إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها حملة تجسس صينية ضخمة.. اختراق شركة اتصالات أمريكية تاسعة اشتعال الموجهات من جديد في جبهة حجر بالضالع ومصرع قيادي بارز للمليشيات الكشف عن إستراتيجية جديدة وضربات اوسع ضد الحوثيين قد لا تصدقها.. أطعمة خارقة تقاوم الشيب المبكر وتؤخر ظهور الشعر الأبيض مليشيا الحوثي تنقل الدورات الثقافية الى بيوت عقال الحارات وتفرض على المواطنين حضورها
الحديث عن الماضي في اليمن حديث مليء بالصراعات المؤلمة والبحث عن تفاصيلها في ذاكرة التاريخ أمر في غاية الصعوبة كذلك، لهول الصراع الذي خلفته الساحة السياسية منذ بزوغ فكرة الدولة وحتى اليوم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى حجم الانتهاكات الإنسانية التي حدثت بأكثر من شكل، وفي أكثر من مكان على هذا البلد وكانت كبيرة جدًا لا يمكن تصورها .
بهذا القدر من الصعوبة كان عمل فريق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية هو الآخر صعباً جداً وقد شُوهدَ هذا منذ بدايتها الأولى. إلى أين وصل الفريق، وهل تمكن من تجاوز أعباء الماضي فعلاً أم أنه مازال يتمترس وراءه؟ أسئلة كثيرة كنت تتوارد إلى أذهان الجميع سيرد على بعضها الدكتور عبد الباري دغيش رئيس العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
إلى نص الحوار :
مجيد الضبابي
بداية دكتور دعنا نتحدث عن فريق العدالة الانتقالية من حيث المهام والعمل؟
في البداية الحديث سيكون بالشكر لموقع الحوار الوطني والقائمين عليه على الجهد الذي يبذلونه في تغطية مجريات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
أما بالنسبة لسؤالك: طبعًا الفريق حسب دليل مؤتمر الحوار الوطني الشامل مكون من 80 عضوًا من مختلف المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار سواء المكونات السياسية أو الحزبية أو المنظمات الجماهرية وكذلك نساء وشباب ومنظمات مجتمع مدني ومن قائمة الرئيس أيضا التي شملت أناساً من مختلف المكونات.
أما فيما يتعلق طبعًا بعمل الفريق خلال الفترة الماضية والتي تجاوزت الشهرين والنصف، فعمل الفريق بدايةً على وضع خطة عامة له، وحددنا فيها الأهداف التي نريد الوصول إليها، من خلال عمل الفريق بمختلف مجموعاته. طبعًا الفريق اسمه فريق قضايا ذات بعد وطني والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية يعني بأن هناك قضايا كثيرة موجودة تحت اهتمامه وعنايته.
في القضايا ذات البعد الوطني هناك مشكلة النازحين وسبل معالجتها وأيضًا مسألة الأموال المنهوبة واستردادها في الداخل والخارج، بسبب سوء استخدام السلطة ومشكلة مكافحة الإرهاب، وفيما يتعلق بمحور العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية حددت أيضًا انتهاكات حقوق الإنسان خلال عام 2011 وكذلك الصراعات السياسية السابقة والانتهاكات المرتبطة بها وكذلك قضايا الإخفاء القسري. اضطررنا لفتحها ضمن انتهاكات حقوق الإنسان خلال 2011 التي رافقت الثورة الشبابية الشعبية السلمية، انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت منذ بدء الحراك الجنوبي 2007 وبالتالي عمليًا كانت هناك سبعة تقارير لسبع مجموعات فرعية ضمن فريق قضايا ذات بعد وطني والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية. مع أنه كانت هناك مقترحات بإعادة تسمية الفريق بفريق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وقضايا ذات بعد وطني، ولكن هكذا حدد في مؤتمر الحوار الوطني .
دكتور بعد أن حُددتْ هذه الأهداف هل تمكن الفريق من إنجاز مهامه خلال النصف الأول من مؤتمر الحوار الوطني؟
بالتأكيد أنا راضي حقيقةً عن الأمور التي وصلنا إليها، ولكن دعني في البداية أؤكد أننا لسنا جهة مخولة بإصدار التشريعات ولسنا جهة قضائية ولا جهة تقصي حقائق أو تحقيق.
نحن فريق سياسي من مختلف المكونات، معني هذا الفريق بوضع محددات وخطوط عريضة يمكن أن تنبثق عنها مواد في الدستور اليمني القادم الجديد، ويمكن أن تبثق عن هذه المحددات مشاريع قوانين لمعالجة مختلف المشاكل، وكذلك استراتيجية وطنية لمعالجة مختلف القضايا .
