اليمن الذي يجب أن يكون سعيدا
بقلم/ خالد عبدالله المشوح
نشر منذ: 15 سنة و أسبوع و يوم واحد
الجمعة 06 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 04:40 م

الأسبوع الماضي أسبوع أمني حافل بالأحداث المتلاحقة التي كانت كلها تصب في خانة الملاحقة الأمنية للإرهاب، الإرهاب الذي لا يزال قادرا على مقاومة كل الجهود المبذولة لاستئصاله والقضاء عليه لاسيما وأنه وجد البيئة المناسبة التي تساعده على الاستمرارية والتكاثر، فأفضل بيئة للإرهاب كانت معروفة منذ نهاية الحرب الأفغانية حيث اعتادت هذه الجماعات على العيش والتعامل في ظروف معروفة يمكن تحديدها بالبعد القبلي والبيئة الجبلية، واللعب على هذا الثنائي حيث شكلت القبلية غطاء للتحركات في المناطق الوعرة الداخلة تحت نفوذ القبيلة الحليفة أو بعبارة أدق القبيلة المستفيدة من تهريب هذه الجماعات من خلال الاتجار بالتهريب لهذه العناصر والتغطية عليها.

منذ ما يزيد على الأسبوع والأحداث تتواتر من اليمن عن محاولة تصعيد من قبل عناصر الحوثيين وفلول القاعدة المتحالفة معها! في محاولة لتنفيذ عمليات وخلق نوع من الفوضى على الحدود السعودية اليمنية ومن ثم استغلال أبعاد قبلية في تنفيذ مخططات داخل المملكة يمكن أن تكون مكملة للسيناريو الذي تتمناه دول قريبة هددت بتسييس الحج ولعل أفضل طريقة لهذا التسييس من وجهة نظر هذه القوى هو إضعاف الجهة الأمنية التي تحافظ كل عام على أمن واستقرار ملايين الحجاج بنجاح وقوة واثقة.

ظل اليمن ولا يزال مطمع كثير من القوى المتصارعة داخل وخارج المنطقة لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار الموقع المميز الذي يؤهله للعب دور كبير وحيوي إذا ما حظي بفرصة من الاستقرار والتنمية المدروسة تعيده إلى أن يكون (اليمن السعيد) الذي يزف البشرى إلى جيرانه من خلال خيراته وقدراته البشرية، لكن التحدي الأكبر الذي ظل اليمن حبيسا له طيلة السنوات الماضية هو القبلية التي سلبت من اليمن سعادته وجعلت مصلحة القبيلة فوق مصلحة ووحدة الوطن. لاشك أن اليمن يعيش الكثير من المشكلات السياسية التي ظهرت جلية في الإشكاليات التي طرحت حول مسألة تقسيم الثروة على المناطق من خلال الخدمات التي تقدمها الحكومة والتي كانت عواقبها وخيمة قادت إلى حرب أهلية ظن اليمن أنه أصبح موحدا وبمنأى عن أي حرب جديدة؟!

إن الوضع الأفغاني يمكن أن يتكرر إذا تعامل اليمن من خلال أسلوب واحد وهو الأسلوب العسكري، إذ لابد من تغليب خيارات الحوار والشراكة والتنمية التي يمكن أن تكون الصمام الحقيقي لاستقرار اليمن لاسيما إذا علمنا أن 43% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، في حين يقدر معدل دخل الفرد بما بين 650 – 800 دولار سنوياًَ ، كذلك تعاني البلاد من ارتفاع عدد السكان وتقلص الموارد ، وهي مؤشرات تساعد بشكل كبير على تمدد نفوذ الجماعات المتطرفة كما حصل في أفغانستان، ولعل أحداث الثلاثاء الماضي والتي بلغت ذروة التهديدات للحدود السعودية من قبل المتمردين اليمنيين والتي قام متسللون بإطلاق النار على دوريات حرس الحدود من أسلحة مختلفة، ونتج عن ذلك استشهاد رجل أمن وإصابة 11 آخرين، صرحت بعدها المملكة على لسان مصدر مسؤول أنها "سوف تقوم بما يقتضيه واجب الحفاظ على أمن الوطن وحماية حدوده وردع هؤلاء المتسللين وأمثالهم من أي جهة كانوا".

ربما كانت المملكة العربية السعودية هي الهدف غير المباشر وغير المعلن لحركتي التمرد في اليمن التي تمثل القاعدة شقها الأول في محاولة لاستعادة نفوذها التي خسرتها في المملكة العربية السعودية لاسيما بعد القبض على خلية الأربع والأربعين التي لا تزال تفاجئ الكثير من المتابعين، واعتقد أن الأيام القادمة حبلى بمفاجآت أخرى!

وحركة التمرد الحوثية التي تدعمها إيران بشكل مذهبي سافر في محاولة لزج المملكة في صراع طائفي يلهيها عن واجباتها الداخلية التي تتفاقم مع اقتراب موسم الحج الذي يشارك فيه ما يقارب السبعين ألف من رجال الأمن والذي يشكل أكبر استنفار أمني في العالم لأي دولة تشرف على موسم سنوي.

كل ذلك يستدعي التحرك السريع لمنع أفغنة اليمن لاسيما بقربه من الصومال البلد المنعدم من الاستقرار الأمني منذ عقود، وذلك من خلال الدعوة إلى مؤتمر سريع لدول جوار اليمن تعيد قراءة السيناريوهات الأسوأ حدوثها خلال الأشهر الثلاثة القادمة.

 *نقلا عن "الوطن" السعودية