خفايا رحلة كلينتون وتعثرها في مطار صنعاء
بقلم/ حسن الاشموري
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 12 يوماً
الخميس 13 يناير-كانون الثاني 2011 07:32 م

عندما كانت في سنين المراهقة ،عرفت هيلاري رودهام كلينتون اليمن مبكرا في قصص الوعض المسيحي في الآحاد (يوم الأحد) وفي ذاكرة هيلاري ، اليمن أرض شيبا أو سباء كما نسميه نحن ، خيال ديني توراتي للقسم ا|لآخر من كتاب التعبد المسيحي واليهودي، هناك الأشياء والبلدان تحضى بالاحترام ، اليمن في قصته التاريخية يحضى بالتبجيل والمكانة السماوية خلد ذلك أيضا القرآن الكريم كتاب المسلمين المُتعبد به ،وفي أزمنة من عرفوا بالساميين نحن مع اليهود نتقاسم رفعة السمو...فلم يكن اليمن غريبا في نفسية كلينتون كمسيحية إنجيلية منذ بداياتها الطفولية والشبابية، لكنه صار يمنا ً أغرب ، سياسيا في درجات العنف الذي رحلته إليه بلدانا ًعربية خليجية وإيرانية ليكون منبعا خطرا لتنظيم القاعدة الإرهابي والحوثة الإرهابيين ، وهي وضعية حددت سرية زيارة الجميلة المكتنزة هيلاري الوزيرة التي كادت أن تصبح رئيسة ، فمذا وجدت في اليمن في نحو تسع ساعات مليئة بالإثارة الرسمية والشعبية، وجدت شعبا من المعارضة يشكوا حكومة الرئيس علي عبد الله صالح التي تنازل عنها للفاسدين ، اجتمعت بشاكين كلا على حده لمدة دقائق كافية ، بعضهم سلمها تصوراً بإسم جهة أو أتباع حزبه .. اثنان من الشاكين الذين التلقوا بهيلاري نسقوا جيدا ما يمكن قوله لها على انفراد تنسيق جانبي على التنسيق العام مع الذين اجتمعوا معها داخل سفارة بلادها ، نقلا صورة وردية عن حلفا ميدانيين لمواجهة القاعدة، يمكن الاعتماد عليهم بعد تلقيهم إشارات بالدعم السياسي من واشنطن ونقل أحدهم على نحو ما رسالة من قادة هذه المجموعة البديل عن الحكومة في مواجهة القاعدة...

 كان في اللقاء الانفرادي كل شيئ حاضر ، وضع الرئيس وأسرته وعدم عدائية الحوثة لأميركا والتعديلات الدستورية وكيفية الخروج من المأزق السسياسي والمشاركة في الحكم ودور أمريكا في دعم المعارضة المشتركة ، واتفق المجتمعون مع الوزيرة على مخاطبة حلم اميركا بالقضاء على القاعدة الجماعة الإرهابية، وكيف يمكن مواجهتها وإعادة تعريف دور الرئيس في الحرب على القاعدة واستخدامها من أجل مصالح تخدمه ، ولم يفطنوا أن هذا الأمر لا غرابة ولا جديد عنه ، لدى ذاكرة الوزيرة فكل من زار اليمن من الر سميين الغربيين أو الأمريكيين يعرفون مكر الرئيس أو ( أوَر مان إن يمن - رجلنا في اليمن) وسمعت الوزيرة هذا عشرات المرات وإلا فما تصنع سفارتها في كتف أكمة سعوان، كما وأن دبلوماسييها كتبوا عن هذا هذا من قبل في تقاريهم ومن نفس الشخوص أو من آخربن من قادة المجتمع اليماني بل ومن أشخاص يعملون مع الرئيس بل ( أخرى) ومن الصحفيين والناشطات المنفتحة علاقاتهم وعلاقتهن على رجال السفارات... ثم أخذ كلا دوره في التقاط صور وقوفا مع الوزيرة بهية المنصب والطلعة غير تلك الصور الجماعية قياما وقعودا..وفي لقاء الجميلة هيلاري في قاعة موفنبيك كان يومها اكثر بهجة وغبطة، فهي تعشق ما يسمى (بالتاون ميتيقن) وتعني اللقاء المفتوح مع الجمهور ، إذ أنه عند دخولها القاعة دوت القاعة بحرارة التصفيق لمأتي شخص أحلامهم مختلفة، تصفيقا كما لم تشهده القاعة من قبل، ولعله ذكرها باستقبالات أنصارا قدامى لها في المدن الأمريكية اثناء حملتها الانتخابية للرئاسة في صيف 2008 .

