آخر الاخبار

أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع تفاصيل لقاء وزير الداخلية بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في اليمن صنعاء..مليشيا الحوثي تجبر جميع العاملين في القطاع الصحي على هذا الأمر مؤتمر مأرب الجامع يدعو لسرعة توحيد القرار العسكري والأمني ويؤكد ان تصدير النفط والغاز هو الضامن لانعاش الاقتصاد الوطني ودعم العملة المحلية الامين العام لمؤتمر مأرب الجامع: مأرب لن تقبل ان تهمش كما همشت من قبل ونتطلع لمستقبل يحقق لمارب مكانتها ووضعها الصحيح قيادي حوثي استولى على مدرسة اهلية في إب يهدد ثلاث معلمات بإرسال ''زينبيات'' لاختطافهن الهيئة العليا لـ مؤتمر مأرب الجامع تعلن عن قيادة المؤتمر الجديدة.. مارب برس ينشر قائمة بالأسماء والمناصب الذهب يرتفع بعد خسائر حادة سجلها الأسبوع الماضي رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور ويبدأ بهيكلة رئاسة الوزراء.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران

رحلة في عقل عبد الملك الحوثي‎
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 9 سنوات و 9 أشهر و 18 يوماً
الجمعة 30 يناير-كانون الثاني 2015 12:24 م
لا يمكن أخذ صورة كاملة عن شخص ما من خلال لغته وإيماءات جسده دون البحث عن عمقه الاجتماعي وخلفيته الفكرية ، لأن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي ومقلد يكتسب معرفته من المخالطة والمتاح والمسموح له ، فالشخص الذي يعيش في المدن يختلف عن ذاك الذي تربى في الأرياف، كما ان طبيعة المجتمعات الثرية لا تشبه طبيعة المجتمعات الفقيرة وأنماط العيش والتفكير وحتى المفردة اللغوية تختلف من إنسان نما وعاش في وسط مجتمع معاصر عن آخر لم يألف تلك الحياة، والاختلاف هنا يكمن في النظرة إلى الشيء الواحد ومن زاوية واحدة إلا أن كل منهما لا يرى الشيء مجردا ولكنه يضيف إليه خلفيته الفكرية والاجتماعية مستندا على مجموعة من القيم والمفاهيم حتى يخرج بتصور كامل عن الأمر ومن ثم يقوم بنقل ما راه إلى الآخرين، ولعل أمثلة دخول الأجهزة الحديثة والتي راينا كيف تمت مقاومتها في مجتمعاتنا بينما قبلت بترحاب كبير في مجتمعات أخرى، فالمذياع والتلفاز والبث الفضائي كلها أمور مشتركة بين البشر، ولكن النظرة إليها تختلف بناء على اختلاف المرجعيات الدينية والفكرية ، وايضا الفن والموسيقى الذي مازال محل جدل فقهي لدينا بينما هنالك امم تستغرب أن تكون هنالك موانع دينية تجاه هذا الفن السامي والراقي.
بطبيعة الحال، المجتمعات المحافظة و التقليدية لا يمكن لها إلا ان تنجب أجيال متتالية من نفس الأنماط المقولبة والمستنسخة حتى أن مفكريها يظلون يعيدون ذات الأفكار المتداولة دون التفكير بالخروج عن السياق المعتاد، ومن يفعل ويتجاوز ولو تلميحا يجد ردة فعل عنيفة وقاسية حتى يعود أدراجه أو ان تهمش أفكاره ، وفي كثير من الاحيان يتعرض للسجن بأحكام قضائية تستند إلى مرجعية معادية لكل ما هو جديد أو مبدع.
دائما هنالك سؤال يدور ، وهو ماذا يوجد في عقلية عبد الملك الحوثي قائد الميلشيات القبلية التي اجتاحت العاصمة صنعاء وبسطت لونها وشعارها عليها، بالتأكيد هنالك من سيجيبك بأن الغاية واضحة من خلال الوسيلة ، وهي حكم اليمن وتأسيس دولة تكون تحت هيمنته ، اما ما هي شكل هذه الدولة فهذا الشيء الذي تخفيه تلك الجماعة ولا يصرح بها زعيمها، وكل ما نسمعه منه هي عبارات فضفاضة لا يمكن الاستدلال منها على أي شيء، والمكان الوحيد والمتاح لاستقصاء نوايا ورغبات عبد الملك الحوثي هي محاولة الغوص في عقله، ذلك العقل المكون من أرث منطقته ومحاولة فهمها ومن ثم إسقاطها على تصرفات جماعته الميدانية للخروج بتوقعات عما ستكون عليه الصورة في المستقبل، وهي صورة قد لا تكون مكتملة نظرا للغموض الشديد الذي يحيط به نفسه وعدم وجود مكتبة معتمدة ومشاعة حتى يتم الاطلاع عليها وقراءتها قراءة موضوعية ومحايدة، كما أنه لا يمكن التعرض للحوثي دون التعرض للمذهب الزيدي حتى وأن أعترض الكثيرون على ذلك، فمادام هو يستخدم اللغة الدينية كشعار لعمله السياسي، فمن الطبيعي ان يتم تحليل الخطاب الديني ومرجعيته وهو عمل استقصائي طبيعي .
