رسالة إلى السيد عبدالملك الحوثي
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 15 سنة و شهرين و 28 يوماً
الإثنين 17 أغسطس-آب 2009 05:55 م

منذ فترة بعيدة وفكرة الكتابة إليك تراود العقل والقلم,لكن غموض الأحداث وتشابك خيوطها الخاصة بمحافظة صعدة المنكوبة,إلى جانب تعدد وإختلاف وجهات النظر الرسمية في السلطة والقوى السياسية المعارضة والمستقلة,مع إضافة الأراء المنشورة في وسائل الإعلام,صعّب علينا الوصول نحو فهم واضح للأحداث حتى نستطيع جمع الخيوط المؤدية إلى تحقيق ما نهدف إليه من وراء كتابة رسالة لشخصكم الكريم,غير أن تطور الأحداث في الفترة الأخيرة دفعنا لمخاطبتك والأمل في تفهمك لهذه الرسالة رفيقا لرحلة كلماتها التي نهدف من خلالها حقن دماء الأبرياء في بلادنا,ومحاولة إلغاء بوادر الأحقاد ومظاهر الكراهية والتمايز الإجتماعي وتوضيح حقيقة هذه المشكلة المعقدة التي يجب أن تتحول إلى تجربة نستفيد من شدتها وقسوتها وآلامها في تأسيس مشروع سلام دائم في الوطن,وذلك ما أشرنا إليه في مواضيع سابقة.

دعنا نتفق في بداية حديثنا على تحميل السلطة المسؤولية الكاملة لمشكلة صعدة منذ لحظة وجودها حتى الآن,ودعنا نتفق أيضا على تحميلها المسؤولية في فشل المبادرات الداخلية والخارجية لوقف الحرب, لأسباب قد تكون أدرى بها منا لأنك طرف مطلع على المبادرات ونقاطها,ومن أجل مواصلة النقاش بهدوء سنتفق أيضا على أن السلطة من تعلن الحرب ومن توقفها كما اتضح من سلسلة الحروب السابقة,ولكي تدرك أننا نحرص على أمن وسلامة شعبنا ووطننا دعنا نتفق على فشل القوى السياسية المعارضة في إيقاف الحروب نتيجة ضعفها أمام الرئيس وبطئ وتأخر حركتها وانشغالها بأمور أخرى,وفي ختام نقاط الإلتقاء المشتركة دعنا نتفق أيضا على أن صعدة تحولت إلى مشروع إستثمار للكثير من تجار الحروب في السلطة الذين حولوها إلى "بقرة حلوب"تدر أموالا من "الأشقاء"في دولة الجوار الذين انزعجوا من "التمدد الشيعي"في اليمن حسب رؤيتهم,والواجب إيقافه مهما كلف ذلك من ثمن يقبضه "مصاصي الدماء"وبعض المرتزقة اللاهثين وراء فتات ما يرميه أولئك بين حرب وأخرى.

نقاط الإتفاق السابقة صارت مفهومة للجميع في البلاد,لذلك لا ندري إن كنت قد لاحظت أن السلطة تدرك أنها وحيدة في مواجهة صعدة عسكريا,باستثناء بعض المرتزقة من أولئك الذين يسمون أنفسهم "قبايل"بينما هم أقرب إلى عصابات "البلاك واتر"المشهورة بخوض الحروب نيابة عن جيوش الدول,وهذا يعني أن الرئيس خسر الإجماع الوطني في حروبه معكم مما أدى إلى التأثير على سلطته ومواقفها داخليا وإقليميا ودوليا,وتلك نقطة كان بإمكانكم استغلالها بصدق لإيقاف مجازر السلطة ومغامراتها المجنونة في صعدة وتوضيح موقفكم بشفافية أمام الرأي العام المحلي والخارجي,لكن ضعف أدائكم الإعلامي وغياب رؤية واضحة لما تسعون إليه جعلكم بعيدين عن استغلال تلك النقطة الهامة والمصيرية.

الإعتماد على رسائل مكتبكم الإعلامي ليس حلا,والتحجج بالتعتيم المفروض من السلطة لن يظل مقبولا,لأنكم تحصلون على عون وأشياء(كما هو واضح من سير المعارك)يؤكد قدرتكم على الظهور وتوضيح الأحداث بصورة إعلامية أعمق وأشمل,لكن ذلك لم يحدث ربما لسببين أولهما عدم رغبتكم حدوث ذلك,وثانيهما عدم فهمكم للأمر برمته وهو الأصح كما نظن.

نقول لك بصدق من أعماق قلوبنا الدامية لما يحدث في صعدة المقتولة بأطفالها ونسائها ومنازلها ومساجدها,أننا نستحضر بأسى ماضينا القريب في المنطقة الوسطى,يوم أن كنا وقود حرب طاحنة بين شطرين ومن وقف مع كل طرف من المرتزقة الذين حصدوا ملايين الدولارات في تلك الفترة,بينما جنت المنطقة الدماء والخراب والقتل والتشريد والضياع,وحتى هذه اللحظة لا زالت مآسي تلك المرحلة حاضرة في كل قرية ومديرية كما هي اليوم في صعدة النازفة دما وقهرا من حروب ست سنوات عاصرناها نحن قرابة العشرين سنة,وللعلم أن فضل الله علينا ثم الموقف العظيم للرئيس علي ناصر محمد الذي أوقف تلك الحرب عند توليه السلطة أيامها,لنبدأ بعد ذلك فتنة وحروب قبلية لا زالت قائمة حتى اليوم زرعها نظام علي عبدالله صالح ثم دعم الأطراف بالسلاح والمال ليقتل بعضهم بعضا.

