الرقص على رؤوس الثعابين
بقلم/ د. عقيل المقطري
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 5 أيام
الأربعاء 04 يوليو-تموز 2012 05:23 م

لم أسمع برئيس دولة يشبه شعبه بالثعابين ويعتبر إدارة شئونه رقص على رؤوسهم سوى علي صالح ولم يكن الكثير من الناس يعرف معنى هذه الكلمة بل كان يفهم منها أن الرجل ذكي ودهي وأنه مخاطر بنفسه من أجل شعبه ووطنه وما كان يعرف حقيقة هذه الكلمة إلا القلة من الناس ولذلك كان جمهور الناس يصفقون لفوزه في الانتخابات وهم لا يعرفون كيف سارت ولا كيف ظهرت النتائج.

لقد كان من المفترض أن يقوم رئيس الدولة بتقوية الروابط الاجتماعية بين أبناء الشعب ويحافظ على النسيج الاجتماعي لكنه عمل بالعكس حتى يشغل الشعب بنفسه ويتفرغ هو وأركان نظامه لمصالهم الضيقة وعلى حساب الشعب لقد كان يزرع الفتن بين القبائل كي تتقاتل وينشغل بعضها ببعض ثم يستدعي مشايخها ليصلح بينهم وليتأبطهم ومن لم ينصع له يعاقبه عقوبة شديدة ومن رقصه على رؤوس الثعابين أنه كان يعطي للمشايخ مبالغ مقطوعة سنويا مقابل كسب ولاء من ورائهم أيام الانتخابات ويترك لهم الحبل على الغالب يتصرفون مع رعيتهم كما يشاؤون حتى إن بعض الشيوخ اعتبر نفسه في منطقته الحاكم بأمره فهو دولة متكاملة يسجن ويغرم ويأمر وينهي حتى إن أقسام الشرطة ومدراء المكاتب يتبعونه شخصيا كما كان ولا يزال الحال في العدين ، وأما شيخ الجعاشن فزاد على ما هو حاصل في العدين أن الرعية لا يجوز لهم أن يتصرفوا في شيء إلا بإذنه فالمال ماله والحق حقه ولقد امتلأت سجون بعض المشايخ في العدين والجعاشن وغيرها بالمظلومين حتى إنه حين تم اقتحام بعض تلك السجون وإخرج السجناء منها خرج أناس أشبه بالمجانيين فربما من أشهر أو سنوات لا يعرفون الاغتسال فالأوساخ مكدسة في أبدانهم وشعورهم وأظفارهم صارت طويلة ومتسخة ، وانصدم كثير من الناس بتلك المناظر اللاإنسانية .

ومن الرقص على رؤوس الثعابين تصفية أصحاب النخوة والكرامة والشهامة ومن يأبى الضيم ويرفض الظلم من مشايخ ووجهاء القبائل وتنصيب آخرين موالين لشخص الرئيس وعائلته لا يتصفون بصفات أسلافهم حتى لو كانوا أبناء أولئك المشائخ من يتصفون بالانبطاح والسمع والطاعة المطلقة ويلهثون وراء مصالحهم الذاتية ...كل ذلك ليصفوا الجو للزعيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم!!!

ومن الرقص على رؤوس الثعابين تصفية الشخصيات القوية التي تنافس الزعيم أويتوقع أنها ستنافسه وقد استفاض هذا الأمر واشتهر عبر المواقع والمنابر الإعلامية ومن أواخرهم أقرب الناس إليه ومن كان سببا في تثبيت أركانه اللواء علي محسن فقد حدثت عدة محاولات لاغتياله آخرها إعطاء إحداثيات للطيران السعودي بمعسكر كان فيه علي أنه موقع للحوثيين وكذلك محاولة تصفية الحسابات مع أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر.

 ومن رقصه على رؤوس الثعابين تهميش المتعلمين وحملة الشهادات العليا وعدم توليتهم مناصب قيادية وإعطائها لغير المؤهلين من المقربين منه من أبناء قبيلته وأصهاره الموغلين بالولاء له حتى تبقى زمام الأمور بيده ولم يعط منصبا قياديا لغيرهم إلا لمن كان مواليا لشخص الزعيم .

ومن رقصه على رؤوس الثعابين التضييق على أبناء كل المحافظات دون استثناء عدى محافظة صنعاء وما حولها في الدخول للكلية الحربية إلا ما ندر ممن له وساطة قوية شريطة أن تكون هذه الوساطة موالية وذلك ليضمن ولاء المخرجات وهذا ما تم له فأغلب الحرس الجمهوري والخاص والأمن المركزي والقومي من الموالين ولاء تاما له ولأسرته من أجل ذلك بقيت مصادر القوة متكافئة أو شبه متكافئة عند قيام الثورة وانضمام بقية أفراد الجيش للثورة ما عدى من ذكرنا.

ومن رقصه على رؤوس الثعابين تسليح الوحدات التي ذكرناها آنفا تسليحا حديثا والاعتناء بها ماديا ومعنويا وإهمال الألوية الأخرى حتى يكسب ولاءها وكان له ما أراد وبقيت هذه الألوية بيده حتى وقع على المبادرة الخليجية بل فيما بعد ذلك رغم القرارات الصادرة من الرئيس هادي بتغيير بعض القادة فقد تمردوا جميعا على تلك القرارات الصادرة لولا تدخل المبعوث الأممي جمال بن عمر بل لا تزال بعض الأولوية تحت قبضته يرقص عليها .

