أحذية تدخل التاريخ.. و .. وجوه تخرج منه !!
بقلم/ طارق فؤاد البنا
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 8 أيام
الثلاثاء 03 يناير-كانون الثاني 2012 10:44 م

tarekal.banna@yahoo.com

بين (حذاء) الشهيد و(وجوه) البلاطجة :

بعد أن قامت الثورة اليمنية السلمية لتقتلع كل أركان نظام الجور والفساد والطغيان الذي عاث في أرض اليمن الفساد طيلة أكثر من ثلاثة عقود من الزمن المرير ، وصلت الثورة إلى مرحلة التصفية لكل من شارك في تجريع وتجويع وتركيع الشعب ، وبعد أن كان مسؤولي النظام السابق وبلاطجته يرون أنفسهم في (ثريا) المجد عصفت بهم عاصفة الشعب إلى الهاوية السحيقة ، وخسفت بهم إلى (ثرى) الذل والعار ، وبعد أن كانت قيمة هؤلاء المسؤولين في العلالي أصبحت في ظل الثورة أبخس شيء في اليمن ، وازداد الإيمان بهذا الأمر عندما عرف الجميع بقصة حذاء شهيد مسيرة الحياة الراجلة والذي تفطرت أقدامه من المشي إلى صنعاء قادماً من تعز العز ، وعندما وصل لاقته أيدي الغدر والخيانة بالرصاص لتحلقه بجوار ربه ، فتم فتح مزاد علني على حذاء هذا الشهيد ، وكانت الأنباء تتوالى عن ارتفاع قيمة هذا الحذاء ، وبعد أن كان المزاد سيرسو على رجل الأعمال نبيل الخامري الذي أعلن عن شراء الحذاء بقيمة مليون ونصف ريال إلا أن الثائرة التعزية الحرة أم العز عبدالسلام أعلنت عن شراء الشهيد بمبلغ ثلاثة ملايين ريال!

ومن المؤكد أن الثائرة التي اشترت الحذاء بهذا المبلغ كان بإمكانها في ظل (بوار) سوق الفاسدين من أركان النظام السابق أن تشتري الكثير منهم ، ربما كان بإمكانها شراء ياسر اليماني الذي تلقى ضرباً مبرحاً في السعودية لمرات عديدة كما أفادت مصادر بذلك ، أو عبده الجندي الذي أصبح (أسير) منزله ، وأصبح يطفي (خرمته) بالمؤتمرات الصحفية بجمع أطفال حارته وتجميع عدد من (العيدان) أمامه ، ومن ثم يكتب على واحد منها (الحرة) والآخر (العربية) والثالث (اليمن) و(سبأ) وغيرها معتقداً أنها (ميكروفونات) القنوات الفضائية ، ومن ثم يحكي للأطفال حكاية (جدته) التي أشغل العالم بها ، أو كان يمكن لأم العز أن تشتري بها عباس المساوئ الذي أصبح يسب النظام بعد أن رأى سقوطه ومصرعه ، كان يمكن لها أن تشتري الكثير من هؤلاء الذين يعبدون الريال والدرهم والدولار ، ولكنها رفضت ذلك ، ورفضت أن تدفع مالها فيما لا يستحق ، فدفعته في شراء (حذاء) الشهيد ، فأحياناً تكون الأحذية أهم من وجوه البعض ، وأحياناً تكون الأقدام الممزقة أشرف من الوجوه الملمعة والكروش والمنتفخة ، وسبحان من جعل (الحذاء) أغلى وأرفع قيمة من بعض (الوجوه) !! 

الشرفاء عادوا إلى مناصبهم..وأنتم موتوا بغيضكم !

عندما انطلقت الثورة ، وسقط العديد من الشهداء خاصة بعد جمعة الكرامة قدم الكثيرون من الشرفاء استقالاتهم من الحزب الحاكم ومن مناصبهم ، فصدرت تعيينات فورية لغيرهم بتلك المناصب ، ففرح المعينون بالغنيمة التي حصدوها جراء سقوط الأنفس وإزهاق الأرواح ، واتخذوا من المثل (مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ) شعاراً لهم ، أما من رفضوا الاستقالة واستمروا في التطبيل للحاكم المستبد فهم أسوأ من هؤلاء ، ولكن لأن الثورة لا بد لها من نصر ، ولأن إرادة الشعوب إذا حلت فلا بد من تحقيقها فقد أعادت هذه الثورة الكثير من الأمور إلى نصابها ، وبدأت حالياً خطوات التصحيح لما مضى ، فعاد المسؤولين المُبعدين عن أعمالهم إلى ممارسة أعمالهم السابقة وبصلاحيات حقيقية بعيداً عن (التوجيهات العليا) التي كانت هي (الغريم) الفعلي للشعب في كل ما حل به ، بينما تم إبعاد كثيرين ممن تم تعيينهم أمثال الجندي عبده ، وإن كان لهذه الخطوة من فوائد فإن فائدة تغير سياسة صحيفة (الجمهورية) واستكتابها لكثير من العقلاء بعودة (العاقل الرائع) سمير اليوسفي هي أولى الفوائد ، وهذه هي الشرعية الشعبية التي تقرر ما تشاء بعيداً عن أهواء الطغاة والمستبدين ، فالثورة أعادت الشرفاء إلى مناصبهم..أما أنتم يا مطبلي النظام فموتوا بغيظكم ، ولا تموتوا مرة واحدة ، بل موتوا ألف مرة !! 

الحاء...حينما يتسيد بقية الحروف في اليمن !

