آخر الاخبار

حيث الإنسان يصل أعماق الريف ويقدم دعما فاق كل توقعات أروى ليصنع لها ولأسرتها مشروعا مستداما حقق أحلامها ومنحها وكل أسرتها العيش بكرامة وزير الداخلية يشدد على رفع الجاهزية الأمنية في مواجهة المطلوبين مليشيا الحوثي تعلن رسميا السماح لكل السفن الأمريكية والبريطانية والأوروبية الوصول الى مواني إسرائيل سواء كانت محملة بالغذاء او بالأسلحة باستثناء سفن إسرائيل دول مجلس التعاون الخليجي تعلن موقفها من اتفاق الإدارة السورية و«قسد» أسعار الصرف في صنعاء وعدن مساء اليوم التوازنات العسكرية والإستراتيجية تستعرض عضلاتها في المياة الإيرانية... رسائل مناورات إيران وروسيا والصين.. تكتل الأحزاب اليمنية يدعو الشرعية الى استثمار العقوبات الأمريكية ويطالب بتدابير اقتصادية عاجلة أول اكتشاف من نوعه في الصين يهز العالم يكفي ل600 عام من الطاقة الشرع يعقد اتفاقًا جديداً بعد الإتفاق مع قسد عشية انتهاء مهلة تهديد عبدالملك الحوثي...الخارجية الأمريكية تتعهد بحماية المصالح الأمنية القومية للولايات المتحدة الأمريكية

احذروا «الإيدز السياسي»!!
بقلم/ أ.د سيف العسلي
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و 10 أيام
السبت 29 سبتمبر-أيلول 2007 09:53 م

هُناك مرضان فتَّاكان مُستعصيان يُؤرِّقان البشرية جمعاء، ألا وهُما مرضا «السرطان» و«الإيدز»، وما يجمع بين المَرَضَيْن هُو الأنانية، فخليَّة «السرطان» تدفعها أنانيتها إلى التضخُّم والتوسُّع على حساب الخلايا الأخرى، فتستولي على غذاء هذه الخلايا، فتموت هذه الخلايا السليمة وتتضخَّم الخلايا «السرطانية»، لتعمل الخلايا السليمة في انسجامٍ مع الخلايا الأخرى، فلا تأخذ إلاَّ حقّها من الغذاء - فقط - فإن كان الغذاء كبيراً، تضخَّمت جميع خلايا الجسم، وإن كان الغذاء قليلاً، نَحُلَتْ جميع خلاياه، وفي كلتا الحالتين يظلّ الجسم في حالة توازن.

وفي حالة مرض «الإيدز»، فإنَّ أنانيةً فيروسيةً تدفعه إلى اختراق الخلايا المسؤولة عن حماية الجسم - أي خلايا المناعة - فيعمل على الاستحواذ على غذائها، فيُدمِّرها ليبقى هُو، لكنَّ المُلاحظ أنَّ القضاء على هذه الخلايا يعني ترك الجسم بدُون مناعةٍ تحميه، وبالتالي فإنَّه يُصبح فريسةً سهلةً لأضعف ميكروب، فيقضي على الجسم وعلى الفيروس في نفس الوقت، ولم يَدُرْ بخُلد هذا الفيروس الأناني أنَّه بتدميره جميع خلايا المناعة للجسم، إنَّما يُدمِّر نفسه، فإذا مات الجسم مات فيروس «الإيدز» لعدم توفُّر الغذاء له بعد ذلك.

من الواضح أنَّ الإنسانية نجحت في تحجيم مرض «السرطان» من خلال تقدُّم أساليب مُعالجته، سواءٌ تلك المُرتبطة بالعمليات الجراحية أو باستخدام العقاقير الكيميائية أو الأشعَّة المُختلفة، لذا من المُمكن تحقيق نجاحٍ كاملٍ في القضاء على هذا المرض المُستعصي في المُستقبل القريب - بإذن اللَّه تعالى - أمَّا مرض نقص المناعة «الإيدز»، فإنَّ تطوير علاجٍ ناجعٍ له لا يزال بعيد المنال، حتَّى في ظلِّ ادِّعاء البعض أنَّه اكتشف علاجاً له، إذ أنَّ ذلك لا يزال في إطار الادِّعاء ولم يُثبت، واقعياً أو علمياً.

