ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
مأرب برس - خاص
عندما نتحدث عن إعلام مرتهن ، فإننا لا نتحدث عن إعلام السلطة أو الإعلام الرسمي فهذا إعلام معروفُ ارتهانه وواضح ومحدد ومبرمج بما فيه الكفاية ، وهو لا يربأ بنفسه عن نفسه ، ولا يستحي مما يفعل ، و"إذا لم تستح فافعل ما شئت" .
وإنما نعني ، ذلك الإعلام الذي انتشر كانتشار الجراد فلا عادت سموم الجنوب ترده ولا رياح الشمال تصده ، إعلام أهلي ، أسري ، مستقل ومدعي للاستقلالية ، عام ومدعي للعمومية ، حر ومدعي للحرية ، نخبوي ومدعي للنخبوية ، شعبي ومدعي للشعبوية ، يومي ويصدر كل أسبوع ، وأسبوعي ويصدر كيفما اتفق .
-إعلام كالإعلام السلطوي أو الرسمي قد عرف الكثير من الكتاب كيف يتعاملون معه وماذا ينشرون فيه . فمنهم من بلغ بهم نبوغهم في هذا الميدان مبلغه ، وما هي إلا دورات قصيرة في النفاق السياسي ، وعدد بسيط من جلسات المقيل مع أحد "الشبيحة المكرشين" ، فبات الناطق الرسمي باسم كل الخونة والمحامي الأول عن القتلة ، والتاجر الشاطر لبضاعة السلطان الجائر .
-وأما ذاك الإعلام المدعي الذي يعاني حالة من الانفصام ، فماذا تقول عنه وماذا تكتب إليه وماذا بوسعه أن ينشر .
الحقيقة أنني وصلت في الفترة الأخيرة إلى مرحلة جعلتني مطالباً بتخصيص دفتر كبير يؤرشف لإعلامنا المرتهن . وقد اقتضت هذه العملية جهداً ليس هيناً ، لا بل أني اضطررت في بعض حالات المنابر الإعلامية والمسؤولين عليها لأن "أضرب بالمندل" بغية التعرف على جهة الارتهان نتيجة الغموض والازدواجية الارتهانية في بعض الحالات وعدم الشفافية في حالات أخرى .
الدفتر تضمن عدة بنود : اسم المنبر الإعلامي المرتهن ، والمسؤول المرتهن وحاله سابقاً وحالياً ، جهة الارتهان ، الاتجاه العام ، الاتجاه الخاص ، ملاحظات .
فعندما أشعر أن قلمي قد تهور في اتجاه ما ، وما أكثر تهوره اللامدروس ، أقف حائراً ، ومتسائلاً وباحثاً عن الوسيلة الإعلامية التي تمتلك من مساحة الحرية ما يحتمل هذا النوع من التهور ، والذي لا اعتبره أنا شخصياً إلا وجهة نظر مشروعة ليس إلا ، وبإمكان من يرفضها أو يعتبرها تهوراً أن يرد عليها بطريقته –وهذه لغة عصرية- ، واضطر للعودة إلى الدفتر المشار إليه لمعرفة جهة الارتهان وحيثيات الارتهان والملاحظات إن وجدت . وبالرغم من كل ذلك . يكتشف المرء أنه من الصعوبة بمكان الكشف عن الارتهانات المزدوجة وحيثياتها وما وراء كواليسها بدقة وخاصة إذا كان هذا الباحث – مثلي – بعيداً ومبعداً عن وطنه منذ فترة ليست بالقصيرة .
وهي الفترة التي بحسب ما نتابع ونقرأ ، وما تردنا من معلومات تُعد فترة غنية بكل ما يدعو للفقر ، وثرية بكل ما يستحضر العوز ، وملأى بكل شيء فارغ .
وبمراجعة للدفتر الإعلامي المرتهن .. وجدتُ أنه أهم من "وثيقة العهد والاتفاق" التي وقعت عليها معظم الأحزاب اليمنية وقياداتها حتى تلك التي كانت ولازالت مبعدة في الخارج –ولا أدل على ذلك ما قرأناه مؤخراً إزاءها حتى من جهات محسوبة على مقرريها وموقعيها -.
ففي دفتري التاريخي الذي يؤرشف للإعلام المرتهن وبملاحظة للمرتهنين وجهات الارتهان وبعض التفاصيل المسجلة –بكل حياد وبكثير من توخي الدقة والمصداقية- حضرت كل القوى اليمنية برموزها السياسيين والقبليين والعسكريين والمدنيين التقليديين وغير التقليديين الصغار والكبار ، التقدميين والرجعيين ، المثقفين وأشباه المثقفين وما بعد أشباه المثقفين .. كلهم حضروا في إرشيف الإعلام المرتهن – حضروا بقوة في دفتري التاريخي الذي همّش وثيقة العهد والاتفاق وركنها في الرف القديم .
وبملاحظة ما يتصدر إعلامنا المرتهن من مواضيع ، وما يكرر نفسه ، في عديد صحف ومواقع ، كما لو كان تعويذة لرد الحسد وصد الأبالسة من أمثالنا ، وبإعادة قراءة الممنوع والممتنع في إطار العقل السياسي العربي والثقافة المهيمنة وبتذكر أبجديات واقع سلطتنا ومعارضتنا ومجتمعنا اللامتمدن ، لا تزورك فكرة من أفكار التذمر ، ولا تنتابك بعد ذلك أية نوبة من نوبات الحساسية الفطرية التي لم تعد لها علاقة بأحد ماخلا بعض المجانين الحقيقيين .
ولا تأسفن على إعلام يضع في أولوياته ما يضعه العالم في هامش الهوامش ، ويعد حتى ينقطع النفس لينشر مقالاً لفلان ، أو يؤجله ليتدبر أمره فلان ، أو ينشره بالخطأ وعن حسن نية فيكتشف أنه لغم زرعه كاتبه ليفجر به هذه الصحيفة أو ذلك الموقع ، وبقدرة قادر ، يُنزع اللغم وينجو الإعلام بأعجوبة .
ولأنه قد بدى لكثيرين من أمثالي أن إعلامنا ماض وبقوة في هذه الطريق الخالية من ألغامنا وتفخيخاتنا الموقوتة وغير الموقوتة ، سارعوا إلى تجريب هذه الألغام في وسائل إعلام خارجية –تبدو شبيهة بالأنبياء والمخلصين – فجربت تلك الألغام فيها ، فلا هي انفجرت ولا أفاق ذلك الإعلام على كارثة مأساوية .
وعندما اطلعت على بعض التعليقات على أحد الألغام –التي لم تنفجر بالطبع- والتي أرسلتها لموقع خارجي ، اكتشفتُ أن الهوى والهواء في اليمن وفي عالمنا العربي عموماً مصاب بفيروس نقص المناعة "الإيدز" وبكثير من الأمراض المزمنة ومن جملتها "عمى الألوان" ، فما تراه "كاتيوشا" وأنت في صنعاء تجد أنه ليس إلا "قنبلة" إذا فحصته وأنت في القاهرة ، وهذه القنبلة ذاتها ، سرعان ما تكتشف بأنها "فراشة ملونة" إذا ألقيتها خارج هذا العالم العربي ، الذي يكفر بثلاثية الحق والخير والجمال ، لأنه عالم مؤمن وحداني ، واحد ، موحد ، .. لا يُشرك بالله أحدا !! .
*باحث وكاتب صحافي من اليمن
eskandarsh@yahoo.com