سلفيو اليمن والحراك الجنوبي
بقلم/ طلال أحمد باديان
نشر منذ: 15 سنة و 5 أيام
الإثنين 21 ديسمبر-كانون الأول 2009 07:07 م

إن الدعوة إلى الانفصال دعوة تترتب عليها مفاسد عظيمة، لما تؤول إليه تلك الدعوة من إضعاف قوة المسلمين، وإشعال الفتن والحروب بينهم، والله تعالى يقول: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ..) {الأنفال:46}؛ ولما فيه من التعصب وإثارة النعرات الجاهلية، وقد ثبت في الصحيحين من حديث جابر قوله صلى الله عليه وسلم: « دعوها فإنها منتنة ».

فمن الكتاب والسنة بلور منظروا التيار السلفي رؤيتهم من الأحداث الأخيرة التي تحدث في جنوب اليمن، وكذلك من الحراك الجنوبي السلمي .

وهذه الرؤية تتلخص في البيان الختامي للملتقى السلفي،والذي استغرق أعماله يومي 28،27/5/2009م في صنعاء،وكان من أهم فقراته الدعوة إلى حماية الوحدة اليمنية باعتبارها فريضة شرعية، وإدانة دعوات الانفصال، مع المطالبة بإنصاف المتضررين من أبناء المحافظات الجنوبية.

هذا من الناحية الإجمالية؛ أما من الناحية التفصيلية فالسلفيون في اليمن ليسوا سواء، فهم على الأرجح ينقسمون إلى اتجاهات رئيسة، ومنها:

ـ الاتجاه السلفي الجهادي: والمتمثل في تنظيم القاعدة ،ومن أبرز قيادات هذا الاتجاه ناصر الوحيشي، وعائض الشبواني، وعمار الوائلي، وقاسم الريمي،فقد أعلن هذا الاتجاه رسميًا في يوم الأربعاء 12 /5 /2009م دعمه للحراك في جنوب اليمن؛ وذلك عبر تسجيل صوتي لأمير \"تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب\" أبو بصير ناصر الوحيشي تحت عنوان: \"إلى أهلنا في الجنوب\"، أكد من خلاله أنه مع مطالب أبناء الجنوب، وذلك دون النظر إلى قيادات الحراك الجنوبي وماهيتها، ولا إلى ما ستؤول إليه الأحداث.

ـ الاتجاه السلفي الصحوي: والمتمثل على الأغلب في جمعيتي الإحسان والحكمة - مع وجود اختلاف بينهما في بعض المفاهيم الفكرية-، ومن أبرز قيادات هذا الاتجاه في حضرموت المشايخ: عبد الله بن فيصل الأهدل،وعبد الله بن محمد اليزيدي، و أحمد بن حسن المعلم، وفي عدن المشايخ: علي بن محمد بارويس،وحسين عمر بن شعيب، وعمار بن ناشر العريقي،وعارف أنور ،وفي إب المشايخ: حسن شباله، ومحمد المهدي، وفي تعزالمشايخ: عبد العزيز الدبعي،وعقيل المقطري، وفي البيضاء الشيخ محمد بن موسى العامري ،وفي صنعاء المشايخ: عبد المجيد محمود الريمي، وعبد الله الحاشدي، فهم يدعون إلى الموازنة بين حقوق ومطالب أبناء الجنوب وبين الاصطفاف الوطني، مع مطالبة الدولة برفع الظلم عن المظلومين، وأداء الحقوق إلى أهلها، وهذا ما عبروا عنه في بيان علماء عدن وحضرموت، الصادر في 6/11/ 2007م ، وكذلك في البيان الختامي للملتقى السلفي الصادر في 28/5/ 2009م.

ـ الاتجاه السلفي الأثري: والمتمثل في مراكز متعددة في دماج ومعبر والحديدة ولحج والشحر، ومن أبرز قيادات هذا الاتجاه في صعدة الشيخ يحيى الحجوري، وفي ذمار الشيخ محمد الإمام، وفي الحديدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي،وفي عدن الشيخ عبد الرحمن بن مرعي العدني، وفي شبوة الشيخ أحمد بن سفيل، وكان موقفهم العام منطلقاً من ايدلوجيتهم في مثل هذه الأمور، حيث رفضوا الثورات السلمية وغير السلمية، وكذلك الإصرار على طريق النصيحة والموعظة والتوجيه وسيلة لإصلاح الحاكم وأخطائه.

ولكنَّ ثمة أسئلة تطرح نفسها، هل رؤية التيار السلفي تأييداً للرئيس أو للنظام الحاكم؟ ، وهل تتطلب حمل السلاح ضد إخوانهم في الجنوب؟، وهل تتجاهل مطالب أبناء المحافظات الجنوبية؟.

يكمن الجواب على هذه الأسئلة في معرفة أن السلفيين -باستثناء الاتجاه الجهادي- يدركون تماماً أن اليمن يمر بمرحلة هي من أحرج مراحل تاريخه، ولذلك كان لزاماً عليهم النظر لهذه المرحلة بنظرة ثاقبة إلى ماستؤول إليه الأحداث،فرؤيتهم أخذت في حساباتها الميثاق الذي أخذه الله عليهم أن يبينوا للناس الحق ولا يكتمونه، فالأمر لا يقف عند انشطار الجنوب عن الشمال فحسب، بل ربما يصل إلى سفك الدماء،وانتشار الخوف والرعب بين الناس، حتى لا يستطيع أحد أن يخرج من بيته لشراء حوائجه، وهذا لا يرضاه عاقل، ثم إذا نظرنا إلى مايسمى بالحراك الجنوبي السلمي، من هم قياداته؟، وماهي مكوناته؟،سنجد أنه يتكون من نسيج غير منسجم ، فالبعض هم من بقايا النظام الاشتراكي، والبعض الآخر من الجهاديين السابقين ،ومنهم ممن ينادي بالسلطنة والمشيخة، ومنهم ممن كانوا مع النظام الحالي وانقلبوا عليه لأسباب شخصية، فهو إذاً دعوةٌ إلى الانفصال ثم فليذهب الجنوب إلى المجهول!.

أعتقد أننا بحاجة إلى إنصاف هذا التيار- السلفي- والذي يمثل جزء من المجتمع اليمني، وله أتباع كثر، ومؤسسات متعددة، فلا نطلق عليه الكلام جزافاً، دون بينة ولا وبرهان ، فهو أحرص الناس بدماء الأمة وبوحدتها، ولا داعي للمزايدة عليه بذلك، فإن علاقته مع الحاكم قائمة على السمع والطاعة، مالم تكن في معصية الله .

وخلاصة القول: إن علماء ودعاة الدعوة السلفية المباركة، دائماً وأبدا يطالبون بإنصاف أبناء الجنوب، والدفاع عنهم، وهم يحمّلون النظام عاقبة الأمور إذا استمر الحال على ماهو عليه، ويطالبونه بتبني خطة شاملة لإصلاح جميع مؤسسات الدولة، وإحالة الفاسدين للقضاء، وإصلاح الجهاز القضائي وضمان استقلاليته.

talalbadyan@hotmail.com