الربيع العربي ..... محاولة للفهم
بقلم/ محمد محمد السادة
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 26 يوماً
الأحد 18 مارس - آذار 2012 08:49 م

الجزء الثاني

تأثير إمارة قطر وجماعة الإخوان المسلمين في الربيع العربي :

سبق ان تناولنا في الجزء الاول من هذا الموضوع الأسباب التي أدت الى هبوب رياح التغيير في الوطن العربي والتي كان لها الأثر البارز في اقتلاع بعض أنظمة الفاسدة في بعض الجمهوريات والعربية هنا لا ننكر الدور البارز للشباب العربي الذي استنهضته تلك الأحداث وجعلته يستشيط غضباً وينزل الشارع ويضحي من أجل الحرية والديمقراطية ولكن المشكلة ان الهبة الشعبية كانت عبارة عن ردت فعل لتلك الإحداث ولعل سقوط الأنظمة بشكل مفاجئ للثوار لم يمكنهم من التخطيط لما بعد سقوط الانظمة بتأطير أنفسهم في تنظيمات سياسية تمكنها من استلام الحكم فور انتزاعه من الديكتاتوريات القائمة بانتخابات نزيهة ووفقاً لمبادئ الديمقراطية التي ثاروا من اجلها.

وفي الوقت نفسه هناك أطراف محلية كان لها تأثير الى حداً ما في الثورات العربية ولكون لديها هدف او رؤية مسبقة فقد استطاعت توظيف هذه الأحداث لصالحا وتجيرها لحسابها وأبرز هذه الأطراف هي أمارة قطر وجماعة الاخوان المسلمين :-

أ‌-إمارة قطر وقناة الجزيرة :

لم يكن لإمارة قطر منذ استقلالها في 1971م أي طموح للتأثير في السياسة المحلية او الإقليمية إلى أن تولى الحكم الشيخ حمد بن خليفة بانقلاب أبيض على والدة في عام 1995م وبحسب تصريحات لبعضاً من القادة الجدد لقطر آنذاك بان ((إمارتهم ستسعى لان تكون لاعب مؤثر في الإقليم العربي ومنطقة الشرق الأوسط )) ولتحقيق هذا الهدف سخرت قطر كل إمكانياتها المادية و الدبلوماسية وفقاً للتكتيكات التالية :

1-عقد حلف أمني عسكري مع أمريكا يهدف إلى ضمان حماية أمن قطر مقابل سماحها بإقامة قاعدة عسكرية أمريكية علي أراضيها.

2-ألاهتمام بمجال الإعلام باعتباره وسيلة هامة و أداة رئيسية في عملية التأثير على الرأي العام ولذا قامت قطر بإنشاء قناة الجزيرة تحت شعار أعلام حر ومستقل عن هيمنة الدولة.

وفعلاً استطاعت قناة الجزيرة بعد تأسيسها تقديم أعلام متسم بمهنية عالية واحتراف غير مسبوق في المنطقة العربية حتى نالت ثقة المشاهد العربي وأصبحت مهيأة لان تكون أداة من أدوات تأثير سياسة قطر الخارجية كما خُطط لها.

3-التحرك وفق مبدأ المصلحة السياسية واعتباره محدد رئيسي لسياستها الخارجية ولذلك حلقت قطر بعيداً عن السرب العربي وأقامت علاقات متميزة مع إسرائيل وإيران .

4-لعل من حسن طالع قطر علاقتها المتميزة والمتجذرة بالإخوان المسلمين أو قد يكون لديها قراءة تحليلية للإحداث في المنطقة العربية جعلها تعزز علاقتها بهذه الجماعات وتقرر ركوب السفينة الناجية والمساهمة في قيادتها حيث سخرت كل دبلوماسيتها وقناة الجزيرة للمساهمة في دعم جماعة الإخوان المسلمين وتقديمهم كقادة لثورات الربيع العربي وتعزيز علاقتها بالقيادات الجديدة بهدف ريادتها للمستقبل القريب وان تكون لاعب رئيسي في المنطقة العربية والشرق الأوسط.

 وأخيراً يمكن القول أن قطر نجحت في البروز كرقم مهم على الصعيد المحلي والإقليمي،لكن تحركاتها ساهمت في تفكك بنية النظام العربي واختلال توازنه و سرع في هبوب عاصفة الربيع العربي وهيا المنطقة لنشؤ إقليم جديد بمكونات وتوازنات جديدة.