دكتور في بداية مؤتمر الحوار الوطني كان هناك نوع من عدم الثقة بين القوى المشاركة في الحوار الوطني، الأمر الذي جعل التقارب بينها صعبًا نوعًا ما.. فريق العدالة الانتقالية لم يكن في معزل عن هذا.. كان يحدث نوع من الصراع والجدل بين الأعضاء يصل بعض الأحيان إلى تعليق الجلسة.. ما هي أبرز المعوقات التي واجهت الفريق وكيف تعاملتم معها؟
بالتأكيد لأنه في بداية الأمر كان الأعضاء آتين وهم يحملون قبعات مكوناتهم لكن شيئًا فشيئًا بدأ الناس يلبسون قبعة مشتركة، ويتوصلون إلى القواسم المشتركة التي جئنا أساسًا للبحث عنها.
البحث في العدالة الانتقالية الموضوع في غاية الحساسية لأنه يتعلق بالماضي وصراعاته ومآسيه التي للأسف مازالت تمتد أيضًا هذه الممارسات إلى يومنا الراهن، مازالت هناك انتهاكات ومازالت هناك سرعة احتكام للعنف وميل لممارسة القتل بغض النظر عن أي مكون، لكن للأسف الشديد هذه ثقافة موجودة.. المهم كيف نستطيع تجاوز هذه الثقافة؟ ثقافة الإلغاء والإقصاء ورفض الآخر، ثقافة العنف، ثقافة القتل؟.. كيف يمكننا أن نعمل على رفع سعة النفسية في مسألة تقبل الآخر ومحاورته.
طبعًا واجهنا صعوبات في البداية لكن مع التقدم بالعمل مع الجلسات بدأنا نجد لغة مشتركة.
ما نوع هذه الصعوبات يا دكتور؟
أعتقد أن الكثير منا أكيد محمل بأعباء الماضي. البعض مثلاً كان يقول لماذا تبحث انتهاكات 2011 لماذا لا يتم بحث انتهاكات 2007 في المحافظات الجنوبية وهذه لم تكن أساسًا ضمن دليل مؤتمر الحوار الوطني وبالتالي كانت هذه واحدة من الصعوبات التي واجهتنا في البداية. اضطررنا لنجتهد في الفريق وبالتالي أي حاجة تجسد المصلحة الوطنية وتجمع الناس في اتجاه الوفاق أتينا بها.
وهناك من قال لماذا لا تبحث المشكلة من سنة 2004 على اعتبار أن حروب صعدة الست كانت في 2004، نحن في كل الأحوال ندين عملية القتل والعنف من أي جهة كانت، هذه مبادئ كلية لا يمكن تجزئتها، نحن مع احترام حقوق الإنسان وبالتالي نجسد هذه الكلية، هذا المبدأ الكلي الذي لا يتجزأ هو احترام حياة الإنسان، والإنسان في الحياة الهدف الأول، هكذا في حقوق الإنسان الأساسية وفي الشريعة الإسلامية، من مقاصد الشريعة حماية النفس البشرية.
لا شك أن المشاهد كان يتطلع إلى مشاهدة النقاشات والحوارات داخل الفريق، ولكن شئتم أن تكون هذه الجلسات مغلقة، هل بالإمكان أن تذكر لنا كيف كان يجري العمل داخل الفريق؟
طبعا كان هناك جهد كبير بذل من قبل الفريق ،80 يوما ونحن في نقاش، حوار، جلسات استماع، وكانت هناك زيارات ميدانية كذلك. لكن وللأسف الشديد الناس مازالوا، حتى بعض أعضاء الفريق يطرحون قضايا لم تكن في صلب أعمال الفريق.. مهمة الفريق أساسا كانت كيف يصل إلى محددات يمكن أن تنبثق عنها مواد في الدستور لكن نحن لسنا معنيين بالحلول محل السلطة التنفيذية أو محل السلطة القضائية أو محل الأجهزة..
ماذا عن قضايا استرداد الأموال المنهوبة وكيف تم التوصيف لها من قبل الفريق؟
قضية استرداد الأموال المنهوبة بالداخل والخارج بسبب سوء استخدام السلطة هذه قضايا يمكن أن يستغرق العمل فيها عقداً من الزمن من خمس إلى عشر سنات، وبالتالي لا يمكن لمؤتمر الحوار ولا لأعضائه في المجموعة أن ينهوا هذه المشاكل، لكن ممكن لمؤتمر الحوار الوطني ولفريق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية أن يضعوا المحددات من أجل تشكيل لجنة مستقلة حكومية تُعنى باسترداد الأموال المنهوبة وفق القانون.
