الحبر السري : من عدن المشهد مختلف..!
بقلم/ سالم الحبسي
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 3 أيام
الأحد 21 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 07:14 م

يختلف مشهد كأس الخليج في عدن كلياً عن المشهد كما يصوره الكثيرون خارج عدن.. فبعد رحلة طويلة من مطار مسقط.. كان المشهد يتحدث عن استعدادات لأول بطولة كأس خليج تقام باليمن في تاريخها وتاريخ الكأس.. الجميع متأهب.. استقبال يمتزج بين الطيبة والحفاوة.. والكرم اليمني.. هذه أمور طبيعية سيقول الكثيرون منا.. وقد تعودنا عليها في دول الخليج.. فدورات كأس الخليج لا تخلو من المشاهد ذاتها.. ولكن ما شدني بأن مدينة عدن كانت هادئة الى درجة السكون.. ربما لأن سكون الليل كان قد بدأ ينسكب على جبال عدن الشامخة..

وجوه العدد الغفير الذي كان في استقبال الوفود الرسمية وجوه ناظرة.. ومبتسمة.. وجميلة المحيا.. تقول بكل مشاعرها (أهلا بكم في عدن) وهي ليست عبارة ترحيب تقليدية تعودنا على أن نرددها.. ولكنها عبارة كانت تخرج من شظايا القلب لأنها كانت تصل للقلب.. ومن مبنى كبار الشخصيات بمطار عدن الذي شيد خصيصا لاستقبال الوفود والمنتخبات الخليجية كإشارة بأن عدن جاهزة لاستقبال الوفود.. فأحدهم متخصص في الجوانب الأمنية كان بجواري في رحلتي من البحرين الى عدن.. قال إذا كانت الإجراءات الأمنية في المطار بهذا المستوى العالي فإنه لا خوف من المواقع الأخرى.. هنا فتح عيني وأذني على حوار طويل في (الملف الأمني) سأسرد اليوم جزءا منه.

عموما المشهد في مطار عدن كان جميلاً.. فقد وصل معنا المنتخب العراقي في نفس الطائرة التي أقلتنا من البحرين.. وفي إجراءات سريعة تم الاحتفاء بالمنتخب العراقي مع لقاءات تلفزيونية وهي نكهة دورات الخليج مثلها مثل البطولات العالمية.. وبعد قليل وصل المنتخب السعودي بطائرة خاصة وبنفس الحفاوة والترحيب تم استقبال الوفد السعودي وبسرعة البرق انتهت الإجراءات.. وخرج المنتخب.

قبل أن نخترق شوارع المدينة الهادئة..بدأت الأحاديث الخليجية تدندن في أذن البطولة.. كل منتخب يسأل عن استعدادات المنتخب الآخر.. ويتساءل هذا مع ذاك عن حظوظ الفرق في الفوز بالكأس.. وتتمركز الأحاديث عن المرشحين الأبرز للفوز باللقب.. وطبعا منتخبنا يأخذ نصيب الأسد من الترشيحات وليس لدينا عذر شرعي للهروب من هذا الترشيح سوى غياب الحارس الأمين علي الحبسي الذي يمثل علامة فارقة في صفوف المنتخب الوطني.. ولكن صحفيا كويتيا لديه رأي آخر في الهويدي الحارس البديل فقد صد الهويدي ضربة جزاء للكويت ضمن تصفيات كأس آسيا بعد نهاية خليجي 19 مباشرة ويومها رسخ اسم الهويدي في أذهان الكويتيين الى يومنا هذا.. فالكويتيون الوحيدون الذين لا يمكن أن يتوقعوا بأن غياب علي الحبسي سيكون مؤثرا في منتخبنا الوطني لأنهم شافوا الويل من الهويدي الذي حرمهم من الفوز أو التعادل على أرضهم..!

الكابتن محسن مصبح الذي كان معنا على نفس الطائرة كان دبلوماسيا رياضيا.. وهو من الأسماء الحاضرة في دورات الخليج والتي لم تغب شمها عن بطولات الخليج رغم أنه اعتزل اللعب منذ أكثر من ( 15 عاما) ولكنه مازال نجما لامعا تلاحقة القنوات الفضائية من كل حدب وصوب ورغم أن حقيبته لم تصل على نفس الرحلة ولكنه كان مبتسما.. وأدلى بتصريحات هي الرقم القياسي منذ وصوله إلى عدن..!!

