الثورة اليمنية الثانية – تطهير اجهزة الدولة من الفاسدين
بقلم/ د: حسين عبدالقادر هرهره
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 11 يوماً
السبت 31 ديسمبر-كانون الأول 2011 08:00 م

لقد توقفت عن الكتابة فترة ليست قصيرة في محاولة لمراقبة اوضاع الثورة اليمنية وتطوراتها وماهي نقاط القوة والضعف في هذه المسيرة المظفرة؟

وقد وجدت ان اخطر مايهدد انتصار الثورة هو الجذور الخبيثة للنظام السابق، فبدون تصفية العناصر الفاسدة في كل مرافق الدولة وخصوصا في المجال العسكري والاعلامي والانتاجي بكل انواعه فان كل هذه التضحيات والدماء والمعاناة التي قدمها الشعب اليمني العظيم سوف تذهب ادراج الرياح، لان قطع الشجرة الخبيثة من جذعها يبقي جذورها حية تنتج اغصان جديدة وثمار مرة سوف تعيد الثورة الى المربع الاول.

انني متاكد ان الثورة اليمنية قد تعرضت لمؤامرة اقليمية ودولية لاسباب عديدة، فالبعد الاقليمي لن يتحمل تغيير ايجابي كبير في اليمن يؤدي الى انفلات الاوضاع في المنطقة يؤدي الى اشتعال النيران في دول الجوار لان اليمن هي النظام الجمهوري الوحيد في شبه الجزيرة العربية ولن يسمح الجيران بتغيير كبير في اليمن يؤثر على اوضاعهم السياسية، اما البعد الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الاميركية فان التسهيلات التي قدمها النظام السابق للقوات الاميركية في انتهاك سيادة اليمن والذي يعتبر سابقة خطيرة وخيانة للامانة وللامة وللدين والوطن ولايحدث الا في الدول التي تقع تحت بند التدخل الاجنبي والاستعمار مثل افغانستان والعراق فان الاميركيين ينظرون الى هذه التسهيلات غير المسبوقة من دولة ذات سيادة هي فرصة لن تتكرر من اي نظام جديد في اليمن، لذلك فان بقاء الوضع هشا ومهزوزا وغير مستقر في اليمن رغم ثورة التغيير سوف يعطي الوقت الكافي للتدخل الاميركي لكي ينفذ كل اهدافه في ضرب اي منطقة داخل اليمن بالطيران، كما ان بقاء ذيول العمالة المتمثلة في نجل الرئيس الذي يعتبره الامريكيين الشخص الذي يتم التواصل عن طريقة لتنفيذ مهامهم فان استمراره سوف يسهل استمرار هذا التعاون الآثم لخدمة المصالح الاميريكية حتى وان كانت تتعارض مع المصالح اليمنية.

ان ماورد من فضائح في موقع ويكيليكس عن اليمن يعتبر كارثة قومية بكل المقاييس، فاذا كان ماورد على لسان رئيس الدولة انه قال للاميركيين بامكان طيرانكم ان يقصف اي موقع في اليمن ونحن نصدر بيانا اننا الذين قمنا بقصف هذا الموقع فهذا يعني ان النظام اليمني السابق قد جاوز الحد في الخيانة للشعب اليمني وان لديه استعداد لبيع اليمن من اجل مصالحه الشخصية ومصالح اسرته.

ان الاخبار التي ترد عن اعتصامات في كل دوائر الدولة ضد الفاسدين من المنتسبين للنظام السابق ونجاح بعض هذه الاعتصامات في ازاحة رموز الفساد من ادارة بعض مرافق الدولة هو عمليا يمثل الثورة اليمنية الثانية الهادفة الى سحب الفساد من جذوره كي لاتنمو له مخالب يعيد الثورة الى نقطة الصفر، وعلى شباب الثورة وكافة ابناء الشعب اليمني تطهير كل مرافق الدولة من هؤلاء الفاسدين اذا ارادوا بناء يمن الحرية والعدالة والمساواة.

