هل يوقف الجنرال الأحمر القتال الدائر فوق رمال النفط المتحركة ؟
بقلم/ عارف علي العمري
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 3 أيام
الثلاثاء 06 يوليو-تموز 2010 04:51 م

هنا فوق رمال النفط المتحركة, يضع كل فرد يده على زناد بندقه, تمر الساعات بل والأيام والجميع مرابطون على ثغرات الحرب التي قد تشهدها الأيام القادمة بين قبيلة عبيدة, وقبائل بلحارث, لا مجال هنا لمجالس القات, أو ساعات المقيل السليمانية, ولا حتى للتفكير بالراحة والاسترخاء قليلاً, الأعصاب متوترة, والمشاعر متفاعلة, ووطيس الحرب يلمع بناره من أطراف الصحراء, الكل ينتظر ساعة الصفر, ليفكر كيف يسدد أهدافه بدقة, وتخترق رصاصة بندقه اكبر عدد ممكن من القبيلة المعادية على الجانب الأخر.

جميع من يرابط على هذه الرمال المتحركة قد ودع أهله الوداع الأخير, وخرج من بيته حاملاً رأسه فوق كتفه, ينبئ عن ذلك الجعبة الكبيرة التي تلتف حول خاصرة احدهم, وهي تحمل عشرات المخازن التي تعبئ فيه ذخائر الكلانشكوف, بالإضافة إلى القنابل الصوتية, التي تجعل من منظر حاملها شخصاً مخيف, شخصاً تكتشف أول ما تراه عيناك إلى انه يريد أن يدخل في معركة لا يهمه فيها سوا آن يقال عنه انه بطل, لم يخنع لمطالب أعداءه, ولم يستجب لشروطهم, ولم يتراجع في الدفاع عن كلمته حتى ولو كانت خاطئة.

على هذه الرمال تبدوا المشاهد أكثر إيلاماً واشد قسوة, إنها مشاهد الحرب, مشاهد البداوة,مشاهد الحشود الهائلة التي يميزها لبسها العربي الأصيل, مشاهد خلية النحل الواحدة التي تعمل بتعاون دون كلل أو ملل, هنا العشرات يقومون يومياً بإعداد وجبات الطعام الخشنة, ومجموعات متخصصة ترقب بدرابيلها الليلة تحركات الجانب الأخر, والمئات متأهبون للهجوم في الوسط, وعلى جوانب المعركة هناك ما يسمى ب( الرازية ) -وهم من يقومون بحماية خط الوسط من أي هجوم مباغت- .

مشاهد تنسيك حياة المدنية, وترف العيش, ولذة الحياة, مشاهد تذكرك بحرب داحس والغبراء ولكن بصورة أسوأ, ومنظر أكثر بشاعة.

لا جبال هنا يحتما بها, بل النحور مكشوفة, والثغور مفتوحة, والمتنازعان كل منهم يرى عدوه رأي العين, ومجرد إطلاق رصاصة واحدة من أي طرف قد يشعل فتيل الحرب, ويدق ساعة الصفر, وحينها لا تسال عن عدد القتلى والجرحى.

الجميع يملك أسلحة متطورة, والقبيلتان – عبيده وبلحارث- تمتلكان ملايين القطع من الأسلحة وخصوصاً إذا ما اتضح لنا آن كثيراً من المصادر الإعلامية تقدر عدد قطع السلاح في اليمن بنحو 55 مليون قطعة , وان كان الرقم مبالغ فيه إلا انه باعتقادي صحيح إلى حداً ما , وعند زيارتك إلى جبهات القتال هناك ترى بوضوح أنواع مختلفة من المسدسات، والرشاشات الآلية، والقنابل، والمتفجرات، والمدافع المضادة للطائرات، والقذائف المضادة للدروع، والصواريخ المحمولة، والألغام..

مثل هكذا مشهد استدعى مبخوت بن عبود الشريف رئيس المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة مأرب إلى أن يحذر الدولة أن تقف موقف المتفرج من الحرب الدائرة بين قبيلتي عبيده وبلحارث, , وقال في تصريح خاص لموقع مارب برس \" في حال تفاقمت المشكلة إلى حرب مستعرة بين الطرفين فإن الدولة تتحمل المسئولية , وأضاف أن \"القبيلتين تمتلكان أسلحة ثقيلة ومتطورة وأن مسرح العمليات سيكون حقول النفط في صافر وجنة وبين محافظتين كانتا قبل الوحدة شطريتين مما يهدد الاقتصاد الوطني والوحدة المباركة.

وقال \" ربما مع تطور الأحداث أن تقوم قبيلة بالحارث بمنع ضخ النفط من جنة إلى مأرب وتقوم قبلية عبيدة بمنع ضخ الغاز من مأرب إلى شبوة وأن يتحول الصراع من صراع حدود إلى صراع ثروات , وأضاف رئيس المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة مأرب \" أن ما حصل بين قبيلتي عبيدة وبالحارث أمر في غاية الخطورة داعيا في ذات الوقت القبيلتين إلى تقوى الله عز وجل بعدم الاستسهال بإراقة دمائها , وقال \" لقد عاشوا إخوة متجاورين أصهارا وأرحاما ولم يسجل التاريخ أن حدث بينهما قتال في الماضي .

وتساءل\" ما الذي يفيدهما عندما يتقاتلان على رمال وصحراء , فيها منشئات نفطية عملاقه خيرها لغيرهم, ليس معهم منهم إلا الوظائف في مجال الحراسة وسواقة السيارة ولا ترضى الدولة بإعطانهم عائدا لتطوير البنية التحتية في مأرب أو شبوة , ولا أعطاهم الأولوية في إدارة الشركات العاملة ولا منح دراسة لأولادهم ولا أي امتيازات تذكر .

قائلا أن صح أن الدولة طلبت من دول مجاورة معاقبة من يحمل الجنسية لهذه الدول من القبيلتين فهذا شيء مؤسف فهم وإن حصلوا على جنسيات فهم في الأصل يمنيون فعلى الدولة أن لا تلقي بعجزها على الآخرين وان لا تتلاعب بالنار ودماء القبائل الزكية .

المصير الذي سيؤول إليه المتنازعان في حال اشتعلت شرارة الحرب – لاسمح الله – سيجعل في كل قبيلة مئات من الأيتام وعشرات من الأرامل, وسيكون الموقف كارثياً بكل المقاييس, ولذلك حرصت قبائل الجدعان والنسيين وآل عقيل وغيرهم على التوصل إلى حل ودي ينهي القضية, ولكن أمور حالة دون ذلك.

استشعار اللواء الركن على محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية, وقائد الفرقة الأولى مدرع, بخطورة الموقف, دفعه إلى أن يطلب من قبائل بلحارث مهلة ثمانية وأربعين ساعة في مقابل إلزام عبيدة بالوفاء, وهي مبادرة جيدة ورائعة من اللواء الأحمر الذي اشرأبت إليه الأعناق لحل مثل هكذا قضية.

القبائل المجاورة للقبيلتين تعرفان جيداً أن تعقيدات الموقف, لا يمكن لأحد أن يحل عقده سواء الرجل المؤمن بقيمة الوطن وأبناء الوطن, الذي يحتوى جُل الخلافات القبلية في اليمن, ويبقى السؤال القائم هل سُيوقف علي محسن القتال الدائر فوق رمال النفط؟.