آخر الاخبار

رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح

تحديد سن تزويج الصغيرات مقصد شرعي .. وضرورة طبية وتنموية
بقلم/ د شوقي القاضي
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 21 يوماً
الإثنين 09 مارس - آذار 2009 08:12 م

-       أنجز البرلمان بتصويته على تحديد سن تزويج الصغيرات بـ 17 عاماً هدفاً حقوقياً انتظره اليمنيون طويلاً وهي خطوة تحسب لجميع النواب بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم وفي مقدمتهم هيئة رئاسة المجلس التي بدت قناعتها واضحة وهو ما سهل إنجاز المشروع ، وكتلة المؤتمر الشعبي العام ـ ككتلة تشكل أغلبية مطلقة تستطيع أن توجه المجلس حيثما تريد ـ وكتل اللقاء المشترك والمستقلين ، وهو بالمقام الأول إنجاز تولته ويحسب لها لجنة تقنين الشريعة وأعضاؤها الذين تعاطوا مع الموضوع بشرعية وموضوعية ، ولم يألوا جهداً في لقاء المتخصصين من الأطباء وعلماء النفس والاجتماع ، وكان للورقة الطبية المتخصصة في مخاطر الحمل المبكر المرتبط بتزويج الصغيرات والتي قدمها عضو مجلس النواب رئيس لجنة الصحة العامة والسكان الأستاذ الدكتور نجيب غانم عضو كتلة التجمع اليمني للإصلاح البرلمانية ، أثر كبير في ترسيخ قناعة النواب بمخاطر الحمل المبكر الناتج عن تزويج الصغيرات وهو ما دفع المجلس للتصويت الإيجابي لصالح تحديد سن الزواج إضافة إلى جهود أخرى بذلتها منظمات المجتمع المدني واللجنة الوطنية للمرأة وغيرها.

-       ويأتي التشريع القانوني لتحديد سن تزويج الصغيرات متماشياً مع مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التنمية المجتمعية ودفعاً للأضرار النفسية والعضوية والمجتمعية التي باتت شبه مجمع عليها من المتخصصين في علم النفس والطب والاجتماع والذين لا يصح ولا يجوز عقلاً وشرعاً أن يقصوا من مناقشة موضوع يقع تحت اختصاصهم قبل غيرهم فهم ( أهل الذكر ) الذين أمرنا شرعاً بسؤالهم في مثل هذه المسائل ثم يأتي دور المفتي في الأحكام الشرعية مكيفاً لهذه المسألة أو تلك بما يتوافق مع فهمه لنصوص الشريعة من كتاب الله وصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فليس بين العلم الحق والعقل الرشيد من جهة وبين الشريعة والوحي أي خصومة أو تناقض إلا فيما يظنه بعض محدودي العلم في طبيعة شريعتنا الإسلامية.

