خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين
شيخ جليل أثرى مجال الدعوة بقوة آرائه وأفكاره وبمكتبة ضخمة زاخرة بالعديد من المؤلفات التي تنوعت موضوعاتها، اسمه بالكامل محمد الغزالي أحمد السقا داعية شجاع وخطيباً بليغاً سعى في خلال حياته من أجل ترسيخ العقيدة الإسلامية والنضال في مجال الدعوة، كما عمل بكل جهده في توصيل دعوته للإسلام بكل السبل الممكنة من خطب ومقالات ومحاضرات وكتب بالإضافة للبرامج التلفزيونية والإذاعية سواء مقدم لها أو ضيف عليها.
تلقى الغزالي تعليمه الأزهري علي يد مجموعة من علماء وشيوخ الأزهر الشريف نذكر منهم : الشيخ عبد العظيم الزرقاني, الشيخ محمود شلتوت, الشيخ محمد أبو زهرة الدكتور محمد يوسف موسى وغيرهم العديد من علماء الأزهر الشريف.
النشأة
ولد الشيخ محمد الغزالي في 22 سبتمبر 1917م بقرية " نكلا العنب " بمحافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية، ولقد أتت تسميته " بمحمد الغزالي " أملاً من والده أن يصبح ولده مثل العالم الكبير " أبو حامد الغزالي"، كانت نشأته في بيت إسلامي متدين محافظ حيث قام بحفظ القرآن الكريم من خلال كتاب القرية، واطلع على الحديث الشريف، ثم أتت المرحلة الدراسية لتدعم ما تعلمه خلال فترة طفولته فالتحق في المرحلة الابتدائية بمعهد الإسكندرية الديني الابتدائي وظل به حتى المرحلة الثانوية وحصل منه على شهادة الكفاءة ثم شهادة الثانوية الأزهرية، ثم جاءت المرحلة الجامعية فقام بالانتقال إلى القاهرة في عام 1937م والتحق بكلية أصول الدين وتخرج منها في عام 1941م، ثم حصل الشيخ الغزالي على درجة العالمية في عام 1943م.
أديب الدعوة
" أديب الدعوة " هذا هو اللقب الذي أطلقه عليه السيد حسن البنا عندما قرأ له مقال بعنوان "الإخوان المسلمون والأحزاب" في عدد من مجلة الإخوان، بدأ التعارف بين كل من الشيخ الغزالي والسيد حسن البنا في الفترة التي كان يدرس بها الشيخ الغزالي بالمرحلة الجامعية في القاهرة وتوطدت العلاقة بينهم، حيث قام الغزالي بالكتابة في مجلة "الإخوان المسلمين" فكانت أولى مقالاته وهو في السنة الثالثة الجامعية، عمل البنا على دعمه وتشجيه دائماً وحثه المستمر على مواصلة الكتابة لما لمسه فيه من ثقافة عالية وحسن الأسلوب الأدبي.
بدايته في مجال الدعوة
تخصص الشيخ الغزالي في مجال الدعوة والإرشاد وبدأ أولى خطواته في هذا المجال عقب تخرجه مباشرة حيث قام بالدعوة في مساجد مصر.
عمل الشيخ الغزالي في مجال الدعوة بكل إخلاص واجتهاد سواء من خلال مقالاته التي أخذ ينشرها بشكل دوري في مجلة " الأخوان المسلمين " تحت عنوان " خواطر حية " والتي كان يقوم من خلالها بمناقشة أحوال المسلمين والمشاكل التي يمرون بها، أو من خلال الحملات والدعوات التي كان يقوم بها لمناهضة الظلم الاجتماعي، والتفاوت الشديد بين الطبقات.
وفي هذه الفترة صدرت أولى كتب الشيخ الغزالي بعنوان " الإسلام والأوضاع الاقتصادية" عام 1947م، والذي كان يتحدث فيه عن أهمية التكافل الاجتماعي بين الطبقات، ثم تبعه بكتاب آخر بعنوان " الإسلام والمناهج الاشتراكية " حيث أتى مكملاً لفكر الإصلاح الاقتصادي، ويوضح المسؤوليات المتبادلة بين كل من الفرد والأمة، وبعد ذلك قام بإصدار كتابه الثالث " الإسلام المفترى عليه بين الشيوعيين والرأسماليين".
