جنوبي الهوى
بقلم/ د. محمد أمين الكمالي
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 4 أيام
الجمعة 14 أكتوبر-تشرين الأول 2011 07:13 م

للحديث عن الجنوب أشجان وشجون فالجنوب دائما ارض السحر والخيال والعواطف الصادقة والمشاعر الملتهبة,الجنوب الثوري المقهور والمظلوم الفقير والمحارب ,الجنوب المرتبط بالمكافحين والمناضلين من اجل الحرية والعدالة .

إضافة للتقسيم الكلاسيكي للعالم إلي أول وثاني وثالث وعالم شرقي وغربي هناك التقسيم الأكثر قدما إلي شمال وجنوب ,تمتد جذوره إلي صراع الحضارات القديمة علي جانبي المتوسط بين الشمال الروماني والجنوب القرطاجي لينتهي بفاجعة قرطاج التي صيرت مملكة الجنوب اثر بعد عين نتيجة الوحشية التدميرية لقوات الشمال.

وتستمر جدلية العلاقة المتشابكة بين الشمال والجنوب متنافرة ومستغلة ,فينظر إلي الجنوب دوما علي انه مصدر للمواد الخام والثروات والعمالة البشرية الرخيصة مقابل الشمال الغني المستغل والجشع وللشمال والجنوب حروب متعددة بداء من حروب استعمار دول الشمال للجنوب إلي الحرب الأهلية الأمريكية التي هيمن فيها الشمال علي الجنوب وحرب الكوريتين الشمالية والجنوبية والتي كانت أهم بؤر التوتر في الحرب الباردة التي انتهت ولم تنتهي مشكلة الشمال مع الجنوب ,وينسى الكثيرون فيتنام عندما كانت دولتان شمالية وجنوبية لم ينتهي الصراع فيها إلا عندما سقط الجنوب .

الجنوب الذي يثير المخيلة بأشجان الحرية والكفاح وفي ظل عالم مستغل وقاس ,في الجنوب حيث الحياة ابسط من ذلك العالم المادي البارد لسكان الشمال تلعب العلاقات الاجتماعية والأساطير الشعبية والتعامل البسيط مع مشكلات الحياة دورا مهما يجد الإنسان نفسه كفرد لا ترس ضمن آلة ضخمة يصب خيرها في جيب أفراد معدودين .

وهناك في زاوية العالم السفلى علي ضفاف المحيط الجنوبي بلدة صغيرة فقيرة علي شمالها جيران أغنياء أبوا إلا أن تقسم إلي دولتين شمال وجنوب وافرغوا فيها كل عقد الدنيا ومشاكلهم ليصبح خط الحدود فيها نقطة لصراع الشرق مع الغرب لكنهم فشلوا في فصم وحدة ذلك الشعب الذي وصلت الوحدة فيه أن يصبح رئيس الجنوب مواطن قادم من الشمال.

هذا الجنوب الذي سعى للوحدة مخلصا ومقدما في سبيلها كل التضحيات وفي المقابل لم يتصور الجنوب انه يوجد من يستطيع أن يحطم شعور الوحدة المترسخ في أعماق اليمنيين من الآلاف السنين ,فاليمنيون حملوا يمنيتهم معم أينما ذهبوا في أسفارهم البعيدة حملوها إلي المدينة المنورة والي ربوع الشام في كندة وغسان و المناذرة حملوها إلي أواسط أوربا , في اسبانيا الأندلسية المسلمة ظلت اليمانية عصبة واحدة وشعب واحد يمنيون من إندونيسيا إلي القبائل العربية في المغرب ,واليمن كانت رديف للجنوب في عرف العرب كما يدل الشام علي الشمال فاليمني هو عربي الجنوب وان ارتحل شمالا.

لو كان هناك نوبل للشر والمكر السيئ لحصل عليه هذا الشخص الذي استطاع أن يزعزع هذه الوحدة المترسخة في النفوس من قديم الأزل.

الجنوب اليمني كان قبلة العاشقين والمغامرين والثائرين والمضطهدين ,أمسى غنيمة حرب يتقاسمها الطاغية وأذياله يجوع شعبه ويفقرهم ويسلط عليهم الظلم يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم باس بعض ويقتل أبنائهم وكل ذلك باسم الحفاظ علي الوحدة ,,لكنهم نسوا أن هذا الجنوب مقاوم لا يستكين طيب متحمل لكنه لا يقبل الظلم , هذا الجنوب هو الذي ادخل النضال السلمي لليمن بحركة احتجاجية سلمية في تاريخ اليمن الملئ بالصراعات الدموية وتصفية الأصدقاء والشركاء قبل الأعداء .

عندما أفكر في الجنوب يقفز إلي فكري دوما بيت الشعر:-

 (( جنوبي الهوى قلبي وما أحلاه أن يغدوا هوى قلبي جنوبيا ))

*قالها الشاعر السوري الكبير عمر الفرا لجنوب لبنان المقاوم وارددها دوما عندما أتذكر جنوبنا اليمني الحبيب .