-       وتحديد سن تزويج الصغيرة مسألة مدعومة بأدلتها من كتاب الله وصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومقاصد الشريعة ومبدأ المصالح والمفاسد في ديننا القويم الصالح لكل زمان ومكان والمحقق للعدالة الربانية للبشر برجالهم ونسائهم وصغارهم وكبارهم ، فالأدلة التي يتكئ عليها المانعون لتحديد سن الزواج لا تستقيم أمام الأدلة التي تسمح بتحديد سن تزويج الصغيرات .. فالآية التي يستدل بها إخواننا المانعون للتحديد وهي قوله تعالى ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) الطلاق4 .. واعتمادهم على تفسير ( وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ) على أنهن ( الصغيرات ) كما ذكر ذلك أكثر المفسرين ، اعتماد ظني وليس يقيني بدليل أن مفسراً كالسعدي يحتمل أن يكنَّ أي ( وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ) أنهن فئة من النساء اللاتي يتأخر عنهن الحيض حتى بعد بلوغهن سناً كبيرة ، وهو أمر معروف طباً وواقعاً ، إذن نحن أمام دليل ظني الدلالة ، وكذلك الحال في استدلالهم بحديث زواج رسول الله من عائشة رضي الله عنها ، والنقاش المحتدم في سنها رضي الله عنها ، وكذلك القول بخصوصية ذلك لرسول الله ، وذهب البعض إلى أن تزوج رسول الله بعائشة كان قبل قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتى تُسْتَأْمَرَ، وَلا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتى تُسْتَأْذَنَ، قَالُواْ يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا، قَالَ أَنْ تَسْكُتَ ) ، وما دمنا أمام أدلة ظنية الدلالة يحتمل فيها التأويل ويجوز فيها الخلاف دون إنكار أو تجريح ، كما أنه لم يقل عاقل بأن تزويج الصغيرات ( واجب أو مندوب ) وبهذا فإن مسألة تزويج الصغيرات ـ في أبعد أحوالها ـ من المباحات التي تناقش في إطار مقاصد الشريعة ومبدأ دفع المفاسد وجلب المصالح وهو باب عظيم قضت به الشريعة وظهر جلياً في الفقه الإسلامي وتأصل باجتهادات الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وفي مقدمتهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كما أن القرآن الكريم ينص بأن هناك سن للزواج يترتب عليه مهام ومسؤوليات وحقوق وواجبات وفكروا معي بقول الحق تبارك وتعالى ( وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً ) النساء6 .. فتأملوا أيها الأعزاء ، أن الله بين أن للنكاح سناً ومرحلة ، وكيف اشترط لإدارة مبلغ من المال شرطان مهمان هما: بلوغ سن معين ، وتوفر الرشد !! ألا يجب علينا في قضية التأسيس لبناء الأسرة نواة المجتمع أن نحدد سنأ ونشترط رشداً .. وألا يجب علينا ونحن نصف الأم بأنها ( مدرسة ) لإعداد أجيال يعول عليها بقيادة الأمة نحو النصر والتنمية والرخاء ، أن نهتم بهذه الأم المدرسة ، فنرعاها ونربيها ونهتم بها علمياً ونفسياً وروحياً ونؤهلها لرسالاتها في الحياة ومنها بناء الأجيال ومشاركة مجتمعها في كل مناحي الحياة العلمية والعملية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .. وهل يجوز شرعاً وعقلاً أن نرمي بطفلة في خضم أمواج المسؤولية والواجبات وهي القاصرة ، وفاقدة الأهلية فقهاً وقانوناً.

-       إن مفاسد وأضرار تزويج الصغيرات كثيرة ومتعددة وحقيقية طبياً ومجتمعياً ونفسياً ، وهي تفوق كل ما يدعيه إخواننا المخالفين من مصالح موهومة لتزويج الصغيرات .. والقاعدة الشرعية ( درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح ) .. ومع مخالفتي للقائلين بمنع التحديد واعتقادي بأنهم مخطئون ولا دليل لهم شرعاً ولا مبرر لهم واقعاً وعقلاً ، إلا أني على يقين من حرصهم على دينهم ومجتمعهم وقيمهم ، ولكني ألوم فيهم الاستعجال في الأحكام ، وأنكر عليهم الفجور في الخصومة والاختلاف وإلقاء التهم على مخالفيهم الرأي والاستنباط ، كما أن اعتقادهم ـ عملياً ـ بامتلاك الحق المطلق وأنهم وحدهم الأحرص على الدين وعلى القيم والأفهم للشريعة ، كل هذا منعهم من الاستفادة من الآخرين وربما كانوا ـ أي الآخرين ـ أعلم منهم وأدق تخصصاً ، ووضعهم في مواقف مترددة بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

-       وبعد .. أطلب من مشايخنا وعلمائنا وفي مقدمتهم الشيخ العلامة القاضي محمد بن إسماعيل العمراني أطال الله عمره ونفعنا بعلمه والشيخ المجاهد عبد المجيد الزنداني الذي تربينا على كتابه ( توحيد الخالق ) ورضعنا مفاهيم الإيمان من نهل مؤلفاته ومحاضراته ، ألا يستعجلوا في التوقيع على قضايا تقدَّم لهم بكثير من اللبس والغموض بل والتدليس وقد يصل أحياناً إلى البهتان والافتراء من الذين يتبنوها ( لحاجة في نفس يعقوب ) وأن ( يتبينوا ) كما علمونا هم الالتزام بأمر الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات 6 .. فكثير مما يصلهم يحتاج إلى تبين وتمحيص .. وما وقع من وقع من علمائنا في فتاوى ندموا عليها أو أحكام استعجلوا بها إلا من وراء مريدين لا يتقون الله في نقلهم .

* عضو مجلس النواب عن كتلة التجمع اليمني للإصلاح