قادة الجنوب.. صح النوم!
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و يوم واحد
الأحد 14 أغسطس-آب 2011 01:05 ص

بكل صراحة وحتى اللحظة لا أريد أن اصدق بأن اليمن وصل إلى هذه المرحلة من الحساسية والحرج بينما قضية محورية مثل قضية الجنوب لا يوجد لها التمثيل الحقيقي الذي يساوي حجمها التراكمي الضخم، بل لا أستطيع أو ربما لا أريد أن أصدق بان الجنوبيين وقفوا خلف المشهد المشتعل كصف ثاني يراقب ما يحدث دون أن يكون لهم اثر في توجيه أو التأثير على الأحداث، بينما الواقع يقول بأنه أن لم يتحرك الجنوبيون الآن فلن يستطيعوا أن يتحركوا أبدا أو أن يجدوا فرصة مثل هذه الفرصة لفرض وجهة نظرهم التي هي وحتى الآن لم يتفقوا عليها!

أين هي المشكلة في ذلك هل هو نقص في القادة أم اختلاف في القضية أم عدم اتفاق إيديولوجي، ظاهريا لا يبدو لنا شيء من ذلك, فهنالك شبه إجماع بان الوحدة اليمنية بهذه الصورة الحالية لم تعد مقبولة حتى وإن أدعى الكثير من كوادر وقادة تنظيم الإصلاح بأن الثورة الحالية أنهت مشكلة الجنوب، كما أن القادة في العمل السياسي الجنوبي سواء في الداخل أو في الخارج لديهم ثقلهم الإقليمي والدولي المعتبر ناهيك بان الجميع متفق على مدنية الدولة القادمة ولا يوجد خلاف حول ذلك بما فيهم طارق الفضلي الذي لم يخرج بتصريحات راديكالية كالتي يفرزها الزنداني ومكتبه في جامعة الإيمان، ومع ذلك نسمع تلاسن في وسائل الإعلام وخلافات بلهاء بينهم ومزايدات غير ضرورية بل نرى انعقاد مؤتمرات كل على حده لتصدر بيانات روتينية ثم لا ترى آلية بعدها للتحرك أو لجان تعقد للتنسيق في الحد الأدنى.

علينا أن نقر بأنه ثمة تكاسل وحالة لا مبالاة نلحظها الآن وأخشى أن تكون سبب في تميع قضية أزُهقت الأرواح من أجلها، وإلا ما تفسير انه هنالك أكثر من خمسة تيارات داخل الوطن وتياران رئيسيان خارجهما، وما هو العائق أمام توحدهما مرحليا وتشكيل هيئة مركزية للتحدث باسمها وفرض وجودها داخل صنعاء للتأثير والضغط وتشكيل لوبي للعمل الميداني وأن لا يكتفى بالعمل في الضالع بل يجب أن تكون حاضرة في كل المدن اليمنية وبشكل دائم، فقضية الجنوب هي قضية وجدانية لا يستطيع أحد أن ينكر حقها في كل أرجاء الوطن بل الجميع يشعر بأنه هنالك فعلا شعب ودولة تم تدميرهما بشكل منهجي والقضاء عليهما وعلى كل الاتفاقيات التي عقدت وتم الاتفاق عليها لتوحد اليمن الجنوبي والشمالي، وان ما تلى حرب 94م كان انقلاب بشع على أجمل عمل قام به اليمنيون عبر كل تاريخهم مما سبب ردة نفسية شديدة من أي محاولة أخرى ما لم تكن هنالك ضمانات حقيقية ربما تأتي في أولها احترام إدارة الشعب في الجنوب ووضع الأمر تحت استفتاء شعبي يقرر من خلاله مصيره سواء القبول بالوحدة بشكلها الحالي على اعتبار أن النظام الأسري المستبد قد رحل وانه قد يكون القادم أفضل، أو قيام فيدرالية بين إقليمين جنوبي وشمالي أو حتى الانفصال وإعادة دولة الجنوب كما كانت وليس من حق أحد في الشمال أن يصدر فتواه في هذا الأمر لأن هذا سيعتبر نوع من تأكيد النظرة الإلحاقية التي مارسها الشماليون تجاه الجنوب خلال الفترة الماضية والتي تركت مرارة شديدة في النفوس .

لا يوجد شيء في الوقت الحالي يمكن له أن يقف أمام القضية الجنوبية إلا قادته المتفرقون في كل وادي والذين لم يستطيعوا أن يتواجدوا كعنصر فعال في المعادلة السياسية، فنحن نرى رجل مثل علي محسن أستطاع أن يجعل من ذاته مزارا للسفراء وصاحب كلمة لها وزنها بينما الرجل لا يحمل توجه سياسي واضح أو قضية بعينها، بعكس مطالب الجنوبيين الذين لم يستطيعوا أن يخرجوا وحتى اللحظة من بوتقة بالكاد تُسمع أو تُرى أو يكون لهم وقع مؤثر في الأحداث الجارية.

يا ترى ما هي جدوى المؤتمرات في القاهرة أو في بروكسل ما لم يكونوا شركاء فعلين في المفاوضات التي تدور الآن بين اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام ولماذا كل قادة وتنظيمات الجنوب لم تستطيع أن تعقد ولو لقاء واحد مع السفراء العرب أو الأجانب لشرح قضيتهم، وأخيرا هل نستطيع أن نجعل من القضية الجنوبية مادة محورية ما لم نتوحد ونقبل بعضنا ونحترمها مادام الخلاف في آلية التنفيذ والهدف يكاد يكون مشترك ومتفق عليه.

الجنوب كله الآن في مرحلة دقيقة جدا وهنا فرصة كبيرة لن تدوم طويلا وعلينا أن نعرف بان اللقاء المشترك هو جزء من المنظومة السياسية الحالية والتي لديها مواقفها المعلنة تجاه الجنوب والتي تراه في أحسن الأحوال كحكم محلي واسع الصلاحيات، لذا النظر إليه وانتظار ما سيجود به هو عمل لا يمت للسياسة بصلة، بينما الفرصة ما زالت سانحة للتحرك الجاد وليكن التركيز على العاصمة صنعاء كتواجد جاد وفتح قنوات تواصل مع كل الأطراف السياسية الداخلية والخارجية كطرف واحد يمثل كل الجنوب ليكن هنالك ثقل حقيقي يفرض وجوده، لأن الجميع يلحظ أن القادة الجنوبيين لا اثر لهم عدى لقاءات صحفية لا تؤثر على الواقع بينما هنالك حراك سياسي صاخب لا نرى لهم فيه من اثر.

خاتمة: سواء فك الارتباط أو فيدرالية بين إقليمين.. علينا أن تذكر «فن الممكن» ونسير عليه قدر استطاعتنا.