العرض الأخير قبل الرحيل
بقلم/ أحمد الزرقة
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 10 أيام
الأحد 08 يناير-كانون الثاني 2012 08:07 م

كشفت المناورات والتصريحات الاخيرة التي ادلى بها مقربون من صالح ، انعكاسا لـ"حالة متزايدة من القلق من قبل صالح وأقاربه وكبار مسؤولي نظامه، حول مستقبلهم بعد خروجه من الحكم، إذا ما أجريت الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر"، وما سيترتب عليها من نتائج ستسدل الستار عن وجود صالح على سدة حكم البلاد التي تربع عليها لاكثر من 33 عاما، كان فيها هو المتكرر الوحيد، تمكن خلالها من إقصاء وابعاد كل خصومه السياسيين، وقلص من مساحة وحجم نفوذ شركائه السياسيين في حكم البلاد.

صالح يقول أنه يريد الحصول على حصانة قضائية تمنحها له الاطراف السياسية اليمنية الموقعه على اتفاق المبادرة الخليجية تتجاوز حدود اليمن، وتمنع عنه الملاحقات القضائية خارجها، وهو أمر غير ممكن الحصول وفقا للقوانين الدولية والتشريعات العالمية، ومع اقرار حكومة الوفاق الوطني لمشروع قانون الحصانة، بحسب التسوية السياسية التي اقرتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية،صعد صالح واركان نظامه المنفرط العقد من خطابهم المتشدد، وصولا للتهديد بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية ذات المرشح التوافقي الوحيد، وتراجع صالح عن قرار سفره للولايات المتحدة الامريكية للعلاج بدعوى استجابته للضغوط المتزايده من قبل رجالاته في المؤتمر الشعبي العام، وقام بدفع ملف حادثة النهدين للنيابة الجزائية المتخصصة بعد اكثر من خمسة أشهر من وقوعها، في محاولة لخلط الأوراق، وللضغط السياسي من أجل استبدال قانون الضمانة والحصانة القضائية بما يسمى بقانون المصالحة الوطنية والبدء بمرحلة العدالة الانتقالية، وهو ما صرح به خلال احد خطاباته الاخيرة، الذي تزامن مع حديث السفير الامريكي بصنعاء حول نفس الموضوع.

ربما شعر صالح مؤخر أن حصوله على قانون الحصانة الذي إذا ما أقر، فانه لن يعني إغلاق ملف الملاحقات القضائية خارجياً كما ورد ذلك في تصريحات المسئولين في الامم المتحدة ودول الاتحاد الاوربي وأمريكا من ان الحصانة لن تتجاوز حدود اليمن ودول الخليج صاحبة المبادرة، كما أن القانون سيواجه برفض شعبي ودولي واسع، وتحديدا من قبل شباب الثورة في الساحات والمنظمات الدولية الحقوقية"، بالاضافة الى انه سيمثل حرج كبير للدول الغربية في حالة توجه صالح واقاربه وكبار مسئوليه لاحدى تلك البلدان خصوصا ان غالبيتها موقعه على قانون المحكمة الجنائية الدولية.

لذا سيلجأ صالح لمحاولة التصعيد السياسي والامني الذي من ابرز خطواتهً "تحويل ملف حادثة دار الرئاسة إلى النيابة الجزائية، وعودة بعض المظاهر المسلحة والتوتر الأمني إلى شوارع العاصمة، والحديث عن ربط ثورة المؤسسات باللقاء المشترك واعتبارها تنصلا من المعارضة عن المبادرة الخليجية، وتلك المحاولات التي جاءت تحت غطاء " وإن عدتم عدنا" هي محاولة لخلط الأوراق، من أجل الدفع بالأمور نحو استبدال موضوع الحصانة بموضوع المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية".

كما تهدف إلى "الدفع أيضا بخروج أطراف سياسية أخرى من البلاد بالتزامن مع خروج صالح، وهي الأطراف التي يتهمها صالح بالوقوف وراء حادثة دار الرئاسة"، وتحديدا اللواء علي محسن الأحمر وأبناء الشيخ الأحمر وغيرهم ممن سبق لصالح وحزبه ان وجهوا لهم اصابع الاتهام دون ان يكون لديهم ما يمكن اعتباره دلائل وقرائن واضحة مبنية على الحقائق وليس على التكهنات والامنيات.

ما زال صالح يراوغ كعادته، ويبدو أنه مصر على استخدام كل الأوراق المتاحة في يده، ومن ضمنها خيار العنف والصراع العسكري الذي ما زال يمسك بعدد من أدواته، لكنه يستخدم هذه الورقة للتلويح والضغط من أجل الحصول على ضمانات أكثر لإغلاق ملف الملاحقات ضده".

وتكشف تحركات صالح وحزبه عن سعيهم الدؤؤب لعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة رغبة منه في إغلاق ملف جرائم النظام في حق شباب الثورة، وغيرها من الجرائم التي حدثت ابان فترة حكمه، ويبدو أنه يختبر عبر هذه التصرفات مدى جدية الأطراف الدولية المعنية بمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية إزاء تهديداته بإفشال الاتفاق".

صالح يمر بأسوأ مراحل حياته السياسية، ويحاول اتقان رقصته الأخيرة التي كلما أطال مدتها، ازدادت حبالها في الالتفاف حول عنقه"، "فالعالم كله، قال كلمته بخصوص نهاية فترة حكم صالح، ولن يسمح له بالخروج عن النص الذي حدد ملامحه، وأي تجاوز من قبله على النص، سيجعله أول الخاسرين والمتضررين منه، لكنه يحاول اختبار صبر العالم وإحراج آخر المتعاطفين معه".

لم يعد امام صالح الكثير من الحيل والمراوغات ليستخدمها وقد خبر اليمنيين ومعهم العالم الرجل ومناوراته التي كانت غالبا مغلفة بالكذب والخداع، وعليه استثمار ما تبقى من وقت متاح له في حزم حقائبه ومغادرة المشهد السياسي اليمني، وأن لاينصاع لنصائح اركان حزبه الذين يحاولون استخدامه كقارب نجاه أخير، لانهم إذا ما وقع الفأس في الرأس سيتخلون عنه ويلقوا عليه بكامل المسئولية فيما كانوا هم يرسمون ويخططون، وسبق للعالم مشاهدة هذا السيناريو في تونس ومصر وليبيا.