آخر الاخبار

20 صاروخاً من لبنان تجاه تل أبيب يشعل المواجهات من جديد.. وحزب الله يعلن تصديه لمحاولتي تسلل هي الأعنف اشتعال الحرب وبدءاً من اليوم..وكوريا الشمالية تعلن قطع الطرق والسكك الحديدية مع الجارة الجنوبية جبهة نزاع تجارية جديدة للصين مع تركيا موقع عالمي يسرب وثائق خطيرة تفضح كيف ساعدة القوات البريطانية للجيش الإسرائيلي الكشف عن تفاصيل خطيرة حول ضرب إيران في مباحثات هاتفية بين بايدن ونتنياهو اليوم أول دولة خليجية تعلن حبس وزير سابق لمدة 4 سنوات وغرامة مالية بتهم الفساد تقرير إسرائيلي خطير ينشر لأول مرة عن قدرات حماس القتالية العالية لماذا تشكل حرب غزة والقضايا الخارجية “عاملًا حاسمًا” في مسار الانتخابات الأمريكية 2024؟ هذا ما يتعرض له موظفو المنظمات الأممية والإنسانية المختطفين لدى الحوثيين - الشرعية تصدر بياناً وتعتبره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي يديره رئيس الرئيس ومقرب من المشاط .. المليشيات تستحدث مركزاً لتنسيق العمليات التي تستهدف السُفن في البحر الأحمر

سافرة الوجه وسط أمواج النقاب
بقلم/ نيكولين دن بور
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و 8 أيام
الإثنين 30 إبريل-نيسان 2007 09:26 م

مأرب برس ـ ترجمة مجير ضاحي

نقاب نقاب نقاب ... في كل مكان أرى نساء متشحات بالسواد. كان هذا انطباعي الأول عندما مشيت في شوارع وأزقة العاصمة اليمنية، صنعاء. ذهبت إلى اليمن لمتابعة دورة مكثفة في اللغة العربية، وللعمل. قرأت في السابق عن اليمن أنها بلد تقليدي، ولكن القراءة عن النقاب الذي يغطي كامل الوجه، أو رؤية إحداهن بين الحين والآخر في إحدى ضواحي أمستردام، شيء وأن تكون محاطاً بكل تلك الأزياء التي لا تُظهر سوى العيون السود، التي تتطلع إليّ من فتحة انقاب بفضول أو لطف أو غضب أو خجل، شيء آخر.

وهناك أيضاً رجال اليمن المتسربلون بجلابيب ناصعة البياض، متمنطقين بخنجر قي زنانيرهم، أو يحملون أحياناً كلاشنيكوف على أكتافهم. بعد منتصف النهار ألاحظ ازدياد أعداد الذين تأخذ إحدى وجناتهم بالانتفاخ من جراء مضغ أوراق "القات"، وهو نبات منبّه خفيف، التسلية المفضلة لدى جميع الرجال تقريباً في اليمن.

لكن لم تـُتح لي الفرصة للتأمل بهدوء ورسم صورة واضحة عن الشارع اليمني لكوني أوروبية ولا أرتدي النقاب؛ ووجود امرأة مثلي في شوارع اليمن – بغض النظر عن عمرها وشكلها- يثير ضجة من زمامير السيارات المرحّبة بحماس، وأناس يطلون برؤوسهم خارج نوافذ السيارات ويصيحون بي، والبعض يقطع عليّ الرصيف بسيارته ويوقفها أمامي، وآخرون يتسببون بازدحام سير معرّضين حياتهم للخطر.

أصبحت أشعر بشكل غريب وكأني أسير في الشارع عارية تحت كل طبقات الألبسة والأحجبة التي كنت أرتديها فوق بعضها البعض. القاعدة "غير المكتوبة" تقول أن النساء الأجنبيات غير مقيدات بتغطية رؤوسهن، وإنما فقط أذرعهن وسيقانهن وإخفاء التقاسيم الأنثوية من أجسامهن. كلما كان اللحم العاري أقلّ كان أفضل.

