مسيرات الجيش السوداني تفتك بقوات الدعم السريع والجيش السوداني يحقق تقدما في أم درمان محمد صلاح في طليعتها.. صفقات مجانية تلوح في أفق الميركاتو الشتوي عاجل :حلف قبائل حضرموت يتحدى وزارة الدفاع والسلطة المحلية ويقر التجنيد لمليشيا حضرمية خارج سلطة الدولة مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا
* جين نوفاك
موكب جنائزي رمزي للأحزاب السياسية اليمنية الرئيسية في اليمن، جهزه سائقو الدراجات النارية الذين حرموا من حقهم بالعمل في اليمن.
ربما كان ذلك تناظراً ملائماً للوضع: نظام التعددية السياسية قد يكون ميتاً. المؤسسات الديمقراطية التي تأسست قبل أكثر من خمسة عشر عاماً في اليمن قد تنكمش وتتلاشى دون ملاحظة أي شخص. البلاد قد تغرق أكثر في حالة فوضى كون الأوضاع تنفجر ببطء والنفط بدأ بالنفاد.
لكن لا تضع رهاناتك فقط رغم ذلك. فالقومية في اليمن حية وجيدة. وفي منطقة تفتقر -على نحو واسع - لعادات التداول المنتظم للسلطة التنفيذية، قد تصبح اليمن الدولة الأولى التي تنجز التخويل الشعبي عن طريق العملية الديمقراطية، هناك انتخابات رئاسية قادمة في سبتمبر من هذا العام.
الطبيعة والشخصية والتاريخ في اليمن تجعلها من أكثر دول الشرق الأوسط حظّاً في التطور سياسياً دون ظغوط خارجية.
سنوات الفوضى الأخيرة من التأريخ اليمني (50 عاماً)، عرفت بأناس ملتزمين بتعهداتهم نحو البلاد.
فاليمن، طيلة فترة تاريخها منذ ما قبل الدولة الإسلامية، كانت رائدة في العصر الحديث في الحق بالسلطة عن طريق المشاركة الشعبية، في منطقة الشرق الأوسط، حتى إن كان ذلك بالخطابات وتشييد بنيتها. وبوحدة شمال وجنوب اليمن عام 1990، جاء الشعب اليمني إلى الإجماع على الديمقراطية، ومن ذلك الحين آمن بشرعية مسلماتها الأساسية.
فشل الديمقراطية في الازدهار في اليمن نسبت إلى القبلية السياسية. النظام السياسي اليمني يعمل من الأعلى إلى الأسفل، حيث النخب المكونة من مراكز القوى المهمة جداً تقريباً والتي يتم اختيارها من قبل النظام، تعمل على مقايضة الرعاية بالولاء. وكنتيجة لذلك، العديد من الزعماء لا يقدمون المصالح الوطنية كما هي معروفة للسكان، ولكن بالأحرى يتم تقديم مصالح النظام في دوائرهم الانتخابية.
المعارضة اليمنية انتقلت من التفاوض مع النظام إلى التفاوض مع المواطنين. على ما يبدو، المعارضة اليمنية اجتازت مرحلة مقايضة الصحفيين بالمقرات. فهي تطالب بانتخابات عادلة، ابتداء بلجنة انتخابات غير منحازة, التي هي بمثابة مسمار عجلة العملية. في أسوأ الأحوال، المعارضة بمنافستها في الانتخابات القادمة، قد تدفع إلى إحداث تغييرات متزايدة وجوهرية في العملية السياسية. وفي أحسن الأحوال، هم سيكسبون الانتخابات.
في الانتخابات البرلمانية عام 2003، حصدت أحزاب المعارضة قرابة نصف الأصوات (عدد المقاعد الربع فقط). العائق الرئيسي أمام مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية الحالية، ربما يكون حصولهم على الوقت الكافي لكسب ثقة الشعب وتطوير العلاقة مع الناخبين.
وبتحريك نفسها إلى مرحلة ما بعد النقد، تقدمت المعارضة ببرنامج إصلاح مقبول يدعو إلى تركيز السلطة بصورة أكثر للبرلمان من أجل إلغاء مركزية السلطة التنفيذية، وتمكين إصلاحات سياسية واقتصادية مطلوبة بصورة ملحة. غير أن البرلمان رفض تمكين نفسه. هيمن عليه الحزب الحاكم، وأكثر من ثلثي أعضاء البرلمان اليمني مشايخ، ومشايخ (رجال مال وأعمال)، أو أبناء المشايخ.