حرف الحاء ، له ألف حكاية وحكاية في اليمن ، فهذا الحرف أظهر أشياء كثيرة للعيان ، بعضها سلبية ، وبعضها إيجابية ، في بعضها مصائب ، وفي بعضها فوائد ، وسنشير هنا إلى بعض (الحاءات) التي تسيدت وطغت على بقية الحروف في اليمن .

أولى هذه (الحاءات) هو حاء (حراك) الجنوب ، فهذا الحاء كان له مطالب مشروعة في البداية ، مع اعترافنا بمقدار الظلم الذي تعرض له هذا الحاء ، ولكن بعض دُعاة الفتنة والانفصال اندسوا في صفوف أبناء هذا (الحاء) ليطالبوا بانفصال الجنوب وفك عُرى الوحدة اليمنية ، فأصبح هذا (الحاء) عبئاً على الوحدة وعلى الشعب في ظل وجود مثل هذه الدعوات الانفصالية في طياته !.

أما (الحاء) الثاني فهو حاء الـ(حوثي) وزعيمه (حسين) ، وحكاية الحوثييين عصية على الفهم ، ولا يمكن تفسيرها بلمات قليلة ، فحجم التناقض والغموض الذي يكتنف هذه الجماعة يجعلني أشعر أن الجماعة لا تدير نفسها بنفسها ، وأن هناك جهة ما سواء داخلية أو خارجية هي من تنفذ كل شيء بإسم الحوثيين ، فبعد أن كانت لاقت ترحيباً وقبولاً في أوساط الشعب بعد أن انخرطت في العمل الثوري السلمي ، إلا أن أتباع هذا (الحاء) خربوا كل ما بنوه بحصارهم اللا أخلاقي لدماج ، وبتنفيذ سياسات مشبوهة لم يستفد منها إلا أتباع النظام السابق ، فهل سيستمر (حاء) الحوثي في إتباع الطرق التي ستؤدي به إلى التهلكة ، أم أنه سيعرف أن (الألعاب) التي يستخدمها الآخرون ليصلوا إلى أهدافهم سرعان ما يرموا بها عند وصولهم لأهدافهم ، هذا ما ستجيب عنه قادم الأيام !!

ولـ(حاءات) اليمن بقية ، وذكرها قد يطول ، غير أننا سنشير إلى بعضها في إشارات بسيطة ، فقد ظهرت بعض (الحاءات) بمواقف رجولية ، وساندت شعبها وبقوة ، ولا شك أن (حاء) قبيلة (حاشد) كان أحدها ، وأيضاً حاء (حميد) الأحمر ، وشقيقه (حسين) الأحمر ، وأيضاً شقيقهما (حمير) الأحمر ، كل هؤلاء لعبوا أدواراً جيدة دعمت إرادة الشعب اليمني ، ولا زال لمسلسل (الحاءات) بقية ، ستعرف بقية الحروف تفاصيلها قريباً !.

(ثورة) المؤسسات تطيح بـ(أثوارها) !! 

منذ أيام قليلة بدأت موجة ثورة المؤسسات ، وهذه إحدى النتائج الطبيعية للثورة الشعبية العارمة التي اجتاحت كل مدينة وحارة ومنزل في البلد ، وقد ظهر أن ثورة المؤسسات سرعان ما آتت أُكلها في بعض المؤسسات وبصورة رهيبة جداً ، وبدا للعيان أن الثورة لن تنحصر في تغيير رأس النظام فقط ، وإنما سينطلق وهجها إلى كل (زُغط) في كل مؤسسة في اليمن ، وستنظف الثورة كل مكان تجمعت فيه (أوساخ) النظام السابق بما في ذلك مدراء المؤسسات وموظفيها الفاسدين !.

ثورة المؤسسات جاءت لتطيح بـ(أثوارها) الذين ظلوا في مناصبهم لسنين طوال قد ربما لا تقل عن سنين رأس الفساد والفرعون الأكبر الذي لم يقل (آلان آمنت) رغم طوفان الشعب الذي أغرقه ، ثورة المؤسسات أطاحت بـ(الأثوار) التي ظلت تعتقد أن الشعب مجرد (أبقار) ستظل صامتة طيلة عمرها ، فحرثوا بها طيلة أعمارهم ، وامتصوا خيراتها من لبن وسمن ولحم ، وحتى العظم نخروه بفسادهم نخراً ، لكن ثورة الشعب قلبت الطاولة على هؤلاء (الأثوار) ، وأثبتت أن (الزريبة) الحيوانية التي ظل علي صالح يربي (حيواناتها) من بلاطجته لم تهُد من عزيمة الشعب ، ولم تؤثر في معنوياته ، بل أنها كانت عاملاً مساعداً للثورة بفعل فسادها الذي عم البر والبحر ، والذي أزكمت رائحته الأنوف ، حتى الأنوف (المزكومة) التي لا تشتم أي رائحة ! 

مرشح واحد وانتخابات..كيف الخبر؟!

في أغرب انتخابات ستجري في العالم ، الانتخابات الرئاسية في اليمن ستجري بمرشح واحد فقط ، خاصة بعد إقرار مجلس النواب لهذا القرار الذي نص على أن المرشح التوافقي للانتخابات الرئاسية هو عبده ربه منصور هادي ، وهذا القرار أتى للظروف الاستثنائية لليمن ، ولكن العجيب في القصة هو في أنه طالما أن المرشح للرئاسي واحد ، وهو مرشح توافقي لطرفي الصراع في البلد ، ومع عدم فتح باب المنافسة لهذا المرشح ، فلماذا تتم الانتخابات بكل خسائرها ، خاصة إذا عرفنا مقدار المليارات التي يتم صرفها في الانتخابات ، سؤال لا يملك إجابته إلا الله والتاريخ القادم ، وربما عبده ربه منصور هادي؟!