 ان الفساد المستشري في الجهاز الحكومي في اليمن لايوجد له مثيل في اي دولة في العالم، فالقضاء فاسد والوزراء فاسدون ورجال الشرطة والمرور ومسئولي الدولة في كل مواقعهم فاسدون ومرتشون الا من رحم الله، وهذه المواصفات لايمكن ان تقيم دولة تحترم مواطنيها ويكون لها احترام بين دول العالم وعلينا ان ننظر الى نظرة الشعوب والدول الى المواطن اليمني التي مع الاسف هي نظرة اقل مايقال عنها انها سيئة والجواز اليمني لايسمح لصاحبه بالدخول الى اي دولة لانه جواز مشبوه وشعب اليمن كله مأخوذ بالشبهة بسبب هذا النظام الفاسد، حتى ان بعض الدول تضع اليمنيين على القائمة السوداء وتمنعهم من الزيارة او الحصول على فرصة عمل بل ان المقيمين فيها يعانون الامرين بسبب الاجراءات التي تتخذ ضدهم ، وقد حصل البعض على معلومة عن هذا الاجراء غير الانساني ضد اليمنيين بالرغم انه لم تسجل عليهم اي مخالفات، فكان الرد ان الرئيس المخلوع خاطب هذه الدولة سابقا بانه غير مسؤول عن اي يمني مطلوب للعدالة مما ادى الى هذه الاجراءات ضد اليمنيين، واذا صحت هذه الرواية فاننا امام كارثة تسبب بها النظام السابق ادت الى جر الويلات على كل ابناء اليمن في الخارج.

ان المعارضة اليمنية معارضة ذليلة ذاقت من النظام السابق الذل والهوان ولم يكن لديها تصور ان الشعب اليمني سوف يدمر هذه الاسوار الحديدية التي احاط النظام بها نفسه، وقد وجدوا انفسهم مدفوعون الى الامام بدون حول منهم ولاقوة لذلك لم يكن لديهم القدرة على اتخاذ قرارات تسير بنفس اتجاه الرياح الثورية بحيث يدافعون عن ثورة الشعب ويفرضون شروطهم لمصلحة الثوار لان الرئيس السابق قد اقفل عليهم الابواب للوصول الى كراسي الحكم زمنا طويلا، وقد وجدوا انفسهم بسبب هذه الثورة يقفون في مقدمة المشهد السياسي ووجدت الاطراف الاقليمية والدولية بهذه المجموعة من العجائز هدفا سهل الاصطياد، فقامت بفصلهم عن الثورة وفرضت عليهم التوقيع باعتباره الفرصة الاخيرة لهم للجلوس على الكرسي ولذلك وقعوا على ضياع دماء الثوار ووافقوا على الضمانات لكل من اجرم بحق الشعب اليمني، لقد كانت هذه الموافقة والتوقيع على الضمانات هي قمة الخيانة للثورة فكل الثورات العربية التي اسقطت الانظمة الديكتاتورية تحاكمهم اليوم بسبب هذه الدماء الا المعارضة اليمنية التي بصمت للحاكم بالبراءة من القصاص.

ان الرهانات الداخلية والخارجية اقليميا ودوليا سوف تسقط حتما امام ارادة الامة اليمنية اذا ارادت التغيير والانعتاق من التدخل الاحنبي وبناء اليمن الجديد، وهذا الامر يتطلب تضحيات كبيرة نثق جميعا ان اليمنيين على قدر هذا التحدي وان الامر لن يكون يسيرا بل ان طريق الحرية سوف يكون مفروشا بالشوك ومزيدا من الموت والدماء والدموع وفقدان الاحبة والجوع والخوف والمرارة، ولكن ارادة الشعوب من ارادة الله ولن تجتمع الامة على ظلالة كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، واليمنيون لن يضيعوا ثورتهم وتضحياتهم من اجل مبادرات مشبوهة وقعت عليها اطراف مشبوهة ولم يكن للثوار فيها اي راي، والذي لم يوقع من حقه الاعترض والمطالبة بالتغيير بما يحقق مصالحة، وان غدا لناظره قريب.