ثوار في صنعاء.. شبيحة في دمشق
بقلم/ صدام أبو عاصم
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 5 أيام
الجمعة 03 فبراير-شباط 2012 04:04 م

s.asim84@gmail.com

لا أغرب من سياسة تتبعها إيران في مواجهة الغرب هنا.. ولا أعجب منها دولة تتناقض في مواقفها السياسية والأخلاقية حيال القضايا المصيرية والإنسانية في المنطقة أيضاً، كتدخلاتها الرعناء والمرتبكة، في ثورات ربيعنا العربي العظيم.. ولا أغرب وأعجب من تفكير بعض قوى الحداثة والمدنية من أبناء لحمتنا طبعاً، وهم يؤيدون موقف إيران المتباين في كل من صنعاء ودمشق والمنامة وحتى في القطيف.

تحركت عجلة السياسية الإيرانية مؤخراً وبشكل متسارع ومكثف داخل اليمن الذي يقف على مشارف التعافي من الجراح.. واستطاعت شعاراتها الدينية والمذهبية وأموالها المتدفقة أن تستميل تعاطف وتعاطي الكثيرين مع توجهاتها التي لم نعد ندرك حقيقةً، ماهيتها ! وإلى أين ستفضي هذه الإجراءات الرسمية بالنسبة لحضور دولة كانت حتى وقت قريب، تحتل مكانة عالية في وجدان الشعوب العربية، بعيداً عن أي حسابات.

الأمكنة العربية المشتعلة بثورات الربيع، تفصِّل لها جمهورية إيران العظمى، مقاسات خاصة بحجم وشكل ونوع حرية أبنائها وتحدد ماهية مطالبهم المشروعة والمحظورة في التغيير.. حتى أن حكمة إيران السياسية وصلت إلى التذمر الفعلي والممنهج مما حدث في اليمن من تسويات وحقن للدماء، فضلاً عن تذاكيها في نكران دموية نظام الأسد الذي قتل منذ بداية الثورة السلمية في سوريا قبل عشرة أشهر، ما يزيد عن 6000 شخص وفقاً لأحدث الإحصائيات.

تعتقد الدولة الواهمة بقوتها، أن دورها في المنطقة يجب أن يبرز أكثر ولو على دماء الشعوب التواقة للحرية والحياة الكريمة في دول الإقليم.. وإيران التي تظن أن عليها أن تهزم المعسكر الغربي بدءًا من تأييد إبادة الشعب العربي المسالم في سوريا بعد خروجه مطالباً بالحرية والكرامة كأي إنسان حي في هذا العالم، ترى أيضاً أن الأمريكان والسعودية سيلقون مصرعهم تماماً، حين تقف هي وبقوة في وجه التسوية الحاقنة للدماء في اليمن، ولا أظن تباكيها وعويلها على أحداث البحرين سوى خطة سياسية وإعلامية مبالغ في خطورتها للإيقاع بقوى المعسكر الغربي والتصدي للامبريالية الأمريكية..

لا أدري صراحةً عن توصيف محدد يمكن له أن يلخص فكرتي عن غباء المعسكر الشرقي وحماقة ابنته المدللة إيران، فهذه تريد أن تمرر مشروعها النووي بغض النظر عن تهديدات الإسرائيليين والاتحاد الأوروبي وأمريكا بمهاجمة إيران عسكريا.. وبغض النظر أيضاً، عن ضرورة نجدة الشعب العربي السوري الذي يذبح كل يوم وتذبح معه مكانة هذه العجوز وسياستها المتشحة ثوب الدين. بعيداً عن أيدلوجيا الدين والمذهب، تقف دول المعسكر الشرقي المنتهي قبل عقود، في الصف الخطأ.. ولطالما يدور في بالي سؤال: وهو ألم تسأل الصين أو روسيا نفسها يوماً هل تقف في الطريق الصحيح أم الخطأ في التعامل مع ثورة سوريا التي يقتل فيها العشرات كل يوم. سيقول أحدكم هذه ألاعيب السياسية لكن أليس السياسة هي فن كسب المصالح بأبسط الطرق! ثم لم لا تعتقد روسيا والصين وحتى إيران أن مصالحها الحقيقية هي مع الشعوب وليس مع الأنظمة.

أخيراً، ربما سيكون الأمر مجحفاً الإشارة إلى "اليمن الذي نريد"؛ وهو مؤتمر استضافته بيروت قبل أيام وبتمويل إيراني معلن أو مبطن. كما وأن الحديث عن ترشيح عدد من المشاركين في المؤتمر ممن قيل أنهم يمثلون مختلف الكيانات الشبابية في ساحات الثورة، بينهم نشطاء مدنيين وحقوقيين وصحفيين، لزيارة طهران وأخذ تعاليم النضال وجهاً لوجه من المرجعيات، سيكون هذا بمثابة مبالغة وتحامل غير منطقي، إذا ما تحاشينا الإشارة إلى مؤتمر "اليمن إلى أين" الذي عقد في وقت متزامن في القاهرة وبتمويل خارجي مبهم وأهداف غامضة أيضاً، ولا أظن إلا أن التركيز على ما سبق وحسب، سيجعلني غير موضوعي وغير محايد في انتقاد فكرة البحث عن دفء يحمي اليمن واليمنيين من المخاطر كوطن وجماعات، وذلك دونما إشارة إلى موائد الرياض التي اجتمعت حولها كروش العديد من الساسة والمشايخ والقادة العسكريين، ولمرات ومرات.

أنا هنا لست بصدد عمل مقارنة بين ما تدفعه إيران أو السعودية ونواياهما وأفعالهما حيال الثورة اليمنية، أو غيرها من الثورات سواء في سوريا أو في البحرين وأخيراً القطيف. أنا في صدد توضيح فكرة أنني مع الحرية في كل الأماكن وتحت أي الظروف. صحيح أن السعودية أسهمت في تقديم مبادرة لوقف نزيف الدم في اليمن لكني مع حرية المواطن في السعودية وفي البحرين أيضاً. ومعلوم أن إيران المؤيدة عبثاً لثورة اليمن، تحاول جاهدة إجهاض المبادرة الخليجية فقط، لكني ضد إيران في اليمن ومع قواها اليمنية الثائرة في صنعاء وضد مناهضتهم جميعاً، بفعل الدين والمذهب، لثورة سوريا وتأييدهم لمجرمها الأسد. أنا باختصار، ضد استفزاز ثوار اليمن لثوار سوريا.. ضد أن يتحول ثائر يمني يتبع تكتل المشترك أو محسوب على الحوثيين أو الحراك الجنوبي وكلاهما بالطبع، من قوى الثورة ضد نظام صالح، إلى شبيح في دمشق.. فالحرية لا تجزأ يا أيها المناضلون الطيبون.