أرفع راسك أنت جنوبي
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 16 يوماً
الثلاثاء 10 أغسطس-آب 2010 04:32 م

حينما رفعت المملكة العربية السعودية شعارها (( ارفع رأسك أنت سعودي )) كان لها الحق أن ترفع ذلك الشعار القوي فهي قد حققت لشعبها انجازات وتطورات على كافة المستويات من استقرار معيشة وامن وأمان وفقا لخطط ودراسات , ومنها ما يسمى ( بالسعودة ( حيث تسعى لتقليص عدد العمالة الأجنبية وإحلال الكادر الوطني بديلا عنها ليأتي عام محدد وقد تم تغطية الوظائف والأعمال الحيوية بطاقم سعودي 100% , وتم تطبيق هذا العمل في الدوائر الحكومية ومحلات الذهب والخضار والاتصالات .. وهذه خطة محكمة تدل على استعداد تام للمستقبل .

ـ وهذا كان محل نقاش عدد من السعوديين والمقيمين نقاشا بناء وكان محوره حول جدوى هذا المخطط في إدارة الأعمال التجارية الخاصة .. هل يستطيع الشاب السعودي أن يقف على قدميه في محل تجاري من الساعة السابعة صباحا إلى العاشرة مساء يجادل ويساوم ويتحمل غضب الناس عليه وغيرها من الأمور؟ وهل سيداوم يومي الخميس والجمعة ويقتنع براتب بسيط ؟ وهل سيعمل في عدد من المهن كالبوفيات والمطاعم الشعبية ( جرسونا ) ومازال السؤال مطروحا بين مؤيد للقرار ومعارض له وعلى الأعراف رجال ليس لهم رأي محدد !!

ـ هذا الموضوع ذكرني بما يتردد في وطننا الحبيب مع الفارق الكبير فاليمني القادم من الشمال ليس بنغاليا ولا هنديا ولكنه ابن البلد انتماء وحضارة .. وليس عمالة أجنبية بل يماني أصيل .ولكن وجه التشابه فقط في الفكرة الدارجة والعقلية السائدة ونمط الحوار ..

ففي أثناء نقاش عابر مع أحد الأخوة : ماذا فعل لك المواطن اليمني من الشمال حتى تغلظ له القول هكذا ؟ قال : أكلونا سيطروا على الأعمال , استولوا على كل شي ولم نحقق بجوارهم شيئا , شبابنا ما وجد أعمالا .. ندور وظائف ما حصلنا وأشغالا خاصة ما وجدنا , قلت : والسبب طبعا إخواننا من الشمال , قال : أكيد فقلت : وما هو الحل في رأيك ؟ قال : الانفصال . فقلت : هل تعلم ماذا سيصيب البلاد بهذا , قال كل خير , قلت بل ستصبح خرابا يبابا .. قال : كيف ؟! قلت : انظر للمحلات التجارية و المطاعم والبوفيات ومحلات الخضار وغيرها من قائم عليها ؟! قال : هم , فقلت : نعم هم الرجال يعملون مع صياح الديك إن لم يكن قبلها فاحيوا البلاد بناء وحركة ونشاطا وإعمارا , يا أخي أنا عشت في عدن 20 عاما متواصلة وكانت الأسواق تغلق الساعة 8 أو 9 مساء وخاصة التجارية عدن والشيخ عثمان أما خورمكسر والمنصورة والبريقة وحواري كريتر الداخلية القطيع .. العيدروس .. الخساف .. سكنية أو مستودعات تجارية فقط , واليوم أنظر لها زر محافظة عدن كاملة .. تجول فيها .. ماذا ترى ؟ هز كتفيه ولم يجب !!

ـ سأحدثك عن شبوة .. سوق عتق العاصمة التجاري كان ينتهي مع أذان الظهر إلا قلة من أهل المدينة , وهو محصور في شارعين طوال 27 عاما , وانظر لها اليوم أسواقها وشوارعها ممتدة إلى خارج السوق القديم وعملها متواصل دءوب .. ستقضون على هذه النهضة التجارية والعمرانية المباركة , فبالله عليك هل ستعملون منذ الصباح الباكر في بسطات الخضار وأفران الخبز والمطاعم والبوفيات وغيرها ؟ وهل ستظلون إلى أنصاف الليالي ؟ هل لدينا تلك الهمة العالية لديهم ؟ هل تستطيعون إبقاء البلد على ما هي عليه من الخير والنشاط ؟ فلنكن واقعيين ستخسر البلد الكثير بدعواكم تلك والتي ترددونها عاطفة بدون دراسة ولا تخطيط .

فقال مستهزئا : خلاص سنضع مصطلح ( الجنوَّبَة ) ونعمل كفالات لهم ويشتغلوا عمالة عندنا ..

ـ فضحكت مستغربا : ولكننا أهل بلد واحد ؟! هل ترضى أن تعامل أخاك معاملة الأجير ؟ لماذا تعلق فشلك وكسلك وطلبك للراحة والرزق السهل على إخوانك من المناطق الأخرى ؟ نعم البلد فيها فساد وظلم ومحسوبية وقلة أمن , ولكن ذلك أيضا واقع بهم أكثر مما هو بنا فلا نجمع عليهم ظلمين .. ظلم الحاكم الجائر وظلم الأخ الثائر .. لنعمل معا لإصلاح الأوضاع ومداواة الأوجاع وتغيير الواقع الأليم .. عملا وحركة .. ودعاء وتوعية .. وإن لزم الأمر تظاهرات وثورة وقوتنا في إخوتنا ..

واحذر أن ترفع غدا شعار ( ارفع راسك أنت جنوبي ) أو جنوبي وافتخر فان واقع الحال سيكون (( لا رأس لك حتى ترفعه )) قال : ربما من هذه الناحية معك حق ولكن هناك الكثير يضطرنا لطلب الانفصال !!

فماذا فقد الجنوبي في دولة الوحدة ليجعله ثائرا يطالب بطرد الاحتلال ؟ !

وذلك حديث آخر ... ولكن بعد رمضان .. في شهر شوال .

وكل عام وأنتم في طاعة وصلاح ووحدة !!.