تطرق الشيخ الغزالي في كتبه وفكره إلى منطقة جديدة كانت غير متداولة بين غيره من الدعاة وهي الدعوة إلى الإصلاح والتكافل وأهمية النهوض الاقتصادي وتحقيق المساواة بين أفراد الشعب، حيث كان الدعاة الآخرين مقتصرين على الوعظ والإرشاد فقط في المجال الديني.
الاعتقال
لقي الشيخ الغزالي في مجال الدعوة الشهرة والقبول بين الناس، وظل منضماً ومندمجاً مع جماعة " الإخوان المسلمين" إلى أن صدر قرار من رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي بحلها واعتقال عدد كبير من أعضائها ومصادرة جميع أملاكها وذلك في عام 1948م، وبالإضافة لذلك تم اغتيال رئيسها ومؤسسها السيد حسن البنا حيث أطلق عليه الرصاص في 12فبراير 1949م أمام جمعية الشبان المسلمين، ومن ضمن الأشخاص الذين تم اعتقالهم كان الشيخ محمد الغزالي الذي تم إيداعه في معتقل طور مع مجموعة كبيرة من الإخوان وظل به قرابة العام حيث خرج منه في عام 1949م.
استئناف المسيرة
أستأنف الشيخ الغزالي عمله عقب خروجه من المعتقل بل أصبح أشد حماساً وأكثر قوة في الدفاع عن الإسلام وتوضيح جميع الحقائق المتصلة به، وقام بتأليف العديد من الكتب وإلقاء العديد من المحاضرات والدروس والخطب، صدرت له بعد ذلك عدد من الكتب والمؤلفات التي سعى من خلالها لتأكيد مبادئ الحرية والشورى ومهاجمة الظلم والاستبداد، وغيرها العديد من الكتب الأخرى.
كتب لنصرة الإسلام
من ضمن كتب الشيخ الغزالي التي ظهرت في هذه الفترة كتاب " من هنا نعلم " والذي جاء رداً على كتاب للأستاذ خالد
محمد خالد بعنوان " من هنا نبدأ " هذا الكتاب الذي أثار ضجة في الأوساط الحاقدة والكارهة للإسلام الذين وقفوا محيين لمؤلفه نظراً لأن فكرة الكتاب كانت تدور حول أن الإسلام دين لا دولة ولا علاقة له بأمور الحكم والدنيا، وهو الأمر الذي قام الشيخ الغزالي بنفيه من خلال مجموعة من المقالات التي تم تجميعها في شكل كتاب سمي باسم " من هنا نعلم".
قام الأستاذ خالد محمد خالد بعد ذلك بتأليف كتاب أخر بعنوان "دين ودولة " وهو الكتاب الذي تراجع فيه عما قاله في كتابه الأول " من هنا نبدأ " وقام بالاتفاق مع الشيخ الغزالي في جميع الحقائق المتعلقة بالإسلام.
ظهر للشيخ الغزالي بعد ذلك كتاب "التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام" والذي قام بتأليفه رداً على كتاب قام أحد الأقباط بتأليفه حيث قام هذا الشخص بمهاجمة الإسلام، وقام الغزالي بتفنيد البنود التي وردت في الكتاب والعمل على الرد عليها بالبراهين والأدلة القاطعة موضحاً السماحة التي يتمتع بها الدين الإسلامي في معاملة غيره من الأديان.