قررت شراء عباءة ونقاب تسهل لي حرية الحركة وتيسّر لي أن أعايش الحياة اليومية للنساء اليمنيات. ولكن لم أستطع إيجاد ثياب تناسب مقاسي. "أنت طويلة جداً" يشير أحد البائعين بشجب إلى طولي الذي يبلغ 1.78 متر. بائعون آخرون يفرطون من الضحك عندما أهمّ بشراء عباءة قصيرة تظهر ركبتيّ. ولهذا قررت تفصيل طقم على مقاسي.

وخلال أيام تفصيل عباءتي أجريت بعض اللقاءات مع سيدات يمنيات. في الغرب يعتبر النقاب الذي يخفي الوجه غالباً كعلامة للظلم أو كتعبير ديني متطرف. لكن للنساء في اليمن أسباباً مختلفة لارتدائه. فمن ناحية هو زي مثير، تقول إحدى السيدات: "ستكونين محاطة بالغموض المثير حين لا يرى الرجال سوى عينيك." ومن ناحية أخرى هو التقليد المتبع في البلاد، فالكثير من الفتيات الريفيات يقلّدن ما تلبسنه فتيات المدينة ويعتبرنه موضة العصر. أو لأنه ببساطة يتوافق مع الشريعة الإسلامية. لكن هناك سيدات كثيرات يفضلن الاكتفاء بارتداء الحجاب لو تـُرك لهنّ الأمر. لكنهن مجبرات على لبس النقاب من قبل رجالهن أو الناس في الشارع. والأمر الملحوظ هو أن الكثير من السيدات يعترفن بعدم ارتدائه حين يكنّ خارج اليمن. بعد سماعي لتلك القصص قررت أن أُحضر العباءة والنقاب بالفعل، ولكن لأعلقها في خزانتي فقط.

المرأة الأجنبية لا تلقى توبيخاً إن لم ترتدِ النقاب. اليمنيون فضوليون (السؤال المفضل لديهم "هل أنتِ مسلمة؟"، ولا يظهرون أي شعور بالصدمة حين يأتي الجواب بالنفي) ومضيافون (مع أنهم لا يعرفونك، يكررون دعوتك لزيارتهم: "تعالي لأعرفك على أسرتي"، الأمر الذي لا تفعله عادة في هولندا إلا عندما تنوي الزواج من أحد ما). وغالباً ما يظهرون حماساً شديداً عندما يعرفون أني هولندية، فقد كانت هولندا حتى فترة وجيزة إحدى أكبر الدول المانحة لليمن.

بعد أسبوعين كنتُ فيهما امرأة مستقيمة متلفعة بملابس محتشمة فإذا بي أكتشف أني عرضت شرفي للطعون دون وعي مني. ففي صباح أحد الايام انقطعت الكهرباء بعدما غسلت رأسي مباشرة. لم يعد بوسعي إذن أن استخدم مجفف الشعر واضطررت لمغادرة المنزل بشعري المبلل. انهالت عليّ نظرات الاستهجان. بعدها أدركت سبب نظرات الستياء. حسب الشريعة الإسلامية يتم غسل الجسم كله، بما فيه الرأس، بعد ممارسة الجنس. وإذا خرجت إلى الشارع بشعر مبلل، "يُفهم" من ذلك أنك قد مارست الجنس للتو.

بعد عودتي إلى هولندا كانت الشمس ساطعة، فذهبت إلى حديقة "فوندل بارك" في أمستردام. فاجأني في الحديقة مناظر النساء اللواتي يرتدين ثياباً قصيرة، فوضعت نظارتي الشمسية فوراً على عيوني. لم تستطع عيوني احتمال كل هذا العري بعد أربعة أسابيع قضيتها في اليمن.

عن إذاعة هولندا