هذا هو البرلمان الذي يجب أن يصادق على مرشح المعارضة. فيما المصلحون داخل المؤتمر الشعبي العام يعاقون بصورة مستمرة من حزبهم الخاص ويهددون كلما تكلموا.
مثل النظام، بعض الأحزاب السياسية اليمنية قبلية في طبيعتها، وغير ديموقراطية في الواقع، وتعمل بنظام سلطة من الأعلى إلى الأسفل. في المؤتمر العام للمؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) الذي عقد مؤخراً، كانت أشكال الديمقراطية متوفرة كتصويت المندوبين لصالح مرشحين تم اختيارهم مسبقاً، وما عدا أولئك الذين تم تعيينهم.
الحزب الحاكم قال حينها إنه سيقدم الرئيس صالح كمرشح، رغم أن الرئيس صالح كرر تصريحاته بأنه لن يرشح نفسه.
إذا التزم الرئيس صالح بوعده بالتنازل من الرئاسة بعد 28 عاماً، فإنه سيشجع المواطنين اليمنيين وكل الشعوب العربية في الشرق الأوسط. تصرفه ذاك سيمثل لحظة حاسمة في التأريخ الحديث. وسيكون مصدر فخر للشعب اليمني وسيعرف صالح إلى الأبد كرجل دولة عظيم جعل السلطة تذعن للتقدم والحداثة.
ولكن حتى ذلك لن يكون كافيا. فبالإضافة إلى ذلك، يجب على الرئيس صالح أن يتدخل من اجل تمكين انتخابات حرة وعادلة بإنهاء مضايقة الصحفيين، وفتح أجهزة الإعلام الاذاعية للمعارضة، وضمان نزاهة اللجنة الانتخابية والمؤسسات الحكومية الأخرى كالجيش.
الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي يتخذان موقفاً قويا مع بيلوروسيا، ويدينان انتخاباتها الرئاسية غير العادلة والقمع المتلاحق للمحتجين. الشعب اليمني يستحق هذا المستوى من الدعم الدولي أيضاً. كل الناس لهم الحق في التحرر من التخويف في صنع خياراتهم السياسية، كما أن البلاد بحاجة ماسة إلى مراقبين دوليين للانتخابات في القرى كما هو الحال عليه في المدن. الولايات المتحدة، بذلت جهدا عظيما من الدبلوماسية الدولية العامة في إجراء الإنتخابات الرئاسية المصرية، تبدو صامتة بخصوص الإنتخابات اليمنية القادمة، لكن من المحتمل أن السبب في ذلك يعود إلى أن الأحزاب الرئيسية لم تعلن عن مرشحيها حتى الآن.
إذا التأم الوطنيون اليمنيون في كل المناطق، وكذا الأحزاب السياسية والمؤسسات والمجتمع المدني، فإنهم لن يحتاجوا إلى دعم دولي فقط، هم يحتاجون دعما شعبياً.
هناك تحليل أظهر أن الضغط الشعبي هو الوحيد القادر على فرض الاصلاحات في الأنظمة الاستبدادية. وكما أظهر الموكب الجنائزي الرمزي للأحزاب، بعض المواطنين يطالبون الأحزاب أن تعمل بطريقة ديموقراطية، كما يطالبون ممثليهم في البرلمان بتمثيلهم فعلاً.
أبناء الشعب اليمني هم قوى التحديث مسبقاً، وقدموا مطالبهم من أجل الحقوق المتساوية في مواقع العمل، وحرية التعبير، وإشراك النساء، وتطوير حقوق الإنسان. وإذا طالبوا بإنتخابات عادلة الآن، فإنه من الممكن أن يقدموا الخطوة اللازمة للحرية لأنفسهم وللمنطقة برمتها. وذلك يتطلب قليلاً من البطولة، فالسلطة من الممكن أن تكون وحشية جداً، لكن اليمنيين أيضاً معروفون بشجاعتهم وإقدامهم.
فهل يستطيع البرلمان الممتلئ بالمشايخ رفض القبليةً السياسيةً، هل يستطيع الرئيس أن يترك السلطة، هل بإمكان النخبة الموالية أن تتكلم بإسم المواطنين، هل يستطيع الجيش أن يدافع عن المواطنين، هل بإمكان المعارضة أن تصبح في القيادة، هل يمكن لأجهزة الإعلام المتحيزة أن تتخذ وجهة نظر وطنية، هل بإمكان اللجنة الإنتخابية أن تمتنع عن الانحياز لمرشح بعينه، وهل بإمكان الشعب أن يحرر نفسه من الإحباط المحض؟ نعم، كل ذلك ممكن في اليمن.