حتى لا تعود الحرب
بقلم/ علي محمد الخميسي
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 9 أيام
الأحد 07 مارس - آذار 2010 05:59 م

استبشر الكثير بقرار وقف الحرب الأخيرة مع الحوثيين خاصة و قد طالت وربما تطول أكثر مع نذر التدويل التي ظهرت الى السطح عبر ذلك الاهتمام الدولي الغير عادي باليمن والأوضاع فيها الأمر الذي استدعى من بعض الدول الكبرى الدعوة المفاجئة لعقد مؤتمر في لندن يناقش الأوضاع في اليمن وهي الدعوة التي لاقت جدلا كبيرا داخل اليمن خاصة وأنها لم تأخذ بمشورة صاحبة الشأن أي الحكومة اليمنية وهنا بدء تخوف الكثير من التدويل بصرف النظر عن تلك النتائج الايجابية أو التصريحات التي خرج بها هذا المؤتمر...وفي مقابل ذلك امتعض الكثير داخل وخارج اليمن من وقف هذه الحرب كونها لم تنهي التمرد بشكل نهائي وجذري ولم تصل بعد إلى إخضاع الحوثيين كليا للنظام والقانون وتجبرهم على التوبة والعودة إلى جادة الصواب .

حتى مع قبلوهم ظاهريا لشروط الحكومة الستة التي لازالوا يماطلون في تنفيذ بنودها حتى اليوم وهو القبول الذي فسره الكثير من المراقبين بالتكتيكي لأخذ الأنفاس وفك الحصار التمويني الذي فرضه الجيش على مجاميع الحوثة بالإضافة إلى حاجتهم لهدنة مؤقتة وذلك للتخفيف من الضغط العسكري الكبير عليهم في جبهات القتال المتعددة خاصة وقد تلقوا ضربات موجعه في هذه الحرب.... ويرى بعض المراقبين ان الحوثيين بعد الاستراحة سيعيدوا ترتيب أوراقهم من جديد وسيقوموا

بتجميع قواهم لينطلقوا كالعادة إلى جولة جديدة من المواجهات وتعود حليمة إلى عادتها القديمة خاصة وإنها لم تردع بالشكل الكافي ولم يقص أجنحتها ولم تجفف منابع تمويلاتها الداخلية أو الخارجية بشكل كلي......كما إن الكثير داخل صعدة ينظر إلى الموضوع من هذه الزاوية لدوافع وطنية ناتجة عن عدم ثقة بالحوثة خاصة والتزاماتهم وعهودهم السابقة مع الدولة والحكومة لاتبشر بخير وهو الشئ الذي ينذر للأسف الشديد بحرب سابعة وثامنة إذا لم تقم الدولة بواجباتها الدستورية وتفرض هيبتها وقوانينها بشكل جدي وقوي حتى تسد كل الذرائع والثغرات أمام أي محاولة لإشعال الفتنة من جديد وفي اعتقدي إن الدولة لن تصل إلى مبتغاها في إحلال السلام والأمن في محافظة صعدة مالم تتخذ الإجراءات التالية:

1-نشر الجيش وقوات الأمن في عموم مديريات محافظة صعدة وحرف سفيان وبعض مديريات محافظة الجوف لنزع أسلحة الحوثيين الثقيلة والمتوسطة التي يمتلكونها تطبيقا لأحد شروط الحكومة الستة التي وافق عليها الحوثيين لوقف الحرب وهو الشرط الذي يتحدث عن ضرورة التزام الحوثيين بالنظام والقانون وبالتالي الالتزام بقانون تنظيم حمل السلاح الذي لايجيز للأفراد أو الجماعات امتلاك السلاح الثقيل أو المتوسط أو حتى الشخصي الذي يخضع بحسب هذا القانون للترخيص من الجهات الامنية.....وعندما يمتثل الحوثيين لهذا الشرط المنطقي والقانوني سنقول للمتشائمين تشاؤمكم في غير محلة هاهم الحوثيين يسلمون أسلحتهم للدولة طواعية ويقبلون العيش الكريم وفقا للنظام والقانون كما أعلنوا عن ذلك أمام الجميع .....وإذا لم يمتثلوا لهذا الشرط بعد أن قبلوه أمام الملأ عندها فقد سنقول الحرب السابعة قادمة لا محالة والمسالة فقد مسالة وقت واستعدادات جديدة وخطط جديدة وتمويل جديد ودماء جديدة ومأساة متجددة ولاحول ولاقوة الا بالله.

2- الإجراء الآخر الذي ينبغي على الحكومة والسلطة المحلية في محافظة صعدة وبعض المديريات التي يتواجد الحوثيين فيها في بعض المحافظات المجاورة لصعدة هو بسط سلطة النظام والقانون والضرب بيد من حديد ضد كل من يخل بالأمن والسلام أو يقطع الطريق ويخيف الآمنين ويتدخل في شئون السطات المحلية واعتبار كل ذلك جرائم جنائية يعاقب عليها القانون كما إن هذا الإجراء يتماشى واحد شروط وقف الحرب التي وافق عليها الحوثيين مؤخرا أي أن الدولة لاتريد سماع مشاكل أمنية يمارسها الحوثيين قد تعودوا عليها في السابق في ظل انعدام الأمن والنظام والقانون كممارستهم لقطع الطرقات وإخافة المواطنين والاعتداء عليهم خاصة في القرى النائية أو اخذ أموالهم بحجة جمع أموال الزكاة التي ينبغي أن تدفع فقط للدولة بحسب الشرع والقانون .