إن استحضار تلك الصور من ماضينا المرعب يجعلنا نعيش مع صعدة بكل جوارحنا ومشاعرنا ودعواتنا بأنهاء تلك الحرب الموجعة الموحشة,ونتمنى منك أن تكون مساهما في ذلك عبر تغليب مصلحة الوطن والشعور بالمسؤولية أمام الله عز وجل قبل كل شيء على دماء وأرواح القتلى والجرحى,ونحن عندما نقول هذا الكلام فإنما نقوله من باب الشعور بالأمل الذي نراه فيك ,أما سلطة علي عبدالله صالح فلم نعد نثق فيها ولا أمل في خير منها أو إصلاح ومن يراهن على ذلك فهو خاسر خاسر خاسر.

المواقف العظيمة لا يسجلها سوى العظماء ووحدك مدعو للتفكير في ذلك وأي عظمة أجل وأعز من إحياء نفس هي عند المولى إحياء للناس جميعا,وثق تماما أننا نقول لك هذا الكلام حرصا على وطننا وأرواح أبنائه,وعليه ندعوك للإجتهاد ما استطعت في وقف الحرب إرضاء لله ثم للشعب,وإن عجزت عن ذلك فأمر مقاتليك بتجنب القتل والدمار للبشر والشجر والحجر ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا,تقيدا والتزاما بسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام,وابق في موقف المدافع عن النفس أمام الظلم والظالم,وابتعد عن التوسع لتحافظ على دماء الناس وتغلق على السلطة الفاجرة أبواب الفتنة والحصول على التأييد والإجماع,كما نحب أن ندعوك لأمرين اثنين وهما/

1-توضيح حقيقة الأحداث بشفافية مطلقة منذ اللحظة الأولى للحرب حتى الآن عبر تسجيل مرئي بإمكانك إرساله لقناة الجزيرة أو غيرها لبثه على الناس حتى تتضح الصورة,واحرص على الإبتعاد عن المغالطة وإثارة الكراهية وركز على طرح أسباب الحرب وفشل الوساطات بواقعية لا لبس فيها أو تشويه,ويمكن هنا وصول الأشرطة بنفس أسلوب وصول العديد من الأشرطة الحاملة للكثير من صور الحرب والضحايا والتي لو بثت لتم إتهام النظام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتلك الأشرطة موجودة في قناة الجزيرة حسبما نسمع.

2-التعامل مع حرب صعدة وأحداثها بواقعية ومنطق عبر الإبتعاد عن خرافة أن شعار الموت لأمريكا وإسرائيل ورفعه سبّب الحرب بينكم والسلطة,لأننا في زمن لم يستطع العرب والمسلمين تقديم شيء للقدس,بل قدموا لإسرائيل دعما مطلقا ضد كل بلد عربي يؤمن بقضايا الأمة,فرحم الله امرءا عرف قدر نفسه ونحن في صعدة كما اليمن كاملة نفتقد لأبسط مقومات الحياة ونحتاج لنناضل لنيل حقوقنا ثم بعدها يقضي الله ما شاء,أما أن نرفع شعار موت أو حياة أحد,ونحن أساسا في صحراء نظام علي عبدالله ونعتقد أننا سنغير العالم فذلك ما لا يمكن لعاقل فهمه أبدا.

ختاما ندعوك بحق القربى والمودة في الوطن الحرص على دماء الأبرياء,ونناشدك العمل ما استطعت على أخذ ما تراه مناسبا في ما ورد أعلاه,آملين وراجين منك وفيك أخذ موقفنا كما ورد بدون شك أو لبس ونحن بدورنا سنواصل الوقوف مع المظلومين بالكتابة والدعاء كأقل ما يمكننا القيام به والسلام.

****السفارة اليمنية تؤكد ما نشر في الشرق الأوسط......فاجأتنا السفارة اليمنية في واشنطن بتعديل تصريح لمسؤول أمريكي لصحيفة الشرق الأوسط بقلق أمريكا من حرب صعدة وضرورة العودة لأتفاقية الدوحة2007م,لتقول السفارة أن المسؤول الأمريكي لم يذكر إتفاقية الدوحة لكنها أي السفارة وقعت في خطأ فادح عندما قالت أن العودة لإتفاقية الدوحة جاء في تقرير وتوصية لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس,وهنا يجب التوضيح أن التصريح مجرد موقف إعلامي أما قرار أو توصية الكونجرس فهو قرار ملزم وكان من الأفضل للسفارة أن تصمت لكن صدق المثل اليمني القائل(سارت تحتلي قطعوا أذانها).

aalmatheel@yahoo.com