فندق عدن الذي يقيم فيه منتخبنا مع منتخبات المجموعة الثانية (البحرين والإمارات والعراق) يقع في وسط المدينة ويبعد عن المطار دقائق معدودة.. والوصول إليه في غاية السلاسة والسهولة.. وفرضت عليه إجراءات أمنية مشددة ولكنها ميسرة لكل الخليجيين.. الذين يستقبلوا بنفس الحفاوة والترحاب اليمني.. وأمام الفندق كنت أراقب المنتخب البحريني الذي وصل في الساعات الأخيرة من النهار قبل حلول الظلام.. والذي حل مكرما معززا في الفندق.. وهنا بدأ التساؤل حول وضع المنتخب البحريني المنتخب الخليجي الوحيد الذي لم يحقق كأس الخليج باستثناء المنتخب اليمني. وهو التساؤل الذي طرحة أحد البحرينيين بشيء من الحرقة وكأنه لم يعد ولم يتبق لديه الثقة بأن منتخبه سيحقق البطولة بعد الأخبار غير السارة بالنسبة للبحرينيين في ابتعاد المجموعة المخضرمة من المنتخب البحريني قوم سالمين وسيد عدنان وغيرهم.. وهي المجموعة التي كان يعول عليها البحرينيون في تحقيق حلم الفوز بكأس الخليج..حاولت أن ألمح الصديق سلمان شريدة المدرب البحريني إلا أن عدد الكاميرات التلفزيونية وعدد الإعلاميين كانوا يشكلون جدارا للصد.. فلم أنجح في الوصول إليه ساعتها..!

وجدت الإعلاميين الخليجيين منتشرين في كل المواقع.. في المطار وبدأوا في إعطاء البطولة زخمها الإعلامي الكبير الذي اعتادت عليه.. وبدأت الحوارات الصحفية والتلفزيونية.. وأكثر موضوعين يشغلان الإعلاميين في هذه الساعات هو مَن أكثر المنتخبات المرشحة للفوز بكأس الخليج وهذا الجواب عليه أصعب من حل أسئلة الفيزياء.. والثاني هو (الملف الأمني) الذي نجحت في أن أجمع أدق تفاصيله والتي سننشرها في ملحق (+1) بعد ساعات..

وجدت بأن الإجراءات الأمنية التي تقوم بها الجهات الأمنية لا تختلف عن الإجراءات الأمنية التي تتطلبها أي بطولة رياضية فيها مثل هذا الزخم.. فلم تدع اللجنة الأمنية شاردة أو واردة في زيارتها التفقدية الأخيرة والتي حسمت الجدل في إقامة البطولة من عدمها باليمن.. وكانت صاحبت القرار الفصل.. فقد اقتنعت اللجنة الأمنية بما لا يدع مجالا للشك بأن الإجراءات التي تقوم بها اليمن هي إجرءات فوق العادة.. فوجود ثلاثة أحزمة أمنية تفصل عدن عن المدن الأخرى وضع الأمور في نصابها السليم.. بجوار وجود كاميرات مراقبة في جميع شوارع عدن سهل من مسألة المراقبة.. وتؤكد المؤشرات بأنه لا خطر يهدد البطولة. ومع ذلك ورغم قناعة اللجنة الأمنية بجميع الإجراءات منها الإجراءات التي اتبعت في الملاعب بوجود مستشفيات متنقلة.. وعدد (50 سيارة إسعاف) وهو رقم لم يتوفر في أي بطولة خليجية من قبل دليل واضح بأن التجهيزات الأمنية على أعلى مستوى.. كما أن اليمن استعانت بالخبرات الأوروبية في وضع تجهيزات أمنية.. ولم يعد هناك أمر يقلق سوى ما سيكون خارجا عن المألوف..!

عموما المشهد في خليجي 20 باليمن مازال في بدايته.. مشهد فيه الكثير من الجوانب الجديدة.. ولكن كل هذه المشاهد توحي بشيء جميل بأن اليمن تعيد الدورة إلى صورتها السابقة بدون رتوش أو مكياج.. بطول طبيعية بدون تكليف أو تكلف.. بطولة في اليمن السعيد..

ورغم أن اليمنيين ينظمون كأس الخليج لأول مرة.. ويتعاملون معها بسجيتهم وهي جميلة ولكن تتناقل أخبار من هنا وهناك بأن لوحة حفل الافتتاح ستكون رائعة ومفاجأة للجميع.. كما يتحدثون عن حضور نجوم كبار مثل زين الدين زيدان لافتتاح البطولة.. وهذه هي متعة دورات الخليج.. ومازال المشهد في بدايته.. وسلملي على الإشاعات..!!

  ss.alhabsi@hotmail.com