3- الإجراء الثالث هو فتح جميع المدارس الحكومية التي أغلقت بل وبناء العديد منها في المناطق النائية ومصادرة ملازم حسين الحوثي الإرهابية التي تحث على العنف وتدعو إلى بث روح الكراهية و تقسيم المجتمع إلى طبقات سادة وعبيد ,بل وتكفر المخالفين فتبيح بذلك دمائهم وأعراضهم وأموالهم .......وهنا نؤكد إذا لم تصادر هذه الملازم وتحرق أمام الجميع لنزيل الهالة اوالقدسية التي غرست في عقول بعض الشباب عن محتواها وصاحبها فأننا كدولة لم نقم بشئ ولم نعمل على تحصين شبابنا من الافكار الضالة والمتطرفة والتكفيرية , بل يجب على الدولة ان تمنع بالقانون في عموم البلاد التعليم الايدولوجي المستورد والدخيل على مجتمعنا حتى تقطع دابر المتربصين بأمن واستقرار وثقافة ومعتقدات وتاريخ البلد.

4- الإسراع في بناء مادمرتة الحرب وتعويض المواطنين الذين تضررت ممتلكاتهم ومصالحهم جراء المواجهات السابقة أو الأخيرة بل والإعلان عن بناء وحدات سكنية للنازحين الذين تهدمت بيوتهم أو تضررت وهي بالمناسبة خطوة مشابهة لما فعلتة المملكة السعودية مع مواطنيها النازحين في القرى الحدودية أثناء المواجهات مع الحوثيين وفي اعتقادي هذه الخطوة إن تمت بشكل سريع بعيدا عن البيروقراطية الإدارية اوالعراقيل المصطنعة سيكون لها الأثر الكبير في نفوس الكثير من المواطنين في محافظة صعدة وما جاورها وستمنع الحوثيين في المستقبل من استقطاب الفقراء او العاطلين عن العمل لتجنيدهم كما عملوا في السابق , ولتعزيز هذه الخطوة وبما يساعد كثيرا في تثبيت أسس السلام وقطع السبل أمام الحوثيين في المستقبل إن عاودوا الكرة يتوجب على الحكومة عمل برنامج شامل للتوعية الفكرية والمعالجات النفسية لآثار الحرب في نفوس من تجرع ويلاتها كفتح المعسكرات الشبابية والطلابية لشباب وطلاب محافظة صعدة خاصة في العطلة الصيفية القادمة ومدها بكل وسائل التعليم والترفية الفني والرياضي والتوعية الدينية المعتدلة للمذهبين الزيدي والشافعي وكذلك العمل المنهجي لإشاعة روح المحبة والسلام والولاء الوطني بين الشباب لكي نزيل بذور التعصب والكراهية والحقد والعنف التي أصابت البعض بل و غرست في عقول الكثير من الشباب والاطفال داخل المحافظة عندما توفرت البيئة المناسبة كالبطالة والفراغ وغياب دور مؤسسات الدولة المختلفة ومنظمات المجتمع المدني في هذا الجانب .

ختاما: اليمنيون بطبعهم لا يحبذون العنف ولا يحبون الحروب كما قد يعتقد البعض ولكن بعضهم للأسف الشديد يجبرون عن جهل أو غباء أو طمع للخوض في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل فمواجهات الحوثيين الستة مع الحكومة والجيش اليمني على سبيل المثال لم تكن للأسف الشديد سوى حروب عبثية حركتها الأهواء والأطماع والقلوب المريضة تنفيذا لأوامر وخطط الممولين وتجار الحروب في الداخل أو الخارج اليمني وكان لدولة الإرهاب الديني الفارسي الدور الأكبر في هذا اللهيب الذي لا يراد له أن ينطفي حتى تتحقق الأهداف الفارسية في المنطقة العربية بأدوات للأسف الشديد اغلبها عربية, و يمكن التأكيد هنا لهذه الدولة الإرهابية أن أهدافها لن تتحقق بأذن الله سواء كانت تلك الأهداف تاريخية قديمة أو متجددة فألف وأربع مائة سنة من الفشل الفارسي في منطقتنا العربية كفيل لإقناعهم بالكف عن اللعب بالنار إن أرادوا الاقتناع بذلك خاصة وان هذه النار عبر هذا التاريخ الطويل قد أصابتهم في عقر دارهم أكثر مما أصابت العرب حتى وان نجحوا في إشعال بعض الفتن هنا أو هناك عبر ضخ الأموال أو الأفكار الضالة أو عبر تحريك أدواتهم الطيعة في بعض دولنا العربية كجماعة الحوثيين الغبية في بلادنا التي لم تستفق بعد من غيبوبتها وأمراضها الفكرية السلاليه المقيتة بل ولم تتعض من تجاربها السابقة وحروبها الدموية مع أبناء وطنها وجلدتها . ....وبالتالي نتمنى بصدق ان يعود الحوثيين الى البيت اليمني الكبير والى المذهب الزيدي المعتدل والى الحياة الكريمة البعيدة عن الدماء والعنف وثقافة الكراهية وان تكون هذه الحرب آخر الحروب العبثية التي ابتلي بها اليمن والشعب اليمني العظيم .