ب‌-جماعة الاخوان المسلمين:

أسس جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن ألبنا في مارس من عام1928م كتنظيم أممي يهدف إلى أحيا نظام الخلافة الإسلامية، بعد أن سقطت في أخر معاقلها عام 1924م أثر إعلان السياسي التركي كمال أتاتورك نهاية دولة الخلافة العثمانية وميلاد جمهورية تركيا العلمانية. 

 ولعل من مفارقات الأقدار أن يتم محاربة هذا التنظيم محليا وإقليما ودولياً طيلة العقود الماضية ألا أنه استطاع الصمود والبقاء طيلة هذه الفترة مع تطوير فكرة قبوله ببعض المفاهيم السياسة العصرية مما أهله إلى قطف زهور وثمار الربيع العربي 2011م .

 ولكن كيف أثرت جماعة الإخوان المسلمين في ثورات الربيع العربي وما سر قيادتها لرياح للتغيير في المنطقة:-

1-نجاح حزب العدالة والتنمية التركي في تقديم نموذج لنظام إسلامي معتدل يتعامل مع قواعد النظام الديمقراطي بشكل ايجابي من ناحية الالتزام بالمعاهدات الدولية واحترام حقوق الأقليات و حق المرأة والاهم من ذلك هو القبول بنتائج أي انتخابات نزيهة حتى ولو كانت في غير صالحهم اقنع الغرب بالتعامل مع هذه الجماعات وفي نفس الوقت جعل التنظيمات الإسلامية في المنطقة العربية تستلهم التجربة التركية إلى درجة اشتقاق أسماء تنظيماتها من اسم ((العدالة والتنمية)).

2- فشل أغلب الجمهوريات العربية تمثيل دور الديمقراطية في حدها الأدنى وتوجهها نحو توريث الحكم افقدها احترام العالم لها مما عجل من نهايتها فأصبح من الأولى أن يتم القبول بالتغيير بالبديل المتاح(الإسلاميين)

3- استطاعت الأنظمة العربية خلال العقود السابقة القضاء على المعارضة السياسية بشتى الوسائل الممكنة ومنها شراء القيادات المعارضة المؤثرة وضمهم الى الحزب الحاكم مقابل منحهم وظائف وامتيازات كبيرة ومن يرفض كان يتم اعتقاله والتنكيل به أو نفيه ومحاربته فكريا وإعلامياً إلى أن يتم عزلة عن الشعب.

مما أدى إلى ضعف الأحزاب المعارضة وعزلها عن الشعوب وفقدان الأمل فيها كأداة للتغيير. إلا أن الأحزاب الإسلامية استطاعت الصمود أمام هذه التعسفات بفضل فكرها المرتكز على أساس ديني في مجتمعات محافظة بالإضافة إلى تنوع منابرها الإعلامية ومساجدها وجمعياتها الخيرية مكنها من التواصل مع الجمهور وبذلك أصبحت هي التنظيم الوحيد المنظم والمؤهل لقيادة المنطقة العربية في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من تاريخها.

ويمكن القول انه بفضل تماسك البنية التنظيمية للجماعات الإسلامية وتعدد أساليب تأثيرها ووسائل إعلامها مع تهيئة الظروف الدولية والدعم التركي والقطري لها بمباركة أمريكية كل ذلك ساهم في أن يحمل تنظيم الإخوان المسلمين راية الربيع العربي وتسلم دفة الحكم في كلاُ من تونس ومصر والمغرب واليمن ومستقبلاً في منطقة الخليج العربي ولعل الانتخابات الكويتية وما تمخض عنها من تقدم كبير للإخوان المسلمين حمل في طياته معالم التغيير القادم إلى الوطن العربي .

 وأخيراَ يمكن استشفاف الإجابة عن التساؤل السابقة مما سبق شرحه والجزم بان أسباب هبوب عاصفة الربيع العربي كانت ناتجة عن تفاعل لإحداث داخلية مع تأثير قوى إقليمية ودولية ساعد على تحفيز وتوجيه الرياح في اتجاه معين لاقتلاع أنظمة حاكمة في جمهوريات بعينها .!!!!!