء ما لا يملكون لمن لا يستحقون حتى شهدنا تحول نشوء ظاهرة الجملكات.

كما أن النسيج العربي الحاكم يعاني من العديد من الثغرات والثقوب في ارجائه من معارضات وحركات شعبية وغيرها ولهذا يحرص من يمسكون اطراف المغزل مد بعضهم بالخيوط لسد الثغرات حتى يمدهم اولئك بها ايضا عند الحاجة فالايام دول.

بل أن الدول العربية تتساوى أيضاً رغم اختلاف أنظمة الحكم ولو شكلياً فيها في اسلوب خطابها وتعاملها مع شعوبها. فهي إما قامعة تماما لهم ولارائها وافكارهم وإما إنها تعطيهم مساحة للبوح والتنفيس مع احتفاظها بحق تنفيذ ما تراه الانسب لبقائها وديمومتها بغض النظر عن الثمن المدفوع أو عن حاجات الشعب وضروريات بقائه وفي الاخير تعددت الطرق والنتيجة واحدة. فالحكام العرب والمفترض بهم خدمة شعوبهم عكسوا المعادلة بجعل شعوبهم وثروات اراضيهم وخيراتها اداة لخدمتهم وتحقيق مآربهم وغاياتهم.

وفوق كل هذا وذاك نسمع من يقول كل من يمسكون بأطراف هذا النسيج يعرفون أن وراء الأكمة ما وراءها وأن لبعضهم دارفوا او ما يعادله وإذا سقط أحد أطراف النسيج فالغالب إن لم يكن الجميع قد يصيرون مهددين إثرها وإن لم ينصر بعضهم البعض لصار بعضهم عونا على بعض.

أم أنها محاولة للتصدي لظهور لاعبين جدد على الساحة العربية أثبتوا وبحسب الشارع العربي انهم رغم انهم ليسوا عرباً أنهم أكثر عروبة. ولقد صار هؤلاء يهددون بسحب البساط من تحت اقدام الزعماء العرب بل ويقزمون ادوارهم بسبب مواقفهم القوية التي تعبر عن الارادة العربية المخذولة في اراضيها.

ويرى فريق آخر أن القادة العرب أدركوا اخيراً ضرورة توحيد الصف وبخاصة بعد سلسلة الازمات والانتكاسات التي حلت بهم وبخاصة من العديد من القوى الخارجية التي اعطوها ولاءهم التام مصحوبة باموال شعوبهم والتي ما لبثت ان استخدمتهم كجسر لمصالحها الخاصة بل وضربتهم الاسفين الاخير بتحالفها مع بعض الجهات التي تمثل تهديدا خطيراً وحقيقياً على الكيان العربي.

أوكامبو وإن لم ينحج في اعتقال البشير إلا أنه قد حقق نجاحا أبعد من ذلك، نجح في اظهار الضعف العربي وأوضح للعيان أن الأنظمة العربية لا يجمعها الا الخوف على الكراسي وما اتحادها الا للحفاظ عليها فقط.

newals@yahoo.com