تقع صعدة في المناطق الشمالية من اليمن والتي تعتبر من أكثر المناطق وعورة وعزلة، كما أنها منطقة قبلية تهيمن عليها العادات المتوارثة و التي تعتبر لديهم في منزلة القداسة ، والقانون المعتمد لديهم هو ما يصدر عن مشائخهم الذين لا يلقون بالا للأنظمة والقوانين المعمول بها فهم المشرعون وهم ايضا المنفذون، وتشترك تلك القبائل في اعتناق المذهب الزيدي وهو المذهب المشهور عنه حيادتيه فيما بين المذاهب الإسلامية الأخرى، ولقرون طويلة أستطاع هذا المذهب أن يتداخل مع باقي المذاهب في اليمن دون إثارة أية نعرات طائفية لدرجة تمازجه مع المذهب الشافعي بطريقة مثيرة للإعجاب، إلا أن هذا الأمر بدا يصاب بالاهتزاز مع ظهور الفكر السلفي القادم مع الطفرة النفطية ، وهذا الفكر الحاد في الطبع، الإقصائي في المنهج ،القائم على الفرز المذهبي والديني والذي أستطاع أن يتغلغل في النسيج الاجتماعي اليمني الذي يُعتبر نسيجه ذو بيئة خصبة وبسيطة ومن السهل وبخطاب ديني إعادة تشكيله من جديد حسب الحاجة والمرحلة، ترافق ذلك مع تنامي الحلف السياسي بين نظام علي صالح وحزب الإصلاح وباقي التيارات السلفية التي وضعت يدها على مراكز النفوذ في الدولة وتركت بصمتها المذهبية في التربية والتعليم والإعلام وكادت أن تصبغ المجتمع بلون واحد وتلغي التعدد الموجود، فكانت الردة الطبيعية والمتوقعة لإعادة التموضع الزيدي الذي اثارهم هذا الاكتساح، فكان هنالك ما يسمى بالشباب المؤمن قبل الإنتقال إلى إيران للدراسة والتحول من المذهب الزيدي المعتدل إلى الجارودية التي تعتبر أكثر تطرفا وقربا إلى المذهب الجعفري ، ثم خاضت تلك الجماعة ستة حروب متتالية مع الدولة ، مما أظهرها بالجماعة المعتدى عليها والتي تقاتل من اجل الحفاظ على مذهبها وحقوقها المسلوبة ، وفي خضم هذه الحروب وهذا التشنج المذهبي والدموي كان عبد الملك الحوثي يتلقى تعليمه البعيد كل البعد عن التعليم النظامي، فهو تعلم على يد أبيه بطريقة تقليدية وعلى تلك الملازم ( المذكرات ) التي كتبها شقيقه والمؤسس لجماعة الحوثيين حسين الحوثي والتي كانت تدور حول الولاية الألهية التي أختصرها الله في بيت آل محمد وسلالتهم الي يوم الدين، تلك الولاية التي اغتصبت منهم وذهبت إلى غير مستحقيها فحل البلاء والهزيمة في الأمة لابتعادها عن النهج الرباني القويم. لذا عبد الملك الحوثي يمتلك قناعة مطلقة بأحقيته بحكم اليمن، كما أنه مشبع بكم ضخم من أحقاد شخصية تجاه من يعتقد أنهم السبب في مقتل شقيقه وبقية أفراد أسرته، وعندما يلتقي البعد المذهبي والثأر الشخصي، فهنا يتحول الأمر إلى شيء مرعب خاصة إذا رافقت هذه المشاعر امتلاك القوة والسلاح والمال.
من هذه الخلفية والتي اقتصرت على أنهار من الدماء وكتيبات دينية مذهبية ومنطقة معزولة عن العصر جاء عبد الملك الحوثي ليحتل صنعاء بقوة البندقية وبفوضى القبيلة وبخطابات تعكس شخصيته الناقمة على الدولة والجمهورية ومواقفه المتشنجة من الديمقراطية والحياة المدنية والمرأة والفن ، اقتحم صنعاء ليشوه ما بقي بها من جمال تعددي وفطري أكتسبته المدينة على مدى قرون عديدة من الزمان، ليشكل رجعة وردة كبيرة صبغت بسوادها الشوارع والعمائر ووجوه الأطفال، ثم وبعد أن استوى له الأمر بدأ في وضع شروطه التي تريد أن تقحم جماعته في كل مفصل من مفاصل الدولة تمهيدا لخوض تجربة الحكم الفردي الذي يحلم به كمعتقد ديني صرف.
جماعة الحوثي تستقي منهجها من قائدها، وما يميز تلك الجماعة هي إصرارها على نكران كل ما تقوم به ، أنها تستخدم لغة تختلف نهائيا عن أعمالها، فالقول لا شأن له بالممارسة من وجهة نظرهم، والعنف قرين أساليبهم في العمل ، أننا ندخل عصر الظلمات مع بزوغ نجم عبد الملك الحوثي الذي ولا شك سيدخل البلاد في متاهات معقدة وسيندمج مع حلف معادي لأقليمه وجغرافيته، وسيعكس أرثه التربوي والطائفي على كل شبر يسقط تحت يديه ، إنه يؤسس لدولة شيعيه تشابه دولة طالبان  في تطرفها وإقصائها ، وكل حديث عن الشراكة والسلم ماهي إلا شعارات فارغة تشابه كثيرا شعاره المنادي بالموت لأمريكا وإسرائيل.