مواقف الغزالي
تعرض الإمام الغزالي للعديد من المواقف خلال رحلته للدعوة ونضاله من أجل الإصلاح والنهوض بالأمة ونذكر هنا عدد من هذه المواقف منها:
المحاولات التي قامت بعد ثورة 1952م لإثارة الفتنة والبلبلة في صفوف الإخوان المسلمين والذي ترتب عليه حدوث خلاف بين كل من الشيخ الغزالي والإمام المرشد " حسن الهضيبي" والذي انتهى بفصل الغزالي عن جماعة الإخوان، وهو الخلاف الذي أشار إليه الشيخ الغزالي في كتابه " من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث"، حيث أوضح أن الأمر سوء فهم ناتج عن عوامل الفتنة التي أثيرت بين أفراد الجماعة، وأنه تم الصلح بينهم وتم الاتفاق على خدمة الدعوة الإسلامية معاً، كما أعرب فيه عن ما يكنه من تقدير واحترام للسيد حسن الهضيبي.
وظل الشيخ الغزالي بعد ذلك محاربا لأعداء الإسلام ومستمراً في دعوته من أجل الانتصار للحريات ومدافعاً عن الإسلام، وصدرت له خلال هذه الفترة عدداً من الكتب منها "كفاح دين"، "معركة المصحف في العالم الإسلامي"، و"حصاد الغرور"، و"الإسلام والزحف الأحمر".
كان الشيخ الغزالي دائماً جريئاً وشجاعاً في دفاعه عن الحقائق الإسلامية، ومن مواقفه الشجاعة أيضاً ذلك الذي كان في المؤتمر الوطني للقوى الشعبية الذي عُقد في عام 1962م حيث وقف أمام جمهور هائل من الحاضرين يدعو إلى استقلال الأمة في تشريعاتها، وغيره من الأحاديث القوية والتي أثارت الجدل في العديد من الأوساط المعارضة.
بعد ذلك وفي بداية حكم الرئيس السادات اتسعت مجالات الحرية الممنوحة للعلماء الأمر الذي أدى بالشيخ الغزالي لتكثيف نشاطه في مجال الدعوة حيث برز دوره من خلال جهوده في مجال الدعوة والإصلاح وبذل في كل هذا الكثير من وقته وجهده حيث كان يحارب في مجال الدعوة بقلبه ولسانه وقلمه، من خلال الخطب والكتب والمقالات التي كان يقوم بتأليفها وكتابتها.
ومما يحسب له إعادته لبهاء ورونق مسجد عمرو بن العاص حيث امتلأت ساحاته بالمصليين والراغبين بالاستماع لخطبه ودروسه بعد أن كان مهمل في خلال الفترات السابقة.
الغزالي خارج مصر
تحلى الشيخ الغزالي بالجرأة والشجاعة في إبداء آرائه دائماً، كما واصل جهوده الدائمة من أجل نصرة الإسلام، وكانت المرحلة الفارقة في حياة الشيخ الغزالي عندما أعلنت الدولة عن تغيرها لبعض بنود قانون الأحوال الشخصية، وكانت من تلك البنود بعض القوانين التي تخالف مبادئ الشرع، والتي أبدى الشيخ الغزالي فيها رأيه بمنتهى الجرأة والإنصاف وهو ما لم ينل الاستحسان من بعض الفئات الحاكمة بالإضافة لنقده لبعض الأحوال العامة في الدولة.
تسببت هذه الآراء الصريحة القوية للشيخ الغزالي بتضييق الخناق حوله واستبعاده عن جامع عمرو بن العاص أولاً ثم تم تجميد وإيقاف جميع أنشطته مما اضطره في نهاية الأمر إلى مغادرة البلاد، حيث قام بالعمل في جامعة "أم القرى" بالمملكة العربية السعودية ومكث فيها لمدة سبع سنوات مارس خلالهم نشاطه في الدعوة لله عبر الوسائل الإعلامية المختلفة.
جاء انتقال الشيخ الغزالي بعد ذلك إلى دولة الجزائر حيث عمل بها رئيساً للمجلس العلمي لجامعة الأمير عبد القادر الإسلامية بالقسطنطينية، وفي الجزائر وصل الغزالي إلى قمة إنجازاته وجهوده التي سخرها من أجل خدمة الإسلام والمسلمين، حيث صب جهوده من أجل تطوير الجامعة وإضافة عدد من الكليات الجديدة إليها ووضع المناهج العلمية، بالإضافة لذلك قام بتقديم برنامج تلفزيوني أسبوعي يقدم فيه شرح للمعاني الإسلامية وجميع ما يتعلق بها في الحياة.
