توكل كرمان: هناك طريقة واحدة فقط لإسقاط انقلاب ميليشيا الحوثي والغارات الخارجية التي تستهدف اليمن إرهاب مرفوض عاجل : قيادي حوثي من صعدة يقوم بتصفية أحد مشائخ محافظة إب طمعا في أملاكه عاجل: أول فوز تاريخي لليمن في كأس الخليج كاد أن يموت هلعا في مطار صنعاء الدولي.. المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يكشف عن أحلك لحظات حياته . عاجل لهذه الأسباب تسعى إسرائيل الى تضخيم قدرات الحوثيين العسكرية في اليمن؟ إسرائيل تسعى لإنتزاع إدانة رسمية من مجلس الأمن ضد الحوثيين في اليمن وزارة الأوقاف تكرم 183 حافظاً وحافظة بمحافظة مأرب وزير الأوقاف يدعو الى تعزيز التعاون مع الدول العربية التي حققت نجاحات في مجال الأوقاف رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع يلتقي رئيس المنظمات الأوروبية المتحالفة لأجل السلام غارات جديدة على اليمن
أجزم يقينًا أن الشيء الذي لا يجعل المسئولين والمشائخ الكبار في بلادنا يشعرون بمعاناتنا هو أنهم لا ينتمون البتة إلى هذه المعاناة، فهم يعيشون عالماً غير عالمنا ولهذا فمعظم مشاكلنا ومواجعنا اليومية لا تمر بهم ولا يشعرون او يتأثرون بها.
هم لاشك يعرفون بدقة كل ما نعانيه غير أنهم وتحسباً لكل ذلك قد أخذوا كل الاحتياطات اللازمة التي تمكنهم من التصدي ببسالة لهذه المعاناة التي لو مرت بأحدهم بكل فصولها وتفاصيلها يوماً واحداً لأدرك ربما حجم الظلم الذي هو يتسبب فيه بشكل او بآخر .
سأسرد لكم الأسباب التي تجعل هؤلاء يعيشون بعيداً عن الهموم والمشاكل والمواجع اليومية التي يكابدها الغالبية العظمى من أبناء هذا الشعب المكافح الصابر فلدى كل واحد منهم حكومة مصغرة تقوم بالمهام والواجبات الأمنية والخدمية لتسيير حياته الخاصة هو وأسرته.
المسئولون أو المشايخ في هذه البلاد لا يشعرون بغياب الأمن وتردي الحالة الأمنية فكل واحد منهم لديه أجهزة الأمن الخاصة به، سيارة مدرعة في الغالب، بيت ضخم محصن بأسوار عاليه وسواتر ترابية أو اسمنتية أمامه، مجموعة كبيرة من أفراد الحراسة ( العكفة ) وتخيلوا ان معظم هؤلاء الكائنات لديهم قادة حرس أي كل واحد منهم لديه وزير داخليته الخاص ويتبعه أفراد يحرسون المنزل وآخرون يمتطون ظهور السيارات الحديثة يقدمونه ويتبعونه اينما حل وارتحل (وزارة داخلية مصغرة).
عندما تنطفئ الكهرباء وما أكثر انطفاءها في هذه البلاد، لا يشعرون أو يتأثرون بذلك فمواطيرهم متأهبة لمثل هذه الحالة المتكررة بشكل شبه يومي وجنود الحراسة يتولون تشغيلها وإطفاءها عند الحاجة إن لم تكن من النوع الذي يُشغل ويتوقف عن التشغيل ذاتياً، ومحطات الوقود التابعة لمؤسستي الجيش والأمن المحروستين هي الأخرى تتولى توفير الوقود اللازم لها ومجاناً لكثير من هذه الشخصيات المنتفخة على حساب هذا الوطن المنكوب .
الطرقات المكسرة والمتهالكة سوى داخل المدن او بين المحافظات لا يشعرون مثلنا برداءتها المفجعة، فسياراتهم الفارهة المصروفة غالباً من الدولة لا تسمح للمطبات والحفر ان تنغص عليهم سيرهم، والأعطال الناجمة عنها تتولى تصليحها موازنات الجهات التي يديرونها أو يعملون بها، وعند سفرهم الى محافظات اخرى فالسائق والعكفة هم من يذهبون بالسيارة فقط ليستقبلونهم في مطارات المحافظات الواصلين إليها بعد ان توصلهم سيارة أخرى وعكفه آخرون الى مطار المغادرة.
هم ايضاً لا يعرفون مستشفياتنا العامة ولا حجم المعاناة ورداءة الخدمات داخلها فهم وأقرباؤهم يعالجون في المستشفيات الخاصة ذات التكاليف المرتفعة التي لا يقدر عليها البسطاء والغالبية من الناس وإذا لزم الأمر فتذاكر الدولة ونقودها لن تجعلهم يترددون للحظة عن السفر الى خارج البلاد للعلاج، وكذلك لا يعرفون مدى السوء الحاصل في مؤسساتنا التعليمية من مدارس وجامعات حكومية فأطفالهم يدرسون في المدارس الخاصة وأبناؤهم وبناتهم إما يدرسون في جامعات خاصة أو أنهم يدرسون في الخارج بمنح دراسية حكومية يحصلون عليها بطرقهم الخاصة والاستثنائية وفي أرقى الجامعات كمان .
الكثير من أنواع المعاناة اليومية والموسمية التي نعانيها ايضاً لا تعرف طريقها إليهم، فغلاء الأسعار تواجهه حساباتهم وأرصدتهم الضخمة، وانقطاع المشتقات النفطية تغنيهم عنه محطات الجيش والأمن أو خزانات ومخازن الغاز الموجودة في أقبية منازلهم، وأراضي البناء التي نحلم بها لسنوات طويلة يحصلون عليها وبكل سهولة اما بأوامر من النهابة الكبار أو يقومون هم بأنفسهم ومساعدة العكفة بنهبها والبسط عليها.
من حقنا أن نتساءل كيف لهؤلاء أن يعملوا لتثبيت الامن وأمنهم على ما يرام، وكيف لهم أن يضعوا حداً لانطفاء ورداءة الطاقة الكهربائية وهم يشاهدون الأخبار بينما أنا وأمثالي نكتب ونجلس في الظلام في هدوء لا يشوش عليه سوى أصوات مواطيرهم التي اكتب هذا المقال على وقع صوت احدها، وكيف لهم ان يصلحوا حال الصحة والتعليم والطرقات والأسعار وهم محصنون ضدها ولديهم المناعة اللازمة منها ؟
أتساءل أيضا كيف لنا ان ننتظر من هؤلاء ان يسعوا إلى إنها كل معاناتنا وحل كل مشاكلنا وهم لا يعرفونها اصلاً ولا يشعرون بها؟ وكيف لهم ان يبذلوا جهوداً من أجلنا وهم منهمكون ومنشغلون بترتيب أوضاعهم الداخلية هم وأسرهم على حسابنا؟ ولكن يبقى التساؤل الأهم هو متى سنجبرهم يوما على الشعور بمعاناتنا والإحساس بمشاكلنا ومتى سيعيشون مثلنا تماماً يتأثرون ويشعرون بكل ما نتأثر أو نشعر به كل يوم وعند ذلك ومن وحي المعاناة سيجدون أنفسهم من اجلهم هم وأسرهم أولاً مجبرين على إصلاح كل الاختلالات الموجودة بكثرة في هذه البلاد .