هل اتفق الفريق على قضايا معينة للبحث عنها وسبل معالجتها، أو على تاريخ معين للعودة إليه؟
نقول بأن هذا الموضوع مفتوح، طالما هناك قضايا يمكن بحثها، طالما هناك انتهاكات مست حقوق الإنسان تبحث ولمَ لا؟، ويمكن بحث أي قضايا مازالت آثارها قائمة وبالتالي كان مطروحاً على أساس أنه ممكن بحث أي انتهاكات حصلت من عام 62 أو 67في الشمال والجنوب حتى اللحظة الراهنة، لكن هناك صعوبة.
ما وجه الصعوبة؟
وجه الصعوبة مثلاً انه لا يمكن لواحد التفكير بالتعويض لأنك ستحتاج لموازنات هائلة لا تطيقها مؤسسات الدولة اليمنية وبالتالي ممكن في هذا الموضوع تحال هذه القضيةإلى اللجنة التي ستنبثق عن قانون العدالة الانتقالية المعنية بالإنصاف والمصالحة. كيف يمكن أن نعوض هؤلاء وأن نجبر ضررهم معنوياً على الأقل، وإعادة صياغة التاريخ لأنه تم ظلم بعض الناس تاريخياً، وغمط أدوارهم النضالية وبالتالي يمكن تخليد ذكراهم، فقد كانت لهم مواقف وكشف الحقيقة هنا له أهمية معنوية في منع التكرار لأنه عندما نتحدث الآن عن إعادة كتابة التاريخ للأسف الشديد كان التاريخ يكتبه المنتصر وبالتالي سبب أساسي في أنه منْ يأتيإلى السلطة كان يعول دائمًا على منطق القوة والغلبة هذا المنطق لا يمكن له الاستمرار لأن دوام الحال من المحال.. القوي اليوم ربما يصير غدًا ضعيفًا وبالتالي إذا أرسيت قيمًا تعتمد على أساس قبول الآخر وثقافة التسامح وثقافة التعايش وقبول الآخر المختلف كما هو وليس كما نتمناه نحن. هذه القضايا أساسية يمكن أن نستفيد من الماضي لكن لا نحبس أنفسنا فيه بل بالعكس نأخذ العبرة من هذا الماضي من أجل الانطلاق للمستقبل.
إلى أين وصلتم في تقريركم النهائي؟
وصلنا واتفقنا، توافق أعضاء الفريق في 39 قراراً وتوصية ومبدأ تشمل مختلف الجوانب، فيما يخص العدالة الانتقالية والقضايا ذات البعد الوطني والمصالحة الوطنية ومعالجة جراح الماضي بكامل الشفافية وتخليد الذاكرة الوطنية وكشف الحقيقة، والاعتذار من الجهات المعنية.
وأقول إن النقاط العشرين ستحل جزءًا كبيرًا جدًا من قضايا العدالة الانتقالية ولذلك نحن أكدنا على مسألة تنفيذها .
هل وقع جميع الأعضاء على تقريركم الذي سيتم عرضه في الجلسات النصفية أم أن هناك تحفظات من قبل البعض؟
حقيقة كان هناك تحفظ، تحفظ غير مبرر من قبل زملائنا في الحراك وأنصار الله والقضايا التي حاولوا أن يصروا عليها لم تكن مبررة وليست جوهرية كذلك .
على سبيل المثال إدانة الفتاوى التكفيرية التي حصلت، موضوع كهذا أولاً يتم رفع دعاوى ضد من يعتقد انه أطلق الفتاوى التكفرية وعندما يحكم القضاء ندين. عندما نتعامل مع قضايا حقوقية أو قضايا قانونية يجب أن تكون مثبتة. فيها حكم قضائي بات. ومثال آخر كان البعض يقول إن هناك فتاوى تكفيرية يجب الاعتذار عليها مع انه في الأساس كان يجب أولاً اللجوء للقضاء والمطالبة بمحاكمة المعنيين وعندما يتم إدانتهم مثلا يمكن التعويض أو السجن أو يحاكم. أنا أتكلم في هذا الموضوع تحديدًا من منطلق قانوني، نحن بصدد مناقشة قانون خاص بالعدالة الانتقالية، لذلك المسألة ليست مسألة كيد سياسي وتسجيل هدف في مرمى الخصم، الموضوع بالفعل محتاج لدقة متناهية .