كتاب حزبيون يرتدون ثياب الحياد والاستقلالية
بقلم/ خالد كريم
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و 25 يوماً
الخميس 22 يوليو-تموز 2010 06:04 م

يحاول عدد من الكتاب والصحفيين المحسوبين على السلطة الظهور بمظهر المستقل والمحايد ،ويجتهدون للظهور بمظهر المعني و المهتم بالموضوعية والمهنية و الحياد .

وبرغم معرفة الكثيرين ببطلان ذلك الإدعاء ولا سلامة ذلك الطرح ، يستمر أولئك الكتاب والصحفيين في تكرار هذا الإدعاء مستخدمين في ذلك مجموعة من الصحف والمواقع الإلكترونية التي تحمل اسماء يتربع على ظاهرها الإستقلال وهي ممولة من السلطة وتتصدر صفحاتها الأولى شعارات المهنية وعلامات الحياد.

مقالاتهم وطرحهم يشهد على عدم استقلالهم وحيادهم :

لن نتطرق للأسماء ولا تعنينا الشخوص بقدر ما يعنينا تشخيص الحالة ومعرفة الداء . فقد تسنى في الفترة الأخيرة متابعة وقراءة العديد من مقالاتهم ، ومناقشتهم في كثير من طروحاتهم ، ووجدنا أنه بالإمكان إحالة أولئك الكتاب إلى مقالاتهم نفسها لتأكيد كذب إدعائهم بالاستقلال والحياد.

ويرجع ذلك إلى كون تلك المقالات وطريقة طرحها قد قوضت يا يرمون إليه من اقناع القارئ بتقبل أرائهم و جعهلها أكثر مصداقية على أساس انهم كتبوا تحرياً للحق والإنصاف كونهم مستقلين وحيادين وإليكم بعض ما يدل على عدم صحة ذلك :

• تبني وجهة نظر طرف واحد دون غيره وعدم إخضاعها للنقد والتحليل مما يدل على عدم الحياد:

فكثير من مقالاتهم تصدر مباشرة بعد إصدار الحزب الحاكم لبياناته ، أو بعد إلقاء احد قياداته خطاباً أو تصريحا. حتى أنك لا تستطيع قياس الزمن أو المدة الفاصلة بين صدور تلك البيانات وكتابة المقالات وإنزال الأراء والصدح بالمواقف .

ويتلقف أولئك الكتاب بيانات المؤتمر بصدر رحب ويؤمنون بكل كلمة جاءت فيها . في الوقت الذي ويديرون ظهورهم لبيانات ومواقف الأحزاب الأخرى و قوى المجتمع الفاعلة ونخبه المثقفة.

ومن نافل القول أنهم لم يبذلوا أدنى جهد للتحقق من ما جاء فيها ووضعها وإخضاعها للتحليل الموضوعي.كما انه من الجدير بالذكر أنه لا يوجد ما يدل على أنهم بذلوا واتخذوا طريقة صاحب الرأي والكلمة في التعاطي الصحيح مع المستجدات حيث أن الشخص الموضوعي يقوم بوضع أي حدث ضمن سياق الأحداث المختلفة ويعرج على وجهات النظر المختلفة قبل أن يخلص إلى وضع رؤيته وتوضيح رأيه.

• بذل جهود كبيرة لخدمة وجهة نظر معينة ، والمساهمة في صياغة عبارات فجة و بث الإشاعات في سلوك غير مستقل تماماً:

وتصوروا أنهم لم يكتفوا بتني وجهة نظر الحزب الحاكم وحسب بل قاموا بالتبرع بإضافة مفردات جديدة على بياناته واستبدال عبارات مكان أخرى لتكون الأتهامات أشد وطأة وأعمق تأثيرا لتشوية الخصوم. في سلوك لا يأتي إلا من شخص ملكي(حزبي) أكثر من الملك(قادة الحزب انفسهم) . وكأن تلك البيانات لم تأتي بما يكفي ليشفى غليلهم في الإنتقام ورغبتهم الجامحة في الإقصاء والتشوية ، فهل يعقل يا سادة أن ياتي ذلك السلوك من مثقف وكاتب مستقل ومحايد.

ومن أمثلة ذلك : البيان الأخير للمؤتمر الذي اتهم المشترك "بمحاولة حشر الأجنبي في الشأن الداخلي" بسبب ما قيل عن تسليم المشترك قائمة أسماء المعتقلين لدول الأتحاد الأوروبي فالبيان يتحدث عن "محاولة حشر الأجنبي في الشأن الداخلي" وأولئك "المستقلون" يحدثنا أحدهم بقوله في مقالته "المشترك يطالب بالتدخل الصليبي في اليمن".