ومن رقصه على رؤوس الثعابين اختلاق الأزمات المتكاثرة والمتنوعة فمن أزمة البر إلى أزمة السكر إلى أزمة الغاز والبترول والديزل ليشغل المواطن بهذه القضايا ويترك المطالبة بحقوقه وكلما ارتفعت الأصوات بالمطالب أحدث أزمة تشغله .

ولقد حاول خلال العام المنصرم أن يحدث أعظم أزمة خاصة في المسشتقات النفطية ليشغل الشعب عن الثورة لكنه في هذه المرة بطل سحر الساحر فلقد صبر الشعب وتجلد وتحمل واستمر بثورته حتى انجلت الأمور

ومن رقصه على رؤوس الثعابين جعل المعهد العالي للقضاء حكرا على أتباع المذهب الزيدي إلا ما ندر ولمدة طويلة ولم يحدث انفراج وفتح الباب للآخرين إلا في الآونة المتأخرة مع وجود التضييق لأن الزعيم أراد أن يكون مفتاح القضاء بيده فلقد بقي فترة طويلة رئيسا لمجلس القضاء الأعلى ولا أدري ما خلفيته في القضاء إلا أن يكون المراد من وراء ذلك "إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا سرق القوي تركوه".

ومن رقصه على رؤوس الأفاعي جعل الجيش بدون مهام إلا العروض العسكرية في الأعياد الوطنية فترك محافظات متكاملة من دون بسط نفوذ وهيمنة الدولة إلا على عواصمها كما كان الحال في صعدة وترك المياه الإقليمية سائبة للقراصنة ونهابين الثروة والمهربين والمتسللين إلى داخل البلاد وكان نتيجة ذلك تدفق مئات الصوماليين والاثيوبيين والارتيريين إلى داخل المدن الرئيسة وكان يفترض لو كانوا لاجئين أن يحجزوا في معسكرات خاصة .

ومن نتائج ذلك جرف آلاف الأطنان من الأسماك وتمرد الحوثيين في صعدة حتى إن المحافظة اليوم خارجة عن سيطرة الدولة .

ومن الرقص على رؤوس الثعابين محاولة إسقاط محافظات بكاملها بأيدي الحوثيين (صعدة – الجوف – مأرب) وأخرى بأيدي ما يسمى بأنصار الشريعة (أبين – شبوة - البيضاء) وذلك حتى يدخل البلاد في حروب أهلية ينتج عنها خلق فوضى تدعوا إلى وأد الثورة والتنادي لرجوع علي صالح للحكم والذي بدوره سيخمد كل ذلك التمرد وتعود المحافظات لحضيرة الدولة ولكن خيب الله آماله : (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) .

ومن رقصه على رؤوس الثعابين ترك المسئولين الكبار يتورطون في قضايا فساد لتصل إليه التقارير من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فيبقى تلك الملفات سوطا يسوق بها أولئك المتورطين لينقذوا سياسته ولهذا لم يقل أحدا من أولئك الفاسدين بل كان يرقيهم وينقلهم من محافظة إلى أخرى ومن منصب لآخر.

ومن رقصه على رؤوس الثعابين رقصه على رؤوس الأفاعي الحوثية الذين افتعل معهم عدة حروب ليجتر من خلالها الأموال الإقليمية والدولية ويصفي من خلالها أصدقاء الأمس خصوم اليوم ولم يكن يسمح بحسم المعارك بل كان يبدأ الحرب وينهيها بالهاتف ومن رقصه على رؤوس الثعابين شراء الذمم وكسب ولائهم بالمال أو المصالح حتى إنه لم يستثن أي طبقة من الطبقات الفاعلة فالتجار كان يأخذ منهم الملايين في حملاته الانتخابية ليعطيهم بعد ذلك تسهيلات في إدخال بضائعهم أو السماح لهم برفع الأسعار على المواطن البسيط والعالم يشتري ضميره بثمن بخس دراهم معدودة حتى رأينا منهم من كان يخطب في ساحاته ويمجد أفعاله ويلعن معارضيه وبلغ ببعضهم أن جعل شخص الزعيم يساوي الشعب بأكمله فقال الشعب اليمني خمسة وعشرون مليونا والزعيم خمسة وعشرون مليونا وآخر قال : الزعيم عندي نبي . 

هذا – أيها السادة – هو الرقص على رؤوس الثعابين الذين مكنوا لحكمه وأمسكوا له بقرون البقرة ليحلبها ولولا هؤلاء الثعابين ما استطاع أن يدير البلد طيلة هذه المدة وبالرغم من العفو عنه وعن معاونيه وحصولهم على الحصانة رغم ما ارتكبوه من جرم في حق الوطن والمواطن إلا أنهم لا يزالون يحاولون مجددا الرقص على رؤوس الثعابين علهم يعودون للحكم مرة أخرى .

www.almaqtari.net