ما وراء تعيين نائب عام جديد وماهي التحديات القادمة!!؟
بقلم/ د.خالد عبدالله علي الجمرة
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 10 أيام
السبت 30 إبريل-نيسان 2011 06:36 م

لن يكون الدكتور عبدالله العلفي المسؤول الأخير التي ستطيح به الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، الطابور ما زالي ممتد ويقف فيه عديدون وحتماً أن الدور سيصل إلى ماهو أبعد من وزير أو ما يساويه ولو بعد حين، فقد شهدت النيابة العامة خلال فترة تولي الدكتور عبدالله العلفي رئاستها الكثير من المحطات التي تستحق السرد وبالتفصيل باحترام، لكن ما تقوم به الأن النيابة العامة بالتحقيق مع متهمين ارتكبوا وساهموا وحرضوا بارتكاب جريمة الجمعة الدامية هي المحطة الأصعب والتحدي الأقوى في مسيرة النيابة العامة منئذ تأسيسها بالعام 1977م، ومع أن الدكتور العلفي حاول كعادته أن يكون محايداً ومستقلاً عن الملاطمة السياسية التي تمر بها اليمن لأجل استبعاد أي تاثير سياسي على التحقيق القضائي بهذه القضية إلا أن هذه المحاولة بائت بالفشل؛ وأدت بالأخير للإطاحة بهِ، ربما هو الوحيد الذي يستطيع تأكيد او نفي ما تردد أخيراً أن تعيين بديلاً عنه كانت نتيجة طلبه استدعاء بعض أقارب الرئيس للاستماع إلى أقوالهم فيما يتعلق بأحداث تلك الجريمة لهذا أي جزم يتجه نحو تأكيد هذا من شخص غير الدكتور العلفي قد يكون توجه مستعجل وغير دقيق البتة ..

خلال فترة عمله كنائب عام كان الدكتور عبدالله العلفي يحبذ أن يمسك العصى دائماً من المنتصف في معالجة الكثير من الأحداث، وكان رجل توافقي أكثر منه رجل حسم، ولم يكن يلجئ للتدخل الجراحي إلا في أضيق الأحوال، وعرف عنه التراجع السريع عن أي قرار يتخذه إذا ما وجد قراراً أفضل منه على الأقـل وفق تقديراته، ولهذا استطاع الرجل أن يمد علاقة محترمة مع جميع الأطراف بالسلطة والمعارضة والجميع مازال يتذكر مشهد الفديو الذي ظهر به الدكتور في ميدان التغيير وشباب الميدان يطلبون منه محاكمة الرئيس علي عبدالله صالح وهو ملتزم الصمت....مما جعل محطة الجزيرة القطرية تفسر صمته هذا بإنه انضمام إلى الحركة الشبابية؛ وهو ما سارع إلى نفيه مباشرة وقتها باتصال هاتفي مع فضائية اليمن ورغم نفيه هذا وتأكيده أن موقعه موقع قضائي يحرّم عليه الدستور الانخراط في العمل السياسي؛ إلا أن تقليله فيما بعد من أثار حالة الطوارئ المعلنة من السلطة والتشكيك بقانونيتها كان القشة التي قصمت ظهر البعير بينه وبين النظام، النظام الذي حينها أدرك جيداً وفق تفاصيل خاصة به أن موقع النائب العام بالنسبة له قد أصبح شاغراً!!!؟