العودة إلى مصر والوفاة
بعد أن قضى الشيخ محمد الغزالي سنوات وسنوات بعيداً عن بلده قرر العودة مرة أخرى إلى مصر حيث استكمل نشاطه وجهوده في التأليف وإلقاء المحاضرات.
توفى الشيخ الغزالي رحمه الله في 9 مارس 1996م حيث دفن بالبقيع في المدينة المنورة، بعد أن قضى حياة حافلة بالجهود والنشاطات من أجل خدمة الدعوة الإسلامية، وبعد أن ترك للأمة الإسلامية رصيد ضخم من الكتب التي تتنوع في مختلف المجالات، وأيضاً بعد أن ألقى العديد من المحاضرات والخطب القيمة التي مازال عدد كبير من المكتبات تضمها وتحتفظ بها.
مؤلفاته
صدر للإمام الغزالي العديد من المؤلفات التي أثرت المكتبة الإسلامية منها: خطب الشيخ محمد الغزالي في شئون الدين والحياة – والذي صدر في مجلدين، الدعوة الإسلامية في القرن الحالي، ركائز الإيمان بين العقل والقلب، دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين، الحق المر – صدر في ستة أجزاء، المحاور الخمسة للقرآن الكريم، مشكلات في طريق الحياة الإسلامية، دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، مع الله – دراسات في الدعوة والدعاة، الإسلام والمناهج الاشتراكية، الإسلام والأوضاع الاقتصادية، نظرات في القرآن، الإسلام المفتري عليه - بين الشيوعيين والرأسماليين، معركة المصحف في العالم الإسلامي، التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام، من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث، حقوق الإسلام بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، وغيرها العديد والعديد من الكتب التي تركها لنا الشيخ الجليل رحمه الله.
الغزالي في عيونهم
قال عنه الدكتور نجيب بن خيرة - الأستاذ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر في ذكرى وفاته:
" لست في هذه الكلمات أرثيك فقد مضى زمن الرثاء، ...ولست استمطر الغيث لقبرك فقبرك في طيبة مثواه ..مع مصابنا الجلل لفقدك، وألم الحسرة من هول الفجيعة فيك ...ولست في هذا المقام أعدد محاسنك وأتكلم عن راحل حياتك، فكل ذلك ذائع شائع ومتاح ....ولكنها مشاعر حرى ـ يعلم الله ـ أنها صادقة أقر بالعجز عن صوغها ألفاظا مقروءة ، أو أضعها في قوالب جامدة ضيقة وهي في نفسي أشد انطلاقا من النور، وأوسع من الزمان....! "
وقال عنه الدكتور عبد الصبور شاهين – وهو داعية مصري وأستاذ متفرغ بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
" والحق أن كتابا يوضع على غلافه اسم الأستاذ الغزالي لا يحتاج إلى تقديم؛ فحسبه في تقديري أن يُتوَّج بهذا العلم الخفاق، وقد قرأَتِ الدنيا له عشرات الكتب في الإسلام ودعوته، وتلقت عنه ما لم تتلقَّ عن أحد من معاصريه، حتى إن عصرنا هذا يمكن أن يطلق عليه في مجال الدعوة: عصر الأستاذ الغزالي."
كما تحدث عنه الدكتور يوسف القرضاوي – مدير مركز بحوث السنة النبوية بجامعة قطر فقال: " لا أدري كيف أستطيع أن أحدثكم عن شيخنا الغزالي، وكيف أستطيع أن ألخص مسيرة نصف قرن، إلا كما لو أراد الإنسان أن يضع البحر في قارورة."
كما قام بتأليف كتاب عنه تحت عنوان " الشيخ الغزالي كما عرفته .... رحلة نصف قرن"
وغيرهم الكثيرين من الذين عاصروه والذين تتلمذوا على يده فليرحم الله الشيخ الجليل ويسكنه فسيح جناته ويجزيه عنا خير الجزاء.