واسعدني شخصيا هذا الاستقبال وتوحد المشاعر في تقدير دور أمريكا النبيل، لأن في القاعة من كان ضد أمريكا يلقي عليها الشنار ويرميها بالبهتان ولكن دخول هيلاري مسح تلك المعتقدات البالية وصار كل من في القاعة أمريكي حبا وكرامة ، والحقيقة أنه لايوجد يماني يكره أمريكا وإلا لما حلم كل يماني ويمانية بالهجرة أو بزيارة أمريكا ولعل الوزيرة استوعبت دفء القاعة بتجليها .. مداخلة احد النواب حول أن الاستبداد حاضنة مُنمية للإرهاب لم تكن جديدا لأن الوزيرة أشارت لذلك في سياق حديثها عند لقاء الرئيس وإن بطريقة دبلوماسية بمعنى انها لم تستخدم كلمة استبداد لأنها تعرف أن لا استبداد في اليمن فكلمة الاستبداد كبيرة في المعنى وإلا لما خرج على الرئيس حوثة وحراك وقاعدة سنوات وسنوات (إيران دولة مستبدة ولذلك من خرج من سنة أو أكراد أو إصلاحيين عليها لايعمر خروجه أكثر من شهر لقوة عنف الدولة وشراستها واستبدادها ) وسوريا مثلا آخر دولة يعتبرها الغرب "مستبدة" لكن ليس فيها قاعدة وإرهاب ، فليس صحيحا أن الاستبداد يولد الإرهاب ، ولذلك لم تكن معلومة صحيحة أو مجهولة لدى الوزيرة مداخلة النائب ، وكان بإمكان من حضر أن يدلي بأفكار خلاقة عن المؤسسة الرئاسية لعلي صالح ومشاكل اليمانيين معه وعن المخرج المثالي لأغلاق نوافذ الأزمات ولكنهم للأسف ضيعوا الفرصة (فرصة بيضة الديك) أو على الأقل كانوا سيُدهشون الوزيرة بالقدرات التفكييرية للنخب اليمانية لكن للأسف ما سمعته هيلاري من لقائها بالمعارضة في السفارة أو في موفنبيك ، أقوالا لا إدهاش فيها وتنبء عن تصحر النخب اليمانية رجالا ونساءا... كثيرون الذين بهجتهم الوزيرة هيلاري في قاعة موفنبيك ولذلك تزاحموا وتعاركوا مع الحراسة لالتقاط صورا لهم معها أحد هؤلاء لا يحب أمريكا ويحبها الآن من باب الزلفى وحسن مآب ، ولكن الأكثر سعادة كانت الطفلة سابقا المراهقة حاليا نجود علي التي تعتبرها كلينتون شخصية مناضلة في مواجهة زواج القاصرات وقد طلبت الوزيرة التي التقتها سابقا في واشنطن اللقاء بهذه المراهقة مجددا ووضعتها في قائمة من ستلتقيهم في اليمن ولذلك انصح قادة المعارضة والموالاة في اليمن والحوثة وغيرهم باسستثمار نجود لأن لديها وضع خاص عند الوزيرة كلينتون.. ومن خفايا لقائها الطويل جدا مع الرئيس ولثلاث ساعات ، طبعا لم يحدث ان التقى مسؤول أمريكي كبير مسؤول دولة أخرى لهذا الزمن من الوقت ولهذا لم يتسمروا جلوسا في قاعة اللقاءات الرئاسية بل تحركوا خارج القاعة وتناولوا المرطبات، وشجعت الوزيرة الرئيس على فتح حوار مع المعارضة وحثت على انتخابات ذات مصداقية ، يشارك فيها الجميع وقالتها بالحرف الواحد إن واشنطن مع يمنا ًواحدا ًموحدا ًديمقراطيا ،وبضغطها المتكرر على الرئيس وإصرار واشنطن الجدي في محاربة القاعدة وازنت في هذه الجزئية مع تعهد واشنطن المقابل لمساعدة اليمن في التنمية وعلى وجه الخصوص في موضوع بدائل عن النفط الذي بدا ينضب فضلا عن دعم أمريكي يتعلق بمشكلة ندرة المياة المتوقع نضوبها أيضا .. وفي اثناء الحديث لفت الرئيس إلى مانشره الأخ جوليان أسانج في ويكيليكس وعلق مسؤول رفيع من مرافقي كلينتون أن صالح كان صاحب تعليق لطيف وهادئ مقارنة بما سمعته واشنطن من زعماء عرب عن ماسُرب إلى ويكيليكس وكانوا جزءا ً منه .. وقال الرئيس مخاطبا الوزيرة إن زيارتك لليمن تاريخية واصفا الوزيرة بالشجاعة وكرر ترحيبه بها أكثر من مرة ..يشار إلى أن أخر زيارة لوزير أمريكي كانت لجيمس بيكر عام 1990..وقدم الرئيس للوزيرة قلادة |(عقد صغير من الفضة) صممه فنان حرفي من اليمانيون اليهود وقام الرئيس بوضعه حول عنق السيدة الوزيرة التي غادرت الرئاسة إلى جولة في أزقة صنعاء القديمة حيث استقبلها أطفال وشباب بملابسهم التقليدية في طريق مرورها في صنعاء القديمة.

وأتت مغادرة هيلاري صنعاء قبل منتصف مساء الأربعاء بعد أن دفعت بامال كثيرين في السلطة والمعارضة ولكن نهاية الزيارة كانت ستنتهي بفأل سيئ لولا لطف الله بالوزيرة إذا انها أثناء صعودها سلم الطائرة وبعد أن التفت لترفع يدها مودعة من آخر درج في سلم الطائرة حدث أمرا لايحدث إلا نادرا ، إذ انها وأثناء ولوجها باب طائرتها تعثرت وسقطت على مدخل الطائرة ولكنها قامت سليمة معافاة لتنزل سُلما ً أخر في العاصمة العماُنية.

إعلامي يماني