حساسية موقع النائب العام لم تساعد على الأقـل هذه المرة الدكتور عبدالله من الاستمرار في سياسة امساك العصى من المنتصف، فالرجل تعرض لضغوطات شديدة من المعارضة والسلطة (فافتطر) قلبه وهو يخاطب رئيس الوزراء في مذكرة رسمية عن اعتزامه الاستقالة إذا لم تقم الجهات الأمنية بواجبها وتسلم له مجموعة أخرى من المطلوبين على ذمة جريمة الجمعة الدامية، فكانت الإقالة من السلطة خوفاً من أن تسبقها الاستقالة منه، وأتذكر أنني قلت للدكتور عبدالله العلفي وهو رجل من حيث صفاته الشخصية بسيط ومتواضع جداً ويسمع للجميع قلت له في حديث جانبي يا دكتور هذه المرة لن تستطيع إرضاء الأطراف كلها بل لن ترضي ولو حتى المطالب الدنيا لطرف من الأطراف والسبب طبعاً كون سقف مطالبات الفريقان المعارضة والسلطة أعلى بكثير من سقف العدالة والقانون واختصاص النيابة العامة؛ فكانت الابتسامة العريضة هي جوابه المُختصر !!!

 

بتعيين الدكتور علي الأعوش نائباً عاماً بديلاً للدكتور العلفي تكون النيابة العامة قد طوت مرحلة مشرقة من مسيرتها وفتحت صفحة جديدة لمرحلة نتطلع جميعاً أن تكون أكثر اشراقاً، لن نخوض في مدح الدكتور علي الأعوش حتى لا تفقد هذه السطور قيمتها القانونية والمعنوية لكن من المؤكد أن اختياره كان موفقاً لأكثر من سبب أهمها أن الرجل هو ابن النيابة العامة قبل نقله مؤخراً للعمل بالمحكمة العليا وهو ما يعني أن الطريق أمام الرجل قد يكون نعم طويلاً لكنه ليس مجهولاً وغامضاً كما لو تم تعيين شخص أخر من خارج النيابة العامة، فالدكتور الأعوش يدرك جيداً مواطن الضعف في النيابة العامة ويعرف تماماً أكثر الشخصيات الفاسدة في جهاز النيابة العامة التي يجب عليه أن يقصيها فهي هي الشخصيات التي اصطدم بها عندما كان محامياً عاماً للأموال العامة بمكتب النائب العام ولهذا لا يمكن أن يعذره أياً كان حال تأخره في استبعاد هذه الشخصيات و استبدالها بشخصيات أكثر كفائة ونزاهة على الصعيدين الإداري والقضائي، كما أن قضية الجمعة الدامية ستمثل تحدي من نوع خاص للرجل الهادئ الطباع والذي يستمع للآخرين أكثر مما يتكلم وهي صفه رسمها انطباع خاص من خلال مقابلة شخصية أو اثنتان مع الرجل.... فحساسية موقع النائب العام خاصة ومجرد قبوله في ظل هذه الظروف بهذا الموقع تعني أنه قِبل أن يخوض تحدياً مع نفسه وضميره ومع الآخرين وهي معركة صعب جداً التكهن بنتائجها إلا بعد زمن ....

الجميع الأن سلطة ومعارضه ومستقلون يطالبونه بالكشف عن مرتكبي جريمة الجمعة الدامية وإحالتهم للمحكمة بقرار اتهام قوي الإثبات ومستقل وهذا هو الامتحان الأصعب؛ والذي زاده صعوبة تعيينه في ظل هذه الظروف ولأسباب بالتأكيد إن لم تكن متعلقة بهذه الجريمة مباشرة فإنها متعلقة بالأزمة السياسية التي تحكم الآن الشارع اليمني، فهل يتمكن النائب العام الجديد من تجاوز الاختبار العسير الذي لم يستطع رجل التوافقات أن يتجاوزه مع كل ما كان يتمتع به من دهاء وحكمة وثقة، وهل يستطيع النائب العام أن يحافظ على استقلالية النيابة العامة ويحفظ هيبتها!!؟ وهل يستطيع ترميم البيت الداخلي للنيابة ويتجاوز رموز الفساد البشعة التي تعبث بالمقدرات المالية والإدارية في مكتب النائب العام بالذات!!؟ وهل يعيد لموقع النائب العام تجاه هؤلاء شخصيته وقوته ويمسك من جديد زمام الإمور ننتظر ونترقب والله يكون في عونه وهو الموفق سبحانه ... ،،،