وفي المجال السياسي، يُمكن تشبيه «السرطان» بالفساد، و«الإيدز» بالأنانية السياسية وتغليب المصالح الخاصَّة، فالفساد، من الناحية الواقعية، لا يُمكن أن يَعُمّ الجميع، فهُو، في كُلِّ الأحوال، مُنحصرٌ في البعض أو في القلَّة القليلة، لذا يُمكن تحريض الأغلبية عليه، ممَّا يُمكِّن من إجراء العمليات الجراحية لاستئصال هذه الخلايا المريضة أو استخدام الموادّ الكيماوية أو حتَّى الأشعَّة وتجنيب الجسم - «الوطن» - شُروره، أمَّا «الإيدز»، - أي الأنانية وتغليب المصالح الخاصَّة - فإذا ما انتشر في جميع مُكوِّنات الجسم - «الوطن» - فإنَّه سيقضي عليه لا محالة، فلا علاج له، ممَّا يجعل من الصعب التخلُّص منه إلاَّ من خلال تفكُّك الوطن وموته، لذا فإنَّ أفضل الطُّرق للتعامل مع هذا المرض، هُو «الوقاية».

ومن الوقاية الحَجْر على مَنْ أُصيب بهذا الفيروس، حتَّى لا يُعدي الآخرين، ومن الوقاية توعية الناس بمخاطر هذا الفيروس، لذا لا بُدَّ من العمل على إيجاد مناطق معزولةٍ لِمَنْ سُيْق عليه القَدَرْ وأُصيب بهذا الفيروس، لأنَّه لا يُوجد أمل، في الوقت الحاضر، في علاجه، وحتَّى لا يتسبَّب في إصابة الآخرين الأصحَّاء، وفي هذا الإطار، فإنَّ من المصلحة الوطنية التعامل مع الأحزاب والقُوى السياسية المُصابة بمرض المصالح الأنانية بهذه الطريقة، وكذا بعض الصُّحف والصحفيين المُصابين بهذا الفيروس.

إنَّ كُلَّ مَنْ يُنادي بالانفصال بحُجَّة حدوث بعض الاختلالات، مُصابٌ بمرض «الإيدز السياسي»، ذلك أنَّ القضاء على الوحدة سيعمل على زيادة هذه الاختلالات وليس تقليصها، وكُلُّ مَنْ يُنادي بالفوضى بحُجَّة ارتفاع الأسعار، مُصابٌ بمرض «الإيدز السياسي»، لأنَّ الفوضى ستزيد الأسعار ارتفاعاً، وَمَنْ يُطالب بهدم النظام السياسي برمَّته، مُصابٌ بمرض «الإيدز السياسي»، لأنَّه مثل فيروس «الإيدز» الذي قضى على الخلايا المناعية، ورُبَّما بهدف إيجاد خلايا أقوى منها، لكنَّ الجسم، في النهاية، يموت بكُلِّ خلاياه.

إنَّ كُلَّ مَنْ يزعم أنَّ هُناك يمناً حضارياً وتقدُّمياً وحداثياً ويمناً قبلياً مُتخلِّفاً، هُو مثل فيروس «الإيدز»، الذي يعزل خلايا المناعة عن بقيَّة خلايا الجسم، وفي هذه الحالة تكون النتيجة موت جميع خلايا الجسم، المُتقدِّمة والقبلية، وَمَنْ يدَّعي أنَّه يتمتَّع بالنقاء الأيديولوجي، هُو مثل فيروس «الإيدز»، الذي يُحاول تدمير خلايا المناعة ليبقى هُو، لكنَّه يموت بموتها.

وعلى مَنْ هُو مُصابٌ بتلك الأعراض أن يعي مرضه، لأنَّ الإقرار بالمرض أوَّل خُطوةٍ للعلاج، وعليه أن يقبل بالعزل، طوعاً أو كرهاً، بهدف سلامة الآخرين وسلامته عندما يتوفَّر علاجٌ لمثل هذه الأمراض، والأهمُّ من ذلك أنَّه يجب توعية الأصحَّاء - الذين لم يُصابوا بهذا المرض - بالأخطار الكبيرة التي تُحيط بهم جرَّاء الاختلاط بهؤلاء، وعليهم أن يحتاطوا لأنفسهم، ولا شكَّ أنَّ أنجح وسيلةٍ لذلك هي الحرص على عدم تسليم عقولهم للدعاية التي تُبثُّ من هؤلاء.

*عن صحيفة الثورة