مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
لم تبدأ مرحلة الدعاية الانتخابية بعد من الناحية الزمنية القانونية، لكن حمى الانتخابات بدأت بالفعل مصحوبة بأقصى ما تستطيع الحمى إحداثه من ارتعاشات مرضية متوترة.
حتى هذه اللحظة، لم يفتح الباب لتقديم طلبات الترشيح للانتخابات الرئاسية، والتي لن تتحول إلى ترشيحات حقيقية إلا بعد أن تتسلم هيئة رئاسة مجلس النواب طلبات المرشحين، وتقبل بعرضها على الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى، ثم لا يغدو طالب الترشيح مرشحاً بالفعل، ومجازاً لخوض التنافس الانتخابي إلا إذا حصل على تزكية 5% من عدد الحاضرين من أعضاء المجلسين في اجتماعهما المشترك..
والأهم من ذلك أن الكتل السياسية الرئيسية في الساحة لم تناقش وتقر مرشحيها الرئاسيين، لا كتلة الحزب الحاكم، ولا كتلة المعارضة (اللقاء المشترك) وهما الكتلتان الوحيدتان القادرتان على توفير نصاب التزكية للمرشحين، كما أن أي منهما لم يسمِ مرشحه، ولم يعلنه رسمياً.. ومع ذلك شهدت الساحة خلال الأيام القليلة الماضية تصاعداً حاداً لحمى انتخابية مبكرة سبقت إعلان أسماء المرشحين وإنزال برامجهم الانتخابية، وقبل أن يؤذن قانونياً ببدء حملات الدعاية الانتخابية أيضاً..
ولأن ما يتصاعد من حمى يجري خارج المواعيد الزمنية لانطلاق الماراثون الانتخابي، وخارج مراحله وخطواته القانونية والعملية، فإن الأمر يحمل في طياته توجسات غير واهمة عن وجود ترتيبات لصنع مأزق سياسي جديد ترتسم ملامحه بوضوح أمام هذا البلد، الذي لا يزال يحبو على بداية طريق الديمقراطية، على أن حبوه هذا لا يزال يجره إلى الوراء، متخلياً عن خطوات صغيرة خطاها سابقاً إلى الإمام..
على وجه التقريب، يحدث هذا للأطفال الذين يتعثر نموهم، وتفشل محاولات نقل الخبرة إليهم في كيفية تعلم السير، أو حتى الزحف إلى الإمام..
وتظل الحمى الانتخابية المبكرة مؤشراً غير سار على طبيعة الوقائع السياسية المتوقعة في الأيام القادمة، فإذا كان هذا التوتر ينشب الآن قبل إعلان أسماء المرشحين وإنزال برامجهم، فما الذي يمكن أن يحدث عندما يتم تحديد المرشحين ويجري تداول برامجهم؟!
لا ريب أن الحمى الانتخابية نقلت حالة من الهلع إلى قلوب المواطنين، وعلى ألسنة الكثير منهم يدور سؤال حائر: هل تسير البلاد نحو الانتخابات، أو نحو حرب داخلية جديدة؟!
والحال أن هذه الحمى نشبت مع التدشين المفاجأ لحملة الانتخابات الرئاسية للمؤتمر الشعبي العام التي قادها رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح من محافظة ذمار منتصف الأسبوع الماضي، ومن هناك امتدت إلى محافظتي إب وتعز بموكب رئاسي غير اعتيادي، على أن الرئيس علي عبدالله صالح لم يتراجع رسمياً عن الوعد الذي كان قد قطعه العام الماضي بعدم الترشيح، لإفساح المجال أمام الدماء الشابة حسب قوله يومذاك، ولم يقبل رسمياً حتى هذه اللحظة بترشيح المؤتمر الشعبي له، في حين تجري الترتيبات على قدم وساق لإظهار أن تراجعه إنما كان بفعل ضغط الشعب ونزولاً عند رغبته..
غير أن الباعث على القلق لم يتأت من الطريقة المعتمدة في التنصل عن ذلك الوعد، وهي طريقة ليست مثالية في جميع الأحوال، وقد تكررت عدة مرات، ولا من الشروع في حملة انتخابية قبل أوانها، من أناس يفترض أن لديهم من الثقة بقدراتهم ما يحول بينهم وبين تعجل الأمور، ولكن من الزيارات التعبوية للمعسكرات والوحدات العسكرية الواقعة على الطريق بين محافظتي ذمار وتعز، والخطابات النارية التي ألقاها رئيس الجمهورية أمام الضباط والجنود، وكان أخطرها حديثه عن فتنة ما تؤدي إلى استيقاظ العملاق النائم، وعن حلبة لصراع الثعابين..
بمقدور المرء أن يتعقب ويحصي العديد من أخطاء ونواقص التجربة الديمقراطية في اليمن، ويعزوها إلى حداثة النشأة، وقلة الخبرة في إدارة العملية السياسية من منظور ديمقراطي، وهذا الأمر لا تستطيع السلطة ولا المعارضة أن يزعم أي منهما تفوقه على الآخر فيه، غير أن لجوء رئيس الجمهورية إلى المعسكرات والوحدات العسكرية، وتحريض الجنود والضباط بين حين وآخر ضد المعارضة، وتعبئتهم بفكرة أن هناك أعداء للوطن يتربصون به ويتآمرون على منجزاته لا يدخل ضمن مظاهر تلك الحداثة في النشأة، ولا نقص الخبرة في إدارة التنافس السياسي الديمقراطي.. الذهاب إلى مؤسستي الجيش والأمن، وتعبئة منتسبيهما بروح العداء للمعارضة ليس تصرفاً يجافي الديمقراطية فحسب، بل ويتنافى مع منطق السياسة، الذي يحمل أصحابه على البحث عن حلول للمشاكل والخلافات على طاولة الحوار، أو على ساحة التنافس السياسي السلمي، أما شحذ أدوات القوة واستدعاء الروح القتالية وتعبئة الجنود والضباط بها فإنه من قبيل التحضير لتفجير معارك قتالية داخلية تغيب عن ساحاتها حكمة السياسة وتتلاشى في خضمها معاني الديمقراطية..
وخلافاً لواجباتها الدستورية والقانونية في التزام الحياد أثناء التنافس الديمقراطي، كانت وسائل الإعلام الرسمية حاضرة ومتابعة للتدشين المبكر للحملة الانتخابية التي قادها الرئيس، ونقلت عن الزيارة لقاءات جرت بين الرئيس وبين المجالس المحلية، ومسئولي المحافظات، والمشائخ والشخصيات الاجتماعية وفروع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وآلاف المواطنين الذين استمع إلى قضاياهم وهمومهم وتطلعاتهم ووجه بحلها، كل ذلك في ظرف ساعات قليلة تضع مصداقية الإعلام الرسمي على محك خاسر، ومع ذلك يهون هذا النوع من الخطاب الإعلامي بالقياس إلى تعبئة الجنود والضباط ضد المعارضة التي لا تزال تطمح إلى انتخابات حرة ونزيهة وآمنة يتكافأ فيها الجميع، وفي حالة ألا تتفهم السلطة مشروعية هذا الطموح، فإن المعارضة تقبل بالنزول إلى حلبة الثعابين، شريطة أن تكون ثعابيناً غير سامة لا تسفك الدماء، ولا تزهق الأرواح..
على الأقل حلبة ثعابين غير سامة..