والمذهل هو استخدامه لكلمة صليبي التي يستخدمها عادةً المتطرفون ولا يقوم باستخدامها العاملون والمشتغلون بالسياسة والممتهنون لمهنة الأعلام والسائرين في ركب الثقافة فهل يعقل أن تستخدم عبارة "صليبي" بدل من عبارة "دول الاتحاد الأوروبي" ، ياترى لماذا استخدم ذلك الكاتب الحزبي "المستقل " هذه الكلمة أي كلمة الصليبي هل لأنه ربما لا يعرف أنها غير مستخدمة في المصطلح السياسي ، أم أنه يعرف مغزى استخدام الكلمة جيداً والتي تستخدم عادة في التعميم وإضفاء البعد الديني على المسألة وشحن العامة على الخصوم وتأليب الناس عليهم .

• ميزان مختل وعدالة مفقودة :

يميل أولئك "الكتاب المستقلون" وبنظرنا هم الكتاب الحزبيون حتى النخاع إلى وضع قواعد و واسس و معايير اخلاقية وموضوعية وفق تصورهم ملزمة لخصومهم فقط ويعفون الحزب الحاكم من الإلتزام بتلك المعايير و يبررون له تجاوز تلك القيم والإخلاقيات وإليكم ما يدل على ذلك :

يطالبون بدعم جهود الحكومة في جلب مزيد من المساعدات من الأتحاد الأوروبي والأمريكان "الصليبيين حسب وصفهم في بعض مقالاتهم " في مؤتمرات المانحين ،ويرغدون ويزبدون ويكشرون عن أنيابهم عن حدوث اجتماع أو لقاء بين المشترك والأوربيين. أليس هذا تناقضاً صارخا واختلالاً كبيراً في ميزان العدالة.

• استخدام قاموس مفردات ملئ بالكلمات الشائنة والمعيبة ، وإلقاء التهم على عواهنها مما يدل على البعد عن الموضوعية.

ويلاحظ تعسفهم في اختيار الكلمات و سعيهم الدؤووب لتحميل موضوعات بعينها أكثر مما تحتمل وترصيعها بالكلمات الشائنة والمعيبة بحق المعارضة ، ولو اتخذوا سبيل الموضوعيه ومشوا في طريق الحياد لكان قاموس المفردات المستخدمة في كتابة مقالاتهم أكثر حصافة واقرب إلى العدالة والإنصاف.

• بث الدعايات ونشر الأكاذيب على أنها حقائق ، وتضخيم الأمور مما يدل على عدم احترام عقل القارئ :

يتعامل أولئك الكتاب مع قارئهم على أنه طفل في الروضة بطريقتهم العجيبة والغريبة في طرح الأمور فهم يقومون بتقديم بعض الأخبار التي مفادها بأن بعض الأعمال الإدارية التي تقوم بها جهات الحكومة والتي هي أساساً من صلب أعمالها مثل إحالة صغار المختلسين و المجرمين للنيابة ، على أنه نصر مبين وفتح عظيم لم يسبق إليه أحد ولن يقدر على الوصول له بشر.

كما أنهم يقومون بنشر أخبار مكذوبه ويسارعون إلى أتهام طرف معين بالمسئولية عن حدث ما دون أدنى دليل أو برهان وعندما يتضح غير ذلك لا يساورهم أدنى شعور بالذنب والمسئولية الأدبية والأخلاقية لتوضيح ذلك الخطأ للقراء وذلك عادةً ما يفعله أصحاب الرأي والحياد والموضوعية .

وخلاصة القول:

عين سخط أولئك الكتاب لا تبدي لهم إلا مساوئ غيرهم ، أما عين رضاهم فحدث ولا حرج قد أحالت الليل نهاراً والسم الزعاف أكسير حياة، يقرعون ويوبخون الخصوم على بسيط أقوالهم ويناصرون و يؤيدون من أفسدوا واستبدوا بصريح أفعالهم .

ارتدوا ثوب الظلم والإجحاف.وخلعوا عنهم لباس العدل والإنصاف فلم يجدوا لهم نصيراً ولا لأقوالهم ظهيراً فعادوا يجنحون للوم واتخذوا سبيل العتاب .

نقول لهم : هل تعتقدون بأن قارئكم ساذج وبسيط أم أنكم أصبحتم لا تخشون من أن تعرضوا أنفسكم لسخط الناس وسخرية المثقفين والنخبة.

